أكد الدكتور الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن داء السل لا يزال يشكل تحديا كبيرا للصحة العامة في المغرب، حيث يسجل إصابة حوالي 100 شخص وتسع وفيات كل يوم. وعلى الرغم من التراجع الطفيف في معدلات الإصابة سنويا، فإنه يظل بطيئا للغاية، ولا يكفي لتحقيق الأهداف الدولية للقضاء على السل بحلول عام 2030. وأوضح حمضي أن السكان الأكثر تضررا هم القاطنون في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق الفقيرة المحيطة بالمدن، حيث يشكل الفقر وسوء الظروف المعيشية عوامل محفزة لانتشار المرض، كما أن 15% من حالات الإصابة بالسل في المغرب لا يتم اكتشافها سنويا، ما يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر على جهود مكافحة المرض.
وأشار الباحث إلى أن حالات السل المقاوم للأدوية لا يتم تشخيصها بشكل كاف، حيث يقدَّرُ أن ثلثي هذه الحالات لا يتم اكتشافها، مما يشكل تهديدا إضافيا على الصحة العامة، نظرا لأن هذا النوع من السل يتطلب علاجات أطول وأكثر تعقيدا.
كما لفت حمضي الانتباه إلى الانتشار الواسع للسل خارج الرئتين في المغرب، حيث تشكل هذه الحالات نصف الإصابات المسجلة، وهي نسبة تتجاوز المعدلات المتوقعة، مما يطرح تساؤلات حول دقة التشخيص، وكذلك احتمالية انتقال العدوى من الحيوانات عبر منتجات الحليب.
ومن أجل معالجة داء السل في المغرب، دعا حمضي إلى توسيع نطاق استخدام تقنيات التشخيص السريعة للكشف المبكر عن المرض، وتحسين دعم المرضى ماليا لتغطية تكاليف العلاج والنقل، وتوفير المساعدات الغذائية، مؤكدا أن دعم علاج المرضى لا يحمي الأفراد فقط، بل يضمن سلامة المجتمع ككل.
وشدّد الطبيب الباحث، على ضرورة العمل لتقليل نسبة المرضى الذين ينقطعون عن العلاج، حيث تبلغ هذه النسبة حاليا 8%، موضحا أن الآثار الجانبية للأدوية والصعوبات المالية تعدّ من أبرز الأسباب وراء توقف العلاج.
كما أشار إلى أهمية تحسين التشخيص والعلاج لحالات السل المقاوم للأدوية، وكذلك توفير العلاج الوقائي للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسل، بهدف الحد من انتشار المرض في صفوف الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الشباب والأطفال.
يذكر أن تقديرات منظمة الصحة العالمية كشفت أن المغرب يسجل سنويا 35 ألف حالة إصابة جديدة أو انتكاسة بداء السل، بمعدل 94 حالة لكل 100 ألف نسمة، مع تسجيل 3300 حالة وفاة، حيث يمثل الذكور فيها 59% من الحالات، بينما تصيب الإناث ب 41%.