توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلاد الصّناعة السّينمائية
نشر في العلم يوم 06 - 11 - 2009

»بعد إنشاء ما سوف يصبح أوّل استوديو سينمائي، كان على توماس إيديسون أن يجد حلاّ للاحتكاك المستمرّ بخصوص ترخيصات عدد من الأدوات والآليات الصناعية. في كثير من الحالات كان افتتاح استوديو جديد يأتي بتحفيز من صرامة رقابة توزيع الأفلام وعرضها. وبينما كان الصراع يحتدّ، كانت عجلة البحث عن معادلات جديدة تسابق الزّمن؛ مثل :إنتاج أفلام اقتصادية ذات مردودية جيّدة، والتي قادت إلى ولادة حكايات بشكل متزايد، وسلاسل سينماتوغرافية. ويعتبر لويس فوياد Louis Feuillad المثال الأوضح على هذه الطريقة في تقديم القصص السينمائي. إن ميلاد هوليوود جاء نتيجة رغبة المنتجين في استغلال العوامل المحفّزة التي توفّرها الأراضي المستحدثة البكر لكاميرات هذه الصّناعة الوليدة. فأضواء كاليفورنيا صارت ترحّب بكلّ شركات الوطن في الجهة الأخرى لاكتشاف استوديوهاتها المجهّزة.«
أوائل الأستوديوهات السّينمائية
كان إخراج الأفلام، إلى حدود 1900، في أيدي بعض المخترعين والسّحرة التّقنيين، الذين لم يكونوا على استعداد لاستثمار الأموال الطائلة في مجرّد حبّ الاستطلاع. ولكن الذين حوّلوا حبّ الاستطلاع هذا إلى تجارة مزدهة مربحة هم التّجار الجسورين.
كان السّاحل الشّرقيّ للولايات المتحدّة فضاء ميلاد الإنتاج السينمائيّ؛ فبالنسبة لعام 1909 كان إنتاج الأفلام السّينمائية رهن هيمنة مجموعة ثلاثة عشر صانعا اتّحدو ضمن شركةMotion Picture Patents Company ،
برئاسة طوماس آلفا إديسون. وبما أن إديسون كان حصل على ترخيص كاميراته السينمائية، فقد أخذت شركته تستعير أفلامها للمؤسّسات التي تستعملها مقابل أداء أجر محدّد. بل إنّها جنّدت رجالا يجوبون المختبرات والإستوديوهات المختلفة رصدا للكاميرات غير المرخّصة؛ وفي كثير من الأحيان ينخرطون في نزاعات خطيرة تؤدّي إلى إيقاف التصوير بهذه الأستوديوهات، واحتجاز الأجهزة، وإتلاف النسخ السّالبة للأفلام وآليات التصوير، وتخريب أجزاء من المختبرات، بل إنّ هذه الأحداث كانت تخلّف، أحيانا، جرحى وقتلى! وقد دفعت هذه الوقائع طائفة من المنتجين السّينمائيين المستقلّين إلى مغادرة السّاحل الشّرقي في اتجاه الجنوب والغرب والمناطق المشمسة الأخرى التماسا لأمان وحظّ أوفرين. غير أنّ هذا الهروب كان، في جوهره، هروبا موسميّا فحسب، إذ إن فرق الإنتاج كان تستغلّ فصل الصّيف للعودة، من جديد، إلى السّاحل الشرقي!
سبقت الإشارة إلى أنّ أول استوديو سينمائيّ شيّده إديسون هو ماريا السّوداءBlack maria ، وقد تمّ إنشاؤه في نيوجيرسيNew jersey عام 1893. وقد كان يضمّ كلّ المكاتب الإدارية الخّاصة بشركات إديسون، ولكن هذا الموقع كان مؤقّتا، إذ مع مطلع القرن الجديد انتقلت الإنشاءات السينمائية الرئيسة إلى ضواحي مدينة نيويورك. فأنشأ إديسون بدوره عام 1908 أستوديوها كبيرا من الطراز الحديث، مجهّزا بكلّ أنواع الوسائط.
