تبقى التجربة المغربية ، تثير الاهتمام ،سواء من الداخل أو الخارج ،لأن النسوية الإسلامية فهمت ان النضال الديمقراطي لا يأتي من فراغ ،بل يحتاج الى تأصيل ونظرة واقعية ،ومرونة في الخطاب ،وقدرة على المناورة بما يضمن اريحية في تحصيل المكاسب الأساسية لضمان تمكين أساسي للمرأة المغربية ،لكن برؤية تدخل ضمن الرؤية الحضارية المجددة في قيم الانتماء والحفاظ على المرجعية . فالكد والسعاية هو ارث تاريخي مثله مثل الوقف والعديد من الأنظمة الشرعية التي حافظت على توازن المجتمع المغربي وكذا العربي الإسلامي منذ عهود خلت ، طبيعي ان الحداثة التي هي متوحشة في نظرتها للتاريخ التقليدي بما فيه من أنظمة تراثية لا تنضبط لمقومات التحديث ،فهي طفلة مدللة في بيئة غربية منفتحة بلا ضوابط ولا اخلاق، وهي تنمو في أوساط ومجالات وفضاءات تتسع لمن يريد لها الاتساع وتضيق في مجالات بعينها. لذلك نقاش علمي حول هذا النظام الذي يحتاج الى التفعيل او التعميم لكي يصبح معمول به ، اجتماعيا ،وكانت اهم مؤسس لهذا النظام هو القضاء المغربي الذي اخد به وفعله في العديد من المناسبات ،انتصارا للمرأة وانتصار لقيم التمكين الاجتماعي لها . ولذلك بقي نظام الكد والسعاية نقاشاً قديماً جديداً... وبقيت فتوى الفقيه بن عرضون قائمة باعتبارها اهم رأي شرعي انتصر للمرأة في زمن يعتبره دعاة الحداثة، زمن ظلمات الذي عانت منه النسوية بصفة عامة ، فهذا الفقيه في بيئته التقليدية يؤسس لمنهج المشاركة والاعتراف ،وثقافة الاعتراف هي ثقافة راقية في الاسرة ولذلك اعتبر ابن عرضون المرأة شريكا في تأسيس الثروة الأسرية. وفي تنقيبي اجتماعي على هذا النظام رغم انه قديم لكنه في عمق الحداثة لأن نظام الكد والسعاية، تجاوز كل حيف قد يطال المرأة، والمغرب بمرجعيته الفقهية المالكية أرى انه هو مهد الكد والسعاية ونحن هنا بحاجة الى الاجتهاد في أحكامه ومسائله و إخراجها وترتيبها وفق منهجية واضحة المعالم ومحددة الأهداف ولذلك سنحاول التعرف على بعض أراد علماء المقاصد في نظام الكد والسعاية لعلنا نلقى الطريق للتعريف بما عملته النسوية الإسلامية حينما بادرت الى اخراج مذكرة هامة على ضوء دراسة بحثية علمية اجتماعية تناولت هذا الموضوع بشيء من الجرأة وقدمت بديلا للإنصاف للمرأة بأسرتها وفي مجتمعها . الكد والسعاية نظام وليس قانون سيكون من الظلم التاريخي لهذا الإرث الحضاري في ان نقزمه في فصول بعينها ، والحال انه يشكل نظاما اجتماعيا خاصا قد أثرى فيه الفقه الإسلامي احكام ناظمة، ولذلك كانت هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي لامست احكامه ،والتي اطارها المرجعي الفقهي واثرها التنزيلي يبقى صداه في ما استقر عليه الاجتهاد القضائي ،ولذلك نجد العديد من الاحكام القضائية التي كانت منصفة للمراة في مجال احقية الكسب والكد والسعاية ،بما يضمن له حق العمل ونتائجه. ولذلك يجب ان نحدد المفهوم من الكد والسعاية حتى يسهل على القارئ فهم هذه المنظومة الجمعية التي حافظت على مكانة المرأة منذ قرون. ولذلك فرغم ان المدلول هنا حق الزوجة فان العام يقصد به حق المرأة في مالها وحق كدها سواء كانت زوجة او اخت او اما، وهذا النظام أنصف المرأة من كل ما من شانه ان يضيق عليها اقتصاديا