«سعى نفر من الاحتكاريين، بدوافع مالية محضة، إلى التحكّم في صناعة إنتاج الأفلام وتوزيعها داخل الولايات المتّحدة، غير أنّ الانتشار السّريع لهذه الصّناعة خيّب آمالهم.» شرعت الابتكارات التقنية المرتبطة بالحقل السّينمائي تزدهر بالولايات المتّحدة ابتداء من عام 1880. ففي مختبرات طوماس ألفا إديسون، الواقعة في ويست اورنجWest Orange ونيوجيرسي كان يشتغل إسكتلانديّ يدعى ويليام.ك.ل.ديكسون، استطاع عام 1889 أن يحصل على أربعة عشر مترا من شريط سينمائيّ جديد، مرن وذي حوامل للسّيلوليد، مصنوع من قبل جورج إيستمان لغرض تطوير تجاربه الخاصة بصنع كاميرا سينمائية. وفي عام 1893 تمّ تأسيس استوديو «بلاك ماريا» على أراضي إديسون؛ هذا البناء، الذي صمّم خصّيصا ليلتقط الضّوء بشكل جيّد، تفرّد باحتوائه كاميرا كينيتوغراف Kinetographe العملاقة، التي تعمل بالكهرباء. كان الفرنسيّ أوجين أغسطين لوست Eugene augustin Lauste يعمل في هذه المختبرات؛ وهو أوّل من قدّم تجربة الرّسوم المتحرّكة. وقام بعد ذلك بتصميم وصنع أول آلة عرض أشرطة عريضة، مستخدما جهازا حلقيّا لا يزال مستعملا، إلى يومنا هذا، في كلّ آلات العرض الحديثة! وكان للوست إسهاما مشهودا في أبحاث استوديوهات إديسون الخاصّة بحقل التصوير الفوتوغرافي، والتي قادت إلى ابتكار كاميرا كينيتوغراف ومنظار كينيتوسكوبKinetoscope اللّذين يستعملان أشرطة مثقوبة. عضو آخر في فريق إديسون يدعى شارل شينوك Charles .E.Chinnock تنكّر إديسون لحقوقه في ترخيص الكاميرا الخاصة التي صنعها. وفي نيوجرسي ظهر الكيميائي هنبعل غودوينHannibal Goodwin الذي ادّعى أنه صانع سلسلة شرائط متعاقبة، مرهفة، ملفوفة وشفّافة، تنفع لتكون حاملة للصّورة الفوتوغرافية. لكن ترخيصها حورب من قبل إيستمان كوداك كومباني Eastman Kodak company . في مستهلّ القرن، خاضت مجموعة صغيرة من التّجار الجسورين مغامرة ربح المال من خلال كاميرا، وكان فيهم عباقرة حقيقيون في مجال الميكانيكا ممّا سمح لهم بابتكار أجهزتهم الخاصّة. وباستثناء إديسون، الذي كانت غاياته من الابتكارات أكثر رحابة، فإن أسماء مثل ويليام ديكسون، وودفيل ليثام، وفرانسيس جينكينز، وتوماس أرماط، وألبرت سميث، وويليام سيليج وغيرهم قدّموا ابتكارات كثيرة لها علاقة بالتصوير الفلميّ وعرض الصّور المتحرّكة. بعض هذه الأجهزة كان مصنوعا أو مكترى من قبل السّينمائيين الأكثر نشاطا، إلى أن أصبح لكلّ شركة أجهزة تصوير تمتلكها، فضلا عن إنتاج أفلامها الخاصّة. فشركات مثل البيوغراف ولوبين وفيتاغراف وسيليج وإيساناي وغومون ولوميير وباثّي بادروا إلى استخراج تراخيصهم الخاصّة، وهو ما سمح لهم بولوج الأسواق السّينمائية بدون أخذ إذن إديسون أو غيره. تمثّلت الخطّة المعتادة، التي اتّبعها إديسون، في تزويد »وكالة التراخيص الأمريكيّة« بمطبوعات مخصّصة لترخيص الابتكارات الجديدة، أو أجزاء منها، أو صور هذه الابتكارات وتصميماتها...