" أين موقع مكتبتنا المدرسية من الإطار الذي وضعته إفلا للمكتبة المدرسية"؟ هو السؤال الذي ختمنا به الجزء الأول من مقالنا حول "المكتبة المدرسية والمواطنة". والذي كان الغرض من طرحه ليس البحث عن الكمال وإنما فقط رصد مدى انخراطنا في الكفاح من أجله. أي الوقوف على الجهود التي قامت وتقوم بها وزارة التربية والتعليم والأطر التابعة لها والشركاء ومحيط المؤسسة في توفير المكتبات المدرسية، كفضاءات تعليمة تعلمية وتربوية، وذلك من تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم. ليس بعيدا عن اليوم، لم تكن هناك مكتبة مدرسية في معظم المؤسسات التعليمية، بالمواصفات الحالية، وحتى في المدن الكبرى. بل كل ما كنا نعرفه داخل المؤسسة التعليمية، هي مكتبة القسم، التي كان يرجع فضل وجودها لبعض الأساتذة (ات) الأفاضل الذين كانوا يدركون أهمية الثقافة والانفتاح الفكري وخطورة الجهل والانغلاق. فاجتهدوا من أجل أن يتيحوا لتلامذتهم (هن) فرصة القراءة والاغتناء اللغوي والفكري والقيمي. لكن منذ مطلع التسعينيات، تقريبا، دخلت المكتبة المدرسية ضمن مخططات وزارة التربية والتعليم، حيث صدرت مجموعة من المذكرات التي تنص على أهمية المكتبة المدرسية وضرورة العناية بها وتفعيلها. ولعل أهمها، المذكرة 187 التي تتعلق بتنظيم وتسيير المكتبات التعليمية والتي جاءت مفصلة وواضحة في تناولها لكل مقوم من مقومات المكتبة المدرسية ووفق معايير بيداغوجية. وكانت تلك المقومات هي فضاء المكتبة المدرسية وتجهيزه وطبيعة ذلك التجهيز. إضافة إلى الموارد البشرية المتدخلة في تنظيم وتسيير المكتبة المدرسية وفي أولها، القيمة أو القيم على المكتبة المدرسية. ومدير المؤسسة التعليمية. ومفتش المكتبة المدرسية. والمذكرة 187، وغيرها من المذكرات إضافة إلى ما جاء في البرنامج الاستعجالي وفي الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015/ 2030…، تنم عن وجود إرادة معلنة لدى وزارة التربية والتعليم من أجل تنشيط وتقوية وعقلنة الأدوار التربوية والتعليمية التي تقوم بها المكتبة المدرسية في قلب المؤسسة التعليمية. وعليه، فالمكتبة المدرسية بالمغرب، تتمتع بمرجعية قانونية وذلك ما يفسر وجودها في مجموعة من المؤسسات التعليمية وإلحاح بعض الجهات على تعميمها في كل المؤسسات. إضافة إلى أن الوعي، بأهمية الأدوار التي تلعبها على مستوى التعلم والانفتاح الفكري والرقي الأخلاقي واكتساب المهارات، هو في تزايد مستمر. وهذا هو السبب في توفرنا حاليا على بعض المكتبات المدرسية التي تستجيب لمعظم المعايير البيداغوجية. سواء على مستوى ملاءمة الفضاء والتجهيز. أو على مستوى كفاءة القيمات والقيمين على المكتبة المدرسية، واجتهادهم في تنظيم وتوثيق وفهرسة الموارد المعرفية المتوفرة… إضافة إلى تنظيم عملية إعارة الكتب. وتلقين رائدات ورواد المكتبة قواعد القراءة والبحث والنقد. وتوجيه وتنشيط الندوات والعروض والمسابقات التي يقومون بها…وذلك وفق مشروع وتصور معينين وديداكتيكية خاصة. وبمؤازرة مدراء ومديرات المؤسسة التعليمة. وبتوجيه من مفتشات ومفتشي المكتبات المدرسية الذين يسهرون على تتبع أوضاع المكتبات المدرسية. وهذا، في حد ذاته، تطور ملموس ومكسب مهم لقطاع التعليم. وبالتالي، يمكن القول، أن مكتبتنا المدرسية على الطريق الصحيح لتحقيق الجودة. مما سيدعم ويقوي المؤسسة التعليمية من اجل حماية التلميذات والتلاميذ من الجهل والانغلاق والتطرف والعنف من جهة. ومن جهة ثانية، سيرسخ فيهم مهارات البحث والتجديد والإبداع والانفتاح الفكري والوجداني. ويكرس لديهم قيم الاعتماد على الذات وأجرأة ثنائية الحق والواجب…باعتبارها المداخل المباشرة والمضمونة للمواطنة والإنسانية. ورغم هذه الأهمية فلا زالت المكتبة المدرسية في حاجة إلى المزيد من تظافر الجهود للرفع من نسبة الوعي بأهمية الأدوار التي تلعبها، والدفع اتجاه انخراط كل الطاقات والكفاءات المعنية، من أجل مكتبة مدرسية قوية ومؤثرة، تبدأ من وضع خطة طريق قوية لاستشراف آفاق المكتبة المدرسية.