وضمن له بمرجعية فقهية على اعتبار ان الفقه هو الإطار المرجعي في التنزيل للأحكام باعتباره قانونا إطار محدد للضوابط والاحكام القضائية المعمول بها في هذا المجال. ولذلك وانا في نقاش مستفيض على هذا الموضوع لامست نوعا من الخلط بين مقتضيات المادة 49من مدونة الاسرة ونظام الكد والسعاية ، فنحن امام بحر اجتماعي في مواجهة جدول من نهر مختلف طعمه ربما هو سائغ شرابه لمن ظن انه يغدي رمقه النضالي والحقوقي في اخراج وضعية المرأة من ظلمها الاجتماعي في مؤسسة الزواج المبنية على الاكراه والاقصاء الاقتصادي، والحال ان هذا الجدول التشريعي لا يعرفه الا القليل ،لكثرة الجداول والانساق التي اختلطت على مر الأزمنة . لذلك فنطاق تطبيق أحكام السعاية، بطبيعتها الإجرائية وطابعها التنزيلي، يجب تمييزها على باقي النوازل ، كعمل الزوجة في مال زوجها دون غيرها من المسائل المتعلقة ، وبباقي صور وأنواع العلاقة الممكن تصورها بين الزوجين في المجال المالي. ونميز نظام السعاية أو الكد او الشقا او تامازيلت على الأحكام والمقتضيات التي أقرتها مدونة الأسرة في المادة 49*، حيث انها في فقرتها الأولى تضع اطارمؤسساتي اتفاقي بين الزوجين لنمط الاستثمار والاشراك واقتسام الثروة المتحصل عليها خلال فترة الزوجية، وهي على خلاف احكام السعاية كما ذهب الى ذلك علماءنا القدامى والمعاصرون. والمادة 49 هي تخاطب الزوجين في تنمية أموال مشتركة فيما بينهم في فترة الزوجية، في حين ان السعاية هي نظام اجتماعي أنصف المرأة واقام نوعا من التمكين الاقتصادي لها بصفة أساسية، سواء كانت زوجة او اغير زوجة. ونظرة في فقه المالكية ان معنى السعاية عام واسع وآخر ضيق، اما المعنى الواسع ، فيدخل فيه كل من قدر على الاشتغال والتكسب من أفراد الاسرة ،أي انها سعاية عامة ،مثلها مثل احياء الأرض الموات ،ولذلك نجد في الفقه سعاية اليتيم وسعاية الأخت وسعاية الأخ،وسعاية الولد ،وسعاية الزوج. وما يفهم من ماتركه اهل الحل والعقد في ذاك الزمان ان الكد هنا عام للأسرة بأكملها ، وهنا نستشف طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي المبني على تقديس العمل واحتسابه على أساس الجهد والمثابرة ، فالعمل الاسري هو في حد ذاته عمل انمائي للاسرة ،ولذلك آن الآوان ان نعيد قراءة تراثنا الفقهي قراءة إسلامية علمية بحثية تراعى فيه جوانب الدقة والعلمية والموضوعية ،لفهم ان نظام الكد والسعاية نظام أسس على أساسه حضارة قوية امتدت الى سنوات بل الى قرون. ومادمنا نتحدث عن التمكين الاقتصادي للمرأة، فانه يتحتم علينا ان نتحدث عن سعاية الزوجة والزوج . وكما قد يعبر عنها كذلك ب "تامازالت باللغة الأمازيغية. أو الجراية. أو حق الشقا لدى أهالي الجبال. و لذلك نميل الى اعتبار ان السعاية هي "حق المرأة في الثروة أو الثراء المنشأ خلال فترة الحياة الزوجية" أو هي "حق المرأة في الثروة التي ينشئها ويكونها زوجها خلال فترة الحياة الزوجية. كما أن مسألة تطبيق أحكام السعاية من حيث المكان يحفها الكثير من الخلاف، وهي محل اجتهادات كثيرة، ولذلك ترك بعضهم أمرها إلى أعراف كل بلد وما جرى به عمل أهله، فحيثما قضى العرف بها أخذ بأحكامها، وحيثما لم تعتبر عرفا وعادة ترك أمرها. ومع تطور الأزمنة وفي واقعنا المعاصر نحن بحاجة الى فقه معاصر يدور بدوران الزمان وتبدل الأحوال وتغير العادات والأعراف ، فالمرأة الآن كالرجل تساهم في الحياة العامة بصفة عامة ، ولذلك اصبح مدلول التدبير التشاركي الذي أسست له المدونة ركيزة في تأسيس علاقات مالية داخل مؤسسة الزواج ،كما انه يمكن التعاقد بين الزوجين في تنمية مالهما سواء في استثماره او توظيفه .