كان الوجه السّينمائيّ المهمّ الذي أنجز معظم أفلام إديسون البدائية هو الإنجليزيّ وليام كنيدي لوري ديكسون
Williams Kennedy Laurie Dickson ، والذي ينبغي أن تنسب إليه معظم الابتكارات السينمائية المرخّصة باسم إديسون. ومع ذلك، ففي عام 1895 اتّحد مع لاأميريكان موتوسكوبThe American Mutoscope وبيوغراف كمبانيBiograph Company لتصميم وبناء استوديوها دائريّا شبيها ب(بلاك ماريا)، ولكن استنادا إلى أساسات خرسانية أفضل. في عام 1908 استهلّ السينمائيّ الشهير د.و.جريفيث Griffith عمله مع البيوغراف بإدارة ممثّلات شهيرات من عيار: ماري بكفوردMary Pickford وليليان ودوروثي جيشGish . عشر سنوات بعد ذلك شيّدت البيوغراف مركّبا سينمائيا حديثا في حيّ برونكسBronx النيويوركي.
مشاريع من أجل المستقبل
في عام 1897 حوّل كلّ من ج. ستيوارت بلاكتونJ .Stuart Blackton وشريكه ألبرت سميثAlbert.E/Smith جهاز عرض إديسون إلى كاميرا، وافتتحا استوديوها صغيرا في عليّة مبنى مورسMorse في منهاتنManhatten. وهو ما أصبح يعرف، فيما بعد، أمريكان فيتاغرافThe American Vitagraphe Inc .وبعد مرور سنوات قليلة أسّسا استوديوها أكبر من الأوّل في لونع إسلندLong Island . . وفي خريف عام 1911 توجّه المخرج رولين ستورجيو Rollin.S.Stugeon بصحبة فرقة تصوير إلى سانطا مونيكاSanta Monica بكاليفورنيا، و اشتغل طوال فصل الشتاء في الأستوديوهات الجديدة التي شيّدت على شارع أوسيانOcean avenue. ومن الطّريف الإشارة إلى أن الثّوريّ الرّوسيّ الشهير ليون تروتسكيLeonTrotsky اشتغل في مؤسّسة أمريكان فيتاغراف من خلال فيلم زوجتي الرّسميةMy official Wife باعتباره مستشارا فنيّا، وذلك عام 1914.
في عام 1907 تمّ تأسيس شركة كاليمKalem التي اعتمدت على فريق من المتعاونين الثابتين، شمل كلاّ من
الممثّلات هيلين هولمز Helen Holmesوجين كونتييهGene Gauntier، وكذا المخرجين روبيرت فينيولا Robert Vignola، جورج ميلفوردGeorge Melford ، وسيدني أولكوتSidney Olcott؛ هذا الأخير الذي قام بجولة شملت إيرلاندا ومصر وفلسطين في مستهلّ القرن. وقد تمكّنت شركة كاليم لاحقا من خلق مراكز دائمة للإنتاج السينمائي بنيوجرسي، كاليفورنيا وفلوريدا.
وفي عام 1910 استقرّت شركة الإنتاج الفرنسية الجرّيئة الأخوان باتيPathé Freres في مخزن تجاريّ بالولايات المتّحدة الأمريكية؛ وحوّلته إلى أستوديو سينمائي، وعيّنت مسئولا عنه ج.أ.بيرستJ.A.Berst الذي أعطى الانطلاقة لسلسلة من الأفلام والنّشرات الإخبارية ذات (الأسلوب الأمريكي) نفذ مخزونها في كلّ أنحاء العالم.
وتمكّنت شركة الإخوان باتي، بحلول عام 1912، من إكمال تجهيز استوديوهات حديثة في مدينة جيرسي
Jersey city ، حيث شرعت في إنتاج المسلسل الأسطوري مغامرات بوليناThe Perils of Pauline ابتداء من عام 1914. بموازاة مع ذلك قامت شركة إنتاج فرنسية La Eclair بتصميم وبناء استوديوها حديثا جدّا في فورت ليFort Lee بنيو جيرسي . وهكذا، أصبحت الإكلير، بحلول 1912، جزءا من المنشأة السينمائية الحديثة أونيفرسال فيلم مانوفاكتورين Universal Film Manufacturing .موزّعة أفلامها من خلال التنظيم الجديد. بيد أنّه، لسوء الحظ، التهم حريق عام 1914 معظم الاستوديو، ولم ينج من الحريق إلاّ ورش الإنتاج.
