اشتكى عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق، لضيوفه الثلاثاء الماضي وضعيته المادية التي لم تعد تسمح له استقبال زواره بما يليق بمقامهم، حيث يبدو أن زمن مآدب ” الطواجن، و عصير الفواكه الطبيعي، و كعب غزال، و اللوز و الكراكاع” انتهى مع انتهاء ولايته الحكومية. و تدني المستوى المعيشي الذي يزعمه ابن كيران ناتج، حسب قوله، عن تأخير توصله بمعاشه الشهري الذي ينتظره بعد إبعاده المنطقي من الحكومة غداة فشله في تشكيل فريق حكومي. أتباع ابن كيران يدركون جيدا أن وضعيته المالية لا تبعث على القلق، بل بالعكس يتمناها كل حالم بالعيش الرغيد”بعيدا عن الزيت والقديد”، فالزعيم و أفراد عائلته يملكون مدارس خاصة، و معمل لصناعة “جاڤيل”، وفيلا في قلب الرباط، و، و، و. و هي أملاك و استثمارات تجعل أصحابها في وضعية مالية جد مريحة. إن عبد الإله بن كيران يعرف أن المعاش الحكومي يخضع لمساطر وضوابط و معايير إن هي طُبّقت بالشكل الصحيح، فستجعله لا محالة، خارج من تتوفر فيه شروط الاستفادة. فالوزير المنتهية “صلاحيته” أو مهمته لا يمكنه الاستفادة من هذا المعاش الريعي إلا في حالة عدم توفره على دخل. و الحالة هذه فابن كيران هو صاحب أملاك تدر عليه الملايين شهريا، وبالتالي فلا يحق له الاستفادة من هذا المعاش، عكس بعض الوزراء من “مزاليط” وهم قليل جدا ومنهم محمد الكحص على سبيل المثال لا الحصر. و الذين يعرفون عبد الإله بن كيران يعرفون جيدا أن الرجل لا ينطق عن الهوى، فكل تصريحاته رسائل مشفر بعضها وقليل منها الواضح، وهي احيانا اخرى متناقضة حسب المصلحة الآنية و المستقبلية للأمين عام حزب العدالة و التنمية. فلو كنّا من بين الزوار الذين اشتكى إليهم ابن كيران لفهمنا المقصود حينا، فلعل الامر دعوة صريحة لزواره بعدم التكرار. وحتى لا يذهب قراؤنا قي التحليل بعيدا، فالامر لا يرتبط بضعف في الكرم او نقص في ذات اليد، بل إن زوار الثلاثاء الماضي معنيون بالجدل الذي أثاره تصريح الوزير و القيادي في حزب العدالة و التنمية محمد يتيم حول مواقف و تصرفات بعض أقطاب اليسار، و”زعيم” العدالة والتنمية لا يريد الدخول في صراع مع محمد يتيم خاصة أنه يخوض معركة من أجل الظفر بولاية ثالثة على رأس الحزب، والولاية التي يطمح إليها هي خرق للقانون الداخلي للحزب الذي لا يسمح إلا بولايتين، ولذلك فهو لا يرغب في إرضاء أشخاص لا ينتمون لحزبه و لا وزن لهم في المشهد السياسي، على حساب محمد يتيم الذي يظل مؤثرا شيئا ما، في دواليب الحزب خاصة في قطاعه النقابي. ولو كنّا من أقطاب الدولة لفهمنا أن ابن كيران يطلب “السلة بلا عنب”، أي أنه مستعد للتقاعد السياسي. إذ أن المطالبة بالمعاش الشهري مطلب سياسي أكثر منه مادي، حيث يعني الركون في بيته و التراجع عن طموحات سياسية بدأ الرجل يحس أنها تبتعد كلما اقترب تاريخ انعقاد مؤتمر حزب المصباح. أما المغاربة البسطاء فقد يفهموا من تصريحاته أنه مظلوم و أن “المخزن” جرده من كل شئ بما في ذلك حقه في المعاش، و هو خطاب شعبوي ألفه المغاربة من رجل يتواصل بامتياز. و لذلك لم يتبق لمن يرغب في زيارته إلا أن يحمل معه “قالب ديال السكر و خنشة ديال الطحين و قرعة ديال الزيت” لان الرجل يتضرر جوعا . فيا نبيل بنعد الله و يا أيها وزراء البيجيدي الذين اشتكى ابن كيران من تنكرهم ونكرانهم فها أنتم على بما آل إليه حال “الزعيم : فلا تذهبوا لزيارته بأيادي فارغة، خاصة و نحن على أبواب عيد الأضحى! لكن هل سيلبي هؤلاء الوزراء نداء ابن كيران؟ فالكل منهمك، خاصة بعد خطاب العرش، في مشاريع الريف لدرجة أنهم حُرموا من عطلتهم الصيفية. مما يعني انه “مابقاش عندهم الوقت ديال تقرقيب الناب”!