مداويخ .. نعت بذيئ صدح هناك تحت قبة البرلمان و على مسمع من ثلة من المستشارين الذين وصلوا ليجلسوا فوق تلك الكراسي عن طريق اصوات المداويخ، وزير من حكومة محكومة جعل ممن يقاطعون مداويخ ، قالها و قد خيل اليه انه يدافع عن مصالح ولي نعمته و كبير حزبه الذي يملك محطات افريقيا ، المشكل ليس هنا ، بل الفظاعة في صمت و سكون المستشارين الحاضرين ، و الذين كان يجب عليهم ان ينتفضوا كونهم يمثلون المداويخ بذاك البرلمان و هم سبب وصولهم اليه ، لكنهم اختاروا الامتثال و الاستسلام امام هذا الوصف و القدح المحطم لاي معنى للانسانية و الكرامة و المواطنة. اخر اختار التخوين كمصطلح لكل من يقاطع ، و جعل الوطن و الوطنية بعلبة حليب ، و قالها و هو في كامل قواه العقلية و الجسدية و مسؤول عن حرف يخرج من فمه ، الهذا الحد هم يرون الوطن؟ ، اذا كنا نراه نحن المداويخ و الخونة اكبر من ذلك ، فاعتقد ان من يراه يباع و يشترى في علبة حليب هو اكبر خائن و مستعد ان يبيع وطنه بعلبة سجائر من النوع الفاخر كونها اغلى من علبة حليب. الا يستحق اذن متابعة قضائية بتهمة الغباء السياسي و تبخيس الوطن ؟ . كانت هذه الخطوة او هذه الخرجة بمثابة عملية انتحارية لمسؤول بشركة سنطرال كان مصيرها الاخفاق و الفشل و تاجيج الشارع اكثر و ارتفاع حدة المقاطعة ، ليتم الانتقال للخطوة الموالية و هي تدجين ثلة من اشباه الاعلاميين كابواق لزعزعة عقيدة مقاطع فيبدأ القصف العشوائي مرة بمصطلحات" البراهش " و اخرى بالاغبياء و اخر بالعبث و الاستحمار ، ، دون ان ننسى ان اخر اتهم المقاطعين بنشر الفتنة اي انه وصف بالخيانة بطريقة غير مباشرة . هذا الاعلام الذي من المفروض ان يكون في صف المواطن لكونه صوت من لا صوت له و جسر التواصل بين المواطن و مركز القرار . و ليس جهازا للقمع الاعلامي و التخوين و السب و الشتم.
الغريب في الامر ان كل هذا من اجل ماذا ؟ لان المواطن قرر مقاطعة سلعة ؟ فهل انا كمواطن و قد قررت مقاطعة منتوج ما لم يجد الاستحسان عندي اكون قد اجرمت ؟ هل استحق ان تنعتني بالخائن و المدوخ و البرهوش و غيرها من الاوصاف القدحية ؟ لماذا اصلا السب ؟ ما اداعي للشتم و التخوين؟ فهي قناعتي و ارادتي و انا كمواطن قررت ان اقاطع منتوج ما، اليس من حقي حتى ان اختار منتوجي الذي اود استهلاكه ؟و الذي اود ان انصرف عنه ؟ مثال ذلك كمثل الذي يريد ان يدخل الحمام و انت تنعته بالخائن ؟ غريب صح ؟ فهل يستقيم المقام ؟ اي عبث هذا و اي مصيبة حلت على رؤوسنا من الغباء و البلاهة.، قال احدهم ان مقاطعة المنتوج المغربي هو ضرب للاقتصاد الوطني ، فهل بالله عليكم ثلاث شركات هي من يدعم و يمثل اقتصاد المغرب ؟ هل اقتصاد المغرب يستند في قوته على الحليب و الماء و الكازوال ؟ اذا كان كذلك فهو اعتراف ضمني ان اقتصاد الوطن ضعيف جدا و هزيل اذا كان ستعصف به مقاطعة ثلاث شركات ، اليس هذا هو المنطق ، فاين هي القوة الاقتصادية و المغرب بلد اقتصادي و غيرها من الشعارات التي حفظناها عن ظهر قلب في نشرات الاخبار ؟
بالمناسبة نود ان ننوه بالموقف السلبي و العدمي و الذي سيكتب في كتب التاريخ ابد الدهر لجمعية حماية المستهلك و نصفق عليها بحرارة و التي تبرأت من حملة المقاطعة و انضمت الى صفوف الباطرونة ،هذه الجمعية و التي في الاصل تم خلقها لتحافظ على حقوق المستهلك ، و المستهلك اليوم ها هو يشتكي و يقاطع ، لكن الجمعية ارتأت ان موقف المستهلك عبثي , فلك منا جزيل الشكر و تقدير و الاحترام ، لكن الايام دول . شانها شان النقابات ، الا ان هذه الاخيرة نذرت للرحمان صوما و لم تصدر ولو بيانا واحدا لدعم حملة المقاطعة و لم تخرج بموقف واحد يؤيد الحراك الاقتصادي ، فما هي النقابة ؟ اليست صوت الشعب و ذراعه الحقوقي. اليس هذا مطلبا شعبيا و قد اضحى قضية كل مواطن يطالب بالاصلاح و القضاء على فساد الاقتصاد؟ فما فائدة اذن الشعارات الاخرى التي تحملونها مدونة بلافتات خلال مسيرات فاتح ماي ، ما الداعي اصلا لوجودكم داخل منظومة حقوقية اذا كنتم تتنكرون للمواطن و لهذه الحملة الشعبية
اما الاحزاب يا سادة ، هي الاخرى وقفت ضد المواطن و طلباته و رغباته ليتم وصفهم بالقطيع اي انهم مجرد حيوانات فالقطيع لا يكون الى في مجموعة من الحمير او الابل او الغنم او غيرها مع العلم ان مصطلح القطيع حقيقة هو انسب للدكاكين الحزبية و من يفتحون تلك الدكاكين و يغلقونها بانتهاء موسم الصيد ، هذا الوصف جاء من طرف حزب راكم تجارب و نضالات طويلة، و هو حزب بنبركة المناضل الذي حمل على عاتقه هموم الشعب و تطلعاته ، لكن احفاده وصفوا المواطن بالقطيع ، بالاضافة الى بعض الشطحات الحزبية الاخرى التي ارادت ان تجد لنفسها مكانا بالساحة السياسية بعد ان تم اقبارها سياسيا ، لكن الامر لا يسلم كما حدث في حراك 20 فبراير و الشعب اضحى يفقه جيدا من يريد النضال و الاستمرار و من يحاول الركوب على المطالب الشعبية لاغراض انتخابية محظة . و صعب جدا في هذه المرحلة ان يسهل على حزب كيفما كان توجهه ان يركب على اي حراك كيفما كان نوعه لغاية اخرى بعيدا عن النضال الشعبي الحقيقي.
