يبدو أن شهية أصحاب سيارات الأجرة انفتحت عن آخرها بسبب النزوح إن صح التعبير الذي أحدثه المغاربة بمناسبة حلول عيد الأضحى، حيث عمد أصحاب الطاكسيات الى رفع سومة المقعد الواحد بشكل صاروخي لتضخيم هامش الربح وحجم الدخل في أيام معلومات، فعلى سبيل المثال، كان أرباب الطاكسيات يطلبون 150 درهما للرحلة من الدارالبيضاء الى مراكش، فكان على سيدة مثلا وبرفقتها طفل ورضيع أن تدفع 450 درهما في هذه الرحلة، وفي سياق المقارنة فإن تذكرة القطار للشخص الواحد وعلى نفس المسافة تكلف 74 درهما علما أن من لهم أطفال سيؤدون نصف ثمن التذكرة بالنسبة للبالغين بين 4 و 11 سنة، ولا يؤدون تذكرة بالنسبة للذين هم دون الرابعة. إضافة إلى هذا كان من سابع المستحيلات أن يحصل المرء على تذاكر في حافلات نقل المسافرين خاصة لدى الشركات ذات الأسطول متعدد الرحلات. هذا الواقع ترك خيارا واحدا أمام المسافرين، هو التنقل عبر القطارات لضمان قضاء عيد الأضحى وسط الأهل والأقارب. وبذلك تحولت الرحلة عبر القطار إلى معاناة حقيقية أمام الكم الهائل من المسافرين، فلم تكن المقصورات تتسع لهم، فيما امتلأت الممرات والجنبات، بل حتى المراحيض استضافت المسافرين لساعات، وكان بعض المسافرين ملتصقين بالأبواب لدرجة أن في بعض المحطات التي كان ينتظر فيها الركاب قدوم القطار للذهاب إلى وجهتهم لم يكن بإمكانهم الصعود، وكان صعبا كذلك تحريك الأرجل أو الكتف أمام التصاق الركاب ببعضهم البعض، كثيرون قطعوا الرحلة من فاس إلى مراكش أو العكس وقوفا في القطار، غير أن ذوي التجارب في مثل هذه الأيام التي تعتبر لدى بعض المغاربة المناسبة السنوية الوحيدة لزيارة الأسرة خاصة في الجنوب أو أقصى الشمال أو أقصى الشرق، ذوو التجارب كما قلنا اصطحبوا الوسادات للجلوس أو الاتكاء عليها، وبعضهم ارتأى أن يجلب الحاسوب المحمول أو آلات لعب الفيديو لتمضية الوقت والتغلب على المدة الزمنية الطويلة للرحلة. وإلى محنة الوقوف، انضافت محنة الاختناق بسبب التكدس المفرط للمسافرين، وكان الأمر سيكون أسوأ لولا الأجواء المعتدلة وتهاطل الأمطار مما ساهم في دخول النسمات من النوافذ والأبواب من حين لآخر. استعمال دورة المياه لم يكن واردا لدى الكبار باستثناء الأطفال الذين لم يكونوا ليتحملوا ما لا يطيقون. فضلا عن ذلك لم يكن هناك مجال للمراقب أو لبائع المشروبات والساندويتش في القطار التنقل من مقصورة إلى أخرى، ومن حين لآخر كانت تقع تشنجات وتوترات بين المسافرين، هؤلاء خطر لهم أن مراكش فعلا «قالوا بعيد». الازدحام في القطارات ساهم فيه كذلك حجم الأمتعة الذي كان يحملها كل مسافر، ولو أنجز إحصاء في هذا المجال لكانت النتيجة حقيبتان إلى ثلاث حقائب لكل مسافر. لقد كان الكبش فعلا بطل الأبطال،لأجله تحمل الناس العناء، ولأجله هانت كل المحن، والتي من المنتظر أن يعيشها المواطنون مع نهاية الأسبوع. وقد صدق الذي قال «السفر قطعة من عذاب».