ورغم ان هناك فرق بين العلاقة المالية التي تربط بين الزوجة والزوجة وحق السعاية الذي يقدره القاضي بناء على اثبات عملها في مال زوجها وهو على خلاف التشارك في المال الذي يؤسس بناء على قواعد تعاقدية متعارف عليها .ولعل في ما ذهب إليه البعض من تأصيل للسعاية وأحكامها بناء على قضاء عمر بن الخطاب لحبيبة بنت رزق بالشركة في ما تركه زوجها بعد وفاته إشارة واضحة إلى جواز تطبيق أحكام السعاية في حق النساء الأرامل في ما يتركه أزواجهن بعد وفاتهم.و الأصل في الحقوق أن تخول لصاحبها الاستفادة منها على كل حال وفي كل حال إذا كان أهلا لذلك، ولم توجد موانع تحول لصاحبها الاستفادة منها على كل حال وفي كل حال إذا كان أهلا لذلك، ولم توجد موانع تحول دون تلك الاستفادة. وكما ان القضاء المغربي أنصف المرأة حينما قضى المجلس الأعلى -محكمة النقض حاليا- في قراره رقم 177 الصادر بتاريخ 12-05-1980 في الملف الاجتماعي عدد 74469 بنقض قرار استئنافي، واعتمد من جملة ما اعتمده في ذلك النقض – على حيثية مفادها أن الحكم الابتدائي الذي تبناه وصححه القرار الاستئنافي، لم يجر على السنن المتبعة في القطر السوسي في شأن الكد والسعاية للزوجات المتوفى عنهن أو المطلقات، والتي نص عليها الفقهاء في فتاواهم وأحكامهم. . وكما ان حصر السعاية في المرأة البدوية لا يستقيم على اعتبار ان هذا التداخل بين البادية والحاضرة جعل هذا التمييز غير منطقي وغير منصف ، ولذلك تم تمديد" هذا الاجتهاد إلى المرأة الحضرية بقرار محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها رقم 244 الصادر بتاريخ 04-04-2000 بشأن الملف العقاري عدد 1999/6323 إلى أن "الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية. يصب في ثروة مادية أنشئت اثناء الحياة الزوجية. وهو نفس ماتم تأكيده من طرف المجلس الأعلى بصراحة ووضوح كبيرين حيث جاء في أحد قرارته وهو يناقش الحجج المعتمدة من قبل القرار المطعون فيه مايلي : " كما أن قولها (يقصد المحكمة المصدرة للقرار) بان السند الفقهي والقضائي للكد والسعاية يخص الزوجة العاملة في البوادي ولا ينطبق على عمل الزوجة القاطنة بالمدينة رغم كدها وسعايتها في تكوين الثروة مع زوجها هو حكم مخالف لمقاصد الشريعة الإسلامية، لأن الفقهاء لا يفرقون بين المرأة البدوية والحضرية في استحقاق ذلك، بل يضعون "العمل والكد والسعاية" هو المعيار لاستحقاق الزوجة لبدل الكد والسعاية"[34] إن هذين القرارين يقران لنا بوادر توجه قضائي مفاده أن مقابل السعاية هو حق لكل امرأة ليس بوصفها بدوية أو حضرية، وإنما بوصفها تعمل وتبذل الجهد في مال زوجها، وتسهم في تنمية ثروته وتقيم الدليل على ذلك، فالمعيار إذا في تقرير استحقاق مقابل السعاية أو عدمه هو "الكد والاجتهاد . الفيمنيست والاقتصاد الاسري في زمن العولمة ، فرضت علينا بنيات وفلسفات