إلخ؛ وفي حالة ما إذا رفضت الوكالة أحد هذه الابتكارات، فإن إديسون يدأب على تحسينها وتطويرها حتّى تلقى القبول من الوكالة وتنال التّرخيص. وهو نفس الأسلوب الذي اتّبعه مخترعون آخرون في تحسين الأجهزة والآلات المشابهة إلى حين الموافقة على ترخيصها. وبعدما خابت مساعي إديسون إلى ترخيص الشّريط السّينمائي (حامل السّيلولويد)، المصنّع من قِبَلِ جورج إيستمان، حاول أن يتحايل على الوكالة قانونيّا فادّعى أنّه مبتكر الثّقوب التي تدعّم شريط السّيلوليد. وقد اعترف حكم ابتدائيّ بترخيص ثقوب إديسون في دجنبر 1911، غير أنّ محكمة الاستئناف، عام 1912، ألغت الحكم السّابق استنادا إلى عدم شرعية ترخيص الثّقوب التي أنجزها إديسون على شريط لم يبتكره هو. وبعد أن غادر ويليام .ك.ديكسون شركة إيدسون، عام 1916، لينضمّ إلى شركة البيوغراف ابتكر كاميرا عبقريّة تستعمل أشرطة بدون ثقوب، إذ إنّها هي من يثقب الشّريط أثناء التّصوير . أما شركة إكلير الفرنسية التي استقرّت في نيوجيرسي فقد وظّفت شخصا مكلّفا بثقب الأشرطة(غير القانونية) التي كانت تبتاعها بشكل يوميّ. وكان على المبتكرين الأصليين ومالكي التّراخيص الشّرعية أن يواجهوا أشخاصا مستقيمين، أكثر من المشبوهين، حصلوا على آليات سينمائية، بطريقة من الطّرق، وشرعوا في صنع مثيلاتها. كان ثمّة وجود لمنتجين كثر اضطرّوا إلى استعمال آليات غير مسجلّة وأشرطة غير شرعيّة، وهكذا تحتّم عليهم أن يهتمّوا جيّدا بالدّعاوى القضائية والمنازعات القانونيّة بنفس درجة اهتمامهم بإخراج الأفلام! كانت الصّناعة السّينمائية الوليدة محاصرة بأعمال اللّصوصية والعنف. وبادر جورج كلينGeorge Kleine ، الذي كان يدير شركة بصريات في شيكاغو، ويستورد أيضا أفلاما أجنبيّة، خاصة تلك الموقّعة من قبل شركة غومونت، إلى الإعلان بأنّ الوقت حان لكي يتخلّى كبار المنتجين عن إنفاق أموالهم على المحامين والقضايا ويجلسون إلى مائدة الحوار والتفاهم؛ وقد استطاع أن يقنع إديسون ومستشاريه القانونيين بوجهة نظره. قبل أن يلحق بهم كلّ من توماس أرمات الذي أدخل عام 1896 تحسينات على آلة العرض فيتاسكوب إديسون. والتحقت بركب الحوار كلّ من شركات فيتاغراف وكاليم وإيسناي وسيليج ولوبين وباثي، أكبر شركة إنتاج سينمائي في تلك الفترة، وكذلك فعل جورج ملييس. لقد طمح كلّ من أمريكان موتوسكوب وبيوغراف، المتقاضيتين، إلى الحصول على كاميرا خاصّة بهما، مصمّمة ومرخّصة من قبل ديكسون. ولكنّهما كانا ملزمين بأداء مبلغ باهظ لإحدى البنوك النّيويوركية قدّر ب200.000 دولار. الأمر الذي لم يكن في مستطاعهما. غير أنّ أحد المساهمين في البنك، وهو المهندس جيريمي .ت.كينيديJeremiah.j.Kennedy تسلّم اختصاص »التّرخيصات السّينمائية« المعقّد، ونقل مكتبه إلى إحدى محلاّت استوديوهات بيوغراف ليسهّل عليهما الأمر. لم يحضر مالكي شركة بيوغراف، في بادئ الأمر، مأدبة العشاء المعلنة بفندق» أستور» النيويوركي في دجنبر عام 1907، حيث تمّ تأسيس مجموعة»تجّار إديسون«. احتاج الأمر إلى سنة إضافية من الضغوطات لكي يتمكّن كينيدي من إقناع رئيس البيوغراف ومديرها التنفيديّ هنري.ن.