وصفت منظمة حقوقية إسبانية، أوضاع العاملات المغربيات بحقول الفراولة جنوب إسبانيا ب”الاستعباد والإذلال”، مؤكدة تعرضهن لأشكال من المعاناة فيما يخص ظروف العمل والاعتداءات الجنسية، معتبرة أن استغلالهن يبدأ في المغرب من خلال عملية الانتقاء وتوقيع عقود عملهن بين السلطات المغربية والإسبانية. وقالت ممثلة منظمة MZC الإسبانية بالمغرب، فتحية اليعقوبي، إن العاملات بالزراعة الموسمية بحقول الفرالة جنوب الأندلس، خاصة بمنطقة ويلبا بإشبيلية، يتعرض عدد منهم للتحرش والاغتصاب من طرف مشغلين ووسطاء، لافتة إلى أن المشكل قائم منذ 2003 إثر توقيع اتفاقية بين وزارتي الشغل المغربية والإسبانية تحت إشراف وكالة إنعاش الشغل “أنابيك” التي تشرف على العقود وشروط العمل. جاء ذلك في مداخلة لممثلة المنظمة الإسبانية التي تعنى بالنساء في وضعية صعبة، في ندوة حول موضوع “سبل مناهضة العنف والاستغلال الجنسي ضد النساء”، نظمتها جمعية كرامة لتنمية المرأة ومنتدى الزهراء للمرأة المغربية بشراكة مع وزارة العدل، مساء اليوم الخميس بطنجة. وأوضحت المتحدثة أن العنف ضد النساء يبدأ منذ مرحلة التسجيل والانتقاء، حيث يتم فرض شروط “مهينة”، أبرزها أن تكون المرأة المنتقاة ما بين 20 و40 سنة، ومتزوجة بالضرورة، ثم المرور إلى المطلقات والأرامل بعد ذلك، وأن يكون لها أبناء أقل من 14 عاما، لافتة إلى أن أغلب النساء يتم انتقاؤهن من منطقة العرائش ومولاي بوسلهام، نظرا لتجربتهن في مزارع الفراولة المحلية. غير أن الشرط الأكثر إذلالا هو فرض “قوة البنية الجنسية” على النساء أثناء الانتقاء، مع معاينة وضعية أيديهن التي يجب أن تكون “متعودة على تمارة والتكرفيص”، قبل أن تبدأ التوقيع على على عقد مدته 3 أشهر مكتوب باللغة الإسبانية دون الاضطلاع على مضمونه، نظرا لأنهن أميات ولا يعرفن حتى العربية، وهو ما يجعلهن يجهلن حقوقهن وواجباتهن، وفق تعبيرها. وأضافت اليعقوبي، أن النساء اللواتي يتم اختيارهن يُحرمن من نسخة عقد العمل، كما يتم “حجز” جوازات سفرهم في المغرب إلى لحظة دخولهن للباخرة، وسحبها منهم مرة أخرى لحظة ووصولهن بمبرر “تفادي احتمال الهرب”. وأردفت بالقول: “هناك عنف آخر يكمن في عدم التزام وزارة الشغل ووكالة أنابيك بوعودهما الشفوية التي تقدم للنساء، حيث يتم تقديم وعود لهن بتقاضي أجر يتراوح بين 30 و40 يورو لليوم، ومرافقتهن من طرف مسؤولين مغاربة من مدنهن بالمغرب إلى أماكن عملهن بإسبانيا، مع توفير السكن وتغطية مصاريف الماء والكهرباء لهن، غير أن لا شيء من تلك الوعود تتحقق، علما أنها وعود شفوية وليست مكتوبة”. وأشارت إلى أن لا أحد من المسؤولين المغاربة أو الإسبان يستقبلهن بموانئ إسبانيا، وحين يصلن إلى أماكن العمل يتم فرض شروط جديدة عليهن بأداء ثمن كراء غرف صغيرة، تتراوح بين 4 إلى 6 يورو لكل امرأة، وتكديس 7 إلى 8 نساء في غرفة صغيرة، مع تحمليهن مصاريف الماء والكهرباء والتنقل، في حين لا يتم الالتزام بالأجور المتفق حولها، حيث تؤدي كل شركة لزراعة الفراولة الراتب الذي تريده دون حسيب ولا رقيب. وتابعت قولها: “محل سكناهن عبارة عن عربات الحافلات الكبيرة، حيث توضع 3 أبواب من أجل الوصول إلى غرف العاملات المغربيات، وهذه تعتبر حالة احتجاز، رفعت بسببها هيئة للمحامين بإسبانيا دعوى قضائية ضد شركات لزراعة الفراولة، مضيفة أن عددا من العاملات تم طردهن قبل انتهاء عقود العمل الخاصة بهن ودون أداء أجورهن، بسبب تقديمهن شكايات حول ظروف العمل أو تعرضهن لحالات اعتداء واغتصاب”. وحملت المتحدثة الدولة المغربية “المسؤولية كاملة فيما يقع للعاملات المغربيات، وذلك عبر السفارات والقنصليات ومكاتب وزارة التشغيل ووكالة أنابيك، لأنها مطالبة بتتبع الاتفاقية ومراقبتها”، على حد قولها. يُشار إلى أن قضية الاعتداء الجنسي على عاملات الفراولة بحقول “ويلبا” الإسبانية، تفجرت شهر ماي المنصرم في شكل تقرير صحفي نشره موقع ألماني، يتضمن شهادات حية ل7 مغربيات 3 رومانيات، صرحن بتعرضهن لحالات اعتداء جنسي واغتصاب مرارا وتم احتجازهن وتهديدهن بعدم العودة إلى إسبانيا وإلصاق تهم الابتزاز ضدهم، لكنهم استطاعوا الهروب، فيما تقول اليعقوبي إن حالات الاعتداء الجنسي مستمرة منذ 2003 إلى اليوم، دون أن تقدم إحداهن شكاية خلال السنوات الماضية.