المغرب يستقبل 13.1 مليون سائح مع نهاية شتنبر    عقوبة الكاف ضد اتحاد العاصمة الجزائري.. هل تشجع نظام الكابرانات على مقاطعة المزيد من المباريات؟    الحكم بسجن شقيقين هددا القايدة حورية بالذبح ستة أشهر نافذة    نائبان في البرلمان الأوربي يردان بقوة: الصحراء الغربية مغربية وقرار محكمة العدل الأوربية تعمد تقويض الثقة المتبادلة بين الرباط وبروكسل    آلاف الطلاب المغاربة يتظاهرون دعما لغزة ولبنان وإضراب بالجامعات        أديس أبابا.. الإشادة عاليا بالإجراءات التي اتخذها جلالة الملك بصفته رائدا للاتحاد الإفريقي في قضايا الهجرة    مهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة يحتفي بالعرندس العربي        لقاء يناقش تدبير الصفقات ومكافحة الفساد    التأكيد على أسس موقف المغرب وبأن أن التهجم على الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول الأجنبية أمر مدان    أمريكيان وبريطاني يحصدون جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024    باريس: انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية    أسود الأطلس يواصلون التحضير لمواجهة إفريقيا الوسطى    "المغرب الرقمي 2030".. رصد 240 مليون درهم لتعزيز الابتكار ودعم المقاولات الناشئة        نعيمة المشرقي إشراقة لكل الأجيال    أول دولة إفريقية.. المغرب يتسلح بعلاج "Tpoxx" لمواجهة جدري القردة    وهبي يعتذر بعد عامين عن واقعة "التقاشر" ويقرّ بأخطائه: "أنا لست روبوتاً"    شان 2024: تأهل المنتخب المغربي مباشرة إلى المنافسات النهائية    اللغة العالية والثقافة الأدبيّة: سلاحُ الكاتب وعنوانُ التّحف الأدبيّة    تسليط الضوء على تجربة المغرب في مجال تحلية المياه بالقمة العالمية للهيدروجين الأخضر    فيضانات نادرة ورياح مدمرة .. فلوريدا تتأهب لإعصار ميلتون "الكارثي"    منخفض جوي يجلب أمطارًا خفيفة وانخفاضًا في درجات الحرارة بالمغرب    العدوي تبرز أهمية الاختصاص القضائي    تحقيق للفرقة الوطنية حول شبهات اختلاس بالقناة الثانية    المغرب يحجز مقعده في نهائيات كأس إفريقيا للمحليين دون عناء    المغرب على موعد مع "موازين إيقاعت العالم 2025" في شهر يونيو    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    إلى جانب القضايا الشائكة.. صفقة طائرات "إيرباص" على رأس جدول أعمال زيارة ماكرون إلى المغرب    تقرير: 79 في المائة من المغاربة يعتبرون الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا    جندي احتياط.. إصابة مستشار لوزير المالية الإسرائيلي في اشتباك بجنوب لبنان    الخصاص في الأساتذة بأقسام إشهادية وينذر باحتجاجات في اقليم الحسيمة    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    إحباط محاولة هجرة سرية نحو أوروبا وتوقيف تسعة أشخاص في الحسيمة    تيزنيت: الدرك يضبط"صوندا" تقوم بحفر بئر بدون ترخيص    المضيق: مجلس جماعة المضيق يصادق على منح الجمعيات وبرنامج انفتاح 2025/2026    قرعة غير رحيمة بممثلي المغرب في دروي الأبطال والكونفدرالية الإفريقيتين..    وهبي: النقاش حول القانون الجنائي يقترب من نهايته.. ومرسوم سيفرض تسجيل الوصايا قبل الوفاة لدى أقرب محكمة        كأس التميز.. الوداد يَسقُط أمام السوالم ونتائج متفاوتة في باقي المباريات    في كتاب يصدر قريبا.. بايدن يصف نتانياهو بأنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"    الجمهور الإنجليزي يُفضل هذا اللاعب على بلينغهام    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعلى معدل: أسطورةٌ تهدمُ الابداع !
نشر في العلم يوم 04 - 07 - 2022

المقاربة بالكفايات، منذ أكثر من عشرين سنة ونحن نرَدّد أنها جاءت لتجدّد مفهوم "التعلّم" ولتمنحه أبعاداً كبرى. المقاربة بالكفايات كانت ، إلى جانب التربية على القيم والتربية على الاختيار المداخل الكبرى التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين. هذه المقاربة تستمد مقوماتها من مدارس فكرية ولغويّة وتربويّة كالبنائيّة التي تؤكد ضرورة التدرّج في التعلم و السوسيوبنائيّة التي تقول بضرورة بناء معارف في سياقاتٍ ملموسة قريبة من واقع المتعلم، فضلا عن بعض نظريات تشومسكي الذي يوضح، على سبيل المثال، أنّ أي نشاط سلوكي يتأثر بالحافزيّة وحب الاستطلاع و التمثّلات...
نعلمُ جميعا أنّ المقاربة بالكفايات، من حيث الأصل والمبدأ، مقاربة ناجعة، لكن طرائق تنزيلها على أرض الواقع هو ما يضعنا أمام إشكالاتٍ حقيقية.
بعد الإعلان عن نتائج البكالوريا، شرعت صفحاتٌ، بعضها تابعة للوزارة الوصية وأخرى لبعض الأكاديميّات و المديريات الإقليمية في نشر ما يُسمّى "أعلى معدل" أو "أعلى المعدلات" التي تهمّ تخصصا بعينه.
