بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، وزير الخارجية السابق لبيرو: الجمهورية الصحراوية المزعومة لا وجود لها في القانون الدولي    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بريطانيا بين مطرقة الأزمات الاقتصادية وسندان الإصلاحات الطموحة    الجزائر والصراعات الداخلية.. ستة عقود من الأزمات والاستبداد العسكري    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة        "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريح الوزير الأول عباس الفاسي أمام البرلمان
نشر في العلم يوم 19 - 05 - 2010

لسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
السيدات والسادة الوزراء؛
إنه لاعتزاز كبير أن أقف اليوم أمام مجلسكم الموقر لاستعراض ومناقشة آفاق العمل الحكومي مستقبلا، والوقوف في نفس الوقت على ما تم إنجازه بعد سنتين ونصف من تنصيب هذه الحكومة.
ولا حاجة لي للتأكيد على أن هذه المبادرة تأتي في سياق التزامنا السياسي الرامي إلى تأصيل التقاليد الديمقراطية في الحياة السياسية المغربية، نظرا للتقدير الذي تكنه الحكومة للمؤسسة التشريعية، وللرغبة في دعم آليات الحوار الهادف، والتواصل البناء بين الحكومة ومجلس النواب كمؤسستين تربطهما علاقات دستورية وسياسية واضحة، وتشتغلان وفق توازن وتكامل للسلط، وتفاعل إيجابي يعطي لمجالات التشريع والرقابة أبعادا ديمقراطية حقيقية في تنسيق تام مع مكونات الأغلبية، وفي إنصات عميق لمواقف المعارضة والاستجابة الصادقة لكثير من ملاحظاتها. ولذا فإنني سأحرص على تقديم حصيلة العمل الحكومي وآفاقه، على أن المنهجية التي اعتمدتها تتجاوز سرد حصيلة القطاعات الوزارية إلى مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار، محاور الإصلاحات الكبرى والآثار التي تحققت على أرض الواقع، وآفاق العمل الحكومي، معززين ذلك بالأرقام والبيانات الضرورية.
أولويات تبني مستقبلا واعدا للمغرب
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد عرف العالم خلال السنتين الأخيرتين ظرفية اقتصادية استثنائية تمثلت في أزمة الغذاء، وأزمة البترول، والأزمة المالية والاقتصادية العالمية ، وقد كان لكل ذلك تداعيات على بلادنا، وهو ما جعل الحكومة تركز عملها على عدة أولويات:
فبالإضافة إلى الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها الوطنية، باعتبار قضية الصحراء المغربية القضية المصيرية الأولى للوطن والأمة، ومواصلة تعزيز الاختيار الديمقراطي ببلادنا، وتثبيت دولة الحق والقانون، عملت الحكومة أولا على إرساء الميثاق الاجتماعي الجديد لضمان الارتقاء الاجتماعي للمواطنين وتحسين ظروف عيشهم؛ وعملت ثانيا على دعم وتيرة النمو والتشغيل من خلال تقوية الطلب الداخلي وتكثيف الاستثمار العمومي والخاص وإنعاش الصادرات؛ وقامت ثالثا بتسريع الإصلاحات الهيكلية وتفعيل السياسات القطاعية الجديدة بهدف الرفع من جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين الحكامة والحفاظ على البيئة؛ وحرصت رابعا على تقوية السياسات الجهوية بهدف تحسين التوازن المجالي والنهوض بالعالم القروي.
وفي هذا السياق، فإن بلادنا تبني بثبات مستقبلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، في ظل الاختيارات الديمقراطية الكبرى التي تؤسس لمغرب حديث قوي وديمقراطي، وما زلنا نواصل اليوم بكل عزم وإرادة المنحى الإصلاحي الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره، والذي يروم تعزيز الاختيار الديمقراطي وتقوية البناء المؤسساتي، وترسيخ دولة الحق والقانون، وضمان حقوق الإنسان وصيانة الحريات العامة، وإعادة الاعتبار للشأن السياسي، ومواصلة الأوراش الكبرى والسياسات القطاعية المندمجة، وتكريس النهج الاجتماعي في السياسات العمومية، لبناء مجتمع متماسك ومتضامن، يوفر المواطنة الكاملة والعيش الكريم.
نهج الحكامة السياسية والديمقراطية التشاركية
وتماشيا مع روح هذا التوجه الإصلاحي، وانطلاقا من قناعاتنا السياسية، قمنا باعتماد الحكامة السياسية كأسلوب لتأطير العمل الحكومي، من خلال مجموعة من المبادئ والقواعد نجملها فيما يلي:
أولا: الحرص على أجرأة التوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في مجال الإصلاحات الكبرى.
ثانيا: الحرص على تنفيذ التصريح الحكومي الذي صادق عليه مجلس الوزراء، وأخذت الحكومة في إعداده بعين الاعتبار، مضامين البرامج الانتخابية التي قدمتها الأحزاب السياسية المشكلة لها، لنعطي معنى للمشاركة السياسية ولأهمية الفعل الانتخابي في المسار الديمقراطي ببلادنا، في تناغم تام مع رؤية جلالة الملك حفظه الله.
ثالثا: تقوية التضامن الحكومي، حيث تشتغل الحكومة في انسجام تام بين جميع مكوناتها وبروح من المسؤولية الوطنية والأخلاقية في جو من الاحترام المتبادل والتعاون. وهناك ملفات يتم التداول فيها في إطار فرق عمل وزارية لإحكام التنسيق توخيا للنجاعة والفعالية وفي منأى عن أي تنازع في الاختصاص بين أعضاء الحكومة.
رابعا: اعتماد أسلوب الديمقراطية التشاركية، حيث تنفتح الحكومة على الأحزاب السياسية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، وعلى الفرقاء الاجتماعيين والفاعلين الاقتصاديين، للإصغاء إلى وجهات نظرهم، وإشراكهم بقرار ملكي سام في القضايا الكبرى، كقضية وحدتنا الترابية، أو الجهوية، ومناقشة الاختيارات الحكومية الهامة، سواء في إطار مشروع قانون المالية، أومشاريع القوانين ذات الأهمية البالغة، سواء في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي، أو في إطار لجنة اليقظة الإستراتيجية لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، أو من خلال اللجنة الوطنية لتحسين مناخ الأعمال.
استكمال بناء الصرح الديمقراطي والمؤسساتي
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد انخرطت الحكومة في مسلسل استكمال بناء الصرح الديمقراطي والمؤسساتي والدستوري للدولة، وقد اعتمدنا استراتيجية طموحة تهدف إلى إعادة هيكلة وظائف وبنيات الدولة على ضوء أدوارها الجديدة، وتقوية اللامركزية بترسيخ الديمقراطية المحلية، وإقرار الاختيار الجهوي كاختيار اقتصادي في السياسات العمومية، والشروع في إصلاح نظام اللاتركيز الإداري حتى يستطيع مواكبة التحولات التنموية المحلية، والاستعداد لمشروع الجهوية الموسعة التي نادى بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
تقوية اللامركزية وترسيخ الديمقراطية المحلية
وفي هذا الإطار، وبمناسبة إجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم والانتخابات المهنية والجهوية داخل أجلها القانوني، كان هاجسنا الأساسي، تقوية وتطوير نظام اللامركزية، وتوطيد الديمقراطية المحلية ببلادنا، حيث قمنا بإصلاح الميثاق الجماعي، باعتماد حكامة جديدة لتدبير الشأن الجماعي عبر تعديل مدونة الانتخابات، وضمان المشاركة السياسية الواسعة للمرأة في المجالس الجماعية عن طريق إحداث دوائر إضافية مخصصة للنساء، حيث انتقلت نسبة تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة من 5,0% سابقا، إلى 3,12%.
وقد بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 4,52%، وهي نسبة تؤشر على المشاركة الواسعة للمواطنين في هذا الاستحقاق. كما أفرزت هذه الانتخابات نخبا محلية جديدة، وأتاحت الفرصة أمام الشباب لتدبير الشأن المحلي، إذ انتقلت نسبة الشباب المنتخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، من 16% سنة 2003، إلى 18% خلال اقتراع سنة 2009، وذلك بفضل تخفيض السن القانوني للترشيح من 23 إلى 21 سنة.
وفي إطار التوجه الحكومي نحو دعم وتقوية اللامركزية، وبهدف تقوية دور الغرف المهنية وتعزيز موقعها المؤسساتي، بادرت الحكومة إلى إصلاح نظام غرف الصناعة التقليدية، والغرف الفلاحية، وقريبا غرف التجارة والصناعة والخدمات.
وعلى مستوى الجهوية، اعتمدت الحكومة أسلوب الحكامة المجالية في تدبير المشاريع القطاعية، من خلال البرامج التعاقدية مع الجهات كأسلوب جديد في تدبير الشأن العام، وإشراك مختلف جهات المملكة في أجرأة السياسات العمومية الجهوية والوطنية. وسنستمر في أجرأة هذا الأسلوب تمهيدا للجهوية الموسعة التي تنشدها بلادنا.
تعزيز البناء الديمقراطي وتفعيل المؤسسات الدستورية
وعلى مستوى تفعيل المؤسسات الدستورية، بادرت الحكومة إلى إصدار القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي بناء على توجيهات جلالة الملك؛ وأغتنم هذه المناسبة لأنوه بالمساهمة المتميزة لمجلسي البرلمان في مناقشة وإغناء مشروع القانون التنظيمي المتعلق بهذا المجلس، الذي سيمكن من إعطاء دفعة قوية لمختلف المبادرات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
والحكومة عازمة على مواصلة هذا المنحى التحديثي. وفي هذا الصدد، ستقوم الحكومة في الوقت المناسب، بإجراء استشارات مع الفرقاء السياسيين من أجل بلورة إصلاحات سياسية بناءة تتوخى عقلنة المشهد السياسي والحزبي، وتخليق العمليات الانتخابية، وتقييم وتقويم ضوابطها، بغية إقرار الحكامة السياسية، وتحصين المكتسبات، وإعادة الاعتبار للشأن السياسي حتى يكون المغرب هو الفائز السياسي الأول في استحقاقات 2012 بحول الله.
الجهوية الموسعة : اختيار استراتيجي
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
إن بلادنا ماضية في بناء صرحها الديمقراطي وتعزيز وتقوية مؤسساتها الدستورية، وإقرار حكامة مؤسسات الدولة. ونحن مقبلون على أوراش هيكلية كبرى ستعيد صياغة علاقة الدولة بباقي الوحدات الترابية على أساس التكاملية في الوظائف، وتدبير القرب، وفي طليعتها ورش الجهوية الموسعة الذي نادى به جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وإن إحداث جلالة الملك للجنة ملكية استشارية لإعداد نموذج مغربي مغربي حول الجهوية الموسعة، لمبادرة تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى التحولات العميقة التي سيحدثها هذا المشروع على مستوى تطبيق اللامركزية ببلادنا، وما سيتيحه من إقرار حكامة جديدة لهياكل الدولة، ونهج تنمية جهوية حقيقية تستجيب للرهانات الاقتصادية والحاجات الاجتماعية والثقافية للمواطنين.
إصلاحات مواكبة للجهوية الموسعة
ولذا فإننا سنعمل خلال الأمد المنظور على تعزيز الاختيار الديمقراطي ببلادنا، بالعمل على تقوية اللامركزية، والاستجابة بالسرعة ودون التسرع لورش الجهوية الموسعة، وإعداد مشروع اللاتركيز الإداري الذي سيعيد صياغة علاقة الإدارة المركزية بالإدارات اللاممركزة، بإعادة النظر في الإطار المؤسساتي والتنظيمي والوظيفي للإدارة المغربية على نحو يعاضد ويتكامل فيه مع مشروع الجهوية الموسعة، ويستجيب لضرورات التنمية المحلية، عن طريق تقوية الإدارات اللاممركزة بنقل اختصاصات لفائدتها، واعتماد لاتركيز الموارد البشرية واللاتركيز المالي، وتمتين فاعلية الإدارة اللامتمركزة، وخلق أقطاب وظيفية متخصصة، والرفع من مستوى تناسق عمل الدولة على المستوى الترابي، و تحسين الحكامة المحلية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإننا مقبلون على العديد من الإصلاحات الأخرى المواكبة للجهوية الموسعة، كتعديل القانون التنظيمي للمالية وباقي النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وصياغة مشروع إعادة انتشار الموظفين.
