سنة 2011 التي انطلقت قبل أيام معدودة من اليوم، ستكون بدون شك سنة حاسمة بالنسبة للمستقبل السياسي لبلادنا، نظرا لما عرفه هذا المسار من بروز مظاهر مسيئة إليه خاصة بعد سنة 2009 التي شكلت منعطفا خطيرا في انتهاكات حرمة القانون، عبر ممارسات تجرنا إلى ماضي غير مشرف أدت بلادنا ثمنه غاليا في مناسبات متعددة. الخيار المطروح على بلادنا مستقبلا فيه اتجاهين لا ثالث لهما: أولا الحرص على تدعيم خيار المنهجية الديمقراطية كإدارة سياسية واضحة اعتمدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بعد انتخابات لم يطعن في شرعيتها ونزاهتها أي من الفاعلين السياسيين أو المراقبين الذين واكبوها وطنيا ودوليا، وهي الشرعية الانتخابية التي أعطت للحكومة الحالية بقيادة الأستاذ عباس الفاسي مصداقية أكبر رغم كل محاولات الاستهداف والتشويش، ثانيا اعتماد خيار نسف هذه المنهجية بأساليب الالتفاف على روح النصوص القانونية، وممارسة نوع من الابتزاز السياسي عن طريق الضغط وفبركة القضايا والملفات من خلال التحكم في جزء من دواليب القرارات الإدارية لفرض نوع من التطويع والتركيع خاصة لدى فئة من ضعاف النفوس ، لإظهار صورة فصيل سياسي بمظهر المنقذ وفي الوقت ذاته المظلة الضرورة للحماية المتوقعة من ضرر أو أضرار محتملة لكل الرافضين لمسايرة هذا المنطلق وهذا الاتجاه، وقد ظهرت بوادر تجليات هذا الخيار الثاني منذ ما بعد انتخابات 2009 وما تزال مؤشرات هذا الخيار قائمة،وبشكل مكشوف ومباشر لصنع مسار سياسي معتمد على نفس أساليب مدرسة ادريس البصري بصيغ جديدة، ورتوشات تجميلية لا تخفي جوهر استهداف المسار الديمقراطي، الذي يتطلب وفق منطق الأشياء تدعيم وتطوير أسس المنهجية الديمقراطية من خلال الحرص على تمنيع المنطلقات القانونية للحفاظ على نزاهة الاقتراع من جهة، وتنقية المشهد السياسي من مظاهر تسيء إليه، وتساهم في رفع نسبة العزوف ، وتكرس واقع الحزب الوحيد والفكر الوحيد بصورة شكلية للتعددية المعتمدة على منطق المناولة السياسية، عوض منطق المنافسة السياسية المسؤولة. ونعتقد أنه من مسؤوليات الحكومة الحالية، والأحزاب السياسية خاصة تلك التي أدت ثمنا باهظا من أجل الديمقراطية، أن تجعل من سنة 2011 سنة للتقييم الموضوعي للمؤشرات المستقبلية لمشهدنا السياسي، حتى تكون سنة2012 سنة لترسيخ دعائم المنهجية الديمقراطية التي اختارها وأقرها جلالة الملك حفظه الله كخيار استراتيجي وجوهري لتأهيل البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وهو الخيار الذي أكده في كل خطبه السامية ، واضعا الكل أمام مسؤولياته التاريخية. إذن فسنة 2011 تعتبر معبرا أساسيا نحو الآفاق السياسية المقبلة لوطننا باعتبارها سنة النقاش والحوار حول استحقاقات 2012 ، وتقييم التجارب التي عاشتها بلادنا بين خيار 2007، وخيار 2009، والذي يؤمن الكثير من المتابعين لمسار ديمقراطيتنا الناشئة أن لا بديل عن الاختيار الاستراتيجي المبني على تقوية مناعة المنهجية الديمقراطية، وإلا دخلت بلادنا دوامة مسارات ماضي سحيق غير معروفة نتائجه، والمؤكد أنه سيضيع على بلادنا فرصا حقيقية لصناعة رأي عام حقيقي، واحترام واقعي لإرادة المواطنات والمواطنين، وجعل القانون الإطار المرجعي الذي يتساوى أمامه الجميع وفق جوهر الدستور المغربي. [email protected]