وكان ل.ج.سيلزنيكLewis.j.Selznick استقرّ ، في مطلع عام 1912، بنيو جرسي، التي أصبحت في وقت وجيز عاصمة السّينما بالشّمال الأمريكي، وكان، قبل ذلك، المدير المنتدب للإيست كوست أونيفرسال فيلمEast Coast Universal Film ، وقد حظي بدعم من شركة استثمار بوول ستريتWall Street، مع مساهمة شركة مبيعات بريد شيكاغو التي يديرها أرثر سبيجيلArthur Spiegel. . لقد تعاون الرّجلان على إنشاء شركة إكيتابل بيكتشرEquitable Pictures ، التي انطلقت، بعد ذلك بقليل، برفقة شركات أخرى حتّى آلت إلى الوورد بيكتشور The World Pictures، التي كان من مخرجيها المعروفين ألبرت كابيانيAlbert Capellani وإيميل شوتار Emile Chautard وموريس تورنورMaurice Tourneur. كانت نجمتها الرّئيسة كلارا كمبال يونغClara Kimball Young . وتخصّصت أفلامها ذات الدّخل الكبير بقضايا الحبّ، والدراما والكوميديا التي شخصّتها نخبة من ألمع ممثّلي المرحلة من أمثال ليليان راسلLillian Russell وأليس براديAlice Brady وماري دريسلرMarie Dressler، وإليين هاميرستينElaine Hammerstein والكوميدي ليو فيلد Lew Fields.
شيوخٌ ثعالبٌ
دبّر وليام فوكسWilliam Fox ، مالك سلسلة سينمات السّاحل الشّرقي، بعد أن تمّ تجاهله من قبل أعضاء باتنت كومبانيPatent company، شروط الهيمنة على سوق الإنتاج السينمائيّ في المنطقة. إذ إنّه أسّس أول شركاته للإنتاج السينمائي، وعرض أوّل أفلامه الطّويلة »كان ثمّة خداع« A Fool There was(1915). وبفضل هذا الفيلم أصبحت تيدا بارا Theda Bara نجمة كبيرة بين عشيّة وضحاها! منجزة بذلك سلسلة من أفلام مصّاصي الدّماءVampirs . تكوّن أوّل استوديوهات فوكس من صحنين(فضاءين) للتّصوير أشبه ما يكونا بغطاءين زجاجيين عملاقين! وظلّ هذا الصّرح ملكيته الأكثر أهميّة إلى حدود عام 1919 حيث انتقل إلى نيويورك ولوس أنجلس. إن أوّل مخرج تعاقد معه وليام فوكس هو ج.غوردون إدواردJ .Gordon Edwards جدّ السينمائي الشّهير بلاك إدواردBlake Edwards. تعاقد فوكس كذلك مع هربرت برينونHerbert Brenon مخرج الأونيفرسال، وكذلك مع راوول والشRaoul Walsh المساعد الشّاب لأسطورة الإخراج الأمريكي د.و.جريفيث.
رائد آخر من رواد السّينما العالمية هو الكولونيل وليام سليجWilliam Selig، مالك شركة سيليج بوليسكوب فيلمSelig Polyscope Film بشيكاغو. وقد تخصّصت في إنتاج الأفلام الدراماتيكية المصوّرة في الفضاءات الدّاخليّة، مع انفتاح محدود على أفلام الويستيرنWesterns ، رغم أنّ سليج كان أوّل منتج يتعاقد مع راعي البقرCowboy توم ميكسTom Mix .
في عام 1907 أرسل الكولونيل سليج مخرجه فرنسيس بوغسFrancis Boggs ، ومدير استوديوهاته توماس بيرسونTomas Persons إلى كاليفورنيا، حيث صوّروا المشاهد الخارجيّة للعرض الجديد الخاص بالكونت دي مونت كريستوThe Count of Monte Cristo ، وكانت المشاهد الدّاخلية صوّرت في أستوديو بشيكاغو.
سنوات بعد ذلك، أسّس الكولونيل سليج أستوديوها بالسّاحل الغربيّ، وبالضّبط، في المنطقة الشّهيرة اليوم بإيكو بارك لوس أنجلسEcho Park .