دخيلة ،جعلت من الفيمنيست الإسلامي اكثر حداثة من الحداثة بعينها ، لكي نقنع الآخر ،اننا استطعنا ان نقدم مشروعا متميزا في مجتمع يعيش الفقر واللامساواة ، وصراع بين الأجيال على قيم علمانية وقيم إسلامية ،والضحية الأولى في هذا المشهد المخيف هي الاسرة المغربية ،والاسرة بصفة عامة . وانا أطالع حملة تعديل المعدل في مدونة الاسرة التي هي وليدة صراع بين نسقين اجتماعيين ديني ودنيوي ،وهذا التعديل الذي جاء في اطار مشروع ترافع للانتصار لحق المرأة في اقتسام الثروة ،هاته الثروة التي هي بحاجة الى التدقيق ،فالثروة ثروات ،وهناك الثروة المادية المرتبطة بالإنفاق والسكن والحياة الاجتماعية ومتطلباتها ،وهناك ثروة حقيقية لا يعرفها الا الراسخون في الاسرة وتماسكها وهي رأسمال الأمم التي ان بقيت بقوة وان هي ذهبت ذهبوا ،انها القيم والمدركات الجماعية الحمائية للأسرة المغربية خاصة والاسرة بصفة عامة ،فلنقتسم كل شيء في البداية ونسجل سجل تجاري لهاته الاسرة أي عقد مدني بالأساس ،كما يجري في العديد من الزيجات الأجنبية ويتم تذييله بالصيغة التنفيذية ليصبح عقدا مصادقا عليه من القضاء ،فيكتسب قوة الشيء المقضي به ويصبح عقد مثله مثل العقود التي وثقت اساساتها في مؤسسة العدول ،وما يوحي هذا البناء الشرعي من تمثل للقيم الإسلامية في ابهى صورها اذن في البداية يتم التنصيص على اقتسام الثروة الاقتصادية لكي تصبح هاته المؤسسة مثلها مثل مؤسسة اقتصادية –شركة عائلية -،ويمكن في لحظة خصومة ان نقسم الثروة وهذا التقسيم الذي من شأنه ان يعجل بتقسيم الاسرة وخروجها عن وظيفتها الأساسية ،التربية وصناعة القيم الإنسانية ،الى مؤسسات تعاونية وشركات اقتصاد اجتماعي مصغر ،وهذا من شانه ان يزلزل نمطنا الاجتماعي من حيث لا نحتسب ،اوليس هذا تمركز نحو الانثى بما يقيد قيمتها ويجعلها مجردة من كل خصوصية ،لكن الأصل في المنهج الإسلامي انه جعل قوامة الرجل حاضرة وقرنها بالمسؤولية أي ان المسؤولية الأولى في استمرار الاسرة وحمايتها بيد الرجل على اعتبار انه هو المسؤول الأول على خزان القيم الجمعية والمدركات القيمية منذ قرون خلت .. ولذلك فالمرأة مسؤولة على وظيفة محددة وهي توازن مؤسسة الزواج بما يضمن لها استقلالية مالية واستقلالية في التدبير،اما ان جردت هاته الوظيفة واختزلت في التدبير الاقتصادي فانه خراب للأسرة والمجتمع ،لأن مابني على المادة ومع ينتج على المادية التي هي أصلها ثابث على الصراع ،واسست على الصراع والافتراق ،الا من رحم الله من خلقه ،ولذلك لا انتظر من نص تشريعي سيحافظ على حق المرأة اذا كانت تعاني من بنود قانونية متفرقة في شتى الميادين ،ولذلك فسؤال التمكين للمرأة حاضر بحضور وظيفتها وعدم اختزال العلاقة في تحديد الثروة بعينها . وقد أولى المشرع المغربي أهمية خاصة للحقوق المالية للزوجين عبر التنصيص على المادة 49 من مدونة الأسرة، التي أكدت من جهة على استقلالية الذمة المالية للزوجين، ومن جهة أخرى فسحت المجال للاتفاق بينهما على تدبير الأموال المكتسبة بواسطة عقد مستقل، كما أناطت بالسادة العدول مهمة إخبار المعنيين بهذا المقتضى أثناء إبرام عقد الزواج. غير أن مسار التنزيل العملي لهذه المادة بقي محدودا في هذا الجانب حيث أن إحصائيات وزارة