أفق واعد لمشروع الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد عرفت قضية وحدتنا الترابية في السنين الأخيرة تطورات مهمة تتجه كلها نحو تعزيز موقع المغرب في المحافل الدولية والإقليمية، بفضل التجاوب الإيجابي الواسع مع مبادرة جلالة الملك الرامية إلى تمتيع الأقاليم الجنوبية بالحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها الوطنية؛ وهي مبادرة جادة وذات مصداقية كما وصفها مجلس الأمن وجل الدول الوازنة، ومتطابقة مع الشرعية الدولية، وهناك اقتناع راسخ لدى أعضاء مجلس الأمن بجدية المقترح المغربي للحكم الذاتي كحل سياسي نهائي وواقعي لهذا النزاع المفتعل. وهكذا فقد انتقل الأمر على صعيد المنتظم الأممي، من الحديث عن مخططات غير قابلة للتطبيق وقائمة على صيغ وأساليب متجاوزة، إلى الحديث عن حل سياسي نابع من التفاوض، مبني على الواقعية وروح التوافق. كما أن هنالك اقتناعا واسعا لدى المجتمع الدولي بالمسؤولية المباشرة والواضحة للجزائر في هذا النزاع المفتعل، بما لذلك من تأثير سلبي على العلاقات الثنائية، ومسار الاندماج المغاربي.
إحباط مخططات خصوم وحدتنا الترابية
وأمام تماسك وصلابة الجبهة الداخلية لبلادنا التي تواصل التعبئة وراء جلالة الملك، بكل ثبات وإيمان بعدالة قضيتها، لتثبيت المشروعية القانونية والتاريخية لقضية صحرائنا المقدسة التي اعتبرها جلالة الملك محمد السادس نصره الله « قضية وجود لا مسألة حدود»، وأمام المصداقية الواسعة التي حظيت بها المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، لجأ خصوم وحدتنا الترابية إلى اختلاق ورقة حقوق الإنسان للتشويش على المقترح المغربي، وهو الأمر الذي تفطن له مجلس الأمن في قراره الأخير رقم 1920، حيث وافق على تمديد مهمة المينورسو لسنة أخرى، وقام بتعزيز المسار التفاوضي، وتأكيد ما نصت عليه قرارات مجلس الأمن خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ورفض كل المحاولات الهادفة إلى تقويض الدينامية الإيجابية التي خلقتها مبادرة الحكم الذاتي، من خلال التوظيف اللاأخلاقي والمغرض لحقوق الإنسان.
وضع مأساوي لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف
وفي هذا الصدد، فإن المغرب الذي حقق مكاسب هامة في مجال احترام حقوق الإنسان، حتى أضحى نموذجا يحتذى به في مجال العدالة الانتقالية، لن يقبل بأي مزايدات من أي كان في هذا الإطار، ولن تستطيع بعض الحالات المعزولة والاستفزازات الفردية المأجورة التي تدخل في إطار استراتيجية مفضوحة، حجب أنظار العالم بتاتا عن الوضع الجماعي المأساوي للسكان المحتجزين بمخيمات تندوف، الذين يتعرضون لأبشع مظاهر الاضطهاد والقمع، ومصادرة الحريات، والتهجير القسري للأطفال، والاعتداءات المتكررة في حق النساء، والمتاجرة في المساعدات الإنسانية. وأمام هذا الوضع المأساوي، لم تسمح الجزائر حتى بتسجيل وإحصاء هؤلاء السكان من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ولم تسمح للمفوضية بالقيام بالاستجواب الفردي للمحتجزين، للتعبير عن حقهم المشروع في العودة إلى الوطن الأم.
مكاسب متزايدة للمغرب
وعلى مستوى آخر، ورغم الطوق العسكري المضروب على المواطنين ومصادرة حرياتهم في التنقل، فقد التحقت بأرض الوطن أفواج من المحتجزين بمخيمات تندوف، خاصة الشباب منهم، بعدما تبين لهم زيف أطروحة الانفصاليين وهراء ادعاءاتهم.
وعلى الصعيد الدولي، وبفضل المجهودات الدبلوماسية، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، تعزز الموقف المغربي على المستوى الدولي والإقليمي ، حيث تراجعت الأطروحة الانفصالية، سواء فيما يتعلق بمواقف العديد من الدول، خاصة الإفريقية، أو على صعيد المنتديات الدولية، كحركة عدم الانحياز ، أو في إطار مسارات التعاون بين إفريقيا وبعض الدول والمجموعات الإقليمية.
ولقد أعطت دينامية العلاقات الدبلوماسية مع محيطها الدولي، مكانة متميزة لبلادنا في المحافل الدولية، بفضل الرؤية السديدة والمتبصرة لجلالة الملك الذي قدم حلا سياسيا وواقعيا لفض هذا النزاع المفتعل. وعلى العموم، وكما قال جلالته، «فالمغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها».
وفي هذا السياق، فإننا مدعوون جميعا، حكومة وبرلمانا وأحزابا سياسية ونقابات ومجتمعا مدنيا وجميع مكونات الشعب المغربي، إلى التحلي بمزيد من اليقظة وتكثيف الجهود على مستوى الدبلوماسية الرسمية والشعبية، في تناسق محكم ومترابط لإضفاء مستلزمات المناعة والحيوية والتعبئة الدائمة على جبهتنا الداخلية، ولدحض الطروحات البالية لأعداء وحدتنا الترابية.
وإنني لأغتنم هذه المناسبة لأقف وقفة تقدير وإكبار لجلالة الملك نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، منوها بروح التفاني والشجاعة والتضحية التي تتحلى بها القوات المسلحة الملكية وقوات الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة، وما تقوم به من تضحيات في سبيل الدفاع عن وحدة الوطن وصيانة أمنه واستقراره، مستحضرا ومترحما على الأرواح الطاهرة لشهدائنا الأبرار، عسكريين ومدنيين، الذين افتدوا بأرواحهم حوزة الوطن، ووهبوا حياتهم ذودا عن وحدته الترابية.
وفي موضوع سبتة ومليلية المحتلتين، فإننا ندعو الصديقة إسبانيا إلى الحوار مع المغرب من أجل إنهاء احتلال هاتين المدينتين المغربيتين والجزر السليبة المجاورة لهما، وفق منظور مستقبلي يأخذ بعين الاعتبار، المصالح المشتركة للبلدين والحقائق الإستراتيجية والجيو سياسية الجديدة، التي تجعل تجاهل حق المغرب في استرجاعها، لا يساير روح العصر، وعلاقات حسن الجوار والشراكة الإستراتيجية بين المملكتين المغربية والإسبانية.
انخراط كلي وراء جلالة الملك لنصرة القضية الفلسطينية
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة المحترمين؛
تواصل المملكة المغربية، في إطار الرؤية السديدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس لجنة القدس، عملها الدؤوب في نصرة القضايا العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حيث تواصل الدبلوماسية المغربية التحرك من خلال واجهتين أساسيتين: واجهة سياسية وفق خطة قوية ومتماسكة لحشد التأييد الدولي الضروري للوقوف ضد مخططات التهويد والاستيطان والعزل والضم والحصار العدواني على الشعب الفلسطيني الشقيق، وضد تغيير وضع وطبيعة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. كما تتحرك بلادنا عبر واجهة ميدانية بواسطة تقديم الدعم المباشر في المجالات الإنسانية والعمرانية والاجتماعية والصحية والتعليمية لمساندة الشعب الفلسطيني، والمساهمة الفاعلة في بيت مال القدس الشريف للمحافظة على الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس الشريف ومنع تهويدها.
وإن المملكة المغربية لمتمسكة بموقفها الداعم لخيار السلام والداعي إلى التحرك المتواصل والفعال وفق مبادرة السلام العربية باعتبارها حلا واقعيا ومسؤولا لإنهاء احتلال كافة الأراضي العربية.
الدعوة إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي
وتبذل الدبلوماسية المغربية جهودا حثيثة من أجل تقوية علاقاتنا مع الدول العربية والإسلامية وتحديث أساليب العمل المشترك لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وهو ما يترجم تزايد حجم المعاملات التجارية والاقتصادية للمغرب مع هذه الدول، سواء في إطار اتفاقية أكادير للتبادل الحر، أو في إطار التعاون الثنائي مع مختلف شركائنا.
وفي هذا الصدد، فإن المغرب يؤكد التزامه بمواصلة العمل من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي، على أسس الجدية والمصداقية، مجددا حرصه القوي على تشييد مستقبل مشترك يقوم على احترام مستلزمات السيادة والحوزة الترابية للدول، ومراعاة متطلبات حسن الجوار. وبهذه المناسبة، ندعو الجزائر الشقيقة إلى فتح الحدود والانكباب معا على توفير الشروط الكفيلة بتحقيق التنمية والتقدم لشعوب منطقة المغرب العربي.
تعزيز حضور المغرب في إفريقيا
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة المحترمين؛
لقد جعلت الرؤية السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من التعاون جنوب-جنوب، محورا استراتيجيا في علاقات المغرب مع محيطه. فبالإضافة إلى الحضور المتزايد للمغرب في دول آسيا وأمريكا اللاتينية، استطاع المغرب أن يعود اليوم بقوة إلى إفريقيا، وأن يؤثر إيجابيا في مختلف القضايا والملفات الإفريقية الكبرى، بفضل الدور الحيوي الذي يلعبه في مجال فض النزاعات وتعزيز التلاحم بين الشعوب الإفريقية، والمساهمة في إرساء الأمن والاستقرار. وللتذكير، فإن المغرب عضو في تجمع دول الساحل والصحراء الذي يضم 27 دولة إفريقية، وبلادنا تحتضن مقر مجموعة الدول الإفريقية الغربية المطلة على المحيط الأطلسي؛ هذه المجموعة المدعوة للقيام بعمل مهم في مجالات محاربة الإرهاب والهجرة السرية وتجارة المخدرات، وفي مجال التعاون في عدة قطاعات.
كما أن الزيارات الملكية المتواصلة للدول الإفريقية الشقيقة ساهمت في دعم وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية المغربية، من خلال تشجيع الاستثمارات الهامة التي قام بها القطاع الخاص في العديد من المجالات الحيوية التي تعزز وتنمي القدرات الداخلية والبنيات التحتية للدول الإفريقية، مساهما بذلك في دعم جهود هذه الدول في إقرار التنمية وتوفير الشغل.
التطلع إلى الارتقاء بالوضع المتقدم للمغرب مع أوربا إلى الشراكة المتميزة :
إن ما راكمه المغرب من مكاسب عظيمة في مسيرته التنموية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، جعلت العالم ينظر إلينا اليوم باحترام وتقدير، ويتابع باهتمام وارتياح مسيرتنا الديمقراطية والتنموية. فقد تم منح بلادنا صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، وهو البلد العربي والإفريقي الأول الذي يستفيد من هذا الوضع؛ وما كان ليحظى بهذه الصفة لولا المسيرة الإصلاحية التي تسير بلادنا على نهجها. وقد كانت قمة غرناطة التي جمعت الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة أوروبية، بالمغرب، فرصة للتأكيد على أن بلادنا أقدمت فعلا على اختيارات مهمة في مجال حقوق الإنسان، والنهوض بأوضاع المرأة، ودعم الديمقراطية، وتخليق الحياة العامة، والحكامة الجيدة، وفتح أوراش كبرى مهيكلة، إلى غير ذلك من الإصلاحات التي تبني مستقبلا واعدا للمغرب. ونحن نتطلع إلى الارتقاء بنظام الوضع المتقدم في علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي إلى وضعية الشراكة المتميزة.
وإنني لأغتنم هذه المناسبة للتعبير عن اعتزازي الكبير بتمثيل جلالة الملك في العديد من المنتديات القارية واللقاءات الدولية.
تثبيت الأمن الروحي وتحصين الهوية الدينية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
تنفيذا للتوجيهات السامية لمولانا أمير المؤمنين، حامي حمى الملة والدين، فإن من أسبقيات العمل الحكومي، تحصين الهوية الدينية للمغاربة، وتقوية حس الانتماء والمحافظة على الهوية والإنسية المغربية بمختلف روافدها الثقافية والتراثية.
كما تواصل بناء النموذج المغربي لتدبير الشأن الديني، كنموذج مستوحى من ثوابت الأمة وذي رؤية متكاملة ومندمجة وواضحة، هدفه تحصين الأمة وتثبيت القيم الدينية السمحة، وفق الرؤية السديدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة أيده الله. وهكذا تمت العناية بالقرآن الكريم، حيث ارتفعت وتيرة الترخيص بفتح الكتاتيب القرآنية، كما تم إحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الكريم. وسيتواصل الاهتمام بالمساجد من خلال أجرأة تنفيذ الخطة الوطنية للارتقاء بالمساجد، مع القيام بإصلاح التعليم العتيق، ونهج خطة للتأطير الديني للعلماء والعالمات والواعظات والمرشدات، وذلك بتنزيل ميثاق العلماء الذي رسم توجهه أمير المؤمنين نصره الله. وتم إحداث المجلس العلمي المغربي بأوروبا في أكتوبر2008، للنهوض بثقافة الحوار ونشر قيم التسامح، وتحصين الجالية من التيارات الدخيلة علينا.
وفي هذا السياق، فإن دستور المملكة إذا كان يضمن لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية، فإن ذلك لا يعني تغافل الحكومة أو عدم تعاملها بحزم مع بعض المحاولات اليائسة للتنصير والتشكيك في العقيدة الإسلامية.