يتساءل المؤمن بالمقاربة بالكفايات: ما لكم كيف تحكمون؟ أم لكم كتابٌ منه تقرؤون ما تنشرون؟
مدخل كامل في الميثاق الوطني مخصص للتربية على الاختيار وشعار الرؤية الاستراتيجية الذي يتبجّح به كثيرون يؤكدُ أنّنا نتوقُ إلى مدرسة تضمن الإنصاف والجودة والارتقاء! ثمّ نجدُ، على غفلةٍ من أمرنا، أنّ هناك من صنع أسطورةً أطلقَ عليها اسم "أعلى معدّل"!
إنّ المقاربة بالكفايات، أيها المسؤولون، هدفها الأسمى وغايتها العظمى تحفيز المتعلمين على الإبداع وتشجيعهم على الابتكار. لذلك فالتركيز على معدلٍ واحد في البكالوريا مرآةٌ ضخمة تُرينا عيوب منظومتنا التربوية التي تعشقُ الشعارات.
البكالوريا هي شهادة نختبرُ فيها كل تلميذ في التخصص الذي اختاره منذ ولوجه الجذعَ المُشترك . مقارباتكم ومناهجكم وبيداغوجياتكم، كلّها، تؤكد أنّ الاختيار هو السبيل الوحيد الذي يُسهم في ضمان المردوديّة...
بناءً على ما وضحناه أعلاه، ينبغي أنْ يُعلنَ عن المعدلاتِ في كل شعبة، بل في كلّ مسلكٍ . أيها الناس! أنتم أعلمُ بكل هذا! فلكلّ تخصّص مقوماته وأسسهُ. فقولكم "أعلى معدّل" يُفهمُ منه، دلاليّاً -واسألوا العارفين- أنّ التلاميذ جميعهم، اجتازوا اختبارا واحدا! كأنّه لا وجود إلاّ لشعبة واحدة!
أيها الناس! إنّ الحاصلين على معدّلات ممتازة في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية ،إنْ تمّ توجيههم توجيهاً سليما ووفرنا لهم كل ما يحتاجونه، سيُسهمون في المضيّ قُدُماً ببلادنا. الشيء ذاتُه ينطبق على الحاصلين على معدّلاتٍ جيّدة في مسلكي الآداب والعلوم الانسانية . هؤلاء، إنْ كانوا لحبّ القراءة والكتابة والاستطلاع أوفياءً و من أدوات التحليل مُتمكنين ، فلا شكّ أنّهم سيطلقون العِنان لإبداعهم ولقدراتهم في الكتابة الروائية أو الفلسفية أو في التحليل السياسي أو في كتابة المقالة الصحفيّة...
حقيقٌ بكم أنْ تُعلنوا عن أعلى المعدّلات في كلّ مسلكِ ، فذاك هو الإنصاف . بل إنّه لو شئنا أنْ نرفع درجة الإنصاف، لأعلنّا مثلا عن أعلى المعدلات في كلّ مادة، خصوصا في مادّتي الفلسفةِ واللغة العربيّة لنكتشف إنتاجات التلاميذ من حيث اللغة والأسلوب ومدى قوة مقارباتهم التحليليّة-التفكيكيّة. كل هذا من أجل غاية نبيلة: إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه وتكريم كل مُجدّ والاعتراف بابداع كلّ مبدعٍ خلاّق...
إنّ تكريم التلميذ محفزّ حقيقي سيُمكنّه من الاستمرار . أتذكر فرحتي حينما حصلت على شهادة البكالوريا، فرحة زادَ تأثيرها لمّا تمّ تكريمي من قِبل مديريّة زاكورة بمناسبة حصولي على المرتبة الأول في مسلك العلوم الانسانيّة. في المقابل، حصلت تلميذةٌ على المرتبة الأولى في مسلك الآداب.
التحفيز قوةّ داخلية قادرة على تحريكِ جلمودٍ صخر. ومن آية ذلك أنّ مرحلة البكالوريا كانَ لها عظيم الأثر على حبي للكتابة وميولي لاكتشاف عوالمِ الأدب والفلسفة، والفضل يرجع لأخي الأكبر الذي وفّر لي الكتب والمراجع في مرحلة البكالوريا وكلّ ما أحتاجه، أضف إلى ذلك تشجيعه لي بلا كللٍ ولا مللٍ .كان بمثابةِ موجهي ومعلّمي ومؤطري . كلما كتبتُ نصّا بالفرنسية أو مقالة فلسفية إلاّ وصححهما. وبعد التصحيح يثني على ما كتبته ويقوّم و يُشجع.
أما الأساتذة الذين درّسوني في البكالوريا فتشجيعهم كان محركاً يدفع بعجلاتِ الابداع إلى الأمام.
كتبتُ كلّ هذا لأقول إنّ التحفيز والتشجيع لا غنى عنهما إنْ كانت نيتُنا حقا هي أنْ نشدّ بأيدي المتعلمين لنُوصلهم إلى برّ الإبداع الفسيح ولأقول أيضا إنّ مُجتمعنا بحاجة إلى علماء في العلوم الحقّة ولمفكرين وأدباء وفلاسفة حقيقيين يُشيّدون صرح ثورةٍ صناعية وفكرية. العلوم كلها ضرورية لنهضة المجتمع وتقدمه، وإلاّ فإن هذه النهضة لن تكون إلاّ سراباً يحسبه الظمآنُ ماءً. قبل تشييد المصانع والمباني، نريد تشييد الإنسان وتهذيب السلوك ، إذْ إنّ العلم و المعرفة بلا ضمير خرابٌ وهلاكٌ. ونختمُ بمقولة المفكر مالك ابن نبي " لاَ يُقاسُ غنى المجتمع بكمية ما يملكُ من أشياء بل بمقدار ما فيه من أفكار"...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.