الإضراب والاضطراب ماحدث في الدارالبيضاء لم يكن اضرابا بمعناه الدستوري ولكنه كان اضطرابا وارتباكا وفوضى في الشارع العام وكان تصرفا اجراميا اقترفه بعض المضربين عندما عمدوا لتكسير زجاج الطاكسيات والحافلات والهوندات وإحداث ثقوب في العجلات واعتداء على عميد شرطة ممتاز ومفتش شرطة ممتاز، فإذا كان الدستور للمواطنين حق الاضراب فانه كذلك ي يضمن حق العمل للممتنعين عن الاضراب... فالمعروف ان أغلبية سائقي الطاكسيات يعتمدون في عيشهم على مدخول كل يوم فإذا توقفوا عن العمل فمن سيعطيهم المصروف لإعالة أسرهم؟ وقد أخرج لي سائق طاكسي من جيبه عشرة دراهم وأقسم بالله انها كل ما يملك وقد كان واقفا عند بقال يطلب منه «كريدي» هذا دون أن اتحدث عن المرضى من الشيوخ الذين كانوا على مواعيد مع أطبائهم ولم يجدوا سيارة أجرة فألغوا تلك المواعيد... ودون أن أتحدث عن المواطنين الذين أجلوا مواعيد أسفارهم ولا عن الطلبة الذين تخلفوا عن دراستهم والموظفات والموظفين الذين وصلوا متأخرين عن اعمالهم ولا عن اصحاب الهوندات والدراجات النارية الذين استغلوا الفرصة وفرضوا أثمنتهم على المواطنين المستعجلين... وقد عاينت ليلة الثلاثاء احداثا عنيفة اندلعت عند ملتقى شارعي محمد السادس وشارع الحارثي أشعلها أصحاب الطاكسيات المضربين ولولا حكمة المسؤولين الأمنيين الذين تعاملوا مع الموقف برزانة وضبط النفس برغم هيجان المضربين ومحاصرتهم لسيارتين للشرطة... اقول لولا حكمة المسؤولين الأمنيين فربما كانت ستحدث مجزرة في تلك الليلة. أكبر «مسمنة» وأكبر «حرشة» احتفلت مدينة مراكش باستعراض أكبر طنجية وسبق لمدينة أكادير أن احتفلت باستعراض أكبر قصعة كسكس كما احتفلت مدينة اسفي باستعراض أكبر طاجين، فهل ستحتفل مدينة الدارالبيضاء يوما باستعراض اكبر «مسمنة» وأكبر «حرشة» باعتبارهما افضل أكلة عند البيضاويين ويكفي أن تقوم بجولة عبر شوارع البيضاء لتلاحظ الإزدحام أمام المحلبات والمحلات التي تصنع «المسمن والحرشة» التهم التي تترصدنا وأن أتجول قرب حديقة الجامعة العربية شاهدت تلميذا بمحفظته يخرج من مخفر الشرطة مذعورا تعلو وجهه صفرة الخوف ويكاد يسقط من هول الرعب الذي تملكه فحاولت التخفيف وسألته «ياك مكاين باس» فأجابني: كنت جالسا أراجع دروسي فوقف أمامي بوليسي بزيه الرسمي وقال له: رأيتك «تفتح جوان»فاستغربت وأوضحت له وأنا أحلف باسم الله العظيم اني لا أتعاطى للمخدرات ولكن قادني الى المخفر حيث وجدت ثلاثة شبان من الشرطة فقاموا بتفتيش جيوبي ومحفظتي وعندما لم يجدوا شيئا أخرجوني من المخفر. فقلت للتلميذ: عليك ان تحمد الله لأنهم لم يتهموك بالشذوذ الجنسي.. فقال لي مذهولا: لو اتهموني بالشذوذ لانتحرت والحقيقة ان بعض رجال الشرطة كلما أعلنت وزارة الداخلية عن حملة لمحاربة ظاهرة اجتماعية يستغلونها فرصة لابتزاز المواطنين. صبرالمغاربة من أبرز الخصال التي يتحلى بها المغاربة فضيلة الصبر التي ربتهم على كظم الغيظ والعفو عن من ظلمهم والتجاوز عن هفوات من يسيئون اليهم، وبالصبر وقوة الإيمان وسعة الصدر تمتنت أواصر المحبة والتكافل والتسامح بين المغاربة وحافظ المغرب على استقراره وسلامة مجتمعه طيلة قرون ولكن الظاهر اليوم أن شريحة من ناس هذا الجيل اصبحت صدروهم ضيقة وغيظهم حارقا وتسرب سم الحقد وجمر الانتقام الى قلوبهم، وهذا هو السر في تفاقم الجريمة والقتل العمد والانتحار فالوحشية التي ينفذ بها المجرمون عملياتهم الدموية تنم عن حقد أعمى من خلال الطعنات المتعددة التي يسددونها لضحاياهم ثم تقطيع جثثهم ووضعها في أكياس ورميها في المزابل كما ان الدافع للقتل من طرف اشخاص لاسوابق لهم غالبا ما يكون هو الانتقام الأسود والتصرف الاحمق وخاصة بين الأزواج والاقارب والاصدقاء والجيران.. و كذلك الانتحار باغتيال النفس في لحظة يأس انماهو ناجم عن ضعف الايمان. والحمد لله ان اغلبية المغاربة ما يزالون متمسكين بفضيلة الصبر. ابو يحيى