العدل لسنة 2015 كشفت أن 0,5 في المائة فقط من العقود المستقلة لتدبير الأموال المكتسبة تم إبرامها منذ دخول القانون حيز التطبيق كما بينت الدراسة الميدانية التي أجراها المنتدى أن العدول واجهتهم صعوبات في إثارة موضوع إبرام هذا العقد عند توثيق الزواج، إضافة إلى ذلك ظل الاجتهاد القضائي محتشما في تقدير مساهمة المرأة في تنمية أموال الأسرة. وحول تأثيرات هذا الأمر على وضعية النساء كشفت الدراسة الميدانية أن العينة المستجوبة سواء منهن المطلقات أو الأرامل عانين من عدم الإنصاف نظرا لعدم توثيق مساهماتهن مما ترتب عنه صعوبة الاثبات والتالي ضياع حقوقهن وتعرضهن للهشاشة الاقتصادية والاجتماعية ، كما أن أغلب المستجوبات اللواتي تزوجن بعد 2004 أكدن عدم علمهن بمقتضيات المادة 49،فضلا أن مجموعة من النساء صرحن أن لحظة إبرام عقد الزواج، غير مناسبة لإثارة موضوع الأموال المكتسبة في السياق الثقافي والاجتماعي للزواج ببلادنا. وعليه فإن دواعي المشروع تتأسس على: – الحاجة لرفع معاناة النساء جراء عدم إنصافهن في تقدير مساهمتهن ومجهوداتهن في تنمية أموال الأسرة عند الطلاق أو الترمل. من خلال تعديل المادة 49 والعمل على ملائمة مجموعة من المقتضيات القانونية الأخرى على ضوء ذلك. – الحاجة إلى تغيير العقليات والعمل على تشكيل ثقافة الإنصاف والاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية أموال الأسرة وتثمين تكثيف الوعي ورفع مستوى التعبئة لتطوير مقاربة منصفة لتقدير وتثمين مساهمة ومجهودات المرأة في تنمية أموال الأسرة . يروم المشروع تحقيق هدف مركزي وهو إدراج تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة في الأجندة السياسية لصانعي القرار ضمانا لحقوق طرفي العلاقة الزوجية، ورفعا للعنف الاقتصادي الذي تتعرض له المرأة من جراء حرمانها من حقوقها المالية خاصة عند الطلاق أو الترمل . وإرساء لقواعد أكثر إنصافا لتدبير الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج، وذلك بممارسة الحق الدستوري في تقديم ملتمسات التشريع الذي أسس له الفصل 14 من الدستور وحدد شروط وكيفية ممارسته القانون التنظيمي رقم 64-14. كما انه يهدف الى تفعيل آليات الديموقراطية التشاركية عبر ممارسة الحق في تقديم ملتمس تشريع لتعديل المادة 49. ولم يفلح تنصيص مدونة الأسرة في المادة 49 منها على دعوة العدول إلى تشجيع المتزوجين على توثيق مساهمتهم في تنمية الأسرة أثناء إقامة العلاقة الزوجية، حفظا لحقوق كل طرف، في تنزيل هذا المقتضى على أرض الواقع، رغم أهميته، ما يؤدي إلى ضياع حق الزوجة في حال وقوع الطلاق. وكشفت معطيات دراسة سوسيولوجية أنجزها منتدى الزهراء للمرأة المغربية، حول « تدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج وآثاره الاقتصادية والاجتماعية على المطلقات والأرامل»، أن 100 في المئة من المستجوَبات لم يوثّقن المساهمة المادية في تدبير الأموال المشتركة أثناء العلاقة الزوجية. ويظهر من خلال نتائج الدراسة أنّ الخلفية الثقافية للمتزوجين تلعب دورا كبيرا في ثنيهم عن توقيع وثيقة تدبير الأموال المشتركة أثناء قيام العلاقة الزوجية، وهي وثيقة مستقلة تُرفق بعقد الزواج، وكذا عدم تعامل العدول مع هذه المسألة