من جهته كان النقد الأدبي يسير بأتجاهات مختلفة أي بمفهوم رؤية النقد للجمال وهذا لاينطبق على الشعر فقط بل أنطبق على معظم الفنون الأخرى حيث أعتبر البعض من النقاد أن الأدب(عناية فائقة في التنفيذ ) ومنهم من رأى ضرورة أن يكون الشكل له الأولية في تقييم المنجز وهناك من قَسمَ الجمال إلى المفيد وغير المفيد وأستُغل النقد من البعض لتفسير التاريخ الشعري كما فعل جوتيه في دراساته عن الشعر الفرنسي خلال المراحل التي مررنا بها عند دراستنا في تفكيك كل شئ من أجل الوصول إلى الماضي كما أستوعب جوتيه بعض الشي عن دراساته لبودلير للوصول إلى شئ ما من عمق بودلير الأستراتيجي وهناك من أفرط في القسوة في تناول جيله أو الأجيال التي سبقت وهناك من تعاطف حد التسامح مع الأخطاء أو بالأحرى مع النظرة ألى اللغة ووظيفتها وأستشعار قواها الروحية ففي النقد الفرنسي على سبيل المثال قدم سانت-بوف شكله التنظيري للشعر الفرنسي وكذلك الشعر الأنكليزي وكتب عن العبقرية وعن الألهام وماهو الجوهري وغير الجوهري وأستخلص من خلال نقده الطبيعي السعي الذي يشتغل عليه بعض الشعراء نحو المحرك المجهول ولم يكن نقد سانت- بوف منفصلا عن افكار لوسون أو أفكار ياسيرز أو ماأتى به يونج في علم النفس فالشاعر في عرفه ليس بسيطا فهو من خلال خاصيته يبلغ الأشياء الفريدة في ذروة أتقاده الروحي والنفسي وهنا نجد كم أتسع مجال الفردية وكم أخذت الأنا حصتها وكم تقدمت لفرض وجودها على الموجودات الأخرى التي كانت عصب الشاعر في حراكه ضمن التفاصيل العينية والتي تبدو نهائية عند إستخدامها وكأنها غير صالحة إلا لمرة واحدة فقط ، ولاشك أن التداخل اللغوي في بعض الأقطار الأوربية كان أحدى المشكلات التي نظر إليها النقد بأمعان خاصة ذلك الإزدواج بين الأستخدامين اللاتيني والفرنسي من قبل الشعراء الفرنسيين أبان عصر النهضة وعلى العموم كانت الأسباب التي قدمها المفكرون والنقاد كفيلة بسيادة اللغة الفرنسية على اللغة اللاتينيه ومن هذه الأسباب ماكان متعلقا بالمكانية والتأهيلية والأصطلاحية وهذه الأسباب أيضا لم تركن كأسباب أبدية لجودة لغة على أخرة إنما كانت دعوات النقاد والشعراء المحدثيين تتعالى لخلق إستخدامات جديدة من اللغة والعمل على أشتقاق مفردات غير مستخدمة والبحث عما يتلائم مع الحس النغمي وتثوير المفردات الدارجة ، لقد وضع الفن ووضعت الحياة أمام مشرحة النقاد فأُعطيَ للرمز أهميته في المنتج الشعري وقدمت الفلسفة جهدا خلاقا للشعر حين عززت المفاهيم نحو الحواس والمشاعر والشواغل الخفية التي تشغل الأنسان بهوسه فأندمجت الفلسفة في الشعر لتدفع بالتخيل إلى مديات أبعد وتعطي الشعر حريته في قبول الذي كان لايقبل ضمن الرؤيا التي كثف الشعر أشتغاله عليها في الأساطير والملامح والأوهام، بدأ النقد في نسف ماكان بائدا وسطحيا في الماضي والذي كان يومن بالمظهرية وأرتداء الأقنعة وبدأ بالتفريق بين الأنسان الذي وصف بالألي ضمن حركة النص وبين الأنسان الهلامي ضمن حاجات النص لمساره وخطوطه ولغته ومدياته وأنتقالاته المكثفة ووراء ذلك تقف القصيدة الطويلة ذات التأثير الفريد في رؤية الناقد وكذلك المتلقي فتلك القصائد بالرغم من حشدها الغرائبي فأنها كانت سلسلة من التأملات والأندفاعات التي تلج بها المعاني وما الفردوس المفقود إلا واحدة من تلك الشواهد حيث أتت بشكل أخر وبجوهر جديد في كشف الرغبات والصراعات مابين قوى الطبيعة والإنسان حين هيمن التتابع المنطقي والأشتغال الفائض للحواس على مجريات الحدث بدون معاينة وتقنين لأي من أشكال الإندماجات التي تحدث في عملية الإسترسال الشعري، قدم النقد يقينه من أن الشاعرَ معادلا أكيدا لما في الكون نفسه وأنه جزءا عضويا ومحركا للحياة وقوانينها أمام المحسوسات وبأنه أي الشاعر لن يكون نتيجة بل هو أحد الأسباب المتواصلة التي تصنع النتائج ،