تقوية الهوية وحس الانتماء للوطن :
إن الحكومة مستمرة في تثبيت الهوية وحس الانتماء، من خلال الدور الذي تقوم به منظومتنا التربوية والإعلامية في نشر وترسيخ قيم المواطنة، وتعزيز الانتماء وتثمين الموروث الثقافي واللغوي المغربي. وبهذه المناسبة، أنوه بالعمل الجيد الذي يقوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وفق توجهات الخطاب الملكي بأجدير. ووفق نفس التوجه، تمت انطلاقة القناة الأمازيغية، في نفس الوقت الذي نواصل فيه دعم تدريس اللغة الأمازيغية بمختلف المدارس المغربية، حيث تدرس 3700 مؤسسة تعليمية اللغة الأمازيغية، في حين وصل عدد التلاميذ الذين تمرسوا على هذه اللغة 560 ألف تلميذ. وموازاة لذلك، وإضافة إلى تشجيع تعلم اللغات الأجنبية، تحرص الحكومة على دعم اللغة العربية وتقويتها في العديد من المرافق والمعاملات الإدارية والحياة العامة، لأننا نعتبر أن العربية، لغة القرآن الكريم واللغة الرسمية للمملكة، والأمازيغية، التي هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، رافدان أساسيان للثقافة والتراث المغربيين؛ وستستمر الحكومة في دعمهما ليحتلا المكانة اللائقة بهما في مختلف مناحي الحياة ببلادنا. وبالموازاة مع ذلك، نستمر في دعم المهرجانات الثقافية والفنية التي تبرز الثقافة والتراث المغربيين، وأجرأة خطة النهوض بدور الثقافة، وتقريب الكتاب والقراءة من المواطنين، عبر إطلاق شبكة من الخزانات متعددة الوسائط، ونقط القراءة، والارتقاء بالفنون، ودعم حركة النشر، وإحياء التراث من خلال الاهتمام بالمتاحف، وتقوية التربية على المواطنة وحقوق الإنسان في المناهج والمقررات المدرسية.
وبالنسبة للجالية المغربية بالخارج، فقد وضعنا برنامجا طموحا لإحداث مراكز ثقافية مغربية في الخارج، ونواصل تنظيم الجامعات الصيفية والمنتديات الثقافية لدعم وتقوية معارف شباب وأطفال المغاربة المقيمين بالخارج في مجالات اللغة والثقافة والتراث الحضاري لوطنهم الأم.
حماية أمن وسلامة المواطنين
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
وفي مجال حماية أمن وسلامة المواطنين، تستمر الحكومة في أجرأة المخطط الخماسي الذي يمتد إلى سنة 2012، والذي يهدف إلى تعزيز القدرات العملية لكافة المتدخلين في الشأن الأمني ومحاربة الإجرام، وتوسيع التغطية الأمنية، ودعم الوسائل البشرية والمادية لتمكينها من القيام بكل واجباتها، حيث تم تحديث أسلوب عمل الأجهزة الأمنية في اتجاه مزيد من الفعالية والنجاعة في تدخلاتها، وتم إقرار العمل ببطاقة التعريف الإلكترونية وجواز السفر البيومتري. وبهذه المناسبة، أحيي نساء ورجالات الأمن ببلادنا على المجهودات المتواصلة والتضحيات والتدخلات التي يقومون بها بكل يقظة وحزم في سبيل الحفاظ على استقرار بلادنا وتوفير الأمن للمواطنين.
وتجسيدا للعناية الملكية السامية بأسرة الأمن الوطني، وللتعليمات المولوية السديدة بتحسين الوضعية المادية لرجال ونساء الأمن، فقد عملت الحكومة على إقرار زيادة مهمة في أجورهم، وتعزيز وسائل الحماية القانونية لهم ولأسرهم؛ فضلا عن النهوض بأحوالهم الاجتماعية، من خلال تضافر مجهودات الحكومة والبرلمان لإقرار مشروع القانون المتعلق ب» مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لأسرة الأمن الوطني» التي أمر جلالة الملك بإحداثها.
تكريس احترام حقوق الإنسان والحريات العامة
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
إن بناء الصرح الديمقراطي ببلادنا يتم عبر احترام حقوق الإنسان وتوسيع الحريات العامة، وقد قطعت بلادنا أشواطا مهمة في هذا المجال، حيث قامت بالتصديق على العديد من الاتفاقيات والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان وحماية حقوق النساء والأطفال ودعم الحقوق الثقافية والبيئية، وترسيخ الحريات العامة. كما سعت الحكومة إلى ملاءمة التشريع الوطني مع العديد من المقتضيات الدولية، ودعم حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عن طريق التمييز الإيجابي، وإدراج مقاربة النوع في السياسات العمومية والاهتمام بحقوقها في مجالات الصحة والتعليم.
وعلى مستوى آخر، تم الاهتمام بحقوق السجناء وصيانة كرامتهم، بالرفع من مستوى خدمات التطبيب والنظافة والتغذية، والتخفيف من ظاهرة الاكتظاظ وتحسين ظروف الإيواء، من خلال ترميم وتوسعة عدة مؤسسات سجنية. وبهذه المناسبة، أنوه بالعمل الجيد الذي تقوم به مؤسسة محمد السادس لرعاية وإدماج السجناء في سبيل إعدادهم وإدماجهم في الحياة العامة بعد الإفراج عنهم.
الالتزام بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة
أما فيما يخص متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتنفيذا للخطاب الملكي السامي ليوم 6 يناير 2006 بمناسبة انتهاء هذه الهيئة من أشغالها، فقد مكن العمل المكثف والمتواصل بين الحكومة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في إطار اللجن المختلطة، من إحراز تقدم في العديد من المجالات التي كانت موضوع توصيات الهيئة، خصوصا في مجالات جبر الضرر الجماعي والفردي، سواء في جانبه المتعلق بالتعويض المالي أو الصحي، حيث توصل جميع المستفيدين والبالغ عددهم 8441 بالتعويض المادي، باستثناء بعض الحالات القليلة المرتبطة عموما بنقص في الوثائق اللازمة، أو وفاة المعنيين قبل تسلم مقرراتهم. كما عملت الحكومة على إدماج الضحايا في نظام التغطية الصحية الأساسية، حيث تتكفل الحكومة بتسديد نفقات الانخراط عن الضحايا لفائدة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. وفي هذا الصدد، فقد تم تسليم حوالي 95% من بطائق التغطية الصحية لمستحقيها. وبالنسبة للإدماج الاجتماعي، فقد تم الشروع في إدماج ما يفوق 1000 حالة تنتمي لمختلف جهات وأقاليم المملكة.
وعلى صعيد جبر الضرر الجماعي، تم اعتماد برنامج يهدف إلى التمييز الإيجابي لصالح المناطق المتضررة، ويتعلق الأمر بأقاليم فكيك، والرشيدية، وورزازات، وزاكورة، وطانطان، وأزيلال، والخميسات، والحسيمة، والناضور، والحي المحمدي، وخنيفرة، بالإضافة إلى الحفظ الإيجابي للذاكرة، واستجلاء الحقيقة عن غالبية حالات مجهولي المصير.
انفتاح واسع في ممارسة حرية الصحافة
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
تعرف ممارسة الحريات العامة ببلادنا انفتاحا واسعا في جميع المجالات، وتعددية إعلامية تعكس دينامية وحيوية المجتمع المغربي. وقد ساهمت ممارسة الحريات السياسية والنقابية وحرية الصحافة في التطور الديمقراطي الذي تعرفه بلادنا.
فقد لعبت الصحافة أدوارا طلائعية في التحولات السياسية والمجتمعية لبلادنا، وساهمت في تعزيز وتوطيد المسار الديمقراطي. كما ناضلت القوى الوطنية من أجل تحقيق الاستقلال والحرية، وفي طليعتها حرية الصحافة؛ ولذا فلم يكن من باب الصدفة أن يصدر ظهير الحريات العامة قبل صدور أول دستور بالمغرب، لإيماننا العميق بأهمية حرية الصحافة. وبالفعل، فقد ساهمت الصحافة في بناء المغرب الحديث وفي إقرار التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واليوم، وبفعل العديد من المتغيرات، فإننا نحتاج إلى وقفة تأمل جماعية للتطلع إلى مسارات جديدة لوسائل الإعلام تساير الرهانات الكبرى لبلادنا.
وسائل الإعلام وضرورات المسؤولية
وإذا كان الإعلام العمومي يبذل مجهودات كبيرة لمواكبة دينامية الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، فإنه مطالب بالحفاظ على توازنه وحياده واستقلاليته، وبأن يجتهد أكثر في المساهمة في إقرار مصالحة المواطن مع الشأن السياسي، وفي بث روح المواطنة والأمل وقيم التنشئة السياسية والمشاركة الإيجابية في التعاطي مع قضايا الوطن.
وعلى مستوى الصحافة، فإن الرهان الذي ينبغي كسبه اليوم، هو ضمان المزاوجة بين الحرية والمسؤولية في الممارسة الصحافية، عن طريق دعم وترسيخ منظومة أخلاقيات المهنة. ولا شك في أن الحوار الوطني حول وسائل الإعلام سيساهم في إنضاج الشروط القانونية والأخلاقية لممارسة حرية الصحافة كما هو معمول بها في الدول العريقة في الديمقراطية، ونحن نتطلع إلى إيجاد أرضية متوافق عليها للارتقاء بالممارسة الصحافية وبالمقاولة الإعلامية في اتجاه مزيد من الحرفية والمهنية خدمة للوطن والمواطنين.
إن الحكومة تتقبل بصدر رحب، النقد البناء والمعالجة الصحافية المهنية والموضوعية لمختلف المواضيع التي تهم الرأي العام والبعيدة عن التحامل والذاتية، بل إننا نسترشد بهذا النقد في تقويم الاختلالات التي يمكن أن تقع، لأننا نعتبر الصحافة شريكا أساسيا في المسار الديمقراطي والتنموي ببلادنا.
وستظل الحكومة حريصة على دعم الحريات العامة والحفاظ على المكتسبات التي تحققت في هذا المجال، بالشكل المتعارف عليه في الدول العريقة في الديمقراطية.
تمتين علاقة الحكومة بالبرلمان
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد حرصت الحكومة على تعزيز وتمتين علاقتها بالبرلمان، في إطار التعاون والانفتاح والحوار البناء، بغية تحقيق المزيد من الانسجام بين المؤسستين الدستوريتين، وفي إطار احترام الاختصاصات الموكولة لكل منهما. وهكذا انفتحت الحكومة على المبادرات التشريعية للبرلمان التي عرفت ارتفاعا في السنتين الأخيرتين. وفي هذا الإطار، قمنا بتشكيل لجنة وزارية مهمتها دراسة مقترحات القوانين والرفع من وتيرة المصادقة عليها.
وقد بلغ مجموع مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة منذ افتتاح الولاية التشريعية الحالية، 104 مشروع قانون وافق البرلمان على 80 منها.
وعلى مستوى آخر، امتثلت الحكومة لرقابة البرلمان، حيث بلغ عدد أجوبة الحكومة عن الأسئلة الشفوية للسادة النواب، منذ بداية هذه الولاية وإلى غاية نهاية الدورة الماضية، 1325 جواب؛ فيما بلغ عدد الأجوبة الكتابية 3314.
كما تمت الاستجابة لطلبات الفرق البرلمانية الموجهة إلى أعضاء الحكومة لتقديم عروض أمام اللجن البرلمانية الدائمة، أو لقيام بعض أعضائها بزيارات ميدانية أو مهام استطلاعية. كما عرفت اللجن البرلمانية حضور رؤساء المؤسسات العمومية للرد على تساؤلات السادة البرلمانيين وتقديم الإيضاحات الضرورية.
وبهذه المناسبة، أجدد إرادة الحكومة في مواصلة الانفتاح على البرلمان والارتقاء بالأداء السياسي وتصحيح بعض الصور النمطية التي أصبحت سائدة، والاستمرار في التعاون المثمر والبناء في مجال التشريع والمراقبة، وكذا في المجال الدبلوماسي، وجعل الحوار بين الحكومة والبرلمان نقطة جذب لإبراز قيمة العمل السياسي النبيل، والرفع من المشاركة السياسية ومن اهتمام المواطنين بالشأن البرلماني والحكومي.
إصلاح القضاء وفق التوجيهات الملكية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
يعتبر إصلاح القضاء من أهم الأوراش الهيكلية التي تنكب عليها الحكومة، وفق المجالات الست للإصلاحات التي حددها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، في 20 غشت الماضي (2009).
وفي هذا السياق، تم إعداد مشاريع قوانين تصب في اتجاه تعزيز ضمانات استقلال القضاء من الناحية المؤسساتية، وتحصينه بدعم وسائل المراقبة.
