يواصل الاقتصاد المغربي مسيرة من الأداء الايجابي تترجمها جميع المؤشرات والتوقعات ذات الصلة بالإطار الماكرو اقتصادي والتي تتوجها معدلات النمو الايجابية المتصاعدة للسنة الخامسة على التوالي. وتؤكد التقارير والتحاليل الاقتصادية مناعة الاقتصاد الوطني على الرغم من التحديات المحلية والدولية والظرفية المتسمة بالعديد من المحاذير. وأبانت عن قدرة المؤشرات الاقتصادية على الصمود في وجه التحديات والصدمات المتتالية وضمان استقرار أسسه وهو الشيء الذي يعزى حسب المحللين إلى جدوى الاصلاحات الهيكلية والقطاعية التي أطلقتها الحكومة والتي ساهمت خلال السنوات الأخيرة إلى إرساء أسس اقتصاد حديث ومنفتح قادر على مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية بفضل جهود الحكومة التي انصبت على تحديث القطاع العمومي وإطلاق مشاريع كبرى للبنيات التحتية وتحفيز القطاع الخاص. وفي تحليلها للوضعية الاقتصادية بالمغرب ذكرت المندوبية السامية للتخطيط في بلاغ لها أن النشاط الاقتصادي الوطني واصل تقدمه بخطى بطيئة شيئا ما خلال الفصل الثاني من 2010، بالمقارنة مع أواخر 2009 وبداية 2010، حيث لم تتجاوز وتيرة نموه 4,9 % على أساس التغير السنوي ، مقابل 6,1 %خلال الفصل الذي يسبقه، ويعزى هذا التباطؤ، الذي يعكس عودة النشاط إلى منحى أكثر اعتدالا، إلى ضعف ديناميكية أنشطة الصناعة والبناء، بالإضافة إلى تراجع الدعم المستمد من انتعاش أنشطة المعادن. وبالرغم من التقلبات التي تعرفها المبادلات التجارية العالمية، واصل الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب اكتساب المزيد من القوة خلال الفصل الثاني من 2010 ، حيث حقق زيادة ب 3.5%، على أساس التغير الفصلي المصحح من تأثيرات التغيرات الموسمية، ومع أن هذا النمو يظل دون المعدل المسجل خلال بداية هذه السنة، إلا أنه يؤكد انتهاء دورة الركود الحاد الذي عرفه هذا الطلب، مع تجاوز طفيف لمستواه الاتجاهي العام، وذلك لأول مرة منذ أكثر من سنة ونصف. ومن المنتظر أن يواصل الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب توجهه الايجابي خلال الفصلين الثالث والرابع من عام 2010، بوتيرة أكثر اعتدالا، قد لا تتجاوز 1.9 %و 1.7 %على التوالي، متأثرا بالتراجع المتوقع في واردات أهم الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة. وسيستمر، على نفس المنوال، تحسن الصادرات الوطنية، حيث تشير البيانات الى مواصلة ارتفاعها خلال الفصل الثالث من 2010، بعد زيادة بلغت وتيرتها 9.9 % خلال الفصل الثاني، على أساس التغير الفصلي، وقد ميز هذا التوجه الايجابي الأخير أغلب المواد المصدرة ، باستثناء المنتجات الغذائية التي عرفت تقلصا ملحوظا، متأثرة بانخفاض المبيعات من المواد البحرية وخاصة الأسماك الطازجة والمعلبة، بخلاف ذلك، استمر انتعاش المبيعات من الفوسفاط ومشتقاته، على خلفية تزايد الأسعار العالمية للأسمدة وتوسع الطلب الخارجي الموجه نحوها، لتصل مساهمتها في التطور الإجمالي للصادرات الى أكثر من النصف. كما ارتفعت، خلال الفترة ذاتها، المبيعات من باقي المواد الأخرى، وخاصة مواد التجهيز والاستهلاك. أما بالنسبة للواردات، فعقب فصلين متتالين من الارتفاع المسترسل، تراجعت قيمتها خلال الفصل الثاني من 2010، بما يعادل 0.2 %بالمقارنة مع الفصل الذي يسبقه. ويعكس هذا الانتكاس النسبي تطورا متباينا لأهم المنتجات المستوردة. وعموما، فقد ساهم ارتفاع الصادرات واستقرار الواردات في تحسن معدل التغطية ب 2.9 نقطة ، على أساس التغير الفصلي المصحح من تأثيرات التغيرات الموسمية، ليستقر في حدود 47.6 %خلال الفصل الثاني، كما انخفض العجز التجاري بحوالي 4.6 %خلال نفس الفترة.