سلسلة وقفات مع خطبة الجمعة ترأس أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، مراسيم صلاة الجمعة ليوم 30 ربيع الأول 1438 الموافق 30 دجنبر 2016 بمسجد الكتبية مراكش. وموضوع خطبة الجمعة : حسن الجوار في الإسلام. قال تعالى:( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب). و معنى الجار الذي ذكره سبحانه بعد الوالدين والأقربين محمول عند العلماء في قوله تعالى:(والجار ذي القربى) على القريب ( والجار الجنب) على الغريب أو غير المسلم. فلم تفرق الآية في الإحسان إلى الجار بين القريب والبعيد، ولا بين المسلم وغيره، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم :« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره». فلم يخص جارا دون جار، بل جعل الفضل والخيرية فيمن يحفظ حق جاره، ويحسن إليه، ف« خير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره» ومن اهتمام الإسلام بالجار، وصيّة جبريل عليه السلام: عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه". وقد ربط الإسلام بين تمام الإيمان والإحسان إلى الجار، فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن». قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال:« الجار لا يأمن جاره بوائقه». قالوا: يا رسول الله وما بوائقه؟ قال :(شره) وللجار حقوق عديدة، منها: بدؤه بالسلام، وطلاقة الوجه له مع التقدير والاحترام، وتعاهده بالسؤال عن أحواله، وتفقد أموره وأخباره، وصون عرضه، وغض البصر عن حرماته، واحترام خصوصياته، وتهنئته إذا أصابه خير، ومواساته إن نزل به ضر، وعيادته إن مرض، وتشييعه إن مات، وبذل الفضل له ولعياله، والتلطف معهم، وإرشادهم إلى الخير، ونصحهم بالرفق واللين. على أن فوائد حسن الجوار في الإسلام عديدة منها: تأكيد الإيمان وزيادة الرزق وزيادة في الأعمار وعمارة الدار وكثرة من يُعينه ثم الشفاعة. ومن حسن الجوار بين الدول، ما يقدمه جلالة الملك محمد السادس من سمت إسلامي قويم وجدير بالاحتذاء، اقتداء بجده المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهم تولَّني في جيراني: بإقامة سُنَّتك والأخذ بمحاسن أدبك في إرفاق ضعيفهم، وسدّ خلّتهم، وتعهّد قادمهم، وعيادة مريضهم، وهداية مسترشدهم، وكتمان أسرارهم، وستر عوراتهم، ونصرة مظلومهم، وحسن مواساتهم بالماعون، والعود عليهم بالجدّة والإفضال، وإعطاء ما يجب لهم قبل السؤال، والجود بالنّوال يا أرحم الراحمين.