المميز في هذه المقاطعة ان هناك عناصر من يسمون انفسهم باليسار او الذين شوهو المعنى الحقيقي لليسار، و انهم في اعتقادهم يحملون فكرا ثوريا من اجل نصرة الطبقات الشعبية ، جعلو من هذه الحملة مسرحا لتنظيراتهم الفارغة المعارضة للمقاطعة و تحليلاتهم المستهترة و المستهزئة ، فمرة كون المقاطعة لا تتوفر على قيادات و ايديولوجية معينة تتوافق و الايديولجية اليسارية و مرة بحجة ان المقاطعة تم تسيسها من طرف الحزب ذو الايديولوجية المخالفة ، و تناسوا ان المقاطعة ذات طابع شعبي نابعة من الشعب و الى الشعب و بعيدة كل البعد عن اي ايديولوجية او قيادة لان المواطن عرف معنى القيادات كيفما كان توجهها او فكرها بوطن يباع فيه الضمير بابخس الاثمان ، و انهم بموقفهم هذا يتفقون و الراسمالية الجشعة التي من اسس و مبادئ اليسار ان يكونوا ضدها ، فاتفق اليسار و اللوبي الراسمالي على الطبقة الشعبية من فلاحين و عمال ، فاي عبث هذا ، اليست مهزلة التاريخ و اضحوكة القرن.
اليس من اهداف اليسار و التي تعد اسماها و اعلاها هو بناء الوعي عند الطبقات الشعبية ؟ فعندما يصل الشعب الى مقاطعة اقتصاد اكبر راسمالية بالمغرب، و اتحاده على كلمة واحدة الا يرى اليسار انها بداية بناء للوعي و قد هرمنا من اجل هذه اللحظة ، ربما لا.. كونها ليست مبادرة منه لكي يخلق ما يسمى " بالبوز" اعلاميا .؟ .
من محاسن المقاطعة انها اسقطت ورقة التوت عن الكثير من الاشياء التي كانت تختفي وراء الشعارات و الاقنعة المزيفة و ابانت بشكل جدي عن نوايا سيئة من اطراف معلومة و اخرى مبهمة ضد الشعب و ضد ارادته ، يجب على الدولة ان تحمد الله على ان الحراك هذه المرة كان ضد شركاتها و اقتصادها فقط و تم تفريغ كل غضب المواطن الذي كان على اهبة الاستعداد و على المحك في الخروج الى الشارع ضد كل سياساتها، و حراك المقاطعة الشعبي الناجح و الذي انخرطت فيه جميع اطياف الشعب لم يخضع الى صراع حزبي او السياسي او ان المسؤول عنه جهات غير معلومة بنوايا ملغومة ..و لكنه و بكل بساطة جاء نتيجة لقانون المادية الجدلية المبني على ان التركمات المادية تؤدي الى قفزات نوعية . فالمقاطعة نتيجة تراكمات و صراعات و القهر الاجتماعي .
و اتحاد المغاربة في حملة المقاطعة و نجاحها دليل على ان الشارع يغلي و هو على اهبة الاستعداد ان ينفجر في اي وقت.
فالحكومات التي تحترم نفسها و تحترم شعبها ،لا تلبث المقاطعة ان تستمرفيها اكثر من اربع و عشرين ساعة حتى يعلنوا عن اجتماع طارئ ليتدارسوا تطلعات الشارع و رغباته فيجلسوا لطاولة حوار واحدة و يتباحثوا سبل الازمة لارضاء كل الاطراف، و للحفاظ على كرامة المواطن و ثوابت الشعب و هيبة الدولة . .
و لكن في المغرب كما يلاحظ ان المقاطعة استمرت اكثر من اسبوع بدون اي ردة فعل من طرف الحكومة او من طرف الباطرونات بل عكس ذلك ان هناك شركات رفعت من سعر موادها في تحدي سافر للحملة الشعبية للمقاطعة ... هذا دليل على ان الشعب في نظرهم عدو يجب مواجهته او حشرة يجب سحقها بالاقدام فالشارع في رايهم لا يملك ادنى موقف او راي و هو ما جعل هذا الشد و الجذب بين المواطن المقاطع و الباطرونات يأخذ منحى اخرى كون الباطرونة لا تريد التراجع عن قرارتها لانها ستكون بداية لتنازلات اخرى سيكون سببها مقاطعات من نوع اخر ..