ثمّة وجود أيضا لمجموعة من الشركات السينمائية الصّغيرة غير مسجّلة مثل نيويورك موشن كومبانيNew York Motion Company ، وكذلك كيستون Keystoneماك سينيت، والأندبندنت موشن بيكتشور كومبانيIndependent Motion Picture Company(IMP) التي سوف تعرف في وقت لاحقا بالأونيفرسال فيلم مانوفاكتورين كومبانيUniversal film Manufacturing Company. ثمّ شركات أخرى استقرّت بفلوريدا، كوبا، وحتّى في تكساس وأوريغون وكاليفورنيا لكي تضمن الإفلات من مداهمات عصابة إديسون في السّاحل الشّرقي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وقد وجد المنتجون في منطقة كاليفورنيا، فضلا عن اتّساع رقعة الحريّة والاقتراب من الحدود المكسيكية، طقسا رائقا وشمسا ساطعة طوال فصول السّنة. بالإضافة إلى مشاهد طبيعية متنوّعة؛ بمعنى آخر كلّ ما يُحتاجه التصوير الخارجي. حتّى إنّ الشّركات المسجّلة التي تستعمل كاميرات إديسون المرخّص لها انتهت إلى الاستقرار في المنطقة الغربية، على الأقلّ أثناء شهور الشّتاء. وهو نفس ما فعله بالبيوغرافBiograph رائد السّينما الأمريكية دافيد.و.جريفيث.
كلّ الاستوديوهات الكبرى تمّ تشييدها في السّنوات الأولى للقرن العشرين. وعندما وصل المنتجون الأوائل إلى كاليفورنيا بدأت حملة شراء الأراضي وكرائها بأثمان زهيدة. وقد شكّلت جبال هوليوود مشاهد مثالية لأفلام الوستيرن Westerns الشعبية؛ إذ إنّها وفرّت مناظر مفتوحة، وطرق متربة ملائمة لمطاردات الخيول.
لوس أنجلس، بدورها، اعتبرت مزوّدا رخيصا بالماء والطاقة الكهربائية الصّادرة عن قناة لوس أنجلس الحديثة. وهو ما ساعد على استقرار صناعات أخرى، مثل صناعة البترول، والقطن، و تعليب الفواكه الجافّة والسّمك، فضلا عن انتعاش القطاع السّياحي. وهكذا، بمرور الوقت، بدأت نيويورك تفقد ملامحها باعتبارها مركز الإنتاج السينمائي لحساب لوس أنجلس، محتفظة، فقط، بكونها مركزا ماليا إلى حدود أيّامنا هذه
ميلاد هوليوود
كان كارل لييملCarl Laemmle من شركة IMP من الأوائل الذين انتبهوا إلى أهميّة المناظر الطبيعية الخارجية لكاليفورنيا. إذ إنّه أنشأ لاأونيفرسال فيلم فاكتورين، وبدأ يصمّم ويبني استوديوها، دائما، في وادي سان فرناندو في الجهة الأخرى من جبال هوليوود. وافتتحه، بشكل رسمي، في شهر مارس 1915. لقد اعتقد لييمل في أنّ الاستوديو الذي أسّسه سوف يكتفي بذاته، وأنّه، والأجواء المحيطة به، سوف ينظر إليها على أنّها جزء من مدينة، بخدماتها البوليسيّة والإطفائيّة. وكذلك كان؛ بحلول عام 1917 أصبحت المدينة الكونية La Universal City تتمتّع بمشفى ومطعم ومرآب، بل وحديقة حيوانات أيضا!. وقد تمّ فيها تصوير عدد كبير من أفلام الويستيرن التي شخّص أدوارها كلّ من هوت جبسونHoot Gibson، وهاري جاريHarry Gary، وغيرهم كثير. أفلام من قبيل زوجات تافهات Foolish Wives 1922، وأحدب نوتردامThe Hunchack of Notre Dame 1923، وشبح الأوبيرا The Fantom Of the Opera 1925. وهكذا أصبحت أونيفرسال شركة سينمائية على كلّ لسان.
