يقترن إسم الدارالبيضاء بكونها قلب المغرب النابض والقطب الصناعي والتجاري الأول في البلاد، هكذا قيل لنا ونحن صغار وهكذا علمونا في مناهج التدريس منذ بداية عهدنا بالمدرسة. وحتى بدون مدرسة ولا مناهج تدريس كان العديد من أهل الشمال والجنوب على حد سواء يسترزقون مما يجلبونه من الدارالبيضاء من سلع ومنتوجات يعيدون بيعها في مدنهم ويشيط الخير. وفعلا كانت الدارالبيضاء محور النشاط الاقتصادي والتجاري للبلاد، تستقطب اليد العاملة من كل ناحية وتزخر بالمعامل والوحدات الاقتصادية والتجارية.. كما أهلها موقعها الاستراتيجي لتصبح قطب الرحى في الحركة الاقتصادية للبلاد.. فهل لازالت الدارالبيضاء كذلك أم تغيرت الحال بتغير الأحوال؟ ما نعرفه عن الدارالبيضاء اليوم هو أنها تعرضت لنزوح مكثف جعل أطرافها تتسع إلى ما لا نهاية .. وتبعاً لذلك تشكلت على جوانبها وأطرافها معاقل للصفيح والبؤس والجريمة.. ثم تطلب الهاجس الأمني تقسيم الدارالبيضاء إلى خمس عمالات تحت يافطة اللامركزية... قبل أن تأتي فكرة وحدة المدينة لدرء ما تعرضت له الدارالبيضاء من تفكيك وتلاشي وكثير من الضبابية.ومع ذلك مازلنا نعترف ، ولو من باب المجاز، ان الدارالبيضاء مصرة على أن تبقى العاصمة الاقتصادية والتجارية للمغرب وواقع الحال يشير إلى أنها مازالت فعلا كذلك... لكن ويمكن أن نقولها بصراحة ليس بنفس البريق الذي كان لها فيما سبق. وربما يعود الأمر إلى التطورات الاقتصادية الحاصلة أو إلى اشتداد موجة المنافسة وتعدد الأقطاب التجارية والصناعية.. لكن نؤكد أن الأمر يعود بالأساس إلى سوء تسيير وإلى ممارسات مسؤولين ابتليت بهم الدارالبيضاء لايرون أبعد من أرنبة أنوفهم... وأيضا إلى تعثر الاستراتيجيات والبرامج وحتى بعض النوايا الحسنة لإعادة الدارالبيضاء إلى سابق ريادتها الاقتصادية والتجارية. سكان البيضاء يلاحظون ويسجلون .. ورغم ان الحسرة تملأ نفوسهم فهم يأملون أن يكون الأمر مجرد سحابة صيف رغم أننا في عز الخريف.