مارفينHenry .N.Marvin بضرورة الانضمام إلى المجموعة. وفي 19 من دجنبر 1908 وخلال مأدبة(وقف الاعتداءات) التي تمّ إحياؤها في مركّب مباني إديسون بويست أورنج، اجتمع الخصوم القدامى بالمكتبة المحادية للمختبرات. جلسوا جميعا على نفس المائدة وأخذوا صورا وهم يمدّون أكفّهم للتحيّة؛ كان الحضور يشمل كلاّ من جورج كلين، سامويل لونج، فرانك ماريسون عن لا كاليم كومباني، جاك بيرست عن لاباثي، ألبرت سميث وستيوارت بلاكتون ووليام روك عن فيتاغراف، طوماس إديسون عن إديسون كومباني، جورج سبور عن إيساناي، سيغموند لوبين وفرديناند ويليام عن لوبين، الكولونيل وليام سيليج عن سيليج بوليسكوب، هنري مارفين وجيريمي كينيدي عن البيوغراف، وميليس، أيضا، كان حاضرا لتأسيس شركة الترخيصات السّينمائية أو ما أصبح يعرف ب »Motion Picture Patents Company «. أصبح تجمّع إديسون، بيوغراف وأرمات(الذي صار شريكا للبيوغراف) وفيتاغراف يملك، الآن، ستّة عشر ترخيصا أصيلا، وأحد أنواع الأشرطة الخامّ، وكاميرتين وثلاثة عشر جهاز عرض سينمائيّ(بروجيكتور). وكانت أنشطة هذه الشركة حديثة العهد تنعم بحماية قانونية بحيث يمنع بيعها. اعتبرت ترخيصات إديسون أساسية، وصادق جميع أعضاء الشركة على هذا الامتياز. من جهته، قبل إديسون الاعتراف بباقي التراخيص، والتوقّف عن المتابعة القانونية للشّركات التي تملكها، والتي انضمّت إلى تجمّعه. إذ أصبحت الوحيدة التي يمكنها أن تستخدم آليات التصوير، وتمّ إقصاء الكثير من المنتجين السّينمائيين المستقلّين. اضطلع جيريمي كينيدي، رئيس الشركة الجديد، بمهام تطبيق القوانين بكلّ صرامة وفعالية: إنّ استوديوها مسجّلا ومرخّصا له يملك الحقّ في كراء أشرطته لعارض سينمائيّ مسجّل وليس لأحد آخر. لقد أصبحت «الباتينت كومباني» تتقاضى نصف سنت( عملة أمريكية) في 28 سينتيمتر من الشريط (بالنسبة للمنتجين)، و دولارين اثنين في الأسبوع(بالنسبة للعارضين). هذا التّصميم التّجاري المحكم درّ على ميزانية الشركة ما يربو على 24.000 دولار أسبوعيّا. وقد كان كينيدي يتحكّم بمهارة في تفاصيل عقود الإنتاج والعرض، منبّها منتجي الأفلام إلى عدم شراء سيناريوهات بأكثر من 60.50 دولارا، وبعدم إعلان أسماء الممثل أو المخرج أو السّيناريست، لا على الشريط المعروض ولا حتّى في أية وسيلة إعلامية أخرى. لكنّه وقّع عقدا استثنائيا مع جورج إيستمان، الصانع الرئيس للشريط الخام بالولاياتالمتحدة، يسمح له ببيع أشرطته الخامة التي تستخدم في كاميرات إديسون. وفي عدد 11 دجنبر 1909 من مجلّة »عالم الصور المتحرّكةThe Moving Picture World «وردت الملاحظة الآتية: » سوف يصل السّوق الأمريكيّ، قريبا، شريط خامّ جديد، غير قابل للاشتغال، من أجل تصوير الأفلام، تمّ تصنيعه من قبل صناعات أنيلينAniline؛ في نيويورك وبرلين«. وقد تمكن المنتجين غير المسجّلين من الحصول على هذا الشريط، تماما، كما حدث مع الشريط الخام الذي صنعه الأخوان لوميير في فرنسا، وتمّ بيعه في الولاياتالمتحدة من خلال مندوبهما هناك جول برولاتورJules Brulatour. شكّل فيلم البكرة الواحدة قاعدة البرمجة في القاعات السينمائية الأمريكية. وكانت البرامج السينمائية تستمرّ من ساعة إلى ساعتين، وتستهلك