كما أن من شأن تبسيط المساطر القضائية، وتقريب القضاء من المتقاضين، وضمان شروط المحاكمة العادلة، أن يدعم الثقة لدى المواطنين في الجهاز القضائي بكل مكوناته. فتأهيل الحقل القانوني والقضائي من الركائز الأساسية التي نعتبرها رافعة ضرورية لترسيخ الثقة التي يحظى بها بلدنا لدى المستثمرين الأجانب والمغاربة على حد سواء.
وإيمانا بضرورة توفير ظروف إنجاح هذا الورش الكبير، خاصة ما تعلق منه بأوضاع مهنيي العدالة، سجلت ميزانية قطاع العدل ارتفاعا مهما قصد دعم قدراته، خاصة في مجال الموارد البشرية، والبنيات التحتية الضرورية لتفعيل مخطط التحديث والعصرنة الكفيل بجعل العدالة قادرة على رفع التحديات، وترسيخ الديمقراطية وروح المسؤولية وسيادة القانون، وتوفير البيئة الملائمة للرفع من وتيرة النمو.
وموازاة لذلك، كان من الضروري مواصلة الجهود الرامية إلى دعم الوسائل البديلة لحل المنازعات، كما أن ورش الإصلاح يقتضي الاهتمام بكل المتدخلين من مهنيي العائلة القضائية.
الحكامة وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
تعتبر الحكامة الجيدة مدخلا رئيسيا لإقرار التنمية في بلادنا، ولذا فقد أولينا عناية خاصة لتحسين الحكامة، حيث لم تتوان الحكومة في محاربة الرشوة والفساد، وتخليق الحياة العامة، ودعم شفافية التدبير الاقتصادي، وتقييم السياسات العمومية، ومراجعة نظام الرخص والامتيازات، ومحاربة المخدرات، وتخليق التدبير المحلي.
استكمال الإطار القانوني والمؤسساتي لتخليق الحياة العامة
وهكذا ومباشرة بعد تعيينها، شرعت الحكومة في استكمال الإطار القانوني والمؤسساتي لتخليق الحياة العامة، حيث قمنا بإصدار قوانين التصريح بالممتلكات والمراسيم التطبيقية لها، وبدأنا بتنفيذها وأجرأتها توخيا للشفافية والنزاهة. كما أصدرنا المرسوم الجديد للمحاسبة العمومية الذي يواكب التطورات في مجال حكامة التدبير الميزانياتي؛ فيما سنقوم قريبا بتعديل القانون التنظيمي للمالية حتى يستجيب أكثر للمتغيرات الاقتصادية والمالية ورهانات التنمية.
وعلى المستوى المؤسساتي، قامت الحكومة بإنشاء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ووحدة معالجة المعلومات المالية لتفعيل قانون مكافحة غسل الأموال، وتم تفعيل مجلس المنافسة بعد أن ظل مجمدا لعدة سنوات، لإقرار قواعد المنافسة الشريفة ووضع حد لكل التجاوزات التي تضر بالمنافسة في المجال الاقتصادي.
تحسين مناخ الأعمال :
وانكبت الحكومة كذلك على ورش تحسين مناخ الأعمال بالمغرب، من خلال إحداث اللجنة الوطنية لتحسين مناخ الأعمال، وذلك لرفع جميع العراقيل الإدارية والمسطرية التي تحد من جاذبية بلادنا للاستثمار.
وفي مجال المعاملات المالية، تم تقوية دور مجلس القيم المنقولة بإضفاء مزيد من الشفافية على المعاملات المالية بالبورصة.
وفيما يخص الصفقات العمومية، فقد قمنا مؤخرا بتشكيل لجنة تشرف على ترشيد وعقلنة صفقات الدراسات، وتوخي التكاملية والاندماجية وتفادي التكرار. كما دأبت الوزارات على الإعلان عن إبرام الصفقات العمومية من خلال وضعها رهن إشارة العموم عبر البوابة الإلكترونية المخصصة لذلك .
دعم كلي للعمل الرقابي لمجلس الأعلى للحسابات
وفي مجال الرقابة على المال العام، يقوم المجلس الأعلى للحسابات بوظائفه الدستورية والقانونية، وتتعامل الحكومة بإيجابية مع التقارير التي ينجزها، انطلاقا من إيماننا العميق بأهمية المحافظة على المال العام. وإننا لحريصون على تقوية الدور الرقابي لهذه المؤسسة التي تمت دسترتها بالمصادقة الإجماعية على دستور1996، وكذا على دعمها للتغلب على الخصاص الذي تعاني منه على مستوى الموارد البشرية. ويمارس المجلس جميع اختصاصاته دون أن تتدخل الحكومة في ذلك.
لقد تضمن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات ملاحظات ورصد اختلالات تتعلق بالسنوات2007 و2008 و2009، كما أنه يتضمن رد المعنيين بالأمر عليها؛ وهناك مساطر قانونية، وللمجلس كامل الصلاحية في اتخاذ ما يراه مناسبا. وفي جميع الحالات، فإن الحكومة ستحترم قرارات القضاء، ونعتبر أن الجميع سواسية أمام القانون، ومن مسؤوليتنا الأخلاقية المحافظة على المال العام وكرامة المواطنين.
تقييم السياسات العمومية وتطوير الشفافية
وفي نفس السياق، وتماشيا مع قيم الحكامة الرشيدة، شرعنا في نهج أسلوب تقييم السياسات العمومية من خلال تشخيص الاختلالات ومعالجتها بالجرأة والشجاعة السياسيتين، وبكامل الشفافية والنزاهة، عبر افتحاص نجاعة صندوق المقاصة وبرنامج مقاولاتي وتقييم السياسات العمومية الخاصة بالتنمية البشرية.
وفيما يتعلق بالرخص والامتيازات، شرعنا في مراجعة نظام الرخص والامتيازات وتقليص السلطة التقديرية للإدارة بشأنها، بغية دمقرطة هذه الحقوق وفسح المجال أمام المواطنين للاستفادة منها.
محاربة المخدرات مع وضع أنشطة بديلة
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد قامت بلادنا في السنتين الأخيرتين بمجهودات جبارة فيما يتعلق بمحاربة تجارة المخدرات وتفعيل الآليات القانونية من خلال المتابعة والزجر، وأسفرت هذه المجهودات عن نتائج مهمة تمثلت في انخفاض الأراضي المزروعة بالقنب الهندي من 134 ألف هكتار سنة 2003 ، إلى 56 ألف هكتار سنة 2009 ، أي بانخفاض نسبته 60%. كما تضاعف حجم مصادرة المخدرات بحيث تم حجز 180 طن من مخدر الشيرا سنة 2009، أي بارتفاع نسبته 60% مقارنة مع سنة 2008. وتقوم الحكومة بإنجاز مخطط للأنشطة البديلة التي من شأنها تحسين ظروف عيش الساكنة في المناطق المعنية.
تخليق التدبير المحلي
وعلى مستوى تخليق التدبير المحلي، قامت الحكومة بافتحاصات وتفتيش للعديد من الجماعات المحلية التي شاب تدبيرها عدة مخالفات في التدبير وخروقات في مجال التعمير، وذلك بغض النظر عن الانتماءات السياسية ، حيث تم إصدار ما يفوق 50 قرارا تأديبيا منذ بداية سنة 2008، منها قرارات بالعزل في حق أكثر من 20 رئيس مجلس جماعي، وقرارات بالتوقيف في حق بعض رؤساء المجالس ونوابهم.
استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة والفساد
كما كثفت الحكومة من مجهوداتها بشأن محاربة الفساد، حيث وصل عدد المتابعين في قضايا الرشوة والفساد إلى 7000 شخص في متم سنة 2009 .
لكن وبالرغم من ذلك، فإن هذه النتائج لا ترقى إلى تطلعاتنا وطموحاتنا في هذا المجال الذي نعتبره من أولويات العمل الحكومي، ولذا فإننا عازمون على إعطاء حركية جديدة لهذا الورش الحيوي الذي يقتضي انخراط الجميع، وقد بلورت الحكومة استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة والفساد تروم دعم الأخلاقيات في المرفق العمومي، وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة، وتبسيط المساطر وإنجازها عن بعد في إطار مشروع الإدارة الإلكترونية، ومواصلة إصلاح الإطار القانوني والمؤسساتي، كمراجعة قانون الوظيفة العمومية، وتحيين مرسوم الصفقات العمومية، وتفعيل دور المفتشيات العامة بالإدارات العمومية للقيام بالافتحاصات الداخلية، واقتراح الآليات الكفيلة بتحسين تدبير المرفق العمومي.
كما نعتبر من الضروري العمل على تكريس حق الولوج إلى المعلومة، مع دعم مخطط الحكومة الإلكترونية، والحد من السلطة التقديرية لأجهزة الإدارة.
وفي هذا الصدد، فمن الضروري التفعيل الأمثل للمقتضيات الزجرية للوقوف في وجه من يتخذ مهمة الخدمة العمومية وسيلة للإثراء غير المشروع، ناسفا بذلك سعينا الحثيث لإقرار المساواة بين المواطنين أمام القانون.
تثبيت الركائز الأساسية للميثاق الاجتماعي الجديد
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
إن الظرفية العالمية الصعبة وتداعيات الأزمة الاقتصادية لم تثن الحكومة عن التشبث باختيارها الاجتماعي. وقد ترجمت الأهمية القصوى التي توليها للقطاعات الاجتماعية إلى استراتيجيات وتدابير مندمجة ومتكاملة تستهدف تثمين الإمكان البشري، وإنعاش فرص الشغل والتقليص من معدل البطالة، وحماية القدرة الشرائية، وإطلاق آليات جديدة للتضامن والإنصاف لفائدة ذوي الدخل المحدود والفئات المعوزة، من خلال تيسير ولوجها إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتعزيز برامج محاربة الفقر والإقصاء والهشاشة، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل بما يمكن من تحسين مستوى المعيشة وتوسيع الطبقة الوسطى، مع إيلاء عناية خاصة للعالم القروي والمناطق الجبلية.
جعل التشغيل هدفا أفقيا لمختلف السياسات القطاعية والإستراتيجيات التنموية
وفي ضوء هذا المنظور المتجانس في التعاطي مع الشأن الاجتماعي، وانطلاقا من الأولوية التي أعطيناها لمحاربة معضلة البطالة في البرنامج الحكومي الذي نال ثقة مؤسستكم الموقرة، فقد جعلنا من التشغيل هدفا أفقيا لمختلف السياسات القطاعية والإستراتيجيات التنموية، نظرا لدوره الأساسي في ولوج شرائح جديدة من الساكنة النشيطة دورة الإنتاج، وتعزيز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، مستهدفين الشباب وحاملي الشهادات العليا، للعمل على ضمان انخراطهم في دينامية البناء والتشييد التي تشهدها بلادنا بقيادة جلالة الملك أيده الله ونصره، وبالتالي توفير أسباب العيش الكريم للجميع.
واقتناعا من الحكومة بأن إنعاش التشغيل مرتبط أشد الارتباط بتحقيق معدل نمو مرتفع، وتوسيع حجم الاستثمارات، فقد راهنا على هذا التوجه من خلال تقوية الطلب الداخلي وتكثيف الاستثمار العمومي، الكفيل بتسريع وتيرة الأوراش الكبرى وأجرأة السياسات القطاعية، وجعل بلادنا قاعدة للاستثمار والتصدير، خاصة في المجالات الحاملة للقيمة المضافة والمدرة لفرص الشغل، ودعم المقاولة وتعزيز قدراتها التنافسية وتأهيل كفاءاتها التدبيرية والتقنية بما يمكنها من مواكبة حاجات الإقلاع الاقتصادي.
وبفضل مختلف الإستراتيجيات والتدخلات المعتمدة في هذا المجال، استطاعت بلادنا التقليص من نسبة البطالة، إذ تراجع معدلها الوطني من 8,9% سنة 2007، إلى1,9% سنة 2009، مع تسجيل انخفاض ملموس في الوسط الحضري بما يناهز نقطتين، وهو معدل جد إيجابي إذا أخذنا في الاعتبار تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني، وتفاقم مستويات هذه المعضلة في العديد من اقتصاديات البلدان الأوروبية والمجاورة.
وتعمل الحكومة جاهدة على تحسين وتطوير برامجها في التشغيل الذاتي وإعادة تأهيل الخريجين وإدماجهم، بحيث فاق عدد المستفيدين من هذه الإجراءات 208.696 شاب على مدى السنوات الأخيرة.
وهذا فضلا عن المجهود الإرادي الذي بذلته الحكومة في هذا الصدد برسم الميزانية العامة للسنوات الثلاثة الأخيرة، بحيث تم إحداث ما يناهز 52.800 منصب شغل، في الوقت الذي لم يكن فيه متوسط المناصب المحدثة قبل سنة 2008، يتجاوز 7000 منصب؛ الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في امتصاص بطالة الخريجين، والاستجابة لمتطلبات الإصلاحات التي انطلقت في بعض القطاعات الحيوية، خاصة التعليم والصحة والعدل، بتوفير الموارد البشرية والكفاءات الكفيلة بأجرأة هذه الإصلاحات.
