بركة: مقترحات حزب الاستقلال تسعى لتقوية الأسرة وحماية الأطفال    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع غلاء المعيشة وأزمة الجفاف    كيف تصل التمور الجزائرية الممنوعة إلى الأسواق المغربية؟ ولماذا لا يتم حظرها رغم الخطر الصحي؟    ابن كيران: شعورنا بأن الحكومة لا تبالي بالشعب وكأنها جاءت بالمشروعية من جهة أخرى    المغرب يُعزز ريادته الأمنية في إفريقيا .. ومبادرة الدرون تفضح تخبط الجزائر    "العدل والإحسان" تنوه بمساندة المغاربة لغزة وتدعو الدولة لوقف التطبيع مع الكيان الصهيوني    الدار البيضاء: توقيف شخصين هددا سلامة الناس والممتلكات بالسياقة الخطيرة والاستعراضية    كيوسك السبت | إطلاق مجموعة "أصدقاء المغرب في حزب العمال البريطاني" في لندن    "الحظ" يطرق أبواب أمريكيين باسمَي كلينتون وترامب    قطر: تطبيق اتفاق غزة يبدأ صباح يوم الأحد    المغرب-فلسطين.. بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجال الفلاحي    صحيفة "غلوبال تايمز": 80% من المشاركين في استطلاع عالمي يشعرون بتفاؤل كبير حيال مستقبل الصين الاقتصادي    اغتيال قاضيين بالمحكمة العليا لإيران    يهم حكيمي.. سان جيرمان يزاحم ريال مدريد على صفقة كبرى    وفاة لاعب مانشستر يونايتد السابق دينيس لو عن 84 عاما    فريق المغرب التطواني يواصل سقوطه في البطولة الاحترافية    غياب المدرب و3 لاعبين عن الجيش الملكي قبل مواجهة صن داونز    بطولة الهواة تعود في شهر فبراير    شياومي المغرب تطلق سلسلة هواتف Redmi Note 14 الجديدة    "إف بي أي" يثمن ويشيد بتعاون المخابرات المغربية في قضية اعتقال "سليمان الأمريكي"    طقس السبت.. الريف والأطلس على موعد مع الصقيع وتساقط الثلوج    الوزير بركة يعطي انطلاقة مشاريع تنموية كبرى بإقليم العرائش لتعزيز البنية التحتية والموارد المائية    أنفوغرافيك | جامعة محمد الخامس.. لوحدها تدخل تصنيف "كيو إس" لأفضل جامعات العالم في 2025    انقلاب شاحنة يكشف عن شحنة ضخمة من الحشيش    مجلس الوزراء الإسرائيلي يوافق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    بطولة ألمانيا: البرتغالي بالينيا يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    المصارع المغربي علاوي بطل النسخة العربية الإفريقية من "محاربي الإمارات"    بنك المغرب: حاجيات سيولة البنوك تبلغ نحو 136 مليار درهم خلال شهر دجنبر 2024    نهضة بركان يطرح تذاكر مواجهة ستيلينبوش الجنوب إفريقي    عاجل..العثور على أطنان من المخدرات إثر حادث انقلاب لشاحنة في الطريق السيار (فيديو)    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    حملة تفتيشية بالمدينة العتيقة لطنجة تغلق محلات لبيع المواد الغذائية والتجميل لعدم الالتزام بالضوابط الصحية    أفضل الوجهات السياحية في المغرب: دليل شامل لعام 2025    هل يفتح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" أفقا للسلام الدائم؟    نيناتي: أمتن لدعم الملك لتنمية ليبيريا    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    إتقان اللغة الأمازيغية.. من السلطان محمد الثالث إلى ولي العهد مولاي الحسن: إرث ثقافي مستمر    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بالأحمر    توقيف عنصر متطرف بتاوريرت يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم «داعش» الإرهابي    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    تخفيف ضريبي يرفع معاشات التقاعد    "أطاك" تنتقد لجوء الدولة إلى تكبيل الحق في ممارسة الإضراب    الهند وباكستان في طليعة المستفيدين من التأشيرة الإلكترونية المغربية.. إصدار أزيد من 385 ألف تأشيرة منذ 2022    وفاة الممثل المصري فكري صادق بعد صراع مع المرض    أوريد يوقع بمرتيل كتابه "الإغراء الأخير للغرب: تداعيات الحرب على غزة"    وفاة جوان بلورايت نجمة المسرح والسينما البريطانية عن 95 عامًا    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوصصة التجسس خطوة في طريق النظام العالمي الجديد
فضيحة «نيوز كورب» في بريطانيا قمة جبل الجليد العائم
نشر في العلم يوم 25 - 07 - 2011

بعد أسابيع قليلة من سقوط بغداد البوابة الشرقية للأمة العربية تحت الاحتلال الأمريكي يوم 9 أبريل 2003، أخذت تنفجر تباعا ما وصفها بعض الملاحظين بالقنابل الموقوتة التي أزالت تدريجيا الجدران التي كانت تخفي وراءها ضخامة عملية خوصصة الحرب من طرف الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
خوصصة الحرب هي في الواقع جملة خجولة لوصف لجوء واشنطن وبعض الدول الحليفة لها إلى جيوش من المرتزقة عبر شركات خاصة لإنجاز مهام توصف بالعسكرية والأمنية، ولكن الواقع أثبت أن غالبية هذه المهام تدخل في إطار ما يصنف كجرائم حرب..
