يظهر أن حكام الجزائر ليسوا من طينة من يتعظون بالأحداث و الوقائع التاريخية،ولعل ذلك ما جعل الشعب الجزائري يؤدي الفاتورة باهظة على مستوى الاختيارات التنموية للجارة الشقيقة خاصة في الميدان الاجتماعي،بتغليب اختيارات إيديولوجية عفا عنها الزمن قائمة على محاولة إبراز قوة وهمية بالسباق نحو تسلح غير مفهوم في ظل وضع داخلي مطبوع بكل ألوان الأزمات المتتالية،وباعتماد مبدأ المقايضة أحيانا أخرى في المواقف، و اللجوء إلى محاولات شراء بعض الذمم المغلوبة على أمرها، وبذلك ضيعت الجزائر فرصا مهمة للتطور الداخلي من جهة،وأصبحت حاجزا حقيقيا أمام بناء مغرب عربي موحد في قيمه الروحية،متكامل من الناحية الاقتصادية، ومندمج اجتماعيا. حكام الجزائر الذين انكشفت أوراقهم بوضوح تام اليوم من خلال قضية السيد مصطفى ولد سلمى،التي تعتبر واحدة من آلاف الوقائع التي تؤكد الرغبة الدفينة لبعض رموزالنظام الجزائري في نسف الاستقرار ببلادنا، ومن خلاله نسف استقرار المنطقة،عن طريق دمية متهالكة إسمها»البوليساريو»، وقضية مصطنعة كلفت بلادنا و المنتظم الدولي و الجزائر نفسها سنوات من الهدر السياسي توج كالعادة بهزيمة جديدة للتصورات الجزائرية. تاريخنا المؤلم مع الجارة الشقيقة ليس وليد اليوم،رغم أن بلادنا حققت مكاسب على الأرض في كل المعارك التي حركتها الجزائر منذ فجرالاستقلال إلى اليوم. إن أشقائنا في الجارة الجزائر لازالوا لم يستوعبوا بعد أن قوة المغاربة في وحدتهم المتماسكة، اتجاه القضايا الجوهرية و الأساس،كما لم يستوعبوا أن النضج الذي تباشر به السياسة الخارجية ببلادنا قائم على الرزانة و المسؤولية،و الحرص قدر الإمكان على الحفاظ على الروابط التاريخية للشعبيين،دون أن يعني ذلك أن هناك إستعدادا للتفريط في كل ما يمس السيادة الوطنية بكل مظاهرها. لن نذكر أشقائنا المتربعين على السلطة في الجزائر بنتائج حرب الرمال أو أمغالا،كما لن نذكر أشقائنا بما تلقوه من هزائم متتالية في ملتقيات دولية شبابية وشعبية سواء من طرف الأحزاب الوطنية الديمقراطية،أو المنظمات الشبابية الحزبية الوطنية في مختلف التظاهرات بما فيها المهرجان العالمي للشباب و الطلبة الذي احتضنته الجزائر نفسها،ولن نذكر أشقائنا بالهزائم المتتالية داخل أروقة هيئة الأممالمتحدة،وخاصة على مستوى اللجنة الرابعة،ولجنة حقوق الإنسان،كما لن نذكر أشقائنا أن بلادنا،ورغم استطاعتها ذلك، لم تدعم أي مشروع انفصالي سواء في الجزائر أو في غيرها،ونحن نعلم علم اليقين مطالب ساكنة مناطق القبايل الجزائرية،ولن نذكر أشقائنا أن إسبانيا حينما كانت تستعمر صحرائنا،كانت تسميها في وثائقها الرسمية التاريخية صحراء إفريقيا الغربية،وليس الصحراء الغربية كما يشاع حاليا،ولن نذكر أشقائنا أن المغرب لم يفتح ملف الصحراء الشرقية بكل دلالاته ومعانيه،ليس ضعفا وإنما رغبة في استمرار قيم رجالات الحركة الوطنية الذين رفضوا التفاوض حول مجمل الأراضي المغربية مع فرنسا باعتبارها محتلة بطريقة غير شرعية،وتمسكوا باستقلال الجزائر ليكون التفاوض مع أصحاب الأرض و السيادة،إنها شذرات من تاريخ مملوء بالوقائع التي تؤكد الإصرار الجزائري على عض اليد التي مدت إليها بنية خالصة،ورغم كل هزائم الجارة الشقيقة في معاركها المصطنعة ضد بلادنا فإن الأمل مازال معقودا على الأجيال القادمة،والأصوات الوطنية الجزائرية الرصينة لفتح صفحة جديدة متجددة قوامها جوار مبني على الثقة و التآزر،ومغرب عربي قوي مؤثر بما يزخر به من إمكانيات وطاقات خلاقة مبدعة. [email protected]