قال الكاتب الصحفي الضابط السابق بالجيش الجزائري أنور مالك الذي اختار المنفى الاضطراري بباريس أن قضية البوليساريو تحولت الى شيء مقدس و خط أحمر في الجزائر كل من يتجاوزه يجني على نفسه . وأكد أنور مالك في مقال مطول نشره بمدونته الخاصة قبل أيام قناعاته السابقة من أن هذه المنظمة المسلحة التي اختلقها النظام العسكري الجزائري ودعمها بالمال والعتاد والسلاح على حساب لقمة فقراء الجزائر، من أجل تصفية حسابات قديمة مع المغرب يعرف خفاياها عصابة وجدة التي تتحكم في شؤون البلاد «في إشارة الى شخصيات الحكم النافذة بهرم السلطة الجزائرية التي ولد ونشأ العديد منها بمدينة وجدة » وهكذا صارت هذه المنظمة تؤدي حربا بالوكالة وتستنزف طاقات المغرب غير النفطي وتلهيه عن أراضيه التي تحتلها إسبانيا. و جدد الضابط الجزائري الذي تطارده المخابرات العسكرية الجزائرية منذ سنوات بعد نجاحه في التملص و الفرار من مؤامرة اعتقاله و محاكمته التي دبرها وزير دولة بالحكومة الجزائرية الحالية , تساؤله المحوري عما سيجنيه الصحراويون و شعوب المنطقة المغاربية من دولة جديدة تقودها جبهة تربت في ثكنات المخابرات الجزائرية ولن تؤدي إلا لتفتيت المنطقة المغاربية وتدمير شعوبها بحروب وهمية قذرة وتتقاطع قناعات الضابط الجزائري الذي درب لسنوات دهاليز المؤسسة العسكرية الجزائرية المتورطة في العديد من المحن والمآسي مع تقارير منظمات حقوقية دولية توقفت عند آلاف حالات الحجز القسري و صور الاضطهاد و الرق و العبودية التي تشهدمها مخيمات تندوف تحت أعين وبرضا السلطات العسكرية الجزائرية التي تطبق الحصار الجائر على مدنيين عزل حشروا دون رضاهم في أتون حرب قضية وهمية و منهم آلاف هجروا من دول قريبة كموريطانيا و مالي و أجبروا على إكتساب جنسية أخرى هم منها براء , ومنهم من سقط تحت نظام الرق و أضطر الى دفع أموال طائلة لشراء حريته كما أكد ذلك شريط وثائقي أنجزه صحافيان أستراليان قبل أقل من سنة بعد أن ذهلوا لمستوى إنتشار العبودية داخل مخيمات العار و إنتهى بهم المطاف محتجزين بدورهم لثلاث أيام لم يشفع لهم بعدها الا تدخل حازم لسفير دولتهم بالجزائر . لقد أصبح من البديهي و المسلم به أن البوليزاريو و قضية الصحراء المغربية التي كلفت منذ منتصف السبعينيات خزينة مال الجزائر 200 مليار دولار في الوقت التي يجتاح الفقر الطبقات المتوسطة بالجزائر و تتناسل المطالب الاحتجاجية على طول و عرض بلاد المليون شهيد , ثبت أن هذه القضية المقدسة بالنسبة للجزائر التي تدعي الحياد في الملف ما هي الا شوكة دامية جاهزة الاستعمال في جسد المغرب و حلقه لتبديد جهوده التنموية و شغله عن أولويات أخرى , وبهذا الشكل تتصور الجزائر أنها قادرة على التحكم في موازين القوى بالمنطقة المغاربية و تتوق الى بسط هيمنتها الاقتصادية والعسكرية بها لأنها ترى في المغرب ذلك العدو الافتراضي الدائم الذي يتوجب البحث عن كل السبل الممكنة لمضايقته و الحد من جماحه . على أن سحر النظام العسكري الجزائري إنقلب عليه بعد أن تفطن المنتظم الدولي الى حقيقة الوضع بالميدان و تأكد أن البوليساريو لا يعدو أن يكون مجرد مرتزقة تمتد شبكتهم الأخطبوطية في إتجاهات خطيرة من ضمنها علاقات مع الجماعات الارهابية بمنطقة الصحراء الكبرى و أيضا بعد إنكشاف صفقات السلاح والمخدرات التي تجمعهم بعصابات نشيطة بنفس المنطقة وتأكد أن مخيمات العار بتندوف ما هي الا واجهة إنسانية مأساوية للمساومة والضغط و سلب و تحويل الاعانات الانسانية كما ظل الحال لعقود بالنسبة لجمعيات إسبانية إنسانية تنبهت إلا أن قوافل إعاناتها الموجهة الى تندوف عبر التراب الجزائر يتم في الغالب تحويلها الى وجهات و أسواق أخرى . إنها مجددا صورة أخرى من صور اللعب بالنار المفضلة للجزائر دون الاكتراث بعواقبها المتجلية في الظرف الراهن و في المستقبل المنظور .