أوجب القانون الدولي الإنساني على الدول التي تستقدم الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، مسؤولية احترام القانون الدولي الإنساني وكفالة هذا الاحترام، وكذلك على الدول التي أنشأت تلك الشركات على أراضيها أو تعمل فيها، والضغط على الشركات باتجاه حظر أنشطة معينة، كالاشتراك المباشر في العمليات العدائية ما لم تكن الشركة مدمجة في القوات المسلحة.
وعلى الرغم من أن اتفاقيات جنيف الخاصة بتحريم التعامل مع المرتزقة باعتبارهم عصابات تحترف الجريمة من أجل المال، إلا أن الإدارة الأمريكية أبرمت عقودا غير خاضعة لقانون حرية المعلومات الأمريكية مع العديد من الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، مثل شركة «داني كورب» الأمريكية المتورطة في فضائح التعذيب وتجارة الرقيق، والتي تولت مهمة جلب المرتزقة ونقلهم إلى منطقة البلقان في البوسنة عام 1998، حيث ارتكب هؤلاء جرائم إبادة جماعية ولم يتعرضوا لأي ملاحقة أو عقاب.
وفي العراق، تَم منح الحصانة لكافة المرتزقة المتعاقدين مع الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وفي مقدمتهم شركة «بلاك ووترز»، العاملين لحساب القوة المتعددة الجنسيات، حسب قرار سلطة الائتلاف بالأمر الإداري رقم 17 الذي لا يعطي القانون العراقي حق إخضاعهم لأية ملاحقات قضائية بشأن تصرفاتهم وانتهاكاتهم وجرائمهم، وهو القرار الذي أصدره الحاكم المدني السفير بول بريمر في 26 يونيو 2004.
التصفية
يوم 4 يوليو 2011 فجر الصحفي شون هور العامل في صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» البريطانية قنبلة موقوتة تتعلق بعملية خوصصة التجسس. الفضيحة التي تجري جهود ضخمة لإخفاء معالمها وتحويلها إلى مجرد حادث عابر يمس أحد أكبر الإمبراطوريات الإعلامية في الغرب، مرشحة إن سمحت عدة معطيات بأن تكشف عن أضخم شبكة تجسس عابرة للقارات.
خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو نشرت تقارير عن تنصت الصحيفة على الرسائل الصوتية للهاتف المحمول لطالبة مختفية عثر عليها بعد ذلك قتيلة تدعى ميلي داولر.
القضية كان من الممكن أن تنتهي عند هذا الحد ذلك أن الأمر يتعلق بصحيفة تبحث عن أخبار الفضائح، غير أن الأمور لم تسر في هذا الاتجاه لعوامل عديدة من بينها تصارع أجهزة المخابرات والمصالح المالية المتضاربة للمجموعات الإعلامية الغربية التي تتكتل في شركات احتكارية.
شرطة اسكتلنديارد اضطرت إلى إعادة فتح التحقيق في شأن التصنت الممارس من طرف «نيوز أوف ذي وورلد» الذي كان قد شرع فيه في شهر يناير 2011 ولكن أغلق بسرعة في حينها.