ويعتبر المثلّث The Triangleمن بين الاستوديوهات الأولى التي تمّ تشييدها بهوليوود؛ توليفة مبدعين أكفاء هم:
توماس إنس، ماك سينيت، ود.و.جريفيث الذي غادر البيوغراف عام 1913. كان هذا الأستوديو، فيما سبق، مأوى شركة كنيماكولورKinemacolor، الواقعة في تقاطع الطرق بين شوارع سانسيت وهوليوود. ومع مرور الوقت أصبحت هذه المنشأة تعرف باسم (استوديو جريفيث) حيث تمّ تصوير فيلم د.و. جريفيث الشّهير
»ميلاد أمّةThe Birth Of Nation1915 « و »تعصّب 1916 Intolerance«.
أمّا ميلاد شركة جيسي لاسكي فيتور بلايJesse Lasky Feature Play Company فسوف يتمّ في مستودع قديم بالأراضي المتاخمة لمنطقة سلمى وفيني بهوليوود عام 1913، على يد كلّ من جيسي لاسكي وسام غولدفيش غودوين، وسسيسيل.ب.دي ميلCecil B/De Mille الذي قام بإخراج أوّل شريط (ويستيرن) طويل في هوليوود تحت عنوان»الرجل المحاربThe Squaw Man1913 « باسم مستعار هو أوسكار أبفيلOscar Apfel . وأدّى الدّور الرّئيس في هذا الفيلم الممثّل المسرحي المعروف أنذاك داستين فارنامDustin farnum . سوف يعرف استوديو هذه الشّركة باسم فاموس بلاير لاسكي، وهو رائد استوديوهات بارامونت الشّهيرة.
نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين سوف تشهد ميلاد آلاف صالات (نيكيلوديومNickelodiom)
التي سوف تنتشر على طول الولايات المتحدة، وتلتهم كميّة ضخمة من الأفلام ذات البكرة الواحدة والبكرتان في برامج مختلفة تعرض بشكل يوميّ. ومع كلّ ذلك؛ لا أحد من صنّاع السينما كان يعتقد في أن هذا الأمر يمكن أن يستمرّ مدّة طويلة. لذلك كانوا يقتصرون على إنجاز عمليات صغيرة، بطبيعة الحال، في منشآت مكتراة، مرتابين من استثمار كمّيات كبيرة من المال في هذه المشروعات المؤقّتة!
لقد اعتقد إديسون، مثله مثل كثير غيره، في أنّ وابل المال هذا سوف ينتهي إلى فناء. غير أن واقع هذه الصّناعة كان يعكس شيئا مخالفا تماما لمل اعتقده الجميع؛ إذ ما أن تنسحب شركة إنتاج من الميدان حتّى تعوّضها شركتان جديدتان! وبلغت طلبات الأفلام السينمائية، الطويلة منها على وجه الخصوص، عام 1913 مستويات غير متوقّعة، وهو ما جعل المستثمرين الكبار يقتنعون بأن الصّناعة السينمائية ليست، بحال من الأحوال، صناعة مؤقّتة، وإنّما هي ظاهرة قائمة ومستمرّة. فهذا الحقل الاقتصاديّ يقتضي منهم كثيرا من الاهتمام...واستطاعوا، بحلول عام 1917، أن يشيّدوا منشآت سينمائية متعدّدة في أرجاء الولايات المتحدّة شرقا وغربا. ثمّ إنّهم تبنّوا مخطّطات السّينمائيين الرّواد الأكثر شعبية، وبدأت الكتابة حول صناعة السيّنما باعتبارها
»إحدى أكبر القوى على وجه الأرض«.
بعض تلك الاستوديوهات العتيقة لا تزال تعمل إلى يومنا هذا؛ تنتج أفلامها الخاصّة، وتوفّر كراء مواقع التصوير وآلياته وتقنياته لطائفة من شركات الإنتاج الخاصّة الحديثة
الأستوديوهات الأوروبية الأولى
الحقّ أّن استوديو إديسون الشّهير (ببلاك ماريا)، وكلّ الأكواخ المشيّدة على أسطح المنشآت من قبل السّينمائيين الأمريكيين الرّواد لم تكن أكثر من بنايات عابرة؛ إذ إنّ أوّل أستوديو سينمائي احترافي بالمعنى الدّقيق للكلمة تمّ تشييده في فرنسا.