التعليم والصحة رافعتان أساسيتان لتثمين الإمكان البشري
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون ؛
إن منظومة التربية والتكوين لا تزال تشكل بالنسبة لبلادنا رهانا مجتمعيا محوريا في صميم الإصلاحات الكبرى، ومدخلا حاسما لتأهيل العنصر البشري، ورفع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمستدامة، وتحقيق الارتقاء الاجتماعي الذي تتطلع إليه شرائح واسعة من المواطنين والأسر المغربية.
وفي سياق تعزيز هذا المسلسل الإصلاحي والتسريع بوتيرة أوراشه، وضعت الحكومة برنامجا استعجاليا خلال الرباعية 2009-2012، يستوحي فلسفته ومعالمه من التوجيهات الملكية السامية، ويأخذ بعين الاعتبار واقع المدرسة المغربية من خلال المكتسبات المحصلة والنواقص المسجلة.
ويتمفصل هذا البرنامج الذي شرعت الحكومة في تطبيقه للموسم الثاني، إلى جملة من الإجراءات المؤسساتية والتربوية ذات البعد المهيكل والإستراتيجي، للنهوض بمختلف أسلاك التعليم والتكوين.
نحو كسب تحدي تعميم التعليم وتعزيز فرص الانخراط في مجتمع المعرفة
وفي هذا الصدد، ستضاعف الحكومة من عملها فيما يتعلق بالتحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس، إذ أن بلادنا تسير بخطى حثيثة نحو كسب تحدي تعميم التعليم لفائدة مختلف الفئات العمرية المعنية، بحيث تم تسجيل نتائج جد مرضية في هذا المضمار، بلغت 7,94% بالنسبة للطور الابتدائي، و75.4% بالنسبة للتعليم الإعدادي الثانوي ، وذلك في أفق تعميم كلي للتعليم الإلزامي قبل سنة 2015 بحول الله.
وبما أن بلوغ هذا الهدف يقتضي تحسين وتأهيل العرض التعليمي، فقد عمدت الحكومة إلى توسيع وتطوير البنية التحتية المدرسية من حيث الوحدات والتجهيزات الأساسية والتربوية والموارد البشرية، وهو التأهيل الذي يتطلب تعبئة أكثر من 3 ملايير درهم.
ولمواكبة هذا المجهود، عرفت الميزانية المرصودة لقطاع التربية والتكوين زيادات مهمة من حيث الموارد المالية والبشرية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إذ ارتفعت مخصصاتها بحوالي 4,33%، لتصل إلى حوالي 51,50 مليار درهم برسم القانون المالي لسنة 2010، بعد أن كانت لا تتجاوز 34 مليار درهم سنة 2007.
وعلى هذا النهج، يندرج عمل الحكومة في دعم الولوج إلى التعليم ومحاربة الهدر المدرسي الذي يسجل ارتفاعا ملحوظا في العالم القروي وفي أوساط الفتيات. وهكذا تم توزيع اللوازم المدرسية على 7,3 مليون تلميذ في إطار توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة الملكية لتخصيص مليون محفظة مدرسية لفائدة أبناء المعوزين، فضلا عن المساعدات النقدية المشروطة المقدمة في إطار برنامج «تيسير»، وتوفير الزي الموحد والنقل المدرسي، وتطوير خدمات الإطعام لفائدة أكثر من مليون تلميذ وتلميذة، وكذا الداخليات المدرسية في المناطق النائية والأكثر فقرا.
وينصب العمل الحكومي من جهة أخرى، على تنمية العرض الجامعي وتطوير مسالك التعليم العالي والتكوين المهني.
كما أن بلادنا خطت خطوات جبارة في سبيل القضاء على الأمية، وذلك بفضل تضافر جهود جميع الفاعلين، وخاصة النسيج الجمعوي الذي يعمل بشراكة مع القطاع الوصي، الأمر الذي ترتب عنه انخفاض مهم في نسبة الأمية من 5,38% سنة 2006، إلى أقل من 34% سنة 2009. ومن المؤكد أن إحداث وكالة وطنية لمحو الأمية المعروض مشروعها حاليا على مسطرة المصادقة، من شأنه إدخال طفرة استراتيجية على الآليات والبرامج الكفيلة بمحاربة هذه الآفة الاجتماعية بمختلف أشكالها الأساسية والوظيفية، والتقليص من معدلاتها إلى أقل من 20% في أفق سنة 2015.
تيسير ولوج المواطنين إلى العلاج وتحسين صحة الأمهات والمواليد
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
إن تثمين العنصر البشري الذي وضعناه هدفا أسمى لسياساتنا الاجتماعية، يستلزم كذلك تحسين ولوج المواطنين إلى العلاج والتخفيف من تكاليفه، وضمان العدالة والإنصاف في العرض الصحي.
وقد شرعنا فعلا في تنفيذ هذه الإستراتيجية الإصلاحية، وهاجسنا الأساس منصب على توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات الصحية، وتقوية شبكة البنيات والتجهيزات الاستشفائية، ومدها بالإمكانات القمينة بتمكينها من القيام بدورها في النهوض بأوضاع الصحة العمومية ببلادنا.
وفي هذا الإطار، تندرج النتائج الهامة التي تم تحقيقها على مستوى تقليص عدد وفيات الأمهات، بحيث انخفض سنة 2009 إلى 132 حالة لكل 100 ألف ولادة، عوض 227 حالة لكل 100 ألف ولادة المسجلة سنة 2007. ويعزى هذا التحسن إلى الجهود المبذولة في إطار برنامج أمومة بأقل المخاطر، وخاصة توفير مجانية الخدمات المتعلقة بالولادة، مما يؤكد أن بلادنا تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق المؤشرات المحددة لأهداف الألفية في هذا الباب قبل سنة 2015.
وللحد من وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات، تم اقتناء لقاحات جديدة من شأنها تخفيض نسبة تتراوح ما بين 50 و60% من الوفيات المسجلة.
وهذا فضلا عن البرامج والإجراءات الرامية إلى الوقاية وعلاج الأمراض طويلة الأمد، مثل داء السرطان والقصور الكلوي والسكري، وذلك في إطار شراكة مثمرة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
كما وضعنا مشروع خريطة صحية جديدة ومخططات جهوية من شأنها تقليص التفاوت ما بين الجهات وما بين الوسطين القروي والحضري. كما يجري التحضير لإحداث مؤسسات عمومية ذات استقلالية في تدبير البنيات الاستشفائية، واعتماد سياسة محكمة للأدوية بما يراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
حماية القدرة الشرائية بتحسين الدخل وتعزيز الحماية الاجتماعية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
وفاء لهذا النهج الاجتماعي، بلورت الحكومة منظورا شموليا للقدرة الشرائية يتمحور حول تحسين دخل المواطنين ودعم استهلاك المواد الأساسية وتعزيز الحماية الاجتماعية، وذلك بهدف إنصاف الفئات الفقيرة والمعوزة، وتقوية وتوسيع الطبقة الوسطى.
وهكذا بذلت الحكومة مجهودات استثنائية لتحسين الدخل في إطار الحوار الاجتماعي، حيث بلغ مجموع ما تم تخصيصه للحوار الاجتماعي في السنتين الماضيتين، ما يناهز 19 مليار درهم، همت الرفع من الأجور بنسبة 10 إلى 22 %، والتخفيض من الضريبة على الدخل بأربع نقط.
وفي هذا السياق، تم الرفع من الحد المعفى من الضريبة من 24 ألف إلى 30 ألف درهم، حيث أصبح اليوم أكثر من 500 ألف ملزم معفى من الضريبة على الدخل. كما تم إعفاء 95% من المتقاعدين. وقمنا كذلك بالرفع من الأجر الأدنى بالوظيفة العمومية من 1560 درهم إلى 2450 درهم، وذلك عن طريق حذف سلالم الأجور من 1 إلى 4 بأثر رجعي انطلاقا من فاتح يناير 2008، هذا الإجراء الذي سيستفيد منه 115.444 موظف بالإدارات العمومية والجماعات المحلية.
وشملت الزيادة التعويضات العائلية والحد الأدنى للمعاشات، كما تم إقرار التعويضات العائلية في القطاع الفلاحي، وهمت الزيادة كذلك قيمة التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية بنسبة 20%، إذ سيستفيد من هذا الإجراء زهاء مائة ألف من الضحايا وذوي الحقوق، إلى غير ذلك من المكتسبات التي لا يسمح الوقت باستعراضها كلها بالتفصيل.
وبنفس الروح، ستواصل الحكومة جهودها لإصلاح أنظمة التقاعد، ومراجعة منظومة الأجور ومنظومة الترقي.
كما أنه تم تحضير مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب، ومشروع القانون المتعلق بالنقابات؛ وهما الآن قيد الدراسة من لدن المركزيات النقابية.
مواصلة دعم المواد الأساسية مع استهداف المعوزين
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
في سياق الإرادية التي واجهت بها بلادنا تداعيات الأزمة العالمية، لم تتردد الحكومة في اتخاذ ما يلزم من التدابير من أجل عدم عكس ارتفاعات أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية على المواطنين، والتحكم في معدل التضخم الذي لم يتجاوز معدل 1 %سنة 2009. وقد تم هذا بفضل تعبئة الحكومة لأزيد من 50 مليار درهم خلال سنتي 2008 و2009 في إطار صندوق المقاصة لدعم المواد الأساسية، وبالتالي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين أمام موجة الغلاء.
فلولا المقاصة لارتفعت أسعار جميع المواد الاستهلاكية والخدمات، وليس فقط المواد الأساسية التي يتم تدعيم أسعارها بكيفية مباشرة.
وفي نفس التوجه، تم تخفيض أسعار المواد النفطية بنسبة تتراوح بين 10 و30%، بموازاة مع العمل على تعميم محروقات أكثر نظافة وأقل تأثيرا على البيئة وصحة المواطنين.
واقتناعنا بضرورة الإبقاء على صندوق المقاصة في مستوى يراعي التوازنات المالية من أجل المحافظة على القدرة الشرائية للطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود وتقوية الاستقرار الاجتماعي، لا يضاهيه إلا عزمنا على مواصلة الإصلاح الهيكلي لهذا الصندوق للمزيد من النجاعة والتحكم في الغلاف المالي للدعم، وتخصيص جزء من تحملاته لاستهداف الفئات المعوزة.
ومن أجل التحكم في الأسعار والتصدي لمختلف المضاربات والتلاعبات بالقوت اليومي للمواطنين، عملت الحكومة على مراجعة مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة، وتطوير نظام المراقبة وتكثيف العمليات الميدانية بتنسيق بين مختلف الأجهزة المعنية، وكذا تشديد العقوبات على المخالفين، طبقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب سنة 2008.
ونحن عازمون، بكل تأكيد، على المزيد من التحكم في الأسعار بما يخدم القدرة الشرائية للمواطن، من خلال إصلاح أسواق الجملة، وعصرنة مسالك التوزيع ضمن برنامج «رواج»، وإنفاذ قانون حماية المستهلك بعد المصادقة على مشروعه من قبل البرلمان.
توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
تماشيا مع توجه الحكومة نحو تقوية الحماية الاجتماعية، خاصة لدى ذوي الدخل المحدود، حرصنا على التخفيف من عبء مصاريف العلاجات، بالرفع من التعويضات عن مصاريف العلاج بالنسبة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. كما تم توسيع سلة العلاجات حتى يكون التكفل بصفة كاملة بالأمراض غير القابلة للاستشفاء، وسيستفيد من هذا الإجراء الأخير زهاء 3.500.000 أجيرة وأجير وذوي حقوقهم.
وبغية التخفيف دائما من تكاليف المعيشة التي تثقل القدرة الشرائية للمواطنين، ركزنا جهودنا على الفئات غير المشمولة بنظام التغطية الصحية الإجبارية، حيث قمنا بتوسيع قاعدة المستفيدين لتشمل شرائح اجتماعية ومهنية جديدة، كقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والفنانين، ومهنيي النقل وغيرهم. وسنواصل توسيع نظام التغطية الصحية في غضون الأشهر القليلة القادمة لفائدة الطلبة وأصحاب الحرف والمهن الحرة والمستقلة.
إعطاء دفعة قوية للسكن الاجتماعي
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
انسجاما مع توجهاتها الاجتماعية، وبهدف ضمان تملك السكن لفائدة شرائح واسعة من المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وضعت الحكومة استراتيجية عمل ارتكزت في تنفيذها على برامج تعاقدية جهوية تروم تسريع امتصاص العجز المسجل في مجال السكن بمختلف منتوجاته، مع إعطاء دفعة قوية للسكن الاجتماعي، والرفع من وتيرة القضاء على دور الصفيح والبناء العشوائي، وتشجيع الإنعاش العقاري.
