خريبكة 23 يوليوز 2014/ ومع/ الساعة الثانية عشرة زوالا، المحرار يشير إلى 40 درجة، جل الدكاكين مقفلة وحركة الشوارع تبدو بطيئة وشبه خالية من المارة ومستعملي الطريق حيث لا تجد إلا من اضطرته الظروف لقضاء بعض حاجياته الإدارية أو اليومية. وبعد الإعلان عن الإفطار، تتحول شوارع المدينة من سكون إلى حركة دؤوبة خاصة في المقاهي التي تعرف توافدا كبيرا لروادها والفضاءات الخضراء التي تعج بالحركة ولا تهدأ الشوارع من الضجيج إلا في الساعات الأولى من الصباح مما يغير من نمط حياة ساكنة المدينة. فهذا التغيير الاضطراري لنمط الحياة اليومية للساكنة الذي تفرضه حرارة الصيف المفرطة وتزامنها مع العشر الأواخر من شهر الصيام تجعل من نهار أيام الصيف بخريبكة صعبة للغاية التي يتحول نهارها إلى ليل والليل إلى نهار عذرهم في ذلك موجة الحرارة الشديدة التي تفرض التأقلم خاصة بالنسبة للفئات المعوزة التي لا تجد بديلا يخفف عليها شدة الحرارة أسوة بالطبقات الميسورة التي تغادر نحو المدن الساحلية بحثا عن الاستجمام. فلا حديث بين أهل المدينة هذه الأيام إلا عن موجة الحرارة التي تشهد ارتفاعا شديدا حيث تجاوز مؤشر الحرارة في بعض الأحيان 43 درجة وهو الأمر الذي حدا بالساكنة إلى ترقب مستجدات نشرات الأرصاد الجوية لعلها تزف إليهم خبر انخفاض درجات الحرارة التي تفرض عليهم المكوث في منازلهم وتفرض عليهم نظاما معيشيا وغذائيا خاصا يغلب عليه وقت الإفطار تناول الفواكه وشرب السوائل وخاصة الماء الذي يطفئ ظمأهم. هذا الارتفاع في درجات الحرارة يرغم الساكنة إلى الخروج ليلا للبحث عن فضاءات مريحة والتوافد على أماكن المساحات الخضراء والمقاهي وباحات الاستراحة التي توجد خارج المدينة والتي تشكل المتنفس الحقيقي للساكنة للترويح عن النفس والاستمتاع بالأجواء الليلية التي تشهد انخفاض الحرارة وتنسيهم لهيب الحرارة التي تؤرق حياتهم اليومية. ويروي (م ط) موظف بإحدى الإدارات العمومية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه مع تزامن فصل الصيف مع شهر رمضان ينقلب نمط الحياة ومعه المزاج وتتغير فيه العادات اليومية ويتراجع معه مستوى النشاط داخل العمل خاصة بالمكاتب التي تفتقد إلى المكيفات، معتبرا أن حرارة الصيف في هذه الفترة تجعل سكان المدينة يفكرون في البحث عن ملاذ ينسيهم الجو المضني الذي يجعل من خريبكة كل موعد صيف على صفيح ساخن. وقال (م ح) تاجر إن الحرارة المفرطة في رمضان تؤثر على الحركة التجارية بالمدينة والتي لا تنتعش إلا قبل موعد الإفطار ببضع ساعات، مضيفا أن الإقبال يكون محدودا على اللحوم البيضاء التي تتأثر بالحرارة خاصة عند الباعة الذين لا يتوفرون على مكيفات تقي الدجاج من النفوق. كما أشار إلى أن نقص الإقبال وارتفاع فاتورة استهلاك الكهرباء يؤثران على مداخيل هذه التجارة التي تتضرر كل موعد حلول الصيف. ويؤكد مجموعة من باعة الفواكه أن الحركة الاقتصادية في الصيف تبقى على العموم إيجابية خاصة الإقبال المتزايد على الفواكه الطرية كالخوخ والبرقوق والعنب والبطيخ الأحمر الذي عرفت أسعاره، خلال هذه الفترة، مستويات متدنية ( ما بين درهم واحد ودرهمين). من جانبه، وصف (ع س)، نادل، أن حركة المقاهي تشهد بعد الإفطار إقبالا متزايدا لسكان المدينة الذين يقضون أوقاتهم في الحديث عن رمضان وارتفاع درجات الحرارة بحيث تنتعش الحركة في هذه الفضاءات إلى حدود موعد آذان الفجر، مشيرا إلى أن زبائن هذه الفترة يتوزعون مابين الرواد وآخرين لا يرتادون المقهى إلا في هذه الفترة من السنة. ولا يسلم الأطفال بدورهم من هذه الأجواء الحارة التي تشهدها المدينة في ظل قلة عدد المسابح مما يضطر معه عدد من الأطفال خاصة المنحدرين من أسر محدودة الدخل إلى اللجوء إلى الأنهار والسدود التلية كمتنفس بديل للتخفيف من حر الصيف والشمس المحرقة متجاهلين الأخطار وبعض الأمراض خاصة الجلدية التي قد تحدق بهم من هذه الأماكن. ولعل ما يخفف على الأسر بمدينة خريبكة في هذه الأيام تلك الأجواء والطقوس المرتبطة بهذا الشهر المبارك والمتمثلة في إعداد مائدة الإفطار التي تتميز بتنوعها وطعامها اللذيذ وأداء الشعائر الدينية في أجواء روحانية وتبادل الزيارات وإحياء صلة الرحم بين الأهل والأحباب، وكذا الإقبال على الزي التقليدي الذي يعكس الأصالة المغربية والتنوع الثقافي للمغاربة.