منذ أزيد من 20 سنة، وأنا أسمع أن أزمة ومشاكل السجون بالمغرب تعود إلى نسبة كبيرة منها لاكتظاظ المؤسسات السجنية بالمعتقلين الاحتياطيين، بفعل «انفتاح شهية الاعتقال» المُخوَّلة أساسا للنيابة العامة، التي يرأسها وزير العدل والحريات، وقضاة التحقيق الذين يُعينهم أيضا وزير العدل والحريات. في هذا السياق أكد مسؤولو المرصد المغربي للسجون من جديد في تقريرهم السنوي: «أن أهم وأخطر ماعانت منه السجون ومازالت إلى اليوم هو آفة الاكتظاظ القاتل والارتفاع بنسب مُهولة في كثافة ساكنة السجن، لتأتي بعدها مُعضلة الحكامة غير الجيدة في تدبير أوضاع السجون، اعتمادا على طأطأة الرأس والمقاربة الأمنية التي تبيح تجييش السجن تحت هاجس التخوف من الانفلات أو من العصيان...». وأشار نفس التقرير إلى أن واقع الاكتظاظ يُحوِّل حياة السجناء إلى جحيم، ويكدسهم كسلع وليس كبشر، حيث المعاناة من مختلف الفئات والأعمار والتَّكدس أثناء النوم من خلال استعمال الأماكن غير المعدة أصلا لذلك (الممرات، المراحيض وغيرها)، مما يفضي إلى انتقال الأمراض، خصوصا منها المعدية، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية والآثار النفسية والاجتماعية التي تُخلِّفها على السجناء المعتدى عليهم». إن هذا الواقع البئيس والمزري - الذي يطول الحديث عنه - يفرض ترتيب المسؤوليات وفق ما يقتضيه دستور 2013 والمنطق والقانون والمواثيق الدولية ذات الصلة، أي أن كل مسؤول عليه أن يتحمل مسؤوليته كاملة، وليس رمي الكرة إلى الآخر، والتّباكي على العلل والأمراض دون تقديم الاسعافات لأشخاص في حالة خطر، وعزف الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني خطابا واحدا على سينفونية منمقة دون اتخاذ تدابير ملموسة، تكريسا لمقولة: «تبكي مُو «المعتقل» وما تبكي مِّي».