ليس عبثا أن يطلق اللورد إدموند يورك صفة السلطة الرابعة على الصحافة حيت قال يوما في مجلس العموم البريطاني "توجد ثلاث سلط ،لكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين يجد السلطة الرابعة " ،ومند ذلك الحين أصبح يطلق على الصحافة والإعلام صفة السلطة الرابعة لما لها من دور في خلق الوعي الجماهيري ،وصناعة الرأي العام حول القضايا المجتمعية الكبرى دون محاباة لحاكم أو سلطان . هذا الدور الخطير المنوط بوسائل الإعلام، أي تنوير الرأي العام وتقديم الحقيقة بكل حيادية ومصداقية دون تحيز لأي طرف ،أصبح اليوم في خبر كان ، كنا نتفهم أن يقف مالكو صاحبة الجهالة في وطننا العربي مع الطغاة يسبحون بحمدهم بكرة وأصيلا ،كانوا لا يكتبون إلا على الزعيم ومشاريع الزعيم ،وبذلة حرم الزعيم ،أما نشرات الأخبار الرسمية فلا تعثر إلا على صور الزعيم وخطب الزعيم الذي ما إن يتفوه بكلام مليء بالأخطاء النحوية والصرفية حتى تسارع وسائل الإعلام إلى وصفه بالخطاب التاريخي ،ويستدعى المحللون السياسيون إلى الاستوديوهات الذين يعتبرون بدورهم خطاب القائد يمثل نقطة تحول وخارطة طريق على المستوى الداخلي والخارجي ،ولا يحتاج إلا إلى تكاتف الشعب وضرورة وقوف النخبة مع الزعيم لتحقيق الإصلاح المنشود ،هكذا تحولت رسالة الإعلام من التنوير إلى التجهيل ،ومن قول الحقيقة إلى تحريف الكلم عن مواضعه . اعتقدنا أن الثورة التي أطاحت برؤوس الدكتاتورية ستجعل رجال صاحبة الجهالة يعودون إلى رشدهم ،لكن هيهات فالذين احترفوا الكذب لا يمكن أن تتغير طباعهم بسرعة ولو ادعوا عكس ذلك ،لقد عملت الدولة العميقة على استأ جارهم وتوجيهم عكس تيار الإصلاح ،إلى جانب مؤسسات أخرى كالقضاء وغيره . من الوقاحة أن تجد الإعلام المصري يتباكى على حرية التعبير والإعلام ويدعوا للثورة ضد حكم المرشد وحكم مرسي وغيرها من الادعاءات ،غريب أمر هؤلاء أين كنتم عندما كان الثوار الحقيقيون يقتلون بميادين مصر كلها ؟ أين اختفيتم عندما كانت كل تلفزيونات العالم تنقل مشاهد القمع والإرهاب فيما كنتم تعتبرون ذلك مؤامرة على البلد ؟ الإعلام المضلل اليوم أداة في يد الدولة العميقة لمواجهة الإصلاح وإلباس الحق بالباطل ،قامت إحدى المذيعات بالهجوم على الرئيس مرسي وهي تضع كفنا بين يديها ، تريد بذلك أن تصبح بطلة ثورية ،ولو كانت تعلم أنها ستؤدي الثمن على ذلك لما قامت بهذا الخطأ المهني الفاضح ،إنها فعلا قامت بتكفين الحقيقة والحياد بعد أن اغتالتهم على مرأى ومسمع العالم مقابل دريهمات معدودة من طرف الفلول . إعلام الدولة العميقة لا يوجد في مصر وحدها بل بكل البلدان العربية ،فالمتفحص لما تكتبه بعض الجرائد التي تسمي نفسها زورا بالوطنية يجد أن هناك جهات كثيرة معادية للإصلاح تروج يوميا للأكاذيب ضد العدالة والتنمية ،ليس معنى ذلك أن العدالة والتنمية فوق النقد البناء ،ولكن النقد لا يمكن أن يأتي من منابر ليست سوى بوقا لأصوات الفساد المدعمة لها ،وأولياء نعمتها . يبدو أن المعركة مع إعلام الدولة العميقة لازالت طويلة ومستمرة لكن لحسن الحظ أن لا أحد أصبح يصدق هذا الإعلام وهاته الصحافة التي تحولت من صاحبة الجلالة إلى صاحبة الجهالة ،اليوم نحن في عصر اليوتيب