وهكذا تمت تعبئة أزيد من 3850 هكتار من العقار العمومي، من أجل توفير وتنويع منتوجات السكن الاجتماعي بما يتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين ودخولهم.وستواصل الحكومة دعمها للسكن منخفض التكلفة (140.000 درهم) الموجه للفئات ذات الدخل المحدود جدا، كما ستخصص مساعدة نقدية مباشرة للأسر في حدود 40 ألف درهم، فضلا عن الإعفاءات الضريبية، قصد التشجيع على اقتناء المنتوج الاجتماعي المحدد في 250.000 درهم.
وتمكينا للأسر المغربية المعوزة من السكن الكريم في إطار برامج القضاء على البناء العشوائي والسكن غير اللائق، فقد مكنت الجهود المبذولة إلى حدود اليوم، من القضاء على دور الصفيح في أربعين مدينة مغربية، وبالتالي إعادة إسكان حوالي مليون مستفيد. كما أن العزم معقود على مضاعفة الجهود للقضاء تدريجيا على مدن الصفيح.
اعتماد الاستهداف الاجتماعي والمجالي في السياسات العمومية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد قامت الحكومة باعتماد حكامة جديدة للسياسات العمومية الاجتماعية تتأسس أولا، على مبدإ الاستهداف الاجتماعي والمجالي، كأسلوب جديد لإقرار الفعالية ونجاعة التدخلات وتحقيق النتائج على أرض الواقع، مستلهمين في ذلك من روح وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
بلورة آليات جديدة للتضامن
وهكذا شرعنا في استهداف الفئات الأكثر فقرا وهشاشة، عبر تحسين ولوج المواطنين إلى العلاج والتخفيف من تكاليفه، في إطار نظام المساعدة الطبية الذي بدأنا في تطبيقه على مستوى جهة تادلة أزيلال، حيث وصل عدد المستفيدين منه حاليا إلى حوالي مائتي ألف مواطن معوز. ونحن عازمون على تعميم هذا النظام على باقي جهات المملكة انطلاقا من هذه السنة بحول الله، ليشمل مستقبلا أكثر من 5,8 مليون مستفيد من ذوي الدخل المحدود والمعوزين.
وفي نفس التوجه، عملت الحكومة على إطلاق برنامج « تيسير» للدعم النقدي المباشر المشروط بالتمدرس لفائدة الأسر الفقيرة، وذلك في أفق تحسين هذه الآلية الجديدة للتضامن من حيث الامتداد الجغرافي والمجالي، ومضاعفة عدد المستفيدين الذي يقدر حاليا ب 290 ألف تلميذ.
وإننا لعازمون، بعد تقييم التجربة الحالية بمواطن قوتها وضعفها، وتوسيع مجال التشاور مع مختلف الأطراف المعنية، على بلورة آليات جديدة للاستهداف والتكافل والدعم المباشر والاستثمار الاجتماعي، وذلك في إطار نموذج واحد متكامل ومندمج.
وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى النهوض بالطبقة الوسطى، قمنا بتشكيل لجنة وزارية مختصة من أجل استهداف الشرائح الاجتماعية المعنية، ووضع برنامج عمل بمختلف التدابير القمينة بتقوية وتوسيع قاعدة هذه الطبقة حتى تضطلع بدورها كعماد للاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع.
وفي هذا الصدد، شرعت الحكومة في أجرأة استهدافها للطبقة الوسطى من خلال التخفيض الضريبي على الدخل الذي استفادت منه الشرائح المتوسطة بحوالي 14 نقطة، وتيسير الولوج إلى التمويلات البنكية الخاصة بالسكن في إطار صندوق «ضمان السكن»، بالإضافة إلى آليات وخدمات أخرى معتمدة في سياق دعم القدرة الشرائية والحماية الاجتماعية للطبقة الوسطى.
إنصاف العالم القروي والمناطق الجبلية في إطار برامج تنموية مندمجة
وتماشيا مع فلسفة الاستهداف، ينصب عمل الحكومة اليوم على إنصاف العالم القروي والمناطق الجبلية، في إطار سياسات عمومية مندمجة تستهدف محاربة الفقر والهشاشة، وتقوية البنية التحتية، وتعميم الكهرباء والماء، وفك العزلة. وفي هذا الإطار، بذلت الحكومة مجهودات كبيرة حيث رفعنا من ميزانية الاستثمار بالعالم القروي من 3,8 مليار درهم سنة 2007، إلى 20 مليار درهم سنة 2010. كما تم تطوير أدوار صندوق التنمية القروية ومضاعفة حجم مخصصاته المالية لتصل إلى 500 مليون درهم سنويا، وذلك لتمويل المشاريع القروية المندمجة وفق طلبات عروض ودفاتر تحملات واضحة ومضبوطة.
وبفضل هذا الاهتمام، وصلت اليوم نسبة ربط العالم القروي بالماء الصالح للشرب إلى 87%، ونسبة الكهربة إلى 98%، وانتقلت نسبة فك العزلة عن العالم القروي من 59% سنة 2007، إلى 64% سنة 2009.
وفي إطار حكامة السياسات العمومية بالعالم القروي، فإننا منكبون اليوم على تفعيل الالتقائية والتكامل بين مختلف البرامج التنموية المندمجة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغية الارتقاء بالمواطن في البادية المغربية وتوفير الخدمات الضرورية وظروف العيش الكريم.
كما شكلنا، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، لجنة وزارية مختصة لبلورة إستراتيجية متجددة تستهدف تحسين ظروف عيش ساكنة المناطق الجبلية والنهوض بمؤهلاتها الاقتصادية والثقافية والبيئية.
إعطاء دفعة جديدة وقوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
في إطار تقوية التماسك الاجتماعي ومحاربة مختلف مظاهر الفقر والهشاشة والإقصاء، وجبت الإشادة بالنتائج الإيجابية التي سجلتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث استطاعت إحداث أكثر من 18.500 مشروع، ساهمت في إدماج أو تأهيل أو الرفع من مستوى دخل أكثر من 6,4 مليون مستفيد في المناطق الأكثر فقرا، خاصة بالوسط القروي.
ولا شك في أن نجاح هذا الورش الملكي في تعبئة الموارد واستقطاب الجهود، يعود بالأساس إلى توجهها التشاركي والتعاقدي مع كافة الفاعلين؛ من منتخبين محليين ومنظمات المجتمع المدني، وكذا القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية في إطار برنامج الالتقائية.
وإذ تثمن الحكومة هذه الحصيلة الوازنة، فإنها منكبة اليوم على أجرأة التوجيهات السامية لصاحب الجلالة أيده الله ونصره بشأن إعطاء دفعة جديدة وقوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف تسريع وتيرة إنجازاتها، وتحسين نجاعة برامجها واستمرارية مشاريعها، وتطوير التقائيتها مع السياسات العمومية والمخططات الجماعية للتنمية ومشاريع حساب تحدي الألفية، وقياس الوقع الحقيقي لتدخلات المبادرة على مستوى عيش الساكنة المستهدفة.
واعتبارا للدور الفعال الذي يمكن أن يضطلع به الاقتصاد الاجتماعي، ارتكزت الحكومة في استراتيجيتها لتطوير هذا القطاع على مقاربة مجالية تشاركية تمكن كل جهة من جهات المملكة من خلق بنك للمشاريع المدرة للدخل والحاملة لفرص الشغل حسب مؤهلاتها الطبيعية والبشرية، وذلك في تلاق وتنسيق مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي نفس السياق، تنصب جهود الحكومة على تحسين جاذبية النسيج التعاوني، من خلال إصلاح إطاره القانوني، وتحسين حكامة التعاونيات وآليات تدبيرها، وتثمين منتوجاتها والرفع من جودتها من أجل تسهيل الولوج إلى قنوات التوزيع والتسويق العصرية.
تطوير مؤسسات القرب لتقوية الاندماج الاجتماعي
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
في إطار نفس التوجه الاجتماعي، عملت الحكومة وفق مقاربة تشاركية مع الجمعيات وهيئات المجتمع المدني على بلورة استراتيجيات مندمجة تروم الارتقاء بوضعية الطفولة وحماية حقوق الأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، عبر تعزيز الإطار القانوني، وتطوير الموارد البشرية والمالية، وتأهيل البنيات التحتية، حيث تم إحداث حوالي 400 مركز اجتماعي جديد على امتداد التراب الوطني.
وفي هذا الصدد، أعطينا انطلاقة الإستراتيجية الوطنية لتحسين ظروف الأشخاص المسنين، حيث تم برمجة إحداث 44 مركزا للتكفل بالأشخاص المسنين، وكذا الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الإعاقة، ومواصلة أجرأة سياسة إدماج الأشخاص في وضعية الإعاقة في سوق الشغل؛ وبفضل هذا التوجه، قمنا بتوظيف 137 شخص من المكفوفين وضعاف البصر.
وعلى مستوى النهوض بحقوق النساء ومقاربة النوع وتكافؤ الفرص، أعدت الحكومة إستراتيجية للمساواة 2010- 2012، هدفها الإنصاف والمساواة بين الجنسين، وإدماج مقاربة النوع في البرامج والسياسات المندمجة، ومحاربة العنف ضد النساء والفتيات. كما أننا عازمون على إخراج صندوق التكافل العائلي، وإعداد مشروع قانون لمحاربة ظاهرة التسول، ومشروع قانون ضد تشغيل الأطفال والطفلات أقل من 15 سنة، كما أننا بصدد التشاور حول إعداد مشروع قانون خاص بمحاربة العنف الزوجي.
وتم الاهتمام كذلك بالمجال الاجتماعي للفئات المحتاجة من أفراد الجالية بالخارج، حيث تم اتخاذ عدة مبادرات دعم من بينها، تحمل تكاليف نقل جثامين المغاربة المعوزين المتوفين في الخارج، وتمكين المتقاعدين من الاستفادة من خصم 85% من رسوم تعشير سياراتهم، وتخصيص 1.000 منحة دراسية سنويا للطلبة المحتاجين، ومساعدة الأسر المغربية المقيمة ببعض الدول الإفريقية والعربية على تحمل نفقات تمدرس أبنائها، بالإضافة إلى وضع برنامج استعجالي لمعالجة مشاكل النساء في المهجر.
وفي المجال الرياضي، تم إبرام برامج تعاقدية مع الجامعات الرياضية في إطار حكامة جديدة تستهدف تطوير البنيات التحتية وبناء المنشآت الرياضية بمواصفات دولية، وتأهيل الإطار القانوني للرقي بالرياضة إلى الاحترافية، وإنشاء وحدات رياضية جهوية وجماعية وملاعب القرب، وسيتم إحداث 180 وحدة رياضية في أفق 2012، وإحداث 12 مركزا للتميز تزاوج بين التفوق الدراسي والرياضي، ودعم مشاركة المنتخبات الوطنية والأبطال المغاربة في التظاهرات الدولية، وتهييء ظروف ولوج الممارسة الاحترافية.
وفي نفس السياق، تم وضع وتنفيذ عدد من البرامج الموجهة للشباب، منها انطلاق أشغال الملتقيات الجهوية للشباب، والاهتمام بمؤسسات الشباب لجعلها إطارا متميزا يقدم خدمة عمومية من مستوى جيد استجابة لانتظارات الشباب، وذلك في أفق وضع الإستراتيجية الوطنية المندمجة في هذا المجال.
صمود الاقتصاد الوطني أمام تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
إن النتائج الإيجابية التي حققناها في الجانب الاجتماعي، والتي كانت بمثابة تعاقد اجتماعي جديد يجعل خدمة المواطن في صلب المخططات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، لهي نتيجة سياسات اقتصادية جريئة التزمت الحكومة بإرسائها على أرض الواقع.
فقد شمل الأداء الجيد للاقتصاد الوطني أهم المؤشرات الماكرواقتصادية، وساعد بروز قطاعات جديدة على تنويع مصادر النمو أسفر عنه تحول نوعي في بنية الاقتصاد الوطني.
وقد أبان الاقتصاد المغربي عن مناعة كبيرة في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، على الرغم من تأثر القطاعات المرتبطة بالطلب الخارجي وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والاستثمارات الخارجية، وذلك نتيجة انفتاح اقتصادنا الوطني على محيطه الدولي.
وهكذا واصل الاقتصاد الوطني تحسنه، مرتكزا على دعم مكونات الطلب الداخلي عبر تدابير تحفيزية، سواء على مستوى الاستثمار أو الاستهلاك اللذين شكلا المحرك الرئيسي للنمو؛ حيث استطاع الاقتصاد الوطني تحقيق وتيرة نمو تفوق 5,6% برسم سنة 2008، و5,3% سنة 2009.