من أربعة إلى تسعة أفلام ذات البكرة الواحدة تتبدّل كلّ يوم. ولأجل ذلك احتاج كلّ عارض، على الأقلّ، ما بين ثلاثين وستّين فيلما في الأسبوع، قد تكون إنتاجا وطنيّا أو مستوردا. ونظرا إلى أنّ تجمّع المنتجين الكبار الموثوق بهم في «الباتينت كومباني» لم يكن طرفا في المنافسة، شرع العارضون السينمائيون في رفع ( ثمن الفرجة) ما داموا مطالبين بأداء إتاوات إلى تجمّع إديسون. رفضت «الباتينت كومباني» تخطيط الإنتاج السينمائي الخاص بالأفلام ذات الأربع بوبينات أو الخمس، مبرّرة موقفها بأنّ انتباه المتفرّج محدود؛ وأنّ النساء، على وجه الخصوص، تقتطع وقتا من وظيفتها المنزلية لمشاهدة فيلم، وأن مثل هذه الأفلام الطويلة قد تشكّل وبالا على الحركة الاقتصادية، في حين أن البرامج التي تعتمد الأفلام القصيرة تجذب جمهورا غفيرا لما تتمتّع به من تنوّع. لقد واجه بعض المنتجين المستقلّين هذا الإجراء؛ وبادرت شركة « لايمل فيلم سيرفسLaemmle Film Service»، موزّعة أفلام مستقلّة، إلى نشر إعلان على صفحات معظم أعداد مجلّة »الصور المتحرّكة العالمية« تندّد فيه بسعي «الباتنت كومباني» الجادّ إلى احتكار التجارة السينمائية. وفي عدد 10 يوليوز 1909 من المجلّة نُشر إعلان يحمل العنوان الآتي: »اعلنوا عن استقلاليتكم، كما فعل أسلافكم في أزمنة النّصر« وتضمّن النص الآتي: »تاريخ بلد الحريّة هذا يكشف عن حفنة من الرّجال الشجعان الذين يواجهون أعتى قوّة على وجه الأرض، ويتقدّمون في الانتصار عليها. إنكم تخشون هذه القوّة بدعوى أنّ الاحتكار السينمائي سوف يقضي عليكم، عاجلا، إن توقّفتم عن دفع ضريبة الدولارين في الأسبوع... ولكن كيف أكشف لكم عدم قدرتهم على تنفيذ هذه التهديدات؟ يكفي أن أشير إلى أنّهم لم ينفّذوا أيّا من تهديداتهم إلى حدود اللّحظة التي أكلّمكم فيها. أعلنوا استقلالكم ؛ استفيدوا من أفلامي وخدماتي ولن تندموا على ذلك. لا أحد تمّت محاكمته لأنه تاجر معي.، بل أكثر من ذلك؛ لا أحد من زبنائي سوف تتمّ مقاضاته. الجمهور يطالب بعرض الأفلام المستقلّة، قدّموها له ومارسوا التّجارة الحقّة. توقيع: الرّئيس كارل لايمل « وفي عدد يوم 25 سبتمبر 1909 جاء في نفس المجلة الخبر الآتي: »ثمّة وجود لمساعي عديدة تروم تجميع القوى المستقلّة وخلق تنظيم مرصوص، تنظيم موحّد يبلغ بقضيّة المنتجين المستقلّين بوابة النّصر. بيد أنّ المستقلّين يفتقدون، إلى حدود اللّحظة الرّاهنة، أحد العوامل الأكثر ضرورة لتحقيق النّصر: وحدة الغرض...إن إنشاء أونايتد فيلم United FilmMgf.Co.. واجتماع التنظيم الذي سوف ينعقد في شيكاغو يوم السادس والعشرين من شهر غشت بمنزلة جنين بدأ يكتسب ملامحه الخاصّة. كلّ رجال السينما في البلد سوف يجتمعون هناك، وسيتبادلون الأفكار بخصوص الإجراءات التي ينبغي لهم أن يتّخذوها « الاسم الذي أطلق على هذا التنظيم هو « التحالف الوطني المستقلّ للصور المتحرّكة National Independent Moving Picture Alliance» وقد حدّدت مهامه في تعزيز وحماية مصالح المنتجين المستقلّين وموزّعي الأفلام في الولايات المتّحدة، وزبائنهم، وأصحاب