ماذا يمثّل طه حسين بالنسبة إليك؟ سؤال رهيبٌ حقاًّ، ولطالما تحاشيت الإجابة على مثل هذه الأسئلة الصعبة، والمخيفة، والمحرجة. ذلك أن الأمر يقتضي قراءة كلِّ أعمال الرجل وما كُتب عنه في حياته وبعدها، حتّى تكون على بينة من أمره في الحسنات والهفوات، ولأني ما زلت طفلا في عالم الأفكار، أتسلّى بالمعرفة وألتذُّ بها، وأقتات على فضلات ما تُنتجه الثقافة العربية، فلن أجيب على هذا السؤال إلا بطلب من الناقد الثقافي والباحث الأكاديمي الأستاذ يحيى بن الوليد، بعد نقاش عميق حول شخصية الدكتور طه حسين وأعماله المتنوعة فكراً ومعرفةً. ولا يعود الاهتمام بهذا الأخير لهذه المرحلة الجامعية فقط، فقد انشغلنا به منذ المرحلة الثانوية، حيث حفظنا عنه لقباً وشعاراً برّاقاً هو “عميد الأدب العربي”؛ ومن جانبنا نرى أنه عميد للأدب العربي في فترته، فلا أحد يُنكر علوّ قامته في الأدب قراءةً وبحثاً وتأليفاً وتدريساً، حتى صار رمزاً من رموز الثقافة العربية الحديثة، وصارت كُتبه كنزاً من كنوز المعرفة، تتوارثها الأجيال في بيئته وخارجها. ومن خلال تنوع مكتوبه – ما بين تاريخ الأدب ونقد الأدب والسرد (السيرة الذاتية والسيرة الغيرية) وقضايا الثقافة والفكر واهتمامات المجتمع المصري آنذاك – يبقى نموذجاً للمثقف الموسوعي وقدوة للباحثين الشباب في جدّته وجدّيته . ومن جانب آخر، يظهر لنا طه حسين في صورة الباحث الجِرِّيء والمتورط في الإشكالات المعرفية وإشكاليات عصره ، ذلك أن ازدواجية تكوينه الثقافي ما بين التراث العربي والفكر الفرنكفوني ، جعله صاحب فكرٍ معتدلٍ يروم خدمة المعرفة والثقافة العربيتين. وبالرغم من أن هدف المستشرقين من تكوينه يبقى موضع شكّ وتساؤلات كثيرة، إلا أن الرجل أحسن إلى الأدب العربي والدرس الأدبي بالجامعة العربية.