يعيش المجال الإستراتيجي المتوسطي، على إنبثاقة نظام إقليمي متطور. سَجِيَّتهُ الفُضلى؛ عقلانيةُ الإتفاقِ المغربي الإسرائيلي، بِواقعيَّتِهَا الجديدة، و بدَلَالَتِها الديبلوماسية العميقة. التي تُذكي الشعور الوطني، بشَغَفِ الأمل و التفاؤل و البشرى. عند سياق القراءة المُتَأَنِّية، لمنجزات الديبلوماسية الملكية المنصورة. ذلك؛ على ضوء المستجدات الإقليمية، و التطورات الدولية المتواترة. من حيث؛ أن تأريخ التحالفات الإقليمية المعاصرة، بمنطقة البحر الأبيض المتوسط. لم يشهد مثل هاته الإنبثاقة الثقافية الجليّة، التي تؤسس لتوافقات مغربية-إسرائيلية، على عهدٍ فريدٍ و بإلتزام جادٍّ. ذلك؛ وسط عماهِ هويات مُتَناحرة، و تحت ركام مصالح متقاتلة، و بين أدران الإرهاب الإنفصالي. إذْ؛ قد جَسّدَ التوافق الاسرائيلي المغربي المحمود، بؤرةَ أنوار تشِعُّ بإشراقات إنسانية بهية. كي تضيء الطريق؛ لِحِفْظِ التنوع البشري، و حمايَتِه من مآسي الحروب الأهلية و الإقليمية المدمرة. و كذا؛ تَأمينهِ من فواجع الإنْحباسِ الاقتصادي، و من الجوائِح المعدية الأليمة.
و لعل موضوع مقالتي، فَمن صَميم جدليّةٍ ديبلوماسيةٍ. قد تُفسّرُ غضب القوى المغربية الحية، من مواقف رئاسة الجمهورية الفرنسية. فحينما؛ يأبى الرئيس إيمانويل ماكرون، الوفاءَ لِقِيَمِ رٍفَاقِيّة التحرير التاريخية. و التي قد ربَطتْ ربطًا متينا، بين المملكة المغربية و بين الجمهورية الفرنسية. فإنَّه، لَيتَغَافَلُ أشدّ التّغافُل، عن المساهمة الإيجابية في توطيد دعائم الحلف المتوسطي المتوازن. مع تشبيك جهود الإنماء الاقتصادي المشترك، عند ضِفّتَيْ البحر الأبيض المتوسط.
فلهكذا؛ أوْ أنّها اللُّحْمَة البَيْنِيَّة المُغَيَّبَة، قد تُبْعَثُ من تحت رماد القطيعة، عبر تأدية واجب الإنصاف التاريخي. أيْ: لَبَعْد تقديم الإعتراف الفرنسي الصريح، بأحقيّة المملكة المغربية في كامل السيادة على صحرائها العزيزة. ذلك؛ فحتى تندمج حسابات المصالح الإستراتيجية، مع حسنات الريادة التشاركية. خصوصا؛ أن هذه المصالح المشتركة، تقتضي من العقل الفرنسي، نهج ديبلوماسية التوازن و التكامل. بما تتطلبه من شرطيْ : توافق الإرادتَين، و الثقة بين الشريكين. مع الاقتناع بمبدأ الريادة التشاركية، التي من حَسَنَاتِها التَّكْفيرُ عن إنزياحات الرئيس إيمانويل ماكرون. و التي تكاد أن تسفك بروحِ الرِفاقيّة المغربية-الفرنسية التاريخية.
فهل يا ترى؛ أنّها قدامة العقل الفرنسي، قد إنحازت إلى محور الشر المتوسطي، الذي زعِيمُهُ ثعلبُ الصحراء. ضدًّا؛ في حداثة إتفاق الوئام الحضاري المغربي-الإسرائيلي؟!. أم أنّ؛ ما يُعابُ على رئاسة الجمهورية الفرنسية، لَفُقْدانُها لبَوْصلة الرؤية الإستراتيجية الثاقبة؟!. أوْ؛ أن هاته الأخيرة، لَمُصابَةْ بعَمى الأحلاف المريضة؟!.
فعلَى الرّغْم؛ من أنَّ ساكنَ الإليزي، قد يأبى فتح باب الإعتراف الفرنسي، دَفْعًا إلى الأمام. و بالرّغْم؛ من أن مزاجيّة مواقف رئاسة الجمهورية، تُرخي بظلالها القاتمة على إنبثاقة النظام الإقليمي الحديث. كما لَرغْمَ؛ أن سياسات الإليزي الخارجية، طيلة السنوات القريبة. قد تشَنَّجَت سُلوكيَّاتُها اللاديبلوماسية، فَلَم تكُنْ -و قد لن تكونَ- في مصلحة البلدين معا.