كان جورج ميلييس أوّل من اكتشف إمكانية إخضاع الأفلام لمشاهد مصمّمة عوض الاكتفاء برصد الواقع. من هنا تولّدت الحاجة إلى أن يتوسّل السّينمائيون بتجهيزات مخصوصة. وفي ماي 1897 أنشأ ميلييس، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، أستوديوها خاصّا في مونتروييل سو بوا Montrueil-sous-Bois؛ بمنزلة ركن يقع بين شارع فندق المدينة ودرب فرانسوا دوميرغFrançoi Domergue على شكل مبنى شتويّا زجاجيّا(17/6 مترا)، إحدى واجهاته شفّافة، والأخرى لمّاعة، كما يمكن فتح جانبيه من أجل رحابة المساحة المتوفّرة. ثمّ إنّ نظام النّوافذ المنجز في هذا البناء يسمح بالتحكّم في كثافة الضّوء. تضمّنت التّجهيزات، أيضا، ورشا لطلاء الديكورات، ومخازن، وخزانات ملابس، ومرافق أخرى. وتحت الرّكح (خشبة المسرح ) يوجد ثمّة قبو مفتوح يسمح بإنجاز ما يتطلّبه الفيلم من »مؤثّرات خاصّة« بواسطة سلسلة معقّدة من الحيل والأجهزة الصّغيرة.
لقد اعتقد ميلييس عام 1900 في أهميّة توسيع الاستوديو، وقد نفعته الإنشاءات الجديدة خلال ما تبقّى من مسيرته كسينمائيّ. وبعد إخراج فيلمه الأخير، تحوّل الاستوديو إلى مسرح صغير، استمرّ في إدارته حتى نهاية مسيرته الفنيّة. وقد استمرّ هذا البناء بعد وفاة صاحبه باعتباره رمزا لرائد من رواد السّينما الأوائل إلى ما قبل نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكان علينا أن ننتظر إلى حلول عام 1912 لكي يتمّ الاحتذاء بملييس من قبل وجه سينمائيّ فرنسيّ آخر معروف هو شارل باتيCharle Pathe، الذي أسّس بعض الاستوديوهات الضّخمة في فنسينVincennes . متوفّرة على شتّى أنواع الوسائط والقروض المالية.
أمّا الرّواد السّينمائيون البريطانيون لنهاية القرن التّاسع عشر كانوا أقلّ عزما على الاحتراف السّينمائي. ومنهم سيسيل هيبوورث الذي شيّد كوخا خشبيّا في حديقة منزله، واستعمله استوديوها للتّصوير ما بين عام 1898و1899، وقلّده بعد ذلك سينمائيون آخرون . إن التّكوين المعتاد للاستوديوهات الإنجليزية العتيقة يتمثّل في منصّة خشبيّة مرتفعة عن الأرض بجدار واحد في العمق(في الغالب بباب ونافذة ) يمكن تزيينه بالدّيكور المناسب ليعكس المنظر المراد تصويره. وقد طوّر كل من جيمس ويليامسونJames Williamson وجورج ألبرت سميث George Albert Smithهذه البنيات البدائية بوضع أسقف زجاجية وأبواب جرّارة من أجل مقاومة تقلّبات الطّقس المعتادة في بريطانيا.
غير أن الاستوديو السّينمائي الأكثر شهرة في انجلترا نهاية القرن التّاسع عشر أسّسه روبرت وليام بولRobert W Paul في سيدني رود Sydney Road ,New Sothgate,londonبلندن. وقد وصفه لشركة كينيماتوغراف البريطانية عام 1936 بالعبارات الآتية:
« يتألّف من ركح بحجم... يرتفع عن مستوى الأرض محميّا ببنية حديدية وأبواب جرّارة وسقف زجاجيّ موجّه نحو الشّمال...يتميّز الرّكح ببواّبات ونوع من الجسور المعلّقة التي تسمح بتنفيذ طائفة من المؤثّرات المختلفة...«
*استندنا في إنجاز هذه الحلقة إلى
Historia Universal del CINE,Editorial Planeta ,S.A.1990.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.