نظمت مفتشية حزب الاستقلال بأسفي أخيرا مهرجانا خطابيا حضره ممثلو مختلف فروع الحزب بالإقليم وأعضاء المجلس الوطني وأعضاء المنظمات الموازية من شبيبة مدرسية وشبيبة استقلالية وبناة والبرلمانيون والمنتخبون ومنظمة المرأة الاستقلالية وعدد من المناضلين. وقد استهل مفتش الحزب الأخ محمد أبوعبدالله كلمته الافتتاحية بالترحيب بعضو اللجنة التنفيذية ومبعوثها الأخ رشيد أفيلال الذي سيؤطر هذا المهرجان. موضحا أن هذه الذكرى تعتبر حدثا تاريخيا هاما بالنسبة للمغرب عامة وبالنسبة لإقليم أسفي خاصة الذي وقع ثلاثة من أبنائه على وثيقة المطالبة بالاستقلال موضحا الظروف الصعبة التي تم أثناءها التحضير لهذه الوثيقة. وأشاد في نفس الوقت بأعمالهم البطولية ونضالاتهم من خلال النبذة التي قدمها عن حياة كل واحد منهم وكيف أخلصوا لوطنهم رغم ما تعرضوا له من سجن وتعذيب مسترخصين كل ذلك في سبيل نيل الكرامة والحرية. فالمرحوم الفقيه المستاري الذي ولد سنة 1900 بحومة المسجد الفوقاني بأسفي تعلم على يد نخبة من العلماء ثم التحق بجامعة القرويين حيث نال شهادة العالمية، وأسس بمدينة أسفي جماعة سلفية سرية سنة 1925، ثم فرعا لحزب الاستقلال شارك في عدة أنشطة سرية مناهضة للاستعمار حيث اعتقل سنوات 1944 و 1953 وذاق جميع أنواع التعذيب. وتوفي رحمه الله سنة 1991 بمدينة مراكش حيث كان يزاول القضاء. والمرحوم محمد البوعمراني الذي ولد سنة 1906 بدرب الصمعة تلقى تعليمة الأولي بأسفي ولازم العديد من العلماء ثم التحق بجامع القرويين وبعودته إلى أسفي أسس جماعة وطنية سرية تحولت إلى حركة سياسية بعد صدور الظهير البربري، ساهم رحمه الله في تأسيس كثلة العمل الوطني وفي إعداد وتقديم مطالب الشعب المغربي ثم تأسيس الحزب الوطني سجن سنة 1932 ونفي من أسفي سنة 1937. بعد الاستقلال عين عاملا على إقليم أكدير بعدها استقال وعاد إلى مزاولة نشاطة التجاري إلى أن توفي سنة 1994. والمرحوم محمد بلخضير وهو من مواليد سنة 1918 بدرب المعصرة التحق بمدرسة مولاي يوسف ومنها إلى كوليج مولاي يوسف بالرباط ثم فرع جامعة الجزائر بالرباط حيث حصل على الإجازة في الرياضيات. وقد عمل رحمه الله ضمن خلايا الطلبة مارس التعليم ثم استقال منه تحت ضغط المستعمر بعد توقيعه على عريضة المطالبة بالاستقلال في نفس السنة 1944 انتخب كاتبا لفرع حزب الاستقلال بأسفي حيث سجن هو الآخر وعذب سنوات 1952 و 1954 وبعد الاستقلال عين باشا على مدينة أسفي ثم استقال لمزاولة أعماله الحرة إلى أن وافته المنية سنة 2000. أما الأخ رشيد أفيلال عضو اللجنة التنفيذية للحزب فقد افتتح مداخلته بتقديم تحية الأمين العام الأخ عباس الفاسي لكل المناضلين وكذا بقية الإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية، مذكرا بأن المغزى من إحياء حزب الاستقلال لهذه أولا كون سنة تقديم الوثيقة ( 1944 ) كانت سنة ميلاد حزب الاستقلال وبالتالي كان لابد من أن نجعل من هذه المحطة لحظة للتأمل والتعرف على كل حيثيات الوثيقة سواء من حيث الإعداد أو التوقيع لنخلص إلى المعاناة والتضحيات التي قدمت من أجل نيل الحرية والاستقلال. وللإجابة على السؤال لماذا سمة 1944 ؟ لابد من ربط الماضي بالحاضر، ذلك أن ه منذ سنة 1912 والمغاربة يعانون ويلات التهميش والقمع والتحقير والاستغلال. لأن المستعمر كان قد خصص أهم الميزانيات لخدمة مصالح المعمرين والمقيمين سزاء في المجال الصحي أو مجال التعليم ...الخ. وذلك على حساب حاجيات الشعب المغربي المكلوم، مما دفع بحزب الاستقلال إلى إنشاء مدارس حرة ذات برامج تعليمية إسلامية وطنية وبإمكانات مادية ذاتية لضرب خطة المستعمر الهادفة إلى طمس الهوية المغربية الحقة. لأنه إذا صلح التعليم صلحت الأمة. ثم هناك معركة أخرى كان قد خاضها مناضلو حزب الاستقلال قبل 1944 من خلال تصديهم لما جاء به الظهير البربري الذي صدر يوم 16 مايو 1930 والذي حاول طمس هوية البربر وذلك بتقسيم الشعب المغربي إلى عرب وبربر وذلك بخلق محاكم خاصة بهذه الفئة الأخيرة بعد تمسيحها عوض المحاكم التي تعتمد الشريعة الإسلامية في أحكامها. ولم يزد ذلك الشعب المغربي إلا التئاما ووحدة وقوة حيث خرجت جحافل المغاربة من المساجد بعد صلاة الجمعة وهم صيحة واحدة شعارها : اللهم يا لطيف نسألك اللطف في ما جرت به المقادير أن لا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر. بعد ذلك تناول الأخ مبعوث اللجنة التنفيذية مرحلة تبلور كثلة العمل الوطني التي ضمت في صفوفها أهم الوطنيين من العلماء والمفكرين والتي دشنت عملها بتقديم وثيقة مطالب الشعب المغربي ثم وثيقة المطالبة بالإصلاحات التي كانت فرنسا قد تعهدت القيام بها والواردة في نص وثيقة الحماية لسنة 1912. إلا أن المستعمر قد تصدى لكل ذلك بالقمع والاعتقالات والمتابعات وتفريق التجمعات ثم حل تنظيم كثلة العمل الوطني سنة 1937 ونفي زعيمها علال الفاسي إلى كرامة ومنها إلى الكابون. هكذا شاعت أسطورة الظلم بجميع مظاهره، وعم حتى العمل النقابي الذي وضعت له قوانين تحرم العامل المغربي من تحمل أية مسؤولية داخل أي تنظيم نقابي، الأمر الذي أكد وبالنلموس الأهداف الدنيئة التي حجبت حقيقتها بنود وثيقة الحماية التي تضمنت عكس ما تم تطبيقه. ثم وضح الأخ رشيد أفيلال بعد ذلك كيف كانت العلاقة بين القصر والوطنيين وكيف تم الإعداد بإحكام وبسرية تامة لوثيقة المطالبة بالاستقلال التي وقعت بمنزل المرحوم محمد اليزيدي وقدمها وفد برئاسة المرحوم بلفريج إلى ملك المغرب محمد الخامس كما قدم نسخا مماثلة إلى السفارات المعنية المعتمدة آنذاك. الأمر الذي جعل المستعمر في حيرة من أمره فكان رد فعله عنيفا في مطلع يوم 29 يناير 1944 حيث بدأ باعتقال الموقعين على الوثيقة متهما إياهم بالخيانة والتجسس لصالح دولة ألمانيا، فعمت المظاهرات التي شارك فيها ولي العهد آنذاك المرحوم الحسن الثاني. والتي لم تأبه لا للصد ولا للاعتقال. فكانت بذلك وثيقة 11 يناير 1944 الشرارة الأولى لانطلاق فكرة المطالبة بالاستقلال وخروج المستعمر. حيث أضرب الملك محمد الخامس عن استعمال الخاتم والتوقيع على القوانين المجحفة في حق الشعب المغربي والموضوعة من طرف الإقامة العامة، الأمر الذي نتج عنه نفي الملك يوم 20 غشت 1953. بعد ذلك جاء نداء القاهرة الذي طالب من خلاله الزعيم علال الفاسي الشعب المغربي بحمل السلاح ومواجهة المستعمر حتى عودة الملك محمد الخامس والذي أقر كذلك بأن الحسن الثاني هو ولي العهد. ولا أحقية لابن عرفة بالجلوس على العرش. وهكذا عمت مظاهر الثورة كل المدن والقرى المغربية والتي لم يستطع المستعمر إخمادها إلا بإرجاع الملك محمد الخامس إلى عرشه وإعلان استقلال المغرب, بعد الاستقلال أكد الأخ رشيد أفيلال أن مشاركة مناضلين من حزب الاستقلال أمثال محمد بوستة وعلال الفاسي ومحمد الدويري في أول حكومة كان من أجل وضع القوانين اللازمة لوضع دستور يحدد الاختصاصات ويضمن السير العادي للمؤسسات التي ستمكن من فصل السلط وتضمن الحقوق الفردية والعامة للمواطن. وهنا يضيف الأخ المبعوث أنه من بين دلالات هذه الذكرى أنه منذ سنة 1962 ومطالب حزب الاستقلال كان منطلقها ضمان مؤسسات تمثيلية حقيقية غير مشبوهة ولا مفروضة إلا أنه في سنة 1963 ونتيجة لتناسل بعض الأحداث فقد استقال الوزراء الثلاثة من الحكومة. بعد ذلك قدم الحزب وثيقة التعادلية وهي عبارة عن مشروع اقتصادي الغاية منه النهوض بالوضعية الاجتماعية للمواطن، ولإجهاض كل المحاولات التي قدمها الحزب من أجل تمتين أسس الديمقراطية أعلنت حالة الاستثناء التي لم تزد المغرب إلا تقهقرا وعلى جميع المستويات بعض أن أصبح زمام الأمور بيد أوفقير وأعوانه. الأمر الذي سيفرز في النهاية ظهور أحزاب مستنسخة من رحم وزارة الداخلية فتعددت بذلك الأسماء لكيان واحد عمل أثناء تحمله مسؤولية تدبير الشأن العام للبلاد على تعميق المشاكل الاجتماعية والسياسية وغيرها والتي لازال تأثيرها جليا بعدة مجالات كالتعليم والقضاء والحريات العامة واعتماد سياسة الحياد السلبي للسلطة الذي عوض بطرق حديثة في التزوير.. وقال الأخ رشيد أفيلال أنه لابد من أن نهنئ أنفسنا كاستقلاليين رغم التشويش الإعلامي على الخطوات الجبارة التي قطعها الحزب بفضل القيادة المحنكة التي أبان عنها الأمين العام الأستاذ عباس الفاسي من خلال تحمله مسؤولية الوزارة الأولى وفي ظروف اقتصادية صعبة تمكن أثناءها من تطويق الأزمة التي عصفت باقتصاديات العديد من الدول، وذلك من خلال العديد من الأوراش الوطنية الكبرى التي سهر جلالة الملك محمد السادس على تدشينها. ولم ينس الأخ مبعوث اللجنة التنفيذية أن يذكر بالمطالب الملحة التي قدمها برلمانيو الحزب بالمنطقة وكذلك المفتش الإقليمي للحزب والوزراء الاستقلاليون والأخ الأمين العام فيما يخص الالتزام الذي تم قطعها بالنسبة لإنجاز الطريق السيار الرابط بين أسفي والجديدة والذي تعتبر ساكنة الجهة أن تنفيذه جاء متأخرا عن ركب التنمية، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ مشروع الميناء المعدني كما جاء في صيغته الأولى ميناء متكامل المرافق قادر على استيعاب صادرات الجهة ووارداتها في إطار ما تنشده سياسة الجهوية الموسعة التي نادى بها جلالة الملك محمد السادس .