النتائج التي أسفر عنها اقتراع الثامن من شتنبر 2021 ببلادنا، جاءت في معظمها كما كانت منتظرة، لكن المفاجأة الكبرى التي خلفها هذا الاقتراع هو اندحار حزب العدالة والتنمية بشكل لم يكن منتظرا، حتى الأكثر تشاؤما، ما كانوا ينتظرون حجم تلك الهزيمة المدوية، معظم التحليلات بشأن هذه الهزيمة ذهبت إلى التصويت العقابي، بينما بعض قياديي الحزب عجزوا عن تفسير ما حدث، كما صرح الرباح، غير أن منهم من وجه أصابع الاتهام الى الدولة العميقة، على حد تعبير أحد قياديي الحزب (بوليف) ، بينما أخرون شككوا في التصويت العقابي، بل و شككوا حتى في نسبة المشاركة! ماذا حدث إذن؟ وما هو التحليل الموضوعي لما وقع، انطلاقا من الوقائع الظاهرة، أما ما خفي، فذلك موضوع أخر لا يمكن الحديث عنه أو الاشارة إليه في غياب المعطيات والمعلومات. فإذا عدنا قليلا إلى الوراء، وعددنا المواقف التي تضرر منها المواطن المغربي، مثل التقاعد وتحرير المحروقات التخلي عن الفئات الهشة خلال الحجر الشامل وبعده، منح القطاع الخاص في المجال الصحي فرصة الضغط على المواطن بشروط مجحفة من أجل التداوي من الوباء، خصوصا الغلاء الفاحش وفرض تسبيقات مرتفعة وشيكات ضمانة لولوج العلاج وبنتيجة الموت، منع ممولي الحفلات من الاشتغال وهو ما حرم العديد من الفئات الهشة التي تعيش مع هؤلاء، وعددهم ليس بالقليل، ومعاناتهم جعلتهم يحقدون على حزب العدالة الذي لم ينتبه لمعاناتهم ولم يقدم لهم يد العون وهو الذي يقود الحكومة، حتى القروض لم يستفد منها إلا الممونون الكبار، بينما ظل الصغار منهم يعانون حتى باعوا كل أجهزتهم وأصبحوا بدون دخل يعينهم على مصاريف المعيش اليومي! ولم يفكر هذا الحزب الذي يقود الحكومة في تعويضهم ولو بالقليل! في تلك الأيام السوداء كان الجميع يلعن هذا الحزب الذي لم يستطع تدبير هذه الجائحة، وظل مكتوف الأيدي يتفرج على معاناتهم! ويفتح المجال أمام الشركات الكبرى للاستفادة الكبيرة، هذا قليل مما أحدثه حزب العدالة والتنمية من أضرار للمواطن، لا يتسع المجال لتعداده، وقد نعود اليه في مقال قادم. نتذكر جميعا الخطابات النارية الموجهة للسلطة ولأصحاب المال، التي كان ينتجها حزب العدالة والتنمية قبل انتخابات 2011، كما لن ينسى المغاربة الهجوم الشرس الذي كان يكرره عبد الالاه بن كيران بشأن الفساد والمفسدين والتماسيح وما الى ذلك من المصطلحات الكبيرة التي كانت تحمس المغاربة و تهيجهم، والتي برع عبد الاله بن كيران في توظيفها، لكن تبين فيما بعد، أن كل تلك الخطابات لم تكن سوى أدوات استعملت للحصول على ما كانوا كلهم يطمحون إليه، وهم الاعتناء السريع والالتحاق بجنة الدنيا قبل جنة الآخرة، وما جعل المغاربة يلعنون العدالة والتنمية ومن يسير في فلكها، هو حينما قبل عبد الالاه بن كيران بتقاعد لا يستحقه، ورغم ذلك لم يحشم و اكتفى بدس رأسه في الرمال، وظل يسب الدولة التي منحته ذلك التقاعد ولم يتوقف عن تهديدها! فازداد الحزب غرورا وظن أن تجارة الدين سلعة لا تبور! واستمر هذا الغرور من طرف جميع قياديي هذا الحزب، حتى أثناء الحملة الانتخابية، ولا أدل على ذلك الخطاب الذي وجهه بن كيران واليزامي الى عزيز أخنوش، وهو الامر الذي أثبت فعلا أن هذا الحزب أصابه الغرور. هذا الغرور هو الذي جعل هذا الحزب، لا يدرك أن هذه الانتخابات هذه المرة ستمر في يوم واحد محليا جهويا ووطنيا،ولم يدرك أن الكتلة الناخبة لن تكون هي ذاتها كما كان في السابق، لما كانت الامور تمر منفصلة،وعدم ادراكهم لهذا جعلهم لا يخطون كل الدوائر المحلية والجهوية وهو ما فعل فعلته، سواء بالنسبة لارتفاع نسبة المشاركة أو حجم عدد الأصوات! ونعتذر أننا لم نفصل في هذا الأمر نظرا للمساحة الضيقة التي تسمح لنا بها الجريدة، وقد نعود لهذا الامر بتفصيل في مقال خاص. لكن رغم ذلك فالمسألة الاجابية التي سجلنها على هذا الحزب، هو تقديم الامانة العام استقالتها مباشرة بعد الفشل الذي أصابهم، وهو الأمر الذي لم يحدث في العديد من الاحزاب، التي تعتبر نفسها مدافعا صلبا عن الديمقراطية، بينما تظل متمسكة بكرسي القيادة رغم الفشل تلو الفشل في التسيير!