استنادا لما توصلت إليه الأبحاث والدراسات في مجال القراءة والبحث والموارد المعرفية، وما جادت به قريحة معظم المختصين في شأن المكتبة المدرسية "إفلا". واستحضارا لما جاء في الجزئيين الأولين من هذا المقال، يمكن القول بأن أي مشروع، يهدف النهوض بالمكتبة المدرسية، لا مفر له من الدعامات الثلاث التالية: أولا، التوعية والتحسيس بأهمية المكتبة المدرسية لتحقيق مدرسة ناجحة، من حيث، * إعطاء المكتبة المدرسية حقها في الوثائق والتعليمات والمخططات الرسمية، لكي لا تبقى مجرد إشارات عابرة، لا تنم عن القيمة التي تكتسيها المكتبة المدرسية ولا تحفز على إعطائها العناية التي تستحق كرافعة أساسية لمدرسة ناجحة ولما لا متفوقة. * الدعوة إلى واجب انخراط كل الأطر والطاقات والكفاءات المعنية والآباء والمجتمع كافة، من أجل مكتبة قوية ومؤثرة. وكل في إطار الدور المنوط به. لأن الشفافية في تحديد الأدوار يسهل المراقبة والمحاسبة، التي هي أساس كل عمل جاد ومسؤول. * ضرورة إدراك كل الأطراف المتدخلة في العملية التعليمية التعلمية والتربوية، بما فيها مدير المؤسسة والأطر الإدارية والتعليمية والآباء وباقي الشركاء … بأن المكتبة المدرسية لها مهام ومسؤوليات مستقلة ومختلفة عن الحراسة العامة من جهة، وعن أنشطة القسم أو قاعة المطالعة أو فضاء الأندية المدرسية، رغم ما يجب أن يكون بين هذه الفضاءات من تواصل وتكامل في مهام التربية والتعليم/التعلم والانفتاح الفكري. * واجب إدراك الآباء أن تكريس حب القراءة وفضول البحث المعرفي يبدأ من الطفولة المبكرة أي من البيت والأسرة. لذلك عليهن وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم، بما لديهم من إمكانيات، لزرع هذه العادة الحميدة في بناتهم وأبنائهم. وألا يرموا ويرمين بثقل مسؤولية التربية والتعليم على المؤسسة التعليمية لوحدها لأن ذلك الفهم الخاطئ في تحديد الأدوار وتحمل المسؤوليات هو السبب الأول فيما نعانيه من مشاكل بالمؤسسات التعليمية. ثانيا، فضاء وتجهيزات المكتبة المدرسية تشترط المواصفات التالية: أ) أن يكون فضاء المكتبة مريحا وصحيا وفي مكان هادئ من المؤسسة التعليمية. ونظام أثاث ومحتويات المكتبة تختلف عما هو معروف بالقسم. ب) ضرورة توفر الجودة في تجهيزات المكتبة المدرسية. وأن تكون كافية لتنظيم وتصنيف الكتب وعرضها بشكل لائق وجذاب. إضافة إلى ضرورة العناية بشكل وطبيعة أماكن جلوس رواد ورائدات المكتبة المدرسية. ج) بالنسبة للموارد والحوامل المعرفية، فهناك حاجة ملحة لأن تنتقل المكتبة المدرسية من مكتبة تقليدية ورقية مع بعض الموارد السمعية البصرية إلى مكتبة الوسائط médiathèque. أي أن يجمع الفضاء بين مختلف الموارد والحوامل المعرفية بما فيها الرقمية. تلك الحوامل المعرفية التي يجب أن تتماشى مع غايات وأهداف التربية والتعليم وتوافق المواد الدراسية وتشد انتباه المتعلم وتشبع حاجياته. إضافة إلى ضرورة تحيينها تماشيا مع التقدم الفكري/والثقافي والقيمي والتكنولوجي لكي تبقى قادرة على أداء مهامها. ثالثا، مؤهلات القيم (ة) على المكتبة المدرسية وضرورة تقنينها ومنها: * الرغبة وحب العمل في المكتبة المدرسية انطلاقا من الشغف بالقراءة والبحث والكتابة والتفتح الفكري واللغوي والتنشيط الثقافي…والتحلي بروح المسؤولية وبالمبادرة الفردية وملكة الإبداع والتجديد والنقد. إضافة إلى هاجس تقاسم ونشر المعلومة. وهذه المواصفات تحتاج لإطار قانوني. * أن يكون قد مارس مهمة التدريس: فمن أجل أن تخدم المكتبة المدرسية الدروس وتدعم وتقوي تعلمات التلاميذ وتعمق معارفهم، لا بد أن يكون القيم (ة) على المكتبة على دراية بالمقررات الدراسية وطرق وبيداغوجية التدريس… وأن يكون متمكنا من أدوات وأدبيات التعامل مع التلميذ (ة)…. * أن يحرص على السعي للتكوين الذاتي والدائم بما في ذلك الانفتاح على مجال التوثيق والإعلام مع الاستحضار الدائم لتجربته في القسم. لأن وظائف المكتبة المدرسية قد تغيرت، والقيم عليها أصبح يعرف ب"الأستاذ الموثق" أو "الأستاذ المكتبي". * على الأستاذ المكتبي، أن يتحلى بالقدرة على العمل بمهارة على عدة واجهات من أجل أن يزرع في التلاميذ والتلميذات حب القراءة والإقبال على المكتبة والاستفادة من مواردها وأنشطتها. * ضرورة توفره على عدة ووثائق العمل حتى لا يكون عمله ارتجاليا من جهة، ويكون مستعدا للمراقبة والمحاسبة من جهة ثانية. هذا بالإضافة إلى تطلعات أخرى من أجل إنجاح مهام المكتبة المدرسية ومنها: – تخصيص غلاف زمني للمكتبة المدرسية بدمجها كمادة من مواد التعليم. – إضافة مادة المكتبة المدرسية لبرنامج تكوين الأساتذة. – تبني قيمة التحفيز بأشكال مختلفة لتشجيع التلاميذ على التقرب من القراءة ومن فضاءها. – تعميم المكتبات المدرسية وخلق مكتبات متنقلة لضمان حق التلميذات والتلاميذ في المناطق النائية من الولوج إلى المعلومة. وهذه الدعامات والأسس يجب أن تتوفر مجتمعة لأن الإخلال بأحدها يضر بالباقي.