دور العرض، والجمهور الذي يعاني، بحسب التنظيم الجديد، من ظروف عرض الأفلام. كانت هذه الأحداث حافزا «للباتينت كومباني» إلى تأمين توزيع أفلامها، وتقديم أفضل الخدمات لأصحاب دور العرض السّينمائي. وها هو إديسون يبادر إلى تأسيس شركة جديدة «الشركة العامة للفيلمGeneral Film Company» في الثامن عشر من أبريل 1910، يقدّر رأسمالها بمليوني دولار. هذا التروست التّجاري»Trust»، المكوّن من عشرة شركاء في أسهم المؤسّسة، أطلق مشروع (امتلاك شركات خدمات تبادل الأفلام) الأكثر ازدهارا وفعالية، ومع مطلع عام 1911 كان التروست الجديد يمتلك حوالي 58 شركة خدمات. وبهذا التخطيط تمكّنت «الباتينت كومباني» من التحكّم في أغلب المنتجين السينمائيين والموزّعين وأصحاب دور العرض بالبلد. غير أن بعض الأشخاص شذّوا عن قاعدة بيع خدماتهم، وعلى رأسهم ويليام فوكسWilliam Fox الذي رفض بيع شركته. عندئذ بادرت «الشركة العامة للفيلم» إلى إلغاء ترخيصه، وتوقّفت عن تزويده بالأفلام. ولكن فوكس لم يستسلم؛ قام، على الفور، بتأسيس شركة إنتاجه الخاصّة، وقاضى، في نفس الآن، «التروست الاحتكاري» لفرضه قيودا تجارية غير مشروعة. كانت هذه مجرّد مناوشة من مناوشات المعركة الكبيرة بين «الباتينت كومباني» والمنتجين السينمائيين المستقلّين، التي بلغت ذروتها ما بين عام 1909 و1914؛ إذ إن «التروست» لم يقتصر على المقاضاة القانونيّة، وإنّما جنّد زمرة من المخبرين الخواصّ ليحصّلوا أدلّة على انتهاك قانون التّرخيصات، الأمر الذي بلغ بهم، في كثير من الأحيان، إلى استعمال العنف. وعلى الرغم من كلّ هذه الإجراءات الزّجريّة قويت شوكة المستقلين، وبدأ منتجو الحركة يقوّضون دعائم «الباتينت كومباني» من خلال التعاقد مع كبار تقنييها بأجور مغرية. كما أنهم أطلقوا حملة دعائية خاصة بكتّاب السّيناريو والنّجوم الأكثر شعبية الذين أضحوا، بعد مدّة وجيزة، قدوة التجمّعات الأمريكية. وبدأت هوليوود، في كاليفورنيا، تتحوّل إلى مركز مهمّ للإنتاج السينمائي، نظرا لقربها من الحدود المكسيكية؛ ما يسهّل عمليّة الهروب من المخبرين الخواص المجنّدين من قبل «التروست» المرعب. بلغت دعاوي» فوكس» القضائية ضدّ «الباتينت» المحاكم الأمريكية يناير 1913. وأصدرت المحكمة الفيدرالية في إحدى جلساتها حكما يدين «الباتينت كومباني»، معلنة عن أنه»مادام يسمح لكلّ مالك ترخيص شخصيّ أن يحتكر بشكل شرعيّ ابتكاره الخاصّ، فلا يمكن له بأيّ وجه من الوجوه، إضافة ترخيصه إلى ترخيصات الآخرين بغرض تكوين تنظيم احتكاريّ. « بعد أن تلاشت هيمنة «الباتينت كومباني» أخذت شركات الإنتاج السّينمائي تتنافس لاكتساح الأسواق على قدم المساواة. وبادر رؤساء الأبناك والمدراء التّنفيذيون لأضخم المؤسّسات المالية إلى تنظيم بنية الصّناعة السّينمائية الوليدة: شرعوا في تشييد استوديوهات حديثة ضخمة، وحفز التّصنيع و(التسلسل الوظيفيّ) لشركات الأحلام هذه. مثلما استوعبوا الإمكانيات الاقتصادية الكبرى (لنظام النّجومية). لقد خلقوا امبراطوريات سينمائية سيطرت على الحقل الصناعي خلال حقبته الزمنيّة الأكثر عنفوانا.