وموازاة لذلك، استطاعت بلادنا تكريس استقرار الإطار الماكرو اقتصادي، حيث تم حصر عجز الميزانية في حدود 2,2% من الناتج الداخلي الخام سنة 2009، بعد أن سجل فائضا حُدد في نحو 0,4% سنة 2008. كما انخفض معدل المديونية ليصل إلى 47% من الناتج الداخلي الخام سنة 2009.
وعلى الرغم من الارتفاعات القياسية لأسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، استطعنا التحكم في معدل التضخم في حدود 1% سنة 2009، بعد أن تم تسجيل 3,9% سنة 2008.
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
بفضل هذه الإنجازات والنهج الإصلاحي الذي نتبناه وفق التوجيهات الملكية السامية، تمكنت بلادنا من تحسين تصنيفها الائتماني من طرف الوكالة الدولية « سطاندار إند بورز»، والانتقال إلى فئة الدول المصنفة في «درجة الاستثمار».
غير أنه وعلى الرغم من ذلك، ينبغي التأكيد على أن الأزمة الدولية مازالت ترخي بظلالها على الاقتصاد الوطني، مما يتطلب منا المزيد من اليقظة والحذر، وتعبئة كافة الجهود لمواصلة مواجهة تداعياتها، خصوصا وأننا سجلنا تدهورا في ميزان الأداءات، رغم تقلص العجز بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام من 2,5% سنة 2008، إلى5% سنة 2009، وذلك نتيجة تراجع الصادرات وعائدات السياحة وتحويلات مواطنينا المقيمين بالخارج.
منهجية لتدبير الأزمات تجمع بين التدبير الظرفي والاستراتيجي
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
لقد اعتمدنا لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية منهجية تنبني على مقاربة تزاوج بين التدابير الاستباقية والاستعجالية الظرفية، دون إغفال البعد الإستراتيجي، حيث ترتكز هذه المنهجية على ثلاث ركائز أساسية:
إعطاء دينامية خاصة لمكونات الطلب الداخلي
أولا: تعزيز الطلب الداخلي، حيث حرصت الحكومة على إعطاء دينامية خاصة لمكونات الطلب الداخلي، سواء على مستوى الاستهلاك أو الاستثمار، عبر تحسين الدخول والرفع من القدرة الشرائية، حيث سجل متوسط الاستهلاك الوطني ما بين 2008 و2009، ارتفاعا بنسبة 7%، مقابل حوالي 4% فقط سنة 2007.
تكثيف الاستثمار العمومي لمواصلة الاوراش الكبرى المهيكلة
كما تم مضاعفة الميزانية المخصصة للاستثمارات العمومية مابين 2007 و2010، حيث انتقلت من 82 مليار درهم إلى 163 مليار درهم. وتخصص الاعتمادات المرصودة في هذا الإطار لتقوية وتدعيم دينامية إنجاز الأوراش الكبرى المهيكلة التي تتواصل تحث الإشراف الملكي السامي في مختلف المجالات.
وهكذا ففي مجال الطرق، واستنادا إلى ما تعهدت به الحكومة في شأن رفع وتيرة إنجاز الطرق السيارة، فقد تم رفع معدل الإنجاز إلى 160 كلم حاليا، بعد أن كان لا يتجاوز40 كلم في السنة. وسنواصل توسيع طول الشبكة الوطنية للطرق السيارة لتصل إلى أزيد من 1800 كلم في أفق 2015.
وفي مجال السكك الحديدية، تم الشروع في توسيع الشبكة السككية عبر إنجاز خطوط جديدة، وعصرنة المعدات المتحركة، وشبكة المحطات السككية التي همت حوالي 40 محطة.
وقد شرعنا في التأسيس لمرحلة جديدة لتطوير القطاع السككي بالمغرب، من خلال بداية إنجاز برنامج طموح لخطوط القطار فائق السرعة، بدءا بالخط الرابط بين طنجة والدار البيضاء.
وفي مجال الموانئ، وبعد بدء العمل بميناء طنجة المتوسطي الأول، تم إعطاء انطلاقة مشروع بناء ميناء طنجة المتوسطي الثاني، وتحويل ميناء طنجة القديم إلى ميناء ترفيهي. كما شرعنا في إنجاز الدراسات المتعلقة بالمركب المينائي المندمج «الناضور غرب المتوسط»، بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وفي مجال الطاقة، ومن أجل تعزيز القدرة الإنتاجية لبلادنا، تم الشروع في تشييد وحدتين لإنتاج الكهرباء بالجرف الأصفر وآسفي، ومحطتي الطاقة الريحية بطنجة وطرفاية، ومحطة بني مطهر الغازية الشمسية، ومحطة توليد الطاقة بالغاز الطبيعي بالقنيطرة.
وفي مجال السدود والماء والصرف الصحي، تواصل الحكومة تشييد 23 سدا كبيرا ومتوسطا، وإنجاز منشآت الحماية من الفيضانات بكل من طنجة وتطوان ومرتيل ووجدة والفنيدق.
وفي مجال الإسكان والتعمير، تستمر مجهودات الحكومة في التأهيل الحضري للمدن عبر إطلاق مشاريع كبرى للتنمية الحضرية، كمشروع تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق بالرباط، والقطب الحضري أنفا بالدار البيضاء. كما نواصل مشاريع إحداث المدن الجديدة بهدف تخفيف الضغط عن المدن وتنويع العرض في ميدان السكن في مختلف جهات المملكة.
دعم ومساندة القطاعات التصديرية المتضررة: إحداث لجنة اليقظة الإستراتيجية
ثانيا: دعم ومساندة القطاعات التصديرية المتضررة، حيث سارعنا منذ البوادر الأولى لآثار الأزمة العالمية إلى تشكيل «لجنة اليقظة الإستراتيجية»، بشراكة بين القطاعين العام والخاص، لمواجهة الأزمة ومتابعة تداعياتها على الاقتصاد الوطني.
وهكذا تم اتخاذ مجموعة من التدابير الاستعجالية منذ يبراير 2009 وإلى اليوم، استفادت منها المقاولات الأكثر تضررا في مختلف القطاعات، من بينها النسيج والجلد وصناعة السيارات والإلكترونيك. وقد همت هذه التدابير بالخصوص:
- الحفاظ على مناصب الشغل، حيث التزمت المقاولات بالمحافظة على مستخدميها مقابل تحمل الدولة لنسبة 20% من كتلة الأجور في القطاعات الأشد تضررا. وقد تمكنا فعلا من الحفاظ على 100.000 منصب شغل بفضل هذا الإجراء؛
- ضمان الاستمرارية بالنسبة للمقاولات عبر تحسين وضعيتها المالية، من خلال دعم تمويل التسيير من طرف الدولة عبر صندوق «ضمان الاستغلال»؛
- البحث عن أسواق جديدة في إطار دعم التصدير، وذلك عبر تحمل الدولة لمصاريف الاستكشاف وتقليص تكلفة تأمين التصدير بالنسبة للمصدرين؛
- دعم مواطنينا المقيمين بالخارج عبر إحداث نظام خاص لتمويل الاستثمارات التي لا تقل عن مليون درهم، واعتماد مجانية التحويلات البنكية من الخارج نحو المغرب عبر البنوك المغربية وفروعها بالخارج، وتخفيض عمولة الصرف ب50% لفائدة جميع المبادلات مع الخارج.
تنويع مصادر النمو: جيل جديد من الاستراتيجيات المندمجة
ثالثا: تنويع مصادر النمو، حيث شرعنا بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في اعتماد جيل جديد من استراتيجيات قطاعية مندمجة همت مختلف المجالات الحيوية ببلادنا، وإحداث وكالات لمتابعة تنفيذ مختلف هذه الإستراتيجيات، وأخص بالذكر وكالة التنمية الفلاحية التي تتكلف بالإشراف على تفعيل مخطط المغرب الأخضر، والوكالة المغربية للطاقة الشمسية التي تواكب تفعيل الإستراتيجية الطاقية، والوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية لتنفيذ الإستراتيجية اللوجستيكية.
ويتعلق الأمر ب:
مخطط المغرب الأخضر
- مخطط المغرب الأخضر للنهوض بقطاع الفلاحة وتقوية إنتاجيته، والذي يهدف إلى إحداث تطور نوعي في القطاع الفلاحي بوصفه دعامة رئيسية لتنمية شاملة ومندمجة وأساس الأمن الغذائي.
ومن هذا المنطلق، تم إعداد برنامج عمل على المدى المتوسط والبعيد، يرتكز على دعامتين أساسيتين: تستهدف الأولى تنمية الفلاحة ذات القيمة المضافة والإنتاجية العالية، والموجهة بالأساس نحو التصدير، على مساحة 1.200.000 هكتار؛ أما الدعامة الثانية فتهدف إلى دعم صغار الفلاحين قصد محاربة الفقر عن طريق التأهيل التضامني للنسيج الإنتاجي، لفائدة 800 ألف فلاح.
ولمواكبة هذا الورش التنموي الهام، بادرت الحكومة إلى الرفع من اعتمادات الاستثمار المخصصة للقطاع
الفلاحي من 1,6 مليار سنة 2008، إلى 5,2 مليار سنة 2010، أي بزيادة تقدر ب 180%، الشيء الذي يعكس الإرادة السياسية للحكومة في النهوض بهذا القطاع الحيوي بالنسبة للمغاربة، الذي يمثل مابين 15 و20% من الناتج الداخلي الخام، والذي يوفر أزيد من 4 ملايين منصب شغل.
وقد شرع هذا المخطط في تحقيق الأهداف المسطرة بعد سنتين من تفعيله، باستثمار 10 ملايير درهم في الدعامتين الأولى والثانية. كما تم تسجيل تحسن لأهم مؤشرات القطاع.
الإستراتيجية المائية
- وارتباطا بالفلاحة، يحظى قطاع الماء باهتمام كبير من طرف الحكومة، لما له من دور حيوي يرتبط أساسا بخدمة المواطن. وهكذا تم بلورة استراتيجية مائية طموحة تعتمد على منظور شمولي ومندمج في تدبير الماء يعالج كل الجوانب، من التحكم في الطلب، والاقتصاد في استعمال المياه، والرفع من نجاعة التجهيزات، والمحافظة على الرصيد المائي المتوفر، مع مواصلة الجهود من أجل تعبئة الموارد المائية القابلة لذلك.
وقد تم في هذا الإطار اعتماد برامج مدققة تهم بالخصوص، البرنامج الوطني للتطهير، وبرنامج اقتصاد الماء في الدوائر السقوية، وإعادة تأهيل شبكة توزيع الماء، وبرنامج تعبئة المياه السطحية، وبرنامج إعادة الأحواض المائية، والمحافظة على التجهيزات الهيدروفلاحية.
ونظرا للطابع الهيكلي المحتمل للفيضانات ببلادنا، فقد اعتمدنا برنامجا طموحا لحماية المناطق المهددة، كما وضعنا مشروع قانون يتعلق بالكوارث الطبيعية.
وموازاة لذلك، دبرنا أزمة الفيضانات التي شهدتها بلادنا خلال السنتين الأخيرتين، بتخصيص مليار و670 مليون درهم برسم السنة الحالية، وأكثر من مليار درهم في السنة الماضية، ضمن برنامج استعجالي لمواجهة تداعيات هذه الفيضانات؛ همت بالخصوص، إصلاح التدهور الذي عرفته الشبكة الطرقية والجسور وتهيئة المسالك، ومنح إعانة مباشرة لإعادة الإسكان، وإقامة أنظمة لليقظة والإنذار للأرصاد الجوية.
مخطط هاليوتيس للصيد البحري
- ومن أجل تعزيز مكانة الصيد البحري ومساهمته في النشاط الاقتصادي الوطني، أعطت الحكومة انطلاقة استراتيجية مندمجة لتحديث وعصرنة القطاع، أطلق عليها اسم «مخطط هاليوتيس». وتتمحور هذه الإستراتيجية حول ثلاث دعامات رئيسية تتوخى المحافظة على الموارد البحرية، وتنمية البنيات التحتية ونقط التفريغ وقرى الصيادين والتسويق، مع العمل على تثمين الكميات المصطادة محليا.
الميثاق الوطني للانبثاق الصناعي
- أما فيما يخص الصناعة، فقد تم بلورة الميثاق الوطني للانبثاق الصناعي الذي يحرص على ضرورة تركيز الجهود، وإعطاء نفس جديد للمهن العالمية للمغرب، كقطاعات ترحيل الخدمات، والسيارات، والإلكترونيك، والطيران، والنسيج والجلد، وقطاع الصناعات الغذائية، باعتبارها قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، وذلك عبر تفعيل برامج خاصة لتطويرها ومدها بالبنية التحتية الملائمة المتمثلة في إحداث مناطق صناعية مندمجة.
الإستراتيجية الطاقية
- ويحظى قطاع الطاقة باهتمام بالغ من طرف الحكومة، إذ عملنا على بلورة استراتيجية جديدة لتنمية هذا القطاع تهم مختلف فروعه، كالكهرباء والطاقات المتجددة والموارد النفطية، مع التركيز على النجاعة الطاقية بهدف الحد من التبعية الطاقية عبر تنويع المصادر والرفع من الإنتاج الذاتي.
