يسعى هشام مشبال في رواية "الطائر الحر" الحائزة على الجائزة الأولى للقناة الثانية (في صنف الرواية)، إلى أن يصور مأساة جيل محبط انطلاقا من رصده لشخصية "يوسف" الشاب الحالم بمستقبل جميل ولكنه ينغلق أمامه على الدوام نتيجة إكراهات متعددة. وقد عبر الميلودي شغموم عن هذه المأساة بقوله إن رواية " الطائر الحر" تروم "تصوير مأساة جيلين؛ جيل الشباب وجيل الآباء"، ويضيف قائلا "إن هشام مشبال يمتلك نفسا روائيا طويلا ومتميزا فقد استخدم جميع تقنيات الكتابة الروائية التي أسهمت في التقاط الفاجعة أو المأساة". والحق أن هذه الرواية التي تصور شابا يحلم بمستقبل ثقافي خاص ومتميز تواجهه جملة من المنغصات، الناتجة عن الأسرة أو الوسطين الاجتماعي والثقافي، أو ما يتعلق بتكوينه النفسي. إن البطل الذي يعاني علة عدم الانسجام مع الواقع يتوق إلى الحرية بصفتها قيمة إنسانية كونية تجسد الخير، أو تعكس عالما أفضل. إذن، ما بين عالمي الواقع المحبط والحلم الهارب تتجسد أحداث هذه الرواية انطلاقا من علاقة البطل بعائلته أو صديقه المناضل السياسي، وكذلك أصدقاء طفولته ومرحلة شبابه، وكذلك حبيبته نهى التي تجسد نقطة النور المضيئة في عالمه الحزين. إن البطل الذي يسعى إلى أن ينسجم مع واقعه المليء بالتناقضات والمآسي ينهزم بفعل إكراهات اجتماعية وثقافية تحول دون تحقيق حلمه الخاص. ولكن على الرغم من كل ذلك ثمة أمل يلوح في الأفق تعبر عنه جملة من الصور الروائية، مما يعكس بلاغة تتراوح بين اليأس والأمل، أو بين الانكسار والقوة النابعة من الأعماق. لقد كتبت الرواية بلغة سردية تصويرية بدأت بوصف مدينة تطوان وفضائها الزمني العليل، وانتهت بموت الأم، وكأن الحياة التي حلم بها البطل انغلقت أمامه فاستسلم لها عاجزا وإن كان هذا الاستسلام مجرد حيلة بلاغية تعكس قوة نابعة من أصالته الفكرية وإحساسه المرهف وإنسانيته المفرطة العليلة. لقد استطاع هشام مشبال في رواية "الطائر الحر" أن يبني عالما متماسكا مليئا بالأحاسيس، وأن يصور جماليا مجتمعا تملؤه التناقضات والإحباطات المتكررة، كما استطاع أن ينسج بلاغة للقيم الإنسانية التي تتوزع في الرواية بين الحلم والانكسار، أو بين الظلم والعدل، أو بين القيد والحرية، أو بين الثقافة واللاثقافة.