إن الإسلام قد اعتنى برعاية الجار والإحسان إليه، وإكرامه، لأن المرء محتاج لأخيه الجار يستغيث فيسعفه، ويمرض فيعوده، وتنزل به الكوارث والمصائب فيبحث له عن المعين، ولنقرأ قول الله عزوجل (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا، وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم) سورة النساء الآية .36 ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، رواه البخاري ومسلم. وعموما، فالجيران هم: القريب منك في الجوار أو النسب. البعيد عنك في الجوار والنسب. الرفيق في السفر. الرفيق في العمل. من هنا نستطيع القول بأن حقوق الجيران تنقسم إلى ثلاثة أصناف: أ جار له حقان: وهو الجار المسلم الذي له حق الجوار وحق الإسلام. ب جار له حق واحد وهو الجار الذمي.. ج جار له ثلاثة حقوق: وهو الجار القريب في النسب والسكن والإسلام. ونختصر حقوق هؤلاء الأصناف الثلاثة من الجيران في ما يلي: إذا دعاك أجبته. إن استقرضك أقرضته. إن مرض عدته. إن استعان بك أعنته. إن أصابته مصيبة عزيته. إن أصابه خير هنأته. إن مات شيعته واتبعته. عدم إذايته. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره..." رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم "أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما". رواه ابن ماجة والترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم "إن من سعادة المرء المسلم: المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيئ" رواه أحمد والحاكم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: "إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال إلى أقربهما منك بابا" رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك" رواه مسلم. ومن هذه النصوص ندرك مسؤولية الإحسان إلى الجار، وعدم إزعاجه وإذايته بأي شكل من الأشكال، ولنتذكر دائما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن"، قيل من يا رسول الله؟ لقد خاب وخسر، من هو؟ قال: "من لا يؤمن جاره بوائقه؟ قالوا وما بوائقه؟ قال: شره" رواه البخاري. وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتكثر الذكر، ولكنها سيئة الخلق، تؤذي جيرانها بلسانها، فقال:"لا خير فيها هي من أهل النار" رواه أحمد. وقال الحسن البصري "ليس حسن الجوار كف الأذى عن الجار، ولكن حسن الجوار الصبر على أذى الجار". فحذار من مبطلات الأعمال ومحبطاتها. عبد الحي بن عبد الجليل