يوم 18 يوليو وبينما كانت قضية التصنت تتسع وتفضح تورط مزيد من الأشخاص عثر على مفجر الفضيحة شون هور ميتا في منزله.
شرطة هرتفوردشير مكان سكن القتيل ذكرت في بيان لها: «يجري التعامل مع وفاة الصحافي شون هوار باعتبارها حادثا غير مفسر لكن لا يعتقد أنها مثيرة للريبة». من جانبها، أكدت وسائل إعلام بريطانية أن هور، الذي أقيل من صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» بسبب مشكلات متعلقة باحتساء الخمر وتعاطي المخدرات، عثر عليه ميتا في منزله في واتفورد إلى الشمال من لندن. وأشارت الصحف إلى أن هوار «كان المدعي»، في القضية، وهو الذي قال علنا سنة 2010 أن «عمليات التنصت كانت ممارسة مزمنة» في تحرير الصحيفة».
وروى احد جيرانه «لرويترز» طالبا عدم كشف هويته أن وضع المحقق الصحافي السابق «كان يبدو من سيء إلى أسوأ في الآونة الأخيرة وكان يتملكه الوسواس إذ قال إن لديه متاعب وانه كان يخاف أن يأتي احد للبحث عنه والتخلص منه بشكل نهائي».
حصاد الرؤوس
في الأيام التي تلت الكشف عن فضيحة التنصت توالت عملية سقوط الرؤوس سواء في الصحيفة التي يملكها قطب الإعلام موردوك أو في أجهزة الأمن البريطانية وغيرها، رغم أن قطب الإعلام موردوك قام بإغلاق الصحيفة في محاولة لتهدئة غضب الشارع.
وهكذا قدم قائد اسكتلنديارد بول ستيفنسن استقالته بعد توظيف هذا الجهاز مسؤولا إداريا سابقا في صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد». وتبعه مسؤول ثان كبير في شرطة اسكتلنديارد هو جون يايتس الذي رفض إعادة فتح التحقيق في شأن فضيحة التنصت على مكالمات هاتفية عام 2009.
وسببت استقالة ستيفنسن صدمة في أوساط الرأي العام في بريطانيا خاصة أنها جاءت قبل ساعات من إفراج الشرطة عن ريبيكا بروكس التي استقالت الجمعة 15 يوليو من موقعها كمديرة للفرع البريطاني لامبراطورية موردوك الإعلامية بعد اعتقالها بتهمة التنصت على مكالمات هاتفية ودفع رشوة للشرطة.
رئيس وزراء يريطانيا المحافظ كاميرون وبعد استقالة ستيفنسن لدى سفره إلى جنوب إفريقيا حيث بدأ زيارة تجارية، قرر أمام اتساع نطاق الفضيحة اختصار زيارته إلى القارة الإفريقية لتصبح يومين بدل أربعة والعودة إلى لندن لمواجهة الأزمة وحصر حجم خسائرها قدر الإمكان.
وفي لندن، حاولت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي إبعاد كاميرون عن الضجة التي أثارها إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وأدخلت شركات موردوك في أزمة وورطت سياسيين ومسؤولين في الشرطة.
وقالت ماي لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» «اعتقد أن الشرطة تختلف عن الحكومة. الشرطة مكلفة ومسؤولة عن التحقيق في التجاوزات المفترضة لنيوز أوف ذي وورلد». وأضافت «اعتقد انه من المهم إبقاء خط فاصل بين المحققين والذين يجري التحقيق معهم».
ودافعت ماي عن توظيف كاميرون لاندي كولسون الذي شغل في السابق منصب رئيس تحرير نيوز أوف ذي وورلد وأصبح رئيسا للقسم الإعلامي في رئاسة الوزراء البريطانية قبل أن يستقيل في يناير 2011. وقالت ماي أن «ديفيد كاميرون أوضح بنفسه انه أعطى اندي كولسون فرصة ثانية، هذه الفرصة الثانية لم تفلح واستقال اندي كولسون مجددا».
وانتقد ستيفنسن في رسالة استقالته توظيف كولسون مجريا مقارنة مع توظيف اسكتلنديارد لنيل واليس النائب السابق لكولسون في صحيفة نيوز أوف ذي وورلد.
يذكر أن مجموعة ميردوك دعمت كاميرون في حملته الانتخابية الفائزة عام 2010 بعد تخليها عن حزب العمال.
