عقد مجلس النواب كما جرت العادة جلسته العمومية المخصصة لأسئلة الفرق النيابية وأجوبة الحكومة إعمالا لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي ضمن الدورة الربيعية، وقد تميزت بالمواضيع التي تطرق إليها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية الذي دأب على بسط القضايا التي تهم الحياة العامة وانتظارات المواطنين وانشغالاتهم. حيث تطرق في هذه الجلسة الى مواضيع تهم التدبير العمومي المالي حرصا من الفريق على شفافية التدبير انسجاما مع مقتضيات الدستور الجديد ومع مواقفه التاريخية حيث ذكر نواب الفريق من خلال أسئلتهم بمقترحات الفريق في الموضوع التي كان من شأن اعتمادها الوصول الى تدبير أفضل في مجموعة من القطاعات. وفي هذا الصدد تطرق الفريق إلى الأخبار المتداولة حول الزيادات المقترحة لمسؤولي وزارة المالية منبها الى أن هذا الأمر يعود بالمغرب الى سياسة الفوراق الصارخة في الأجور على اعتبار أن جميع موظفي الدولة يؤدون واجبا وطنيا ويستحقون جميعهم تعويضا وتحفيزا، بالإضافة الى مسألة بعض الصناديق العمومية التي تتصرف في المال العام دون أن تكون خاضعة للرقابة المالية خاصة وأن الدستور الجديد أقر بمبدأ المسؤولية المقترنة بالمحاسبة، وفي ضوء الأوراش المفتوحة بالبلاد فقد ارتأى الفريق ضرورة إحداث وكالة لتدبير أراضي الدولة بما يضمن استراتيجية موحدة في مجال التنمية لكل القطاعات والمجالات في بعدها الوطني والجهوي ولقطع الطريق على سماسرة العقار، بالإضافة الى التنبيه حول التوسع العمراني على حساب الأراضي الفلاحية التي تشكل ثروة حقيقية للأمن الغدائي الوطني. الدعوة إلى الحد من الفوارق الصارخة في نظام منح الموظفين السؤال الأول تقدمت به الأخت فتيحة البقالي يهم موضوع التعويضات الخاصة بمسؤولي وزارة الاقتصاد والمالية التي تحدثت بعض وسائل الإعلام عنها والتي تبلغ قيمتها من 80.000.00 درهم إلى 2.000.000.00 درهم، الأمر الذي يتطلب من الحكومة تنوير الرأي العام الوطني بخصوص مدى صحة هذه الأخبار؟ و ما هي مبررات ودواعي هذه التعويضات؟ وزير المالية في معرض جوابه قال ان نظام المنح الخاص بموظفي وزارته يسري منذ سنة 1965 يتم صرفها من حسابات الصندوق المرصود لأمور خصوصية بنسبة 10% من المبالغ المتحصل عليها من الذعائر والغرامات التصالحية، معتبرا أن هذه المنح تدخل في إطار عملية التحفيز لفئة تسهر على تدبير مالية الدولة واستخلاصها وهو نظام معمول به في جميع دول العالم حسب قوله. الأخت البقالي اعتبرت في تعقيبها أن جميع موظفي الدولة يستحقون تعويضا عن مهامهم فكل يقوم بواجبه انطلاقا من وظيفته معتبرة أن الفوارق تبقى صارخة حيث يتقاضى رئيس مصلحة بوزارة المالية منحة لثلاثة أشهر تصل الى 275 ألف درهم وهي غلاف مالي لسكن اقتصادي ونفس الأجر يمكن من تشغيل 666 موظف براتب 3000 درهم، وعلى صعيد تجميع ميزانية الدولة فأكدت أنه حتى موظفي الجماعات المحلية يلعبون نفس الدور دون ن يستفدوا من درهم كتعويض، مطالبة باعتماد طريقة جديدة في مسألة المنح حتى لا يشعر بعض الموظفين بالغبن. الدستور الجديد يفرض إخضاع جميع الصناديق للمراقبة البرلمانية ومن جهته تطرق الأخ عمر حجيرة الى وضعية الصناديق العمومية التي اعتبرها دعامة أساسية فيما يخص تدبير الشأن العام وما يتطلب ذلك من ضرورة خضوعها للحماية العمومية والمراقبة البرلمانية لتحصينها من أي تلاعب أو سوء تسيير. معتبرا أن كلمة المغاربة في الاستفتاء على الدستور والثورة الهادئة التي يقودها الملك تطرح تدبيرا جديدا لمالية الدولة وعلى رأسها تلك الصناديق العمومية ومحاربة كل أشكال الفساد، مشيرا الى أن المغرب يتوفر على 76 صندوقا يتصرفون في 55 مليار درهم. صلاح الدين مزوار أجاب بأن المغرب لا يتوفر على صناديق سوداء وكل الصناديق تأتي الى البرلمان خلال مناقشة قانون المالية وتخضع لرقابة الوزارة الوصية الميزة الوحيدة لها حسب جوابه هو احتفاظها بالأموال المتبقية الى السنة الموالية عكس باقي القطاعات الأخرى، معتبرا أن عدد تلك الصناديق كثير ويجب التفكير في تقليصها من خلال مشروع القانون التنظيمي للمالية المقبل الذي يجب أن يحسم في هذه المسألة. فما هي وضعية هذه الصناديق؟ وإلى أي مدى يتم ضمان صرف اعتماداتها في الأوجه المخصصة لها؟ ومدى مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة؟ التذكير بمقترح الفريق الاستقلالي حول المفتشية العامة للمالية وفي نفس الموضوع المتعلق بالحكامة المالية تطرق الأخ عمر السنتيسي في سؤاله الى نتائج عمليات الافتحاص التي توصلت إليها المفتشية العامة للمالية، التي قامت بافتحاصات لعدد من المؤسسات العمومية وشبه العمومية، الأمر الذي يتطلب من الوزارة تنوير الرأي العام الوطني بخصوص هذه الافتحاصات ومآل ملفاتها. المفتشية العامة للمالية أنجزت 20 تقريرا يهم 20 مؤسسة عمومية وهاته التقارير توجد الآن في مسطرة حق الرد لتلك المؤسسات يجيب وزير المالية، مضيفا أنه بعد هاته المسطرة ستخضع للقوانين الجاري بها العمل سواء الإدارية أو القانونية وإطلاع الرأي العام حول تلك النتائج. الأخ عمر السنتيسي تطرق في معرض التعقيب الى إشكالية غياب التواصل مع الرأي العام وهو ما يطرح دائما إشكالية مآل تلك الملفات مذكرا بمقترح الفريق الاستقلالي القاضي بتغيير الظهير المنظم للمفتشية العامة للمالية الذي يعود للستينات بهدف تقويتها وجعلها تحت السلطة المباشرة للوزير الأول وهو الأمر الذي اصبح ملحا اليوم بعد إقرار الدستور الجديد لمبدأ المساءلة والمحاسبة. الدعوة الى إحداث وكالة وطنية لتدبير أراضي الدولة ونظرا للأوراش المفتوحة بالمغرب في جميع القطاعات والتي تتطلب توفير وعاء عقاري مهم وما يرافق ذلك من تلاعبات في بعض الأحيان تقدم الأخ سعيد ضور بسؤال حول إحداث الوكالة الوطنية لتدبير أراضي الدولة بهدف توحيد الوعاء العقاري العمومي وحمايته وضبط مجالات تدخل الفاعلين، مذكرا أن الفريق الاستقلالي سبق له أن تقدم بمقترح قانون في الموضوع حتى يشكل دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وضمان حكامة جيدة لتدبير هذا الرصيد الوطني بما يخدم الاستثمار ببلادنا، ليتساءل عن أسباب عدم إخراج هذه الوكالة إلى حيز الوجود. في بداية جوابه أكد وزير المالية أنه ليس هناك اختلالات في تدبير العقار العمومي معتبرا أن مقترح إحداث وكالة لن يحل الاشكالات المرتبطة بتدبير هذا الملف خاصة وأن المغرب متوجه نحو الجهوية واللامركزية معتبرا أن الأمر يتطلب البحث عن صيغة جديدة. الأخ ضور في تعقيبه اعتبر أن اقتراح الفريق يبقى منطقيا نظرا لتعدد المتدخلين في تدبير تلك الاراضي خاصة وأن البعض منها تعرض لاستنزاف خطير مثل أراضي الجموع خاصة بمنطقة ساحل اشتوكة أيت بها بفعل عصابات منظمة تسطو على تلك الأراضي كما أن الوكالة المقترحة يمكن أن تفوض اختصاصاتها جهويا من أجل تدبير هذا الملف. خاصة وأن العديد من المستثمرين يصطدمون بسماسرة العقار الذين يعملون على إفشال العديد من المشاريع. المطالبة بالتوجه إلى التعمير العمودي وعلى صعيد الأراضي الفلاحية التي تشكل عمودا فقريا للاقتصاد الوطني وبسبب ما أصبحت تشهده من زحف متواصل من قبل المضاربين العقاريين توجه الأخ عبد الله البورقادي بسؤال حول تزايد ظاهرة التوسع العمراني على حساب الأراضي الفلاحية. مشيرا إلى تزايد التوسع العمراني على حساب تلك الأراضي و ما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على المجال الزراعي والأمن الغذائي ووضعية الفلاحين، مقترحا التوجه إلى العمارات العمودية ذات الطوابق التي تتجاوز 4 أدوار لحل أزمة العقار والحفاظ على الرصيد الفلاحي، خاصة في ظل تزايد المضاربات العقارية حيث يتم شراء المتر ب 300 درهم ويعاد بيعه ب 6000 درهم حيث استفادت لوبيات العقار من الرخص الاستثنائية، ليتساءل عن التدابير المتخذة لمعالجة هذه الوضعية ووضع حد لهذا الزحف على الأراضي الفلاحية ؟ وزير الإسكان فند قضية الزحف الإرادي الظالم على الأراضي الفلاحية على اعتبار أن وثائق التعمير التي تصاغ محليا من طرف اللجان التقنية التي يترأسها العمال والولاة تكون بحضور ممثلي كل الوزارات بما فيها إدارتي الفلاحة والمياه والغابات ولا وجود لتصرف منفرد في ظل قانوني 90/12 و 25/90، كما أكد اتفاقه مع الاتجاه الى التعمير العمودي الذي على الجميع نهجه بما فيها الجماعات المحلية خاصة وأن مسألة المصاعد لم تبقى مكلفة والتي كانت تشكل عقبة في السابق، وفي ظل حاجة المدن الى مرافق اجتماعية مصاحبة للبنايات، وبخصوص الأراضي الفلاحية التي تدخل مجال المدار الحضري أشار أن هناك مشروع قانون أطلق عليه المشاركة في التعمير يفرض على أصحاب تلك الأراضي أداء ضريبة عليها حتى تتمكن الجماعات المحلية من تعميم الخدمات الاجتماعية لتلك البنايات التي ستقام فوق تلك الأراضي معتبرا أن هذه الضريبة تهم الملاكين للأراضي.