إذا كان التشريع في بلادنا يهدف إلى تنظيم العلاقات بين الناس ويضع المساطر التي يجب إعتمادها من أجل تحقيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفق قواعد متعارف عليها لضمان الحقوق. فإن القانون بعد إجماع ممثلي الأمة يصبح ملزما للجميع لكي يأخد به لتنفيذه. وتوضع من أجل تطبيقه المراسيم التنظيمية ، حيث تجتهد الجهات المختصة وفق ما خول لها من إمكانيات القراءة الصحيحة لنصوص فصوله بغية تحقيق روح العدل والمساواة التي تتمثل في النص قانونيا. وإذا كان هذا القانون يحمل ظلماً أو تشوبه نقائص أو أصبح متجاوزاً مثلما نجد في القوانين التي كان معمولا بها منذ فترة الحماية فإنه يراجع أو يخضع للتجديد وفق المساطر القانونية من طرف المؤسسة التشريعية كما تعتمد الادارة على إصدار القرارات والمذكرات لتنظيم سير عمل الادارة وفق رؤى التوحيد والشمولية من أجل السمو بالقطاعات، وإعطائها كافة المستلزمات خدمة للصالح العام. وقد اعتمدت بلادنا سياسة الاصلاح لأجل تحقيق رغبات منشودة من طرف الجميع لنساير التغييرات العالمية وتحقيق التنمية خدمة للمواطنين جميعا. لكننا اليوم نجد بعض القرارات والمذكرات الصادرة من طرف الجهات المسؤولة عن التربية التكوين في بلادنا تجانب العدالة والمساواة وتجعل المسؤولين ينظرون إلى الأمور وفق قرارات خاصة ولا تمت إلى المصلحة العامة بصلة. وهذا ما نلمس في المذكرة الإطار رقم 97 التي تحمل حيفا في حق شرائح من رجال ونساء التعليم وتضرب بعرض الحائط آمال تحقيق الاصلاح الشامل الذي ننشده لبلادنا. إن المذكرة رغم كونها تحمل نقائص وألحقت أضرارا بفئات عريضة من رجال ونساء التعليم لازالت معتمدة منذ 2006 لتنظيم الحركة الانتقالية الجهوية وقد إدعت الجهات التي أصدرتها أنها وضعت من أجل تحقيق رغبات الالتحاق بالأزواج وهذا أمر منافي للواقع لأنها تعتمد على مقاييس للتنقيط وتستثني 3 فئات. إن هذه المذكرة الإطار تعطي الحق للأساتذة المبرزين وحاملي الشهادات الجامعية العليا. على حساب أساتذة أفنوا حياتهم في مؤسسات تعليمية خدمة للتربية والتكوين. ولهذا أقول للمسؤولين على التربية والتكوين في بلادنا ومن أجل مواصلة الاصلاح وتحقيق الشعارات التي تنادي بها الوزارة يجب مراجعة أمر هذه المذكرة للأسباب التالية: إن التفوق في مجال التربية والتكوين بمراكمة التجارب وليس بالشهادات. والخبرة والكفاءة في هذا القطاع الحيوي تتفوق على الشهادة ليس مثل قطاعات أخرى إن كثيرا من أصحاب الشهادات الجامعية العليا الذين إلتحقوا بقطاع التربية والتكوين هم في سن مبكرة. وعليهم مراكمة التجارب في القسم والاستفادة في خبرات الاساتذة القدامى، وهذا الامر تحث عليه بعض المذكرات التنظيمية الموجهة للإدارة عندما يستثنى الجدد من بعض المسؤوليات والمهام. مثل عدم إسنادهم مهام تدريس الاقسام النهائية. إن المذكرة الاطار فيها تعسف إداري في حق نخبة من رجال ونساء التعليم فكيف يصبح من إلتحق منذ سنة أو سنتين أن يبقى داخل المؤسسة التي عين فيها، وينقل من قضى أكثر من 24 سنة إلى مؤسسة أخرى. إن عملية التنقيل التعسفي الذي تعتمده الإدارة باعتماد هذا الشكل من المقاييس لتحديد الفائض وتدعى فيه أنه من أجل المصلحة يلحق الاضرار النفسية والمادية بالدين يشملهم مثل هذا الاجراء. إن كثيرا من السادة المفتشين والمسؤولين الإداريين بكثير من المؤسسات التربوية يعبرون عن إمتعاضهم من هذه المذكرة ولايجدون من حل، لأنهم مجبرون على تنفيذها، وهم في قرارات أنفسهم لايوافقون على مضمونها باعتبارهم ملمين بخبايا الامور تربويا بحكم معاشرتهم لأصحاب الكفاءات التربوية داخل المؤسسات (ويمكن أن نجد كل مسؤول منهم يروي نوادر في الموضوع بخصوص ضعف التجربة والكفاءة عند أصحاب الشهادات الجامعية العليا) إن المذكرة لو أخضعت الجميع دون الاساتذة المكلفين بالمهام الإدارية للتنقيط الذي يستوجب تنقيل الفائض لكانت تحمل بين طياتها العدل والانصاف والمساواة. إن المذكرة الإطار رقم 97 فيها إحباط نفسي لرجال ونساء التعليم، ولايمكن إصلاح التعليم بوضع مثل هذه المذكرات التي تجانب العدل والمساواة بين فئات تعمل في نفس المستوى من النشاط وهو التربية والتكوين، وكان من اللازم إعتماد هذا المقياس في تحمل المسؤولية بإثبات الكفاءة بعد الخضوع للمعاينة تحت إشراف لجنة مسؤولة. أما إعتماد التنقيل على مثل هذا المقياس الذي وضع وفق فكرة تتدخل فيها المزاجية وليس النظرة الموضوعية لحل المشاكل أو إعتماد المساطر الصحيحة فإنه لايخدم التربية والتكوين. إن المذكرات والقرارات ليست قوانين تستوجب مساطر مراجعتها تعقيدات إدارية، والاخطاء الإدارية يمكن تداركها وإصلاح جوانب الخلل فيها، والنزاهة الفكرية والموضوعية تفرض على الجهات المسؤولة القيام بتصحيح الاخطاء وإصدار التصحيحات اللازمة للقرارات والمذكرات لأن القوانين والنظريات القديمة نفسها خضعت للتعديل والتصحيح.