وتعاني نيوز كورب إمبراطورية موردوك الإعلامية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أزمة خطيرة. فقد اضطر موردوخ الى التخلي عن مشروع شراء شبكة قنوات بي سكاي بي الفضائية كاملة والموافقة الجمعة 15 يوليو على استقالة ليس هينتون الذي عمل معه على مدى 52 عاما.
التجسس لحساب دول
من فتاة واحدة وعدد من المشاهير تبين أن صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» كانت تتجسس على أكثر من 12 ألف شخص قي بريطانيا وحدها. فقد كشفت لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم البريطاني أن عدد ضحايا التنصت قد يبلغ 12800 شخص على رغم إبلاغ السلطات 170 شخصا فقط حتى الآن بتعرض هواتفهم للقرصنة.
المتجسس عليهم ضموا مئات من السياسيين والصحفيين ورجال الأمن وحتى الدبلوماسيين والكتاب والمشاهير.
هنا يطرح أسئلة عديدة عن كيفية نجاح صحيفة واحدة في تتبع مثل هذا العدد من الأشخاص عبر هواتفهم النقالة وغيرها ؟. وكيف مر الأمر دون علم أجهزة المخابرات البريطانية وشركات الهواتف ومن أين جاءت الصحيفة بكل الأجهزة الكفيلة بتغطية تتبع مثل هذا العدد الهائل من الأشخاص ؟. وهل تعاونت أجهزة مخابرات مع الصحيفة، وبالأصح هل كانت صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» تتجسس لحساب أطراف ودول وحكومات في نطاق عملية خوصصة التجسس.
يوم الخميس 21 يوليو جاء في تقرير لوكالة فرانس برس أنه مع عودة قطب الإعلام روبرت موردوك إلى الولايات المتحدة وبدء العطلة البرلمانية، قد تفقد فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية زخمها في بريطانيا ولو بشكل مؤقت، إلا أن أسئلة جديدة بدأت تطرح في شأن العلاقة بين رئيس الوزراء وقطب الإعلام كما أن الشكوك امتدت لتطال مؤسسات إعلامية أخرى.
وتبين أن الشرطة كانت تملك تقريرا صادرا عن مكتب مفوض الإعلام وهي جهة مراقبة حول استخدام الصحافة لمخبرين خاصين.
ويشير هذا التقرير الصادر العام 2006 إلى أن «300 صحافي ينتمون إلى 31 مطبوعة مختلفة استخدموا في 4 ألاف مناسبة مخبرين خاصين طالبين منهم معلومات سرية تم الحصول على معظمها بطريقة غير شرعية».
وأكد متحدث باسم مكتب مفوض الإعلام أن الوثائق «تم تسليمها إلى الشرطة قبل ثلاثة أشهر بطلب منها». ورفضت شرطة سكتلنديارد الإدلاء بأي تعليق.
وكشف مكتب مفوض الإعلام أن الشرطة البريطانية وسعت تحقيقها في شأن التنصت على المكالمات الهاتفية إلى صحف أخرى.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» فان الصحف الثلاث الأكثر لجوءا إلى استخدام المخبرين هي «دايلي مايل» و»صنداي بيبل» و»دايلي ميرور».
يوم الخميس 21 يوليو وفي محاولة لتلطيف وقائع قضية التنصت قال نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ إن الفضيحة المستفحلة كشفت «الممارسات الغامضة والعلاقات المراوغة» في قلب المؤسسة البريطانية.
وكان كليغ، النائب الديمقراطي الليبرالي لرئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون، يتحدث بعدما أرغم رئيس الوزراء على الإجابة على أكثر من 135 سؤال من النواب في جلسة طارئة عقدها البرلمان يوم الأربعاء 20 يوليو.
وأضاف كليغ خلال مؤتمر صحافي: «أعتقد أن لدينا فرصة ضئيلة للغاية للقضاء على الممارسات الغامضة والعلاقات المراوغة التي تجدرت في قلب المؤسسة البريطانية بين الصحافة والساسة والشرطة».
وذكر كليغ ان فضيحة التنصت والمزاعم بان رجال الشرطة تلقوا أموالا من الصحافة للحصول على معلومات «هزت» الثقة في الشرطة وأدت إلى تراجع شعبية السياسيين لدى الرأي العام.
