بعد تشكيك بعض هيئات وجمعيات حماية حقوق المستهلك في الجهة التي تقف وراء المقاطعة الواسعة لمنتوجات استهلاكية بسبب غلاء أسعارها، قالت إحدى كبرى جامعات حماية المستهلك "مقاطعة شراء بعض المنتجات والسلع والخدمات أسلوب حضاري". ووصفت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك التي تضم عشرات الجمعية المهتمة بحماية المستهلك، الأسلوب الحضاري ب"الرافض" لكل أشكال العنف كسبيل للتعبير عن الرفض والاستياء من جراء غلاء الأسعار أو تدني مستوى وجودة المنتوج أو الخدمة المقدمة للمستهلك. وأوضحت الجامعة في تدوينة بصفحتها الرسمية، أنه قد سبق لجمعيات حماية المستهلك والجامعة المغربية بدورها أن تبنت هذا الشكل من أشكال الاحتجاج، مضيفة أنها تصغي إلى شكاوى المستهلكين المحالة على مكاتب الجمعيات بمختلف ربوع المملكة. وأشارت الجامعة إلى أنها تعالج وتبحث عن سبل التوصل إلى الحلول المرضية، واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، بحسب أهمية وخطورة الحالات، والأوضاع المرتبطة بمصالح عموم المستهلكين المغاربة بدون تمييز، في أفق تكوين وتشكيل مواصفات المستهلك المغربي الواعي والمسؤول. وكان بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك شكك في من يقف وراء الحملة، وقال إن "الحملة بدأت بطريقة ممنهجة وعلمية. هناك صور وصفحات أطلقت الحملة في وقت متزامن مما يحلينا إلى وجود كتائب خفاء تخدم إما مصالح المؤسسات المتنافسة مع هذه الشركات، أو أحزاب سياسية معينة"، مشددا على أن "المجتمع المدني أو الشعب المغربي بريء من هذه الحملة" يُشار إلى أن حملة المقاطعة استأثرت باهتمام كبار المسؤولين بالمملكة، حيث خرج وزير الفلاحة عزيز أخنوش المعني الأول بتلك الحملة عن صمته، وفضل الرد بطريقته الخاصة، حيث قال في كلمة له أثناء ندوة صحفية عقدتها مجموعة "سنطرال" لإنتاج الحليب ومشتقاته على هامش فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، ، إن قطاع الحليب يُشغل أزيد من 447 ألف عامل، وهؤلاء لن توقفهم عن عملهم لا أنترنت ولا أي شيء آخر. وأضاف المتحدث ذاته، أن الواقع هو أن المغاربة يريدون أن يجدوا الحليب عندما يستيقظون صباحا، وهذا ما يتم العمل على توفيره، "وحنا خصنا نتعلمو نحمدو الله على هاد النعمة"، يقول وزير الفلاحة، مشددا على أنه وزارته ستدعم مجال انتاج الحليب وستدعم المشروع الجديد الذي أطلقه شركة سنطرال في هذا المجال. وكان وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، قد قال في كلمة له خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس المستشارين، الثلاثاء المنصرم، إن الشركات التي يطالب بعض "المداويخ" بمقاطعتها مهيكلة وتشغل عدد من المواطنين، وتدفع الضرائب، داعيا إلى ضرورة تشجيع المنتوجات والمقاولات الوطنية، حسب قوله. وأثار وصف "المداويخ" الذي أطلقه الوزير التجمعي من داخل قبة البرلمان، على المغاربة المنخرطين في حملات واسعة لمقاطعة بعض المنتوجات الاستهلاكية بسبب غلاء أسعارها، غضبا واستياءً عارمين من طرف نشطاء وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي. وانتشر وسم "كلنا مداويخ" بشكل لافت على موقع فيسبوك، ضمن منشورات تضمنت صورا وتعليقات تهاجم الوزير بوسعيد وتصفه بأنه يعاكس هموم المواطنين مع غلاء الأسعار ويساند "جشع" الشركات الكبرى، فيما أكد النشطاء استمرارهم في حملة المقاطعة بشكل أقوى خلال الأيام المقبلة. بالموازاة مع ذلك، أطلق نشطاء مغاربة عريضة دولية على موقع "أفاز" العالمي، لمطالبة الوزير التجمعي بالاعتذار للشعب المغربي، بعد أن وصف المشاركين في حملة المقاطعة ب"المداويخ"، وبعد أن أشاد بالشركات المعنية ودعا إلى تشجيعها. كما أطلقت كل من وزارتي الفلاحة والصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بمبادرة من الفيدرالية البيمهنية المغربية للحليب، أمس الخميس بمكناس، حملة وطنية في 23 مدينة للتحسيس بأهمية استهلاك منتجات الحليب، وذلك في عز حملات المقاطعة التي انتشرت بشكل واسع على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، منذ نهاية الأسبوع الماضي. وتناقلت العشرات من الصفحات صورا للمنتوجات موضوع الحملة، مرفوقة بهاشتاغ " خليه يريب، مازوطكوم حرقوه، ما توعتش ليا جيبي"، كما أرفقت بعض الصور الداعية للمقاطعة، بعبارات من قبيل، "المقاطعة ثقافة الشعب وأسلوب حضاري وليس تخلف كما يظنه البعض"، و"للتذكير يمكننا الاستغناء عن بعض المنتوجات لفترة حتى تعود المياه إلى مجاريها وحتى تنقص أسعارها أقل ما كانت عليه في السابق لردع بعض الشركات الجشعة". الحملة اعتبرها البعض مبادرة حميدة ويجب مساندتها من أجل "وقف جشع أصحاب المال"، فيما اعتبر البعض الآخر أنه لا ينبغي الحديث عنها لكون الجهة التي دعت إليها غير معروفة.