يسلط مؤلف "الحقوق المالية للمرأة على ضوء مقتضيات نظام الكد والسعاية" للأستاذ الحسين الملكي، المحامي بهيئة المحامين بالرباط، الضوء على نظام مالي أصيل وبالغ الأهمية من الوجهتين القانونية والاجتماعية لكونه يروم ضمان حقوق كافة مكونات الأسرة باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع ولاسيما الحقوق المالية للمرأة التي تشكل محور هذا المجهود العلمي القيم والرصين. وفي تقديمه لهذا المؤلف القانوني، الذي صدر في جزأين عن مطبعة البيضاوي بالرباط (طبعة 2010)، عرف الأستاذ الحسين الملكي نظام "الكد والسعاية" بأنه نظام مالي خاص يؤطر، بالأساس، مجال الحقوق المالية الأسرية، سواء بالنسبة للأسرة في شكلها المبسط (الزوج، الزوجة والأبناء) أو في شكلها الممتد (العائلة الموسعة المكونة من الأصول والإخوة وأسرهم). ومؤدى هذا النظام، بشكل عام، يضيف الأستاذ الملكي، أن للزوجة عند انتهاء العلاقة الزوجية، سواء بالطلاق أو بالوفاة، حق في مقابل مساهمتها في إنشاء أو تنمية الثروة خلال فترة الحياة الزوجية، وهو ما اصطلح عليه بعض الفقهاء والنوازليين المغاربة، الذين أقروا هذا النظام وأسسوا له بشكل زواج بين القاعدة العرفية والقواعد الشرعية، ب`"الكد والسعاية"، كما يعرف عند بعض ساكنة منطقة سوس ب`"تامازالت" أو "تيغراد". ونظرا لتشعب هذا النظام في تفريعاته وجزئياته، ارتأى الاستاذ الملكي حصره في موضوع الحقوق المالية للمرأة وأساسا حقها في الاستفادة من جزء من الثروة المنشأة أو التي تمت تنميتها خلال فترة الحياة الزوجية بمساهمة منها، ماديا أو معنويا أو هما مجتمعين. وفي هذا السياق، سجل المؤلف إيجابية تبني مدونة الأسرة لهذا النظام من خلال المادة 49، بيد أنه يرى أن قلة وندرة الأحكام الصادرة بشأن تطبيقها تؤكد الحاجة إلى "بذل مجهودات علمية للتعريف بالموضوع حتى يجد طريقه للتطبيق الفعلي وبما ينعكس على استقرار الأسرة وضمان حقوق كافة مكوناتها". ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية هذا المنجز المعرفي الذي حرص الأستاذ الحسين الملكي في إنجازه على تبني أساس منهجي قوامه التكامل بين محتوى جزأي الكتاب (الجزء الأول صدر في طبعة ثالثة والجزء الثاني في طبعته لسنة 2010). ويتناول الجزء الأول من هذا الكتاب نظام الكد والسعاية في قسمن اثنين، يقف الأول على "العمل القضائي المغربي بشأن الكد والسعاية" من خلال قرارات المجلس الأعلى وقرارات محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية والقضاء الإداري والقضاء الشرعي، فيما خصص القسم الثاني ل`"مناقشات تواجهية ودفاعية". أما الجزء الثاني للكتاب، والذي أفرده الكاتب لإبراز الآراء الفقهية المؤسسة للموضوع في شقه النظري، فيقدم قراءة نافذة ودقيقة في هذا الباب، إلى جانب اشتماله على موضوعات أخرى تمت مراكمتها خلال فترة ما بعد صدور مدونة الأسرة مع عرض نماذج من التراث الفقهي المغربي. ويجمع هذا الجزء بين دفتيه مجموعة من القواعد والحيثيات المستخرجة من الأحكام والقرارات القضائية، كما يتميز بإضافة مقالات سبق نشرها في بعض المجلات الجرائد أو تجميعها تعميما للفائدة، ويتضمن أيضا محاولة لرفع اللبس الحاصل حول الحقوق المالية للزوجة في بعض التشريعات الغربية.