لم يتردد أعضاء لجنة الاختيار، في إطار فعاليات المهرجان الدولي للسينما بمراكش، في برمجة الفيلم الصهيوني أجنحة متكسرة (بروكين وينغس) للمخرج الصهيوني نير برغمان، ضمن 800 فيلم شاهدوها. واختاروا هذا الفيلم ضمن اللائحة النهائية، رغم معرفتهم بالصراع القائم في فلسطينالمحتلة، الأمر الذي يدل على أنهم فعلا كسروا بهذا الاختيار جناح الشعب الفلسطيني الذي يعاني الويلات من جراء الاعتداء الصهيوني اليومي على المدنيين الفلسطنيين العزل، كما كسروا بذلك أحد أجنحة حصار المقاطعة التي تقيمها الدول العربية ضد إسرائيل، وخطوا خطوة أخرى في درب التطبيع باسم الفن والثقافة. واعتبر العديد من المتتبعين أن المنظمين قدموا هذا الفيلم على أنه فيلم يحكي عن مأساة عائلة يهودية مقيمة بوطنها (فلسطينالمحتلة)، ويصف المعاناة التي تعيشها بعد وفاة معيلها، لكن الأخطر من ذلك هو أن الشريط يقدم العائلة على أنها تعيش في بلد تسوده حالة حرب مع الأعداء، كما يحاول إفراغ الصراع الفلسطيني الصهيوني من محتواه السياسي، ويقدم عالمية الإنسان ومعاناته ضد أي شعور وطني وإحساس بالانتماء للأمة! ومعلوم أن كاتب سيناريو أجنحة متكسرة، نير برغمان، حاز على جائزة صندوق ليبر، وفسرت لجنة التحكيم قرارها هذا بأن كتابة السيناريو للفيلم مميزة. وينتقل الفيلم بخبث مثير بين قصص مختلفة عن أبناء عائلة واحدة في حداد تمر بعملية معالجة، ويعرض بموهبة وسخرية وحساسية أوضاعاً نفسية متعددة تحبك قصة إنسانية عميقة ومؤثرة لعائلة يعيش بلدها حالة حرب. وقد عرض هذا الفيلم أمس الثلاثاء ضمن المهرجان الدولي للسينما لمراكش بقصر المؤتمرات، الذي يوجد تحت حراسة أمنية مشددة جدا (عكس قاعات العرض الأخرى). والفيلم تمجده الأوساط الصهيونية باعتباره يمثل الثقافة الوطنية الصهيونية، ويدل على ذلك فوزه الأكبر في حفل توزيع جوائز الأكاديمية الصهيونية للسينما، وقامت ببثه القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني، وحصد تسع جوائز منها: جائزة الفيلم الأفضل والمخرج الأفضل وكاتب السيناريو الأفضل وأفضل ممثلة وأفضل ممثلة ثانوية. كما حصل فيلم أجنحة متكسرة على جائزة وولجين للسينما الصهيونية التي منحت في إطار مهرجان السينما في القدسالمحتلة، وتقاسم جائزة قدرها 180 ألف شيكل المخرج نير بيرغمان والمنتج أساف أمير، كما حظي الفيلم بمنحة تسويق قدرها 250 ألف شيكل، مما مكن مخرجه من عرضه في أوروبا وأمريكا وإفريقيا وضمنها المغرب. وفي تعليق مثير، كتبت إحدى الفلسطينيات المتصفحات لموقع صحيفة يدعوت أحرنوت الصهيونية على الأنترنيت، معلقة على هذا الفيلم، مقالا صغيرا تحت عنوان فلسطين الضائعة >إنه فيلم إسرائيلي ينشر المأساة الإسرائيلية، وسوف ينشر في كافة أرجاء المعمور، ويستدر عطف العالم الغافل عن هذا الجزء من العالم<. وفي السياق ذاته اختار أعضاء لجنة الاختيار برمجة هذا الفيلم، في حين أن الأوساط الصهيونية أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد أن عرفت أن فيلما فلسطينيا مرشح لجائزة