وبالموازاة مع ذلك، تم وضع مخطط وطني للتدابير ذات الأولوية، يهدف إلى ضمان التوازن بين العرض والطلب في الفترة الممتدة بين 2008 و2012، وذلك بالعمل على تعزيز بنيات الإنتاج من جهة، وعلى ترشيد استعمال الطاقة من جهة أخرى. وهكذا تم تركيب 4,4 مليون مصباح ذات الاستهلاك المنخفض إلى حدود نهاية شهر مارس 2010، في أفق تركيب 10 ملايين مصباح سنة 2012، مما مكن من توفير 170 ميكاواط خلال ساعات الذروة.
إستراتيجية المغرب الرقمي
ومن أجل إدماج المغرب في الاقتصاد العالمي للمعرفة، عملت الحكومة على إرساء سياسة جديدة في مجال تنمية تكنولوجيات العصر، أطلق عليها اسم «المغرب الرقمي». وتستند هذه الإستراتيجية إلى ثلاثة أهداف أساسية. ويتعلق الأمر بتطوير الخدمات العمومية الموجهة للمتعاملين مع الإدارة انطلاقا من برنامج للحكومة الإلكترونية يطمح إلى رفع عدد الخدمات العمومية إلى 89 خدمة في أفق سنة 2013؛ وتحسين تنافسية المقاولة الصغرى والمتوسطة عبر الرفع من قيمة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات؛ وأخيرا تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات محليا، وتحفيز قيام أقطاب التميز الموجهة للتصدير، وإعطاء دفعة قوية لترحيل الخدمات.
إستراتيجية سياحية جديدة في أفق 2020
- وبخصوص السياحة، فقد مكنت رؤية 2010 من تسجيل تطور ملموس للاستثمارات في مجال السياحة رغم الأزمة، حيث تم الرفع من الطاقة الإيوائية ب50%، وتحقيق ارتفاع في عدد السياح الوافدين بنسبة 8% سنويا ليفوق اليوم 8 ملايين سائح. كما تم خلال سنة 2009، افتتاح محطتي السعيدية ومازاكان الجديدة. ومن المنتظر الشروع قبل نهاية السنة الجارية في تشغيل محطتي لكسوس بالعرائش وموكادور بالصويرة. وتنكب الحكومة حاليا على التحضير لرؤية 2020، تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية.
تفعيل رؤية 2015 للصناعة التقليدية
- أما فيما يخص الصناعة التقليدية، فبالإضافة إلى كونها تشكل موردا أساسيا لعيش شريحة واسعة ومهمة من أبناء وطننا العزيز، فهي كذلك مرآة تعكس حضارة أمة وأصالة شعب، وبذلك تبقى أحد رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وهكذا فإن الحكومة قد عملت، التزاما منها بما جاء في التصريح الحكومي، على تفعيل بنود رؤية 2015 وإدخالها حيز التنفيذ؛ حيث تم التعميم التدريجي لمخططات التنمية الجهوية للصناعة التقليدية. كما تم تعبئة أكثر من ملياري درهم في إطار إحداث صندوق الضمان لفائدة الصناع التقليديين، كما تم إحداث ما يقارب 140 مقاولة مهيكلة تنشط في هذا القطاع خلال السنتين الأخيرتين، مما يرفع عددها إلى 250 مقاولة.
وقمنا كذلك بتوقيع عقد برنامج يهم النهوض بقطاع الزربية التقليدية، لما له من دور في الرفع من الإنتاجية وخلق فرص الشغل، وذلك لتسهيل ولوج المنتوج إلى الأسواق المستهدفة.
وسيستمر العمل في اتجاه تعزيز البنيات التحتية المتعلقة بقرى ومركبات الصناعة التقليدية في عدد من المدن، وإدماج فضاءات تجارية بالمناطق السياحية. كما سيتم تحسين شروط السلامة بالقطاع؛ وكل ذلك بهدف الرفع من الإنتاجية وتحسين جودة المنتوج التقليدي ذي الحمولة الثقافية.
تنمية الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية المستدامة
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
لقد كان للبعد البيئي مكانة خاصة في كل البرامج الحكومية والمخططات الإستراتيجية المعتمدة.
وفي هذا الإطار، ينخرط المغرب وفقا للتوجيهات الملكية السامية، في استعمال الطاقات المتجددة والنظيفة، خاصة الطاقة الشمسية، لما له من إمكانات ضخمة يعتزم استثمارها في هذا المجال، وذلك عبر إنشاء محطات شمسية بقدرة 2000 ميكاواط في أفق 2020، وتعزيز الترسانة القانونية في مجال الطاقات المتجددة بمجموعة من القوانين الجديدة.
كما تقوم الحكومة بمجهودات جبارة في مجال تدبير النفايات الصلبة والتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة؛ حيث تم إعداد برنامج وطني للتطهيرالسائل ومعالجة المياه العادمة يرتكز على إعادة تأهيل وتوسيع شبكة التطهير السائل، وتعزيز نظام تصريف مياه الأمطار، وإحداث محطات لمعالجة المياه العادمة في 330 مدينة ومركز حضري. كما تم إعداد المخطط الوطني لتدبير النفايات المنزلية والمماثلة، بهدف الرفع من عملية جمع النفايات والنظافة بالحواضر، وإعادة تأهيل المطارح وتطوير عملية فرز وإعادة التدوير والتثمين عبر مشاريع نموذجية.
ولتعزيز هذه الجهود التي ما فتئنا نبذلها في الميدان البيئي، أعطى صاحب الجلالة تعليماته السامية بمناسبة خطاب العرش الأخير، من أجل صياغة ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية، ضمن تنمية شاملة ومستدامة. وقد انكبت الحكومة منذ ذلك الوقت على إعداد مشروع وطني بيئي متكامل، وفق منهجية تشاركية تعتمد التشاور بين كل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والمجتمع المدني بكل جهات المملكة.
وقد شكل يوم الأرض، الذي تشرفت مدينة الرباط باحتضان فعالياته هذه السنة، مناسبة لتحسيس الجميع بالحق في العيش في وسط طبيعي سليم وبيئة متوازنة، من خلال المحافظة وتنمية التراث الطبيعي والثقافي الذي يعد ملكا مشتركا للوطن، وإرثا متداولا بين الأجيال.
تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني والرفع من تنافسيته
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
بالموازاة مع تكثيف مجهودات الدولة في مجال الاستثمار العمومي، ومن أجل تحقيق تنمية قوية ومستدامة، حرصت الحكومة على تشجيع الاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية، عبر تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني والرفع من تنافسيته، وتحسين مناخ الأعمال، وكذا دعم المقاولة والتصدير.
وفي هذا الإطار، تم إحداث الوكالة المغربية لتنمية الاستثمار التي أسندت إليها مهام التواصل والبحث عن فرص استثمار جديدة تنسجم مع مختلف السياسات القطاعية المعتمدة.
كما تم إحداث اللجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال، المكونة من فاعلين في مختلف المجالات من القطاعين العام والخاص، بهدف تبسيط وتقوية شفافية المساطر الإدارية، والعمل على تحديث قانون الأعمال، وتحسين حل النزاعات التجارية، خاصة عبر تطوير وتشجيع استعمال الوسائل البديلة كالوساطة والتحكيم.
دعم المقاولة الصغرى والمتوسطة
أما بالنسبة لدعم المقاولة، فقد اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات، حيث شرعنا في إصلاح النظام الجبائي في أفق إرساء سياسة جبائية مبسطة وتنافسية.
وفي هذا الإطار، تم تخفيض معدل الضريبة على الشركات من 35 إلى30%، كخطوة أولية لتحسين قدراتها على الاستثمار.
وفيما يخص المقاولات الصغرى والمتوسطة التي يعد إنعاشها أولوية بالنسبة لنا، لما لها من دور في إنتاج الثروات وخلق فرص الشغل، فقد قامت الحكومة بإعادة النظر في مهام الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث ستركز هذه الأخيرة جهودها على مواكبة مسلسل تحديث المقاولات والرفع من ديناميتها وتنافسيتها وتنمية التكامل، وتنسيق مختلف برامج المساندة التقنية في إطار استراتيجية التدخل المندمجة. وقد تم في هذا الإطار، وضع برنامجي «امتياز» و»مساندة».
فبرنامج «امتياز»، يستهدف في أفق 2012، مائتي مقاولة من المقاولات الواعدة ذات الإمكانات الهامة للنمو، والتي تلتزم الدولة بدعمها في جهود التحديث وتحسين التنافسية، عن طريق دعم استثماراتها بنسبة 20%.
أما برنامج «مساندة»، فيتوخى في أفق 2012، تأهيل 2000 مقاولة من المقاولات التي توجد في طريق التحديث لمساعدتها على تدبير مواردها البشرية ووضع استراتيجيات لتحسين أنظمتها المعلوماتية.
أما فيما يخص المقاولة الصغيرة جدا، فإننا منكبون على إنجاز استراتيجية خاصة بهذه الفئة لدعمها وتطويرها.
سياسة طموحة للتصدير
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
لتحسين جاذبية الاقتصاد الوطني وجعل بلادنا قاعدة للتصدير، اعتمدنا سياسة تحفيزية للصادرات. وقد قمنا في هذا الإطار بإحداث صندوق خاص لدعم الصادرات خصص له غلاف مالي إجمالي قدره 500 مليون درهم برسم الفترة 2009-2010.
وفي نفس الإطار، قامت الحكومة بوضع استراتيجية جديدة متوسطة المدى «MAROC EXPORT PLUS «، تهدف إلى تحفيز الشركات الوطنية ومساعدتها على ولوج الأسواق الخارجية، عبر إعادة هيكلة وتوسيع النسيج المقاولاتي للشركات المصدرة بالمغرب.
تطوير التنافسية اللوجستيكية
وتماشيا مع هذا التوجه، تم إعداد الإستراتيجية الوطنية لتطوير التنافسية اللوجستيكية، والتي تم تقديمها أمام جلالة الملك مؤخرا.
وترتكز هذه الإستراتيجية على خمسة محاور تتمثل في إنشاء شبكة وطنية للمحطات اللوجستيكية، واعتماد مجموعة من التدابير لترشيد رواج البضائع، وتطوير الفاعلين اللوجستيكيين، والتكوين في مهن اللوجستيك .
وفي نفس السياق، تم تعزيز القدرة التنافسية للمقاولات المغربية، من خلال الإستراتيجية المعتمدة لتنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال في أفق 2013، الهادفة إلى إقامة بنيات تحتية ملائمة لتقليص الهوة الرقمية، وتوسيع الولوج إلى خدمات المواصلات عبر تخفيض أسعار المكالمات وتنشيط رافعات التقنين.
إحداث أقطاب تنموية مندمجة
وبفضل كل هذه المجهودات المبذولة لتنويع اقتصادنا والرفع من جاذبيته، تم إحداث أقطاب تنموية صناعية وفلاحية وخدماتية مندمجة، ترتكز على حكامة ترابية أكثر نجاعة وأفضل تناسقا على الصعيدين المحلي والوطني، تمهيدا لمشروع الجهوية الموسعة التي نادى بها صاحب الجلالة أيده الله ونصره.
وفي الختام، السيد الرئيس المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمون، فقد مرت اليوم أكثر من سنتين من عمر الحكومة، تحققت خلالها عدة منجزات، وطالت إرادة الإصلاح عددا من الاختلالات والعوائق، وبدأت نتائج التوجه الاجتماعي للحكومة تنعكس إيجابيا وبالتدريج على الحياة اليومية للمواطن. ونحن عازمون على مضاعفة جهودنا من أجل الوفاء بالتزاماتنا والاضطلاع بمسؤولياتنا السياسية في خدمة مواطنينا والمصلحة العليا لبلادنا.
وفي متابعة إنجاز هذه الإصلاحات بما يضمن لها تحقيق الأهداف المرجوة منها، سنواصل بناء مغرب يستوعب مختلف مشاريع النجاح ويوفر فرص الارتقاء والحياة الكريمة للجميع، ويتطلع إلى المستقبل بكل ثقة وتفاؤل، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره.
والحكومة تعاهد جلالة الملك أيده الله، وممثلي الأمة على مواصلة الجهود لإنجاز البرنامج الحكومي، وتغتنم هذه المناسبة للتنويه بالأغلبية لدعمها للحكومة، وللتأكيد للمعارضة على الاستمرار في الإصغاء لمقترحاتها البناءة. كما تعبر عن ثقتها في مجلسكم الموقر للانكباب على النقاش البناء لهذا التصريح، مؤكدين لكم أن الحكومة ستأخذ بعين الاعتبار كل الملاحظات الوجيهة التي ستعبرون عنها، تأصيلا للتقاليد الديمقراطية.
شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.