إِلَّا أنَّني، بِباب الرجاء في الله أَجدُني. إذْ بإذنِ النُّور؛ لَسَوْفَ أتشَبث بصلابة و عمق جذور رفاقية التحرير، التي جمعت بين المملكة المغربية و بين الجمهورية الفرنسية. لِكيْ؛ أهْتِفَ من فوق برج إيفَل، أنها الصحراء المغربية يا مَارْيَان!. و قد حان زمن الخروج الحضاري، من أصفار النزعة الكولونيالية التقليدانية.
من حيث؛ أن قضية المغرب الأولى، قد شهدت دينامية إعترافات دولية قوية. جميعها؛ كانت تقديرا لجهود الديبلوماسية العلوية السلمية، التي يقودها ملك المغرب باقتدار و تَرَفُّعٍ رفيعَين. و قد كان من أبرز مكاسبها، القرار الإسرائيلى الصائب المتَبَصِّر. بعدما؛ تأسَّس على لبناتٍ، ثقافيةٍ حضاريةٍ مشتركةٍ. و على جوامعَ سياسيّةٍ اقتصاديةٍ، أمنيةٍ عسكريةِ مُتَنوعة. مما يدفع قلوب العالم الديمقراطي الحر، إلى تجديد الأمل و التفاؤل و البشرى. بغاية؛ إعادة تشكيل حلف السلام، داخل المجال الاستراتيجي المتوسطي.
بينما؛ لا يزال عَقْلُ الجمهورية الفرنسية، كمُقَامِرٍ دَائخٍ. بين تثمين و تعزيز حلف الوئام الحضاري المغربي-الإسرائيلي، و بين إحتضان و رعاية محور الشر المتوسطي، الذي زعيمُه ثعلبُ الصحراء. فَحَقًّا؛ و لَعِدَّةٌ مِنْ مواقفَ أُخَر، بين المصالح الفرنسية و بين المصالح المغربية. غير أنّ؛ تَلَكُّؤَ ساكن الإليزي، في الاعتراف بِمَغْرِبِيَّة الصحراء. كما أنّ؛ المناورات الأوروبية، التي تتَعمَّدُ تأبيدَ مظلمة النزاع الحدودي المصْطَنع. كلّا؛ ما كانَ لَهُما -و لَن يكون لَهُما- ما يُبَررهُما.
لذا؛ قد يُسَائِلُنِي العقل العاطفي : متى يُقِرُّ إيمانويل ماكرون، بسيادة المملكة المغربية على كامل صحرائها العزيزة؟!. فتَكُونُ إجَابَتي الصريحة و الواضحة؛ أن ساكن قصر الإليزي، ليسَ مَجْبورًا على الاختيار بين الإعترافِ أَمِ اللَّاعتراف. و إنما و فقط إنما؛ على عقلِ الجمهورية الفرنسية، عدم التفريط في رصيدِ مكانِتها المحفوظة عند ملك المغرب، و شعبه، و قواه الحية. ذلك؛ عبر إسْتِيفَاءٍ شَرطِ العرْفانِ القيميّ، بالمُنْجَز الحضاري لِرِفَاقيّة التحرير. و حينذاك؛ سَيَتَمَخَّضُ الاعتراف الفرنسي الراشد، عند الإقرار الديبلوماسي الجميل. بالدور الريادي للمملكة المغربية العريقة، في بناء النظام الإقليمي الحديث.
و بكل واقعيّةٍ مُتجددة، لقد حان الميقات المعلوم. قصد إبداع نموذج تعاون إستراتيجي مشترك، على أساس مبدأ رابح-رابح. وَ لَدُونَ؛ أن يرمي ساكنُ الإليزي، بحَجَرِ المُرَادِية في أحذية الوطن المغربي، لِعرْقلة تقدُّمِه الريادي الظاهر. من حيث؛ أن الحقبة الزمنية الراهنة، تستوجب العمل بمفهوم الريادة التشاركية. هذه الريادة القائمة، على توازن و تكامل المصالح المتبادلة. بغرض تجنيب المنطقة المتوسطية، سطوة الأحلاف الغبية. و أيضا؛ باعتبار هذا المفهوم؛ شرط وجوب، يضمن الأمن و الاستقرار. كما يحفز على التقدم و الرخاء، في ظل حداثة النظام الإقليمي الجديد.
و منْ ثَمَّ؛ أختَتِم جَدَلِيَّتِي الديبْلُومَاسِية المعنوية، عبر تحريض النفوس الحالمة بالسلم و السلام، على المزيد من الأمل و التفاؤل. و كذا؛ على إستحضار البُشرى، بِدُنُوِّ ميعاد الإقرار الفرنسي بسيادة المملكة المغربية، على كامل صحرائها العزيزة. كيْ؛ تتَمَظهر معه،، حسنات الريادة التشاركية. تماما؛ ضمن خارطة طريق الحلف الإستراتيجي المُسْتنير. فما يُدْرِينِي .. لَعَلَّ سَاعَة الإِعْتَرَافِ الفَرَنْسِي قَريبٌ؟!.