كشف فوز دونالد ترامب المفاجئ على هيلاري كلينتون التي بدت الأوفر حظا لتولي الرئاسة الأمريكية، عن خاسر كبير آخر الأربعاء هو استطلاعات الرأي. يأتي هذا الفشل في التوقعات وسط زيادة الشكوك في جدوى استطلاعات للرأي التي باتت تعمل استنادا إلى توقعات أكثر من الاعتماد على معطيات دقيقة. ومن بين هيئات الاستطلاع العشرين الأهم في الولاياتالمتحدة، بما فيها شبكات التلفزيون النافذة والصحف ووكالات الأنباء التي أجرت أكثر من 80 تحقيقا منذ منتصف سبتمبر الماضي، وحدها صحيفة لوس أنجلس تايمز بالاشتراك مع معهد "يو أس سي تراكينغ" منحت التقدم لترامب باستمرار. وأعطى متوسط استطلاعات موقع "ريل كلير بوليتيكس" المرجعي في الولاياتالمتحدة، صباح الانتخابات (الثلاثاء) تقدما ب3.3 نقاط لكلينتون على المستوى الوطني. لكن بعد ساعات أصابت النتائج هيئات الاستطلاع بالذهول. ولم يملك خبير التوقعات الانتخابية الذي يحظى باحترام نيت سيلفر إلا كلمة واحدة لوصف أداء استطلاعات الرأي حيث اعتبره "فظيعا". فقد توقع موقع سيلفر "فايف ثيرتي إيت دوت كوم" فوز كلينتون في ولايات متأرجحة رئيسية هي فلوريدا وكارولاينا الشمالية وبنسيلفانيا وويسكونسن. لكن ترامب فاز بها كلها وبالانتخابات. ومنح قسم الاستطلاعات في نيويورك تايمز "ذي ابشوت" الذي يحظى باحترام المرشحة الديمقراطية فرصة فوز بلغت 85 بالمائة قبل أن ينقلب بشكل مذهل في المساء. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لاري ساباتو ومدير كلية مركز السياسات فيها وصاحب موقع "ساباتوز كريستال بال" (كرة ساباتو البلورية) الذي توقع كغيره فوز كلينتون، "كرة البلور هذه فيها شرخ كبير". وتساءل متابعون للانتخابات كيف يمكن أن تخطئ استطلاعات الرأي إلى هذا الحد في بلد عادة ما تكون فيه نتائجها أقرب إلى الواقع. ورغم توقع المستطلعين تراجع تصويت السود والشباب مقارنة بالعام 2012 مع ترشح الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية فقد "عجزت مراصد الناخبين المحتملين لديهم على الأرجح عن التقاط إشارات المشاركة الكبرى الوشيكة في مناطق البيض الريفية". وأساءت استطلاعات حملة كلينتون نفسها تقدير أصوات العمال البيض بحسب ما قال محلل انتخابي لوكالة الصحافة الفرنسية رافضا الكشف عن اسمه. وقال المحلل "أخطأوا بالكامل، وأنفقوا ثروة". وفي سؤال عن أن الاستطلاعات أساءت تقدير غضب الناخبين تجاه كلينتون، قال ساباتو "كلا فالاستطلاعات كشفته إلى حد كبير". لكنّ مراقبين آخرين أقروا على مضض الأربعاء بأنهم ربما لم يعوا مدى الاستياء إزاء السيدة الأولى السابقة والسيناتورة ووزيرة الخارجية السابقة التي يعتبرها الكثيرون من ضمن النخبة السياسية التقليدية الفاسدة في واشنطن. وأقر خبير الاستراتيجية الديمقراطي بول بيغالا في تصريح لشبكة سي أن أن "لم تكن لدي فكرة عن مدى عمق الانقسامات".