لم تسلم مدينة تازة من موجة الحرارة التي اجتاحت المناطق الداخلية للمملكة هذه الأيام الشيء الذي أثر على الحياة العامة بالمدينة ودفع ساكنتها الى تغيير سلوكها ونمط عيشها و البحث عن الفضاءات الخضراء بالمدينة أو اللجوء الى المناطق المعتدلة في الضواحي من اجل الاستجمام واتقاء حر طوال اليوم٬ خاصة وأن صيف هذه السنة تزامن مع شهر رمضان المبارك. فبمجرد بزوغ الفجر تنزح العائلات التازية جماعات وأفراد إلى المناطق الجبلية المحيطة بالمدينة والتي تعد متنفسا طبيعيا للساكنة من أجل التمتع بالمناظر الخلابة التي حباها الله بها٬ وكذا الاستجمام والسباحة في المسابح الطبيعية التي شكلتها المياه المنهمرة من أعالي قمم الجبال (منتجع راس الماء )٬ حيث الماء الزلل الذي يزيد الجسد راحة وانتعاشا.
أما الساكنة التي لا تتوفر على وسيلة نقل فإنها تتحمل درجات الحرارة المرتفعة طوال النهار خاصة في البيوت غير المجهزة بالمكيفات في انتظار مغيب الشمس لاحتلال بعض الفضاءات الخضراء (حديقة 20 غشت) إلى جانب العائلات العائدة عشاء من المناطق الجبلية لإتاحة الفرص للأطفال لممارسة هواياتهم المفضلة و فسح المجال للعائلات للترويح على النفس واستنشاق النسيم العليل الذي يجود به الليل الساكن في هذه الفضاءات لولا صخب الأطفال وضجيجهم٬ حيث يستمر السهر في مثل هذه الأجواء الى وقت متأخر من الليل على أمل أن تكون الأجواء معتدلة خلال اليوم الموالي.
أما فئة الشباب فبعضهم يفضل الذهاب إلى المقاهي وتبادل أطراف الحديث حول العديد من المواضيع التي تستأثر باهتماماتهم وتذكي جذوة الأمل عندهم من اجل تحقيق احلامهم الكبيرة ٬ في حين ان فئة اخرى منهم تمشي ذهابا وإيابا عبر الشوارع المهمة بالمدينة للترويح على النفس والاستعداد لاستقبال يوم أخر يأملون أن يكون معتدلا أكثر من سلفه.
وبخصوص الحركة التجارية بالمدينة٬ فتعرف شبه ركود خلال النهار جراء ارتفاع درجات الحرارة التي تزيد عن اربعين درجة٬ فيما تعرف حركة البيع والشراء انتعاشا خلال الليل ويكثر الإقبال على المبردات والمثلجات بالقدر الذي يتهافت الناس على المكيفات الهوائية من اجل اتقاء الحر.
وفي هذه السياق٬ أكد احد باعة المكيفات الهوائية ٬ أنه خلال هذه الفترة من كل سنة يكثر الاقبال على المكيفات الهوائية بسبب ما تعرفه المناطق الداخلية من ارتفاع لدرجات الحرارة عموما ومدينة تازة على الخصوص٬ مضيفا أن الإقبال الكثيف على المكيفات في موسم الصيف يحتم على المراكز التجارية والتجار اقتناء أفضل الأنواع العالمية لإرضاء الزبائن.
وأشار إلى ان المتاجرة في مثل هذه التجهيزات تذر أرباحا لابأس بها٬ خاصة أن الجالية المغربية بالخارج تقبل بشكل كثيف على شراء مثل هذه التجهيزات من أجل اتقاء حر المنطقة وقضاء العطلة الصيفية في الوطن الأم بكل راحة وطمأنينة .
واضاف أن كل بيت بالمدينة لا يكاد يخلو من هذا الجهاز٬ الذي يساعد العائلات التازية على اتقاء الحرارة وضربات الشمس اللافحة٬ مشيرا الى أن الإقبال على المكيفات الهوائية خلال موسم الصيف ينعش الحركة التجارية بالمدينة ويعوض أصحاب المحلات الإلكترونية على هزالة الأرباح التي يجنونها طيلة السنة.
اما بخصوص تأثير ارتفاع درجات الحرارة على صحة ساكنة تازة٬ أبرز الطبيب الرئيس بمصلحة المستعجلات بمستشفى ابن باجة الدكتور عمور الحسناوي ٬ في تصريح للوكالة ٬ أن مصالح المستشفى ما فتئت تتعبأ كل سنة لاستقبال الحالات الأكثر تضررا من لفاحات الشمس خاصة ذوي الأمراض المزمنة والمسنون والأطفال ٬ مؤكدا في هذا السياق أن المستشفى لم يسجل هذه السنة أية حالة اختناق أو وفاة بسبب ارتفاع الحرارة التي تعرفها المنطقة، وذكر السيد الحسناوي أن الحالات التي استقبلها المستشفى تدخل ضمن الحالات العادية باستثناء بعض الحالات الناتجة عن ضربات الشمس التي لم تستدع إعلان حالة الطوارئ بالمستشفى .
* مدير المكتب الجهوي لوكالة المغرب العربي للأنباء بتازة