تعرف مدينة سلا اختلالات أمنية عميقة، لتعدد حالات الاعتداء الجسدي وعمليات السرقة والسطو والنشل، التي يقوم بها أشخاص مجهولون يستهدفون المارة بعدة احياء باتت تمثل نقطا سوداء. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى فعالية الأدوار الأمنية التي تقوم بها مصالح الشرطة بالمدينة لاستتباب الأمن بالمدينة. وتعد "قرية اورلاد موسى"، "حي مولاي إسماعيل"،"ديور النجار بتابريكت "، " حي الانبعات"، " سيدي موسى "، " الواد "، "حي الرحمة"، أحد الأحياء بمدينة سلا التي سطع نجمها منذ زمن بعيد في سماء الاجرام المنظم بعد انتقال أكثر من ضحية إلى عالم الموتى نتيجة ضربات غادرة لقطاع الطرق، فالداخل إلى هذه الأحياء مفقود والخارج منها مولود، إذ لا يكتفي المجرمون في هذه النقط السوداء باعتراض سبيل المارة وسلب ما بحوزتهم بل يعمدون إلى تشويه وجوههم وتوجيه ضربات تكون في أغلب الاحيان قاتلة أو مسببة لعاهات دائمة. ويتداول الشارع السلاوي اعتداءات إجرامية واقعية، ولا تتكرر إلا على شاشات سينما هوليود، جرت أحداثها في واضحة النهار. فبعد آلاف الشكايات المرفوعة إلى مختلف الدوائر الأمنية العاجزة لحدود الساعة عن الحد من التنامي السريع للجريمة المتنوعة الأشكال والوسائل بمدينة سلا، يردد السلاويون عبارات " السرقة عاين باين " ،" تقول مكاين مخزن فلبلاد "،" مابقاوش كيخافو".. أراء وأراء لا يسع المجال لذكرها جميعها، ويتفق فيها أصحابها على ضرورة تقوية جهاز الأمن عبر جعل سلا ولاية أمنية مركزية وليس دائرة تابعة للرباط. وتعتبر "قرية اولاد موسى" واحدة من أكبر التجمعات السكنية بمدينة سلا، تستقبل القادمين من البوادي والقرى والباحثين عن سكن رخيص، وأمام زحف الهجرة القروية صارت هذه المقاطعة رمزا لكل التناقضات الاجتماعية من البناء العشوائي وترويج المخدرات بأصنافها إلى الدعارة والتسول. وينضاف إلى خريطة الإجرام بمدينة سلا "سيكتور7 " ، " سيكتور6" ،"سيكتور3" و " باب القرية "، فلا يخلو يوم من هذه الأيام دون تسجيل اعتداءات على المواطنين ساقتهم الأقدار لزيارة احد معارفهم بعد الثامنة ليلا، لتنتهي زيارتهم باعتراض سبيلهم من طرف شباب يتأبطون سواطير وسيوف. ويستهدف الموظفون والموظفات، مستخدمو الشركات، تلاميذ وأساتذة، صغار وكبار، راجلين او اصحاب سيارات الكل سواسية عند جماعة قطاع الطرق بقرية اولاد موسى، فلا فارق العمر ولا جنس الضحية ولا مكانتها ولا حتى توسلاتها تكفي لردعهم عن تنفيذ أعمالهم الإجرامية. بعض من الضحايا الذين قابلناهم أكدوا لنا أنهم أودعوا شكاياتهم لدى الدوائر الأمنية المختصة والبعض الأخر اعتبر ان لا جدوى لتقديم شكواه مادام المجرم حسب ذكره يخرج اكثر شراسة وانتقامية او تقيد ضد مجهول . وفي زيارة خاطفة للدائرة الأمنية بقرية اولاد موسى وقفنا على مدى العجز الذي تعانيه هذه الدائرة فعلى سبيل المثال لا يتعدى رجال الأمن العاملين بها ستة افرد يتناوبون على حماية منطقة يفوق عدد سكانها 100 الف نسمة بوسائل أقل ما يقال عنها أنها لا توفر إلا غطاءا أمنيا لأصحابها فقط . فدوريات الأمن لا تتعدى الاثنين ، بدون وسائل النقل المعتمدة، مما يحد من فعالية عمل أجهزة الشرطة في خريطة جغرافية قرية اولاد موسى الجد معقدة بمقاطعة احصين بمدينة سلا . ويرجع مجموعة من ساكنة القرية للجريدة أسباب تنامي وتيرة الإجرام بمدينة سلا الى انتشار بيع المخدرات بالمناطق الهامشية للمدينة وهو ما يدفع بالمدمنين إلى البحث عن ضحايا لتوفير ثمن مخدرات باتت أنواعها تروج أمام مرأى ومسمع الكل. فيما يعزي آخرون ذلك إلى عدم تجفيف منابع الإجرام بعدد من النقط السوداء السالفة الذكر، وهي أحياء تعيش تحت عتبة الفقر المدقع الناتج بالأساس عن بطالة دائمة تدفع بالعديد من أصحابها إلى امتهان الإجرام والارتماء في أحضان العصابات الإجرامية وبيع المخدرات. وفيما ترجح فئة من المواطنين تجاهل السلطة وغضها الطرف عما يحدث في المدينة من قطع للطرقات واعتداء على المواطنين أمر مقصود، وتعززت رأيتها بمقارنة هذه الاحياء الهامشية مع بعض أحياء الأغنياء التي تتوفر على أمن رسمي يحميهم فيما يفتقر أبناء الشعب لأبسط حقوق الحياة الكريمة. وأمام هذا الوضع المقلق كان لا بد لسكان مدينة سلا من اللجوء إلى أمن بديل غير الأمن الرسمي ليخفف عنهم وطأة الخوف والذعر والرعب من قطاع الطرق ويرجع لأحيائهم وأزقتها الأمن الذي سلب منها، فكان تمويل شباب بالعصي الغليظة والكلاب الشرسة وبعض المال أهم أشكال وعناصر هذا الأمن البديل .