كسب الوقت بلجان التحقيق
في مسعى لتهدئة العاصفة عرض رئيس الوزراء الذي اختصر جولته في إفريقيا للتحدث أمام البرلمان الذي اضطر لتمديد دورته ليوم واحد، بالتفصيل مهمة لجنة التحقيق المستقلة التي أعلنت في مطلع يوليو 2011.
ويرأس اللجنة قاض ومهمتها إلقاء الضوء على هذه الفضيحة والاهتمام بقضايا الأخلاقيات المهنية. وهذه اللجنة التي ستبدأ جلساتها مع نهاية صيف سنة 2011، ستعمل في موازاة شرطة سكوتلنديارد المتهمة بالمماطلة في تحقيقاتها التي وصفها تقرير برلماني بسلسلة «إخفاقات».
وستتألف اللجنة خصوصا من ناشطين في مجال حقوق الإنسان، وشرطي سابق وصحافيين اختيروا ل»لتجربتهم» ولكن أيضا «لاستقلاليتهم التامة» بحسب كاميرون. ومن المفترض أن ترفع اللجنة استنتاجاتها في غضون اثني عشر شهرا.
هناك شكوك كبيرة في أن يناط اللثام عن المزيد من ممارسات التجسس لإمبراطورية موردوك. إن أزمة التنصت لسنة 2011 ليست جديدة فقد خرجت إلى العلن للمرة الأولى عام 2005، ولكن أجهزة الأمن ترددت في فتح تحقيق في هذا الموضوع، وكان جوابها واحدا: «لا أدلة على عمليات تنصت». وهو ما دفع صحيفة «فايننشل تايمز» أخيرا إلى نشر افتتاحية طرحت فيها علامات استفهام حول تورط الحكومة وأجهزة الأمن في هذه القضية.
الثقة في المستقبل
الغريب أنه كما حدث في العراق عندما بدأت فضائح جرائم شركات المرتزقة تظهر للعالم، جاء قطب الإعلام موردوك ليؤكد بدوره أن مجموعته ستخرج من المأزق.
فقد أكد روبرت موردوك مؤسس المجموعة الإعلامية «نيوز كورب» يوم الأربعاء 20 يوليو أن مجموعته ستخرج من الفضيحة أقوى. وقال في بيان وجهه إلى العاملين في مجموعته «أريد أن تعرفوا أنني واثق من أننا سنخرج من الأزمة أقوى». وأضاف أن «إعادة بناء الثقة ستحتاج إلى وقت»، مؤكدا تصميمه على التجاوب مع تطلعات «المساهمين والمستهلكين والزملاء والشركاء».
وتابع موردوك في بيانه «صدمت وشعرت بالاستياء من الادعاءات الأخيرة التي تتعلق بنيوز كورب واشعر بأسف عميق للضرر الذي حدث».
وأكد الرجل البالغ من العمر 80 عاما «تحملنا مسؤولياتنا. أقود هذه الشركة منذ خمسين عاما وطبعتها دائما بالجرأة. لكنني لم اسمح يوما بسلوك مثل الذي جرى الحديث عنه في الأسابيع الأخيرة».
وموردوك من أصل استرالي وبدأ في استراليا تأسيس شركة قبل أن تتحول إلى مجموعة تتمتع بوجود في عدد من قارات العالم. وهو يملك في استراليا صحفا وشبكات تلفزيونية مجتمعة في «نيوز ليمتد» التي تهيمن على سوق الإعلام في هذا البلد.
وبعد جلسة الاستماع لموردوك في مجلس العموم البريطاني، ارتفع سعر سهم نيوز كورب في بورصة نيويورك.
وأكد مدير الفرع الاسترالي لنيوز كورب جون هارتيغن انه ليس هناك أي شيء في استراليا يشبه عمليات التنصت التي قامت بها الصحيفة البريطانية نيوز أوف ذي وورلد.
مصادر رصد وأمام عملية التحايل لطمس قضية التجسس أشارت إلى ما تم الكشف عنه في صيف سنة 2010 عن خوصصة التجسس.
