يستمر الشعب المغربي في معركة المقاطعة بنفس النفس الذي بدء به منذ أسابيع، حيث انتقل التعاطي مع هذه المقاطعة من مرحلة التجاهل و الاتهام والسب والقذف، إلى التجاوب النسبي والاعتذار الرسمي من قبل الحكومة على كل الزلات التي صدرت عل ألسن بعض الوزراء ومسؤولين بسبب خفة دمهم وتسرعهم الذي أبان عن غياب سياسة وتكوين لديهم في كيفية تدبير الأزمات، هذه التصرفات التي أغاضت المقاطعين وأغضبتهم لتتحول معركتهم من مقاطعة منتوجات إستهلاكية إلى مسألة أخلاقية ورد الاعتبار للشعب المغربي "المحكور"، لذلك لم يتلقى اعتذار رئيس الحكومة أي استجابة لأنه جاء متأخرا جدا بعدما خلفت الاتهامات جرحا غائرا في قلوب الشعب المغربي الذي لا يزال يردد الكلمات التي قذف بها (المداويخ، المجاهيل، القطاطعية..) على وسائل التواصل الاجتماعي، بل هناك من يرفق بعضها في كل تدوينة عن المقاطعة وهناك مع جعلها هاشتاغ. لقد كانت ردود الحكومة سببا حقيقيا في تمديد عمر المقاطعة لأنها لعبت دور الكومبارس التي هي في غنى عنه، فقيامها بدور المحامي الفاشل لقضية عادلة ومطالبها واضحة، أبان عن انحيازها للشركات المعنية بالمقاطعة عوض اصطفافها إلى جانب المطالب الشعبية، فباتت بوقا مسخرا للوبي الفساد، وأكدت أن ربح صنطرال لا يتجاوز 20 سنتيما في اللتر، لتخرج الشركة بعرض للمصالحة في رمضان فيه تخفيض بنسبة 1 درهم في اللتر، لتكون الشركة بحسب منطق الحكومة "الطاليسي" خسرت 80 سنتيما في اللتر. إن الالتفاف على مطالب الشعب والتعامل معه على أنه بقرة "حلوب" لا يصلح إلا للاستغلال وإفراغ جيبه ونهبه من خلال تسخير سياسات تفقيرية متمثلة في الزيادة في الأسعار، وتخفيض الأجور، وقلة فرص الشغل.. من أجل إنهاكه وإدخاله في معركة غير مسؤول عنها، بل تتحمل مسؤوليتها الدولة لكونها الراعي لحقوق الشعب والضامن لكرامته من خلال توفير الصحة والتعليم والأمن والشغل..، لذلك فرسالة المقاطعة أكبر من عدم شراء حليب أو ماء أو"كازوال"، فالشعب المغربي بات قادرا على أن ينحو خطوات أكبر من ذلك إن لم تتعامل الدولة معه على أنه هو المانح والساحب للسلط، وهو صاحب الأرض والثروة المسلوبة منه، لذلك فإن أي تماطل وتسويف وسخرية بإرادة الشعب المغربي ومطالبه المشروعة هو دق لناقوس خطر يوشك أن يفوت الفرصة على من سيستيقظ متأخرا، وآنذان يكون قد فات الأوان كما هو الحال مع الأحزاب السياسية والنقابات.