يشكل تخليد اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف يوم 8 مارس من كل سنة، فرصة لتقييم المسار الذي قطعته المرأة المغربية على درب مساواتها مع الرجل ومشاركتها الكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهو مناسبة لاستحضار زخم النضالات المشرفة التي خاضتها المرأة المغربية بروح وطنية عالية لتكريس المكتسبات و تعزيز مسار الاصلاحات الدستورية و السياسية التي يشهدها المغرب منذ قرابة العقد . لقد عرف المغرب عدة إصلاحات هيكلية وقانونية في مجال النهوض بحقوق المرأة، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي، وفي مقدمة هذه الإصلاحات مدونة الأسرة، وقانون الجنسية بالنسبة للأبناء من الأم، ومدونة الشغل بالإضافة إلى بعض فصول القانون الجنائي. وعلى المستوى السياسي تبنت المملكة سياسة التمييز الايجابي للنساء والانتقال الى تمثيلية نسائية بالجماعات المحلية تتمثل في 12 في المائة لتعزيز تواجد المرأة في تدبير الشأن المحلي من منطلق تحقيق المساواة بين نصفي المجتمع و ضمان تكافؤ الفرص في إطار مجتمع متضامن الطبقات والشرائح . وعلى الرغم من المجهودات المبذولة و المكاسب المحققة والتطور الملحوظ في المناهج والبرامج التعليمية و التربوية مازلنا نعاين ثقافة التمييز ما بين الجنسين في العديد من المجالات والمناسبات و أيضا بداخل المؤسسات الدستورية بنفسها . ففيما يتصل بجانب الإعلام المغربي في شقيه العمومي والمستقل ما زال حضور صورة المرأة في هذا المجال لا يعكس مطلقا المكتسبات التي انتزعتها الحركة النسائية، ومازلنا نعاين الصور التي تروجها وسائل الإعلام خاصة المرئية والمسموعة التي تكرس دونية المرأة سواء من خلال الإشهار أو الأجناس الأدبية الأخرى كالمسرح السينما ... على المستوى السياسي التمثيلي و على الرغم من التطور الذي حصل على مستوى التمثيلية النسائية والكوطا النسائية في الانتخابات الجماعية المتجلية في الانتقال من نسبة 0.5 إلى 12 في المائة، فإن النساء الممثلات في الجماعات المحلية لم يتمكن بعد من الوصول إلى مواقع القرار للتأثير في المخططات التنموية المحلية إلا في مجالات محدودة ليتضح أن إدماج المرأة في مجهود التدبير التنموي و القطاعي و المؤسساتي تم تصريفه بدلالات كمية و ليس كيفية كما كان مأمولا و منتظرا من الخطوة ككل مناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة تسائل مجددا الحكومة و النخب المغربية حول ما يفتحه التنزيل السليم للدستور الجديد من آفاق و إجراءات و تدابير من شأنها تعزيز حضور المرأة و مشاركتها في مشوار الاصلاح المتدرج و الشامل . وهذا السياق يفرض مجددا إعادة النظر في العديد من السلوكات التي تعوق سبيل تقوية التمييز الايجابي لفائدة المرأة المغربية و تبويئها مقام الشريك الكامل في السياسات العمومية و البرامج القطاعية و المخططات الترابية للتنمية , مع العمل على تعزيز مشاركتها السياسيةالفاعلة دون تحفظات أو شروط . إن هذه القناعة و التدابير على بساطتها تندرج ضمن الجوهر الصريح للبرنامج الحكومي ولمقتضيات الدستور الجديد اللذان يرومان الى تحقيق المساواة بين مكونات المجتمع و تشييد لبنات المجتمع المتماسك و المتضامن .