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير مطول نشرته على حلقتين يومي السبت والأحد 15 و16 مايو 2010 إن مسؤولين أمريكيين اقروا في وقت سابق من العام بأن الجيش الامريكى أرسل مجموعة من ضباط وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» السابقين وأفراد قوات عمليات خاصة متقاعدين إلى باكستان وأفغانستان لجمع معلومات، استخدم بعضها لرصد وقتل المشتبه في كونهم خصوم للولايات المتحدة، وأن العديد صوروا تلك العمليات على أنها شريرة تم إيقافها بسرعة بمجرد بدء تحقيق.
وأشارت الصحيفة إلى أن البعض وصف ذلك بالعملية الاحتيالية التي انتهت على عجل مع بدء التحقيق.
وقالت الصحيفة إن مقابلات مع أكثر من عشرة مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ورجال أعمال، ووثائق حكومية تظهر بأن التقارير المفصلة لتلك الشبكات بشأن مواضيع مثل أعمال قيادة حركة طالبان في باكستان، وتحركات المقاتلين في جنوب أفغانستان، باتت يومية ومصدرا هاما للاستخبارات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الامريكى ممنوع إلى حد كبير حسب التعليمات الرسمية والمعلنة، من العمل داخل باكستان وانه بموجب قواعد وزارة الدفاع الأمريكية لا يسمح للجيش باستئجار مقاولين للتجسس.
غير أن مسؤولين في البنتاغون قالوا إن العملية باتت مع مرور الوقت تشمل أنشطة تجسس تقليدية، مشيرين إلى أنه تم التحقيق مع، مايكل فورلونغ، المسؤول عن تشكيل شبكة التجسس. وكشفت الصحيفة أن عملاء فورلونغ ما زالوا رغم ذلك يقدمون المعلومات مستخدمين الطرق نفسها في جمع المعلومات الاستخباراتية.
وأشارت إلى أن العملاء ما زالوا يتقاضون رواتب وفقا لعقد تبلغ قيمته 22 مليون دولار، تديره شركة صناعة الأسلحة الأمريكية «لوكهيد مارتين»، ويشرف عليه مكتب البنتاغون المسؤول عن العمليات الخاصة.
شبكة عبر العالم
إمبراطورية موردوك الإعلامية لا تنحصر في بريطانيا والولايات المتحدة واستراليا بل تمتد إلى مناطق أخرى من العالم وخاصة الشرق الأوسط.
سلطة هذه الشركة الإمبراطورية تخطت خلال أكثر من خمسين عاما الدور الإعلامي، لتصبح لاعبا رئيسيا على الساحتين السياسية والاقتصادية في العالم. ولم يلقب روبرت مردوك مصادفةً ب»صانع الملوك». بل أدى دورا رئيسيا في دعم عدد من السياسيين في الولايات المتحدة، وبريطانيا... مثل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر وتوني بلير الذي قاد بريطانيا إلى حرب العراق سنة 2003، والرئيس الأمريكي السابق بوش وغيره من أقطاب السياسة في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.
وتقول مصادر رصد ألمانية أن موردوك أقام خلال العقود الخمسة الماضية علاقات وثيقة جدا مع كل من تولوا قيادة الأجهزة الاستخبارية في الولايات المتحدة، كما عمل وسيطا لهم في عدد من القضايا خاصة في الشرق الأوسط عبر روابطه مع أوساط المال في منطقة الخليج العربي.
والمعروف كذلك أن موردوك اليهودي الديانة له استثمارات واسعة في إسرائيل وقد ساند خاصة رئيسي الحكومة الصهيونية السابق شارون والحالي نتنياهو ماديا وإعلاميا.
وتظهر نظرة سريعة إلى أبرز وسائل الإعلام التي يملكها موردوك حول العالم قاسما مشتركا في ما بينها، هو ترويج مجموعة من المواقف السياسية والاقتصادية ذات التوجه الصهيوني المتحالف مع من يوصفون بالمحافظين الجدد. وخير مثال على ذلك أداء شبكة قناة «فوكس نيوز» الأمريكية التي تلصق صفة «إرهابيين» بالأمريكيين ذوي الأصول العربية، وتصف المقاومة للاحتلال بالإرهاب. حتى إن الاختصاصي في مجال الميديا، الفرنسي جان ماري شارون، قال في مقابلة مع صحيفة «لو موند» الفرنسية إن «موردوك جعل من ««نيوز أوف ذي وورلد» مطبوعة شوفينية، معادية لأوروبا، وتعاني من رهاب الأجانب». وهي صفات تنطبق على معظم وسائل الإعلام التابعة ل»نيوز كروب»، وعلى شخصية موردوك، أليس هو القائل خلال عدوان سنة 2007 و 2008 على غزة: «الشعب الإسرائيلي يحارب حاليا عدونا المشترك، وهو عبارة عن مجموعة من المجرمين الذين يقتلون بدم بارد، ويكرهون الحرية والسلام».
شركات التجسس الخاصة
تؤكد مصادر رصد غربية وشرقية أن إمبراطورية موردوك تشكل أحد أهم شركات التجسس الخاصة في العالم وأن من أهم زبائنها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، كما تؤكد أنه يتم عبر «نيوز كروب» تجنيد مئات من العملاء والمتعاونين خاصة في المنطقة العربية والصين وروسيا وعدد من الدول الآسيوية. وتملك الشركة حصصا هامة في عدد من الصحف ووسائل الإعلام الأخرى في المنطقة العربية كما تمول مواقع الكترونية على الشبكة العمودية ويسجل أن هذه المواقع أو الصحف الالكترونية تنشر نفس الأفكار التي يدافع عنها تحالف الصهاينة والمحافظين الجدد.
وقد كشفت تقارير أنه منذ يناير 2011 شاركت الشبكات المتصلة أو الممولة من طرف «نيوز كروب» في تسهيل جهود الولايات المتحدة لركوب حركة التحول في المنطقة العربية وتحويل عملية طبيعية للتطور السياسي إلى حركة تقسيم وتدمير في نطاق تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه المحافظون الجدد والهادف إلى تقسيم المنطقة العربية إلى ما بين 54 و56 دويلة متنازعة ومتنافرة.
تحقيق في الولايات المتحدة
وفي الولايات المتحدة، دعا سياسيون إلى إجراء تحقيقات فيما إذا كانت الشركات المملوكة لمؤسسة «نيوز كورب» قد قامت هي الأخرى بالتنصت على هواتف الأمريكيين. غير أن محللين لا يتوقعون أن تسفر التحقيقات عن خلق مشاكل للشركة العملاقة لأن جماعات الضغط التي تشكل المركب العسكري الصناعي في الولايات المتحدة لا تريد تقليص سلطات أحد أعمدة قوتها.
وقد نفى روبرت موردوك رؤيته لأي دليل على أن ضحايا هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة كانوا عرضة ««للتنصت» من قبل موظفيه. لكن جماعات إصلاح وسائل الإعلام، مثل جماعة «الصحافة الحرة» التي تدعو لمزيد من التنوع في ملكية وسائل الإعلام، تقول إن قلقها يمتد إلى ما هو أبعد من أي تحقيق فردي.
وقال كريغ أرون، وهو ورئيس جماعة الصحافة الحرة: «أعتقد أن هذه هي اللحظة التي يجب فيها التعامل مع الأضرار الجسيمة التي خلفتها إمبراطورية موردوك في نظام وسائل الإعلام الخاص بنا على مدى العقود القليلة الماضية». وقد وجد كتاب «احتكار وسائل الإعلام الجديدة» الذي كتبه بن باجديكيان عام 2004 أن 5 شركات فقط تمتلك أكثر من نصف عدد محطات الراديو والتلفزيون والصحف اليومية والمجلات وشركات إنتاج الأفلام في الولايات المتحدة. وفي شهر يناير 2011 الذي شهد أحدث عملية دمج لوسائل الإعلام، وافقت الحكومة على عرض من شركة «كومكاست» للاستحواذ على شركة «إن بي سي يونيفرسال».
هناك من يؤيد دمج شركات وسائل الإعلام وخاصة في الأجهزة الأمنية الأمريكية ويقول إن عمليات الدمج تحسن عملية حصول المستهلكين على المعلومات والأخبار ووسائل الترفيه، وإن الإنترنت قد عزز المنافسة، وهو ما خلق خيارات جديدة للمستهلكين.
غير أن جماعات مثل جماعة «الصحافة الحرة» ترى عكس ذلك؛ حيث تقدر أن عمليات الدمج تخفض من عدد العاملين بمهنة الصحافة في البلاد وتقلل من تنوع الأصوات وتسمح لمؤسسات سياسية أو أمنية بالتحكم في وسائل السيطرة على الناس. وقال أرون إنه شعر بأن معظم الأمريكيين كانوا على علم بوسائل الإعلام الكبيرة مثل «فوكس» و»إن بي سي»، لكنهم لا يدركون أن مالكي هذه المؤسسات يسيطرون على العشرات من مؤسسات الإعلام الأخرى. لكن «عندما يعرف الناس حجم الشركات التي تستحوذ عليها هذه المؤسسات، فإنهم يشعرون بالقلق ويريدون معرفة المزيد على ذلك» حسب قول أرون، الذي أضاف أن الموقع الإلكتروني لمجموعة «الصحافة الحرة» ينشر رسما بيانيا باسم «من يملك ماذا؟» ويعتبر من أكثر المواد المثيرة والجاذبة للقراء على الموقع.
وخلال الأسبوع الثاني من شهر يوليو 2011، رفضت لجنة الاتصالات الفيدرالية التعليق على تقريرها بشأن الملكية الذي من المفترض أن يقوم بتقييم ما إذا كانت القواعد القائمة تعزز عملية التنوع والمنافسة بفاعلية أم لا. وفي وقت سابق من شهر يوليو، قامت إحدى محاكم الاستئناف بتأييد معظم الخطوات التي اتخذتها اللجنة عام 2007 لتخفيف قواعد الملكية، لكنها رفضت قاعدة واحدة، لأسباب إجرائية، مكنت عددا كبيرا من الشركات من امتلاك صحيفة ومحطة في السوق المحلية نفسها.
أما الشبكات الإخبارية مثل «فوكس نيوز» التي تعتبر سوط المحافظين الجدد ورمزا للقوة السياسية لموردوك فلا تقع تحت إشراف لجنة الاتصالات الفيدرالية أو تقريرها بشأن الملكية.
جبل الجليد العائم
مصادر ألمانية أشارت إلى أن فضيحة التصنت في بريطانيا ليست سوى جزء صغير من جبل الجليد العائم الذي يشكل العالم السري لأجهزة المخابرات الأمريكية والعديد من الأجهزة المماثلة التابعة لدول أخرى ذات تطلعات دولية، وأن النشاطات السرية لا تتضمن التجسس بل الاغتيالات والتخريب الاقتصادي والتعاون مع الجريمة المنظمة سواء العابرة للحدود أو تلك ذات البعد المحلي والحروب النفسية وتجارة المخدرات والمضاربات المالية واستخدام المؤسسات المالية وخاصة الكثير من الأبناك والمنظمات غير الحكومية في العمليات السرية إلى غير ذلك.
في يناير 2009 نشرت صحيفة لوموند دبلوماتيك تقريرا تحت عنوان «جغرافيا استراتيجية» أشارت فيه إلى أن لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة جون كيري برهنت على وجود تحالف بين ال «سي.آي.أيه» والمافيا الكولومبية. وفي كوستاريكا، في يوليو عام 1989، سوف يوجه الاتهام رسميا إلى نورث وسيكورد، مع آخرين من دوائر الحكم الأمريكي، لكونهم مسؤولين عن شبكة تعمل بمبدأ «المخدرات مقابل السلاح»، تم تنظيمها في هذا البلد أثناء الحرب ضد الساندينيين.
وتحدثت لوموند عن نشأة الفريق الصدامي في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ودوره في عدة حروب خاصة بأفريقيا. وأشارت إلى أن فرقة الصدام تعززت هذه بشكلٍ نهائي في فييتنام. إذ استعادت وطورت أساليب القوات الفرنسية الخاصة، وذلك عبر تمويل عمليات من أموال تهريب الأفيون من لاوس وبورما وهناك أيضا باستخدام طائرات «إير أميركا».
هكذا بدأ فصل جديد من حروب أنصار النظام العالمي الجديد، فبعد خوصصة الحرب عبر شركات المرتزقة أو ما يسمى مؤسسات الأمن الخاصة وبعد استخدام آلاف من ما يسمى المنظمات غير الحكومية لصرب استقرار الدول، جاء دور خوصصة التجسس عبر عدة واجهات منها الامبراطوريات الاعلامية العالمية التي تتحكم في ما يطلع عليه الجمهور. وباسم الديمقراطية وحرية الرأي يتم فرض نظام لعسل الأدمغة.
انها البداية نحو عالم يريدون فرضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.