في إطار المساندة الدائمة التي يقدمها المهرجان الدولي للشريط الوثائقي بأكادير للقضية الفلسطينية في كل دورة من دوراته الثلاث الماضية تمت في دورة هذه السنة برمجة فيلمين وثائقيين فلسطينيين قويين عرض أحدهما في حفل الافتتاح مساء يوم الثلاثاء الماضي، و عرض الفيلم الثاني في اليوم الموالي في إطار المسابقة الرسمية. الفيلم الأول يحمل عنوانا مركبا بالفرنسية" غزاستروف" الذي يجمع في تركيبته بين كلمتي "غزة" و "الكارثة"، و هو من إنتاج مشترك بين فلسطين و فرنسا و من إخراج سمير عبد الله و خير الدين مبروك. سبق للقناة الفرنسية "فرانس ô" خلال شهر فبراير الماضي أن عرضت هذا الفيلم الذي تستغرق مدة عرضه 54 دقيقة و الذي صور داخل قطاع غزة تحت إشراف مخرجيه اللذين تمكنا من الدخول إليه غداة توقف الهجوم الصهيوني الغاشم عليها يوم 18 يناير 2009 ، و قاما بتفقد أحوالها رفقة مناضلين إثنين من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بغزة، و أنجزوا هذه الوثيقة السينمائية التي تفضح بالصورة و الشهادات الحية هول الكارثة التي ارتكبها العدوان الصهيوني بمختلف أنواع أسلحته المتطورة الفتاكة و المحرمة دوليا في حق مواطنين مدنيين أبرياء و مزارعين عزل، و حول هول الدمار و الخسائر البشرية و المآسي و المعاناة الاجتماعية. الفيلم مؤثر و عنيف بصوره و الشهادات الموظفة فيه، و هو عبارة عن وثيقة و شهادة توضح مدى همجية و وحشية و لا إنسانية العدوان الصهيوني الذي استعمل أبشع الوسائل في قتل الصبيان و الأطفال و النساء و الرجال و الشيوخ و الحيوانات و النباتات. يتضمن هذا الفعل شهادات لأفظع جرائم الجيش الصهيوني التي لم تنقلها و لم تصورها مختلف وسائل الإعلام العالمية، جرائم يحكيها و يندد بها أبناء غزة صغارا و كبارا نجوا من القتل بعدما فقدوا أفرادا من أسرهم و من جيرانهم و أصدقائهم، ينددون بكل ذلك بدون بكاء أو عويل أو دموع، و يحكون عن ذلك متخلصين من الخوف بشجاعة و بمعنويات عالية و صمود و صبر و تشبث بوطنهم بالرغم من كون الصهاينة استعملوا في قتلهم و تشريدهم و تيتيمهم كل ما في إمكانهم من بطش و همجية و وحشية لا مثيل لها في تاريخ الإبادة الإنسانية. الفيلم الفلسطيني الثاني الذي عرض في هذا المهرجان يحمل عنوان"صداع" (FIX ME) للمخرج رايد أندوني، و هو من إنتاج مشترك بين فلسطين و فرنسا و سويسرا و تم تصويره خلال صيف 2008 برام الله و هو أقل بشاعة و تراجيديا و حدة من الفيلم الأول، و لكنه ينقل هو أيضا خلال 98 دقيقة معاناة نفسية عميقة ناتجة عن الخناق المفروض على الفلسطينيين من طرف الاحتلال الإسرائيلي، و يجسد هذه المعاناة بطل الفيلم المصاب بصداع في رأسه لا يفارقه، و الذي لجأ من أجل العلاج إلى طبيب نفساني طلب منه أن يحكي له عن ماضيه و عن أسرته و أصدقائه قبل و أثناء و بعد اعتقاله من طرف الجيش الإسرائيلي، و جعل منها بطل الفيلم مناسبة للحكي عن الواقع المعيشي المزري لآلاف الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم عن وطنهم و عن تاريخهم. يجمع هذا الفيلم بين الوثائقي و الروائي في تناول القضية الفلسطينية من زاوية أخرى و بطريقة غير مباشرة و مختلفة عن فيلم الأول (غزاستروف) تجمع بين الهزل الخفيف و المأساة النفسية و بكتابة سينمائية محكمة. كان هذا المهرجان إذن مناسبة للجمهور و لكل المشاركين فيه من داخل المغرب و خارجه مناسبة لاستحضار مأساة الإخوة الفلسطينيين و مناسبة للتعاطف معهم في محنتهم المستمرة اليومية ومعاناتهم اليومية في ظل غطرسة و وحشية العدوان الصهيوني الغاشم. ستختتم مساء يومه السبت الدورة الثالثة لهذا المهرجان بالإعلان عن نتائج المسابقة الرسمية التي شارك فيها 12 فيلما من بلدان و لغات و ثقافات مختلفة، و لم يكتف هذا المهرجان بعرض أفلام المسابقة الرسمية و توزيع الجوائز على أجودها فقط، بل عرضت فيه أيضا أفلام وثائقية أخرى تنفتح على قضايا إنسانية و اجتماعية و اقتصادية و فنية و غيرها من القضايا التي تشغل بال المجتمعات محليا أو وطنيا أو دوليا في عصرنا الحالي.