منذ أن بدأت المقاطعة من قبل الشعب المغربي لمنتوجات بعض الشركات، تهاطلت مفردات السب والشتم والقذف والتهديد والتخويف" المداويخ، القطيع، المجاهيل.."، من قبل وزراء ومسؤولين كبار بالدولة. لتخرج هذه الأخيرة عن صمتها في تعاطيها مع هذه الظاهرة الغير المسبوقة بهذا الشكل عن طريق الناطق الرسمي باسم الحكومة بحزمة من التهديدات بعقوبة الداعين لهذه المقاطعة التي بحسبهم أثرت على الاقتصاد الوطني وأضرت بالفلاحين. إن مقاطعة المواطن لشركة ما أو منتوج ما لا يوجد أي قانون في العالم يمنع ذلك لأن المسألة تتعلق بالأذواق وحرية الاختيار، سواء عبر عن ذلك كتابيا أو شفويا بوسائل التواصل الإجتماعي أو عبر وسائل الإعلام المرئية والسمعية، وعندما تتوحد الأذواق في صوت واحد متحد على عدم استهلاك منتوج ما لشركة معينة فالأولى هنا قيام الجهات المعنية بدراسة موضوع المقاطعة وإحترام الأذواق عبر تلبية مطالب الزبائن باعتبارهم المستهلك الأول لتلك المنتوجات، لكن في المغرب وكما صرحت الحكومة في بلاغها أنه بعد تتبعها لمسار المقاطعة منذ البداية، وبعد أن كثف المقاطعون هذه الحملة لتلبغ كل ربوع الوطن، يكونون قد خرجوا عن نطاق القانون، وبالتالي ستعمل الحكومة على تكييف بعض بنود قانون الصحافة مع هذه الدعوات لترتيب جزاءات على أصحابها، هذا في الوقت الذي انتظر فيه المواطنون المغاربة من الحكومة باعتبارها ممثلا لإرادتهم الجلوس مع الشركات المقاطعة منتوجاتها لطاولة الحوار والخروج بحلول تنصف الجميع. إن هذه الأدوار المزدوجة التي تلعبها الدولة مع مطالب الشعب المغربي لتأكد على سياسة" طحن مو" ولو مظلوما مقهورا، فمرة تلعب دور الإطفائي ومرة تشعلها من حيث تريد "إصلاحها"، وبذلك يكون واضحا على أنها تفتقد لأبسط آليات رصد حاجيات الشعب والاستجابة لها، وإنما الأنفة والأنا المستعلية دائما هي سيدة الموقف وكأن الشعب مجرد قطيع يرعى في ضيعة أحد ما، مما يزيد الطين بلة. إن استمرار الدولة في إهانة الشعب بالصوت والصورة في وقت تعيش فيه أنظمة الفساد والاستبداد منعطفا خطيرا باتت شعاراته" الموت ولا المذلة"، "حرية كرامة عدالة إجتماعية"، "الشعب يريد من قتل الشهيد"، "هذا الوطن وحنا ناسو ولي حاكم يفهم راسو"..، لتعكس صورة لجيل جديد أصبح همه انتزاع حقه بكل الوسائل السلمية والقانونية في الوقت الذي تقوم فيه الأنظمة الاستبدادية بخرق كل فصول الاحتجاج السلمي من خلال خلق منظومات قانونية لخرس الأصوات المجلجلة بالحرية والكرامة، ومهما بلغت القبضة الأمنية ذروتها التحكمية فلا بد أن تنكسر القيود والأغلال وتنتصر إرادة الشعوب لأن الله لا ينصر القوم الظالمين بل المستعضفين.