بالجدية اللازمة؛ إذ اعتبرت المستجوبات أن « لحظة توقيع الزواج لا تناسب توثيق الأموال المشتركة، وأن العدول يتقاعسون عن الإخبار ». العامل النفسي أيضا له تأثير كبير في عدم توثيق الأموال المكتسبة، حيث خلصت الدراسة، بناء على آراء المبحوثات، إلى أن الزواج عن حب أو علاقة قرابة أو جوار يعزز الثقة وحسن الظن بين الزوجين، ما يجعل الحديث عن الأمور المادية يتوارى، كما أن الزواج من بيئة غريبة يخلق عوائق نفسية أمام التطرق لتوثيق المساهمات والحقوق المالية، وفق ما جاء في الدراسة. وتشير الوثيقة ذاتها إلى أن النساء يفضلن التغاضي عن توثيق المساهمة في مالية الأسرة من أجل الحفاظ على الاستقرار الأسري أو خضوعا للتقاليد، لكنّ تبعات ذلك تكون كبيرة جدا على المرأة في حال وقوع الطلاق؛ إذ تكون عرضة لمشاكل مادية ونفسية واجتماعية، كما أن أبناءها يكونون عرضة لمشاكل دراسية واجتماعية ونفسية. والدراسة أماطت اللثام عن جملة من سلوكيات الأزواج غير السوية، في حال غياب قانون يضبط علاقتهم بزوجاتهم؛ إذ توصلت إلى أن غياب توثيق المساهمة المادية يشجع الزوج على سرعة تقلب المزاج أو التفكير في التعدد أو التنكر لمساهمة زوجته أثناء دراسته أو الطمع في ضمّ مدخولها إلى ممتلكاته. وعلى الرغم من أن المطلقات والأرامل يحصلن على دعم من طرف الدولة، إلا أن هذه المساعدة تظل غير كافية، حسب دراسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، التي أشارت إلى أن عدم الاعتراف بقيمة العمل المنزلي تعيق النقاش الواضح لمسألة تدبير الأموال المكتسبة، كما أن عدم الاتفاق على تدبير هذه الأموال يؤثر سلبا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمطلقات والأرامل، حيث تواجه غالبية الحالات تحديات تدبير الفقر والهشاشة. الإسلامية... وكانت دراسة أعدتها جمعية "حقوق وعدالة" بشراكة مع مجموعة من المؤسسات، ونوقشت مضامينها قبل سنة، دعت إلى تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة، بالشكل الذي يتضمن صراحة التنصيص على لزوم تقييم العمل غير المثمن وغير المأجور الذي تقوم به المرأة، سواء في المنزل أو خارجه، في تحديد ما ينوبها من نصيب في الممتلكات المكتسبة أثناء الزوجية... فقبل سنةٍ، دعا أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى تنظيم مؤتمر تُدْعَى فيهِ المجامع الفقهية، من أجل تدارس اعتماد فتوى للفقيه المغربي ابن عرضون اصطُلِح على تسميتها ب"حق الكدّ والسعاية"، وأفتى فيها هذا الأخير، في القرن السادس عشر الميلادي، بأن للمرأة الحق في نصف ثروة زوجها ثم يكون النصف الآخر للميراث،كان هذا جوابا، بعدما سُئل عن نصيبِ الزوجة من المال والثروة التي شاركت في تكوينها مع الرجل، بعد وفاته أو تطليقها، إذا كانت من النساء اللائي يخرجن مع أزواجهن إلى الحقول ويزرَعن ويحصدن وتكون أيديهِنَّ بأيدي الرجال.م بها دون أجرة، بينما يكون مجرد القيام بها كافيا لمعرفة أنها مساهمة في بناء الثروة الأسرية... كخُلاصة، قد يكون هذا الملف حاول ، توضيح خطأ الرأي الذي يذهبُ بدون تحفظّ إلى أنّ عمل المرأة المنتج، سواء داخل إطار الأسرة أو خارجه، لا يرتبط بأي مقابل في تكوين ثروة الأسرة. * رضوان بوسنينة رئيس مؤسسة تراحم للدراسات والأبحاث