الأوسكار هذه السنة، وحينها أعلنت الأكاديمية الأمريكية للسينما تأجيل موعد نشر قائمة الأفلام المرشحة للمنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي لعام .2003 وكان من المفروض أن تنشر قائمة الأفلام المتنافسة على هذه الجائزة، في غضون الأسبوع الماضي، عبر الموقع الرسمي لجائزة الأوسكار. أما فيلم الفلسطيني إيليا سليمان يد إلهية، فقالت الصحف الإسرائيلية إنه فيلم مثير للجدل هو الآخر، وهذه هي المرة الأولى التي ترشح فيها فلسطين فيلما للجائزة، وهو يحكي قصة حب بين شابين من القدس ورام الله، تفصل الحواجز العسكرية بينهما. وأشارت إلى أن لجنة الأوسكار ما زالت غير معترفة بفلسطين كدولة. وكشفت بعض المصادر المطلعة أن برمجة هذا الفيلم الصهيوني ضمن فعاليات مهرجان فني عربي، تمت برغم معارضة بعض الأوساط الفنية اليهودية. أما في إطار الأفلام الوثائقية، فقد تم عرض فيلم رياح الصبا تسلسل مغربي للمخرج الصهيوني دافيد بن شطريت، في مهرجان محلي، بدعوة أن هذا الفيلم سيثير نقاشا حادا حيال مقولات في الفيلم قد تثير انقسامات في المجتمع الصهيوني، لأنه يعرض لقضية اضطهاد وكفاح الطائفة المغربية في المجتمع الصهيوني!! إضافة إلى ذلك اختارت لجنة الاختيار في مهرجان السينما بمراكش برمجة عرض فيلم وثائقي من توقيع المخرج الأمريكي المشهور أوليفر ستون تحت عنوان شخص غير مرغوب فيه ذمََُّْف ََُ اْفُّف. وكانت شاشة العربية قد عرضته كذلك، وقيل إنها نجحت في سبقها التلفزيوني هذا في شد أنظار المثقفين وعشاق السينما إليها من خلال عرضها لهذا الفيلم. كما قيل إنه من المهم لنا في العالم العربي أن يهتم مخرج عالمي مثل ستون بإنجاز وثائقي حول الصراع الفلسطيني الصهيوني. وفي هذا الفيلم، نلمس منذ بدايته توق المخرج أوليفر ستون إلى فهم عمق المشكلة وأسبابها من خلال المشاهد الواقعية ومقابلاته مع بيريز وباراك ونتنياهو، واللافت بين كل هذه اللقاءات هو تقديم هذه الوجوه البشعة في قاعات السينما المغربية، رغم أن المخرج تمكن من مقابلة ثلاثة أفراد من كتائب شهداء الأقصى معصوبي العيون، وكان مثيرا للجميع كيف لخص أحدهم معاناة الشعب الفلسطيني، حين قال للمخرج ما معناه: >ماذا تفعل عندما يهدم بيتك وتؤخذ أرضك ويقتل أحباؤك، ألا تصبح مثلي؟ وأجابه ستون: بلى. ثم سأله المخرج: من أين تأتون بالسلاح، فأجابه: من أحد الحراس الإسرائيليين!!(لقاء المال). وخلال خمسة أيام، صور ستون ببراعته هذا الفيلم الوثائقي، لكنه صوّر بعيون أجنبية، إذ لم يفهم العديدون حقيقة ما يود أن يقوله المخرج للعالم أجمع، على اعتبار أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب فلسطيني مضطهد وأرض محتلة، لا كما صورها المخرج صراع بين طرفين يريد كل واحد أن ينتزع حق الآخر في الحياة والعيش الكريم. واعترف ستون أنه كان غير موضوعي في عمله بسبب خوفه على أولاده، ورغم ذلك لم يعترف شارون بهذا التصوير ورفض مقابلة ستون الذي قال في حقه إن شارون دمر إسرائيل كما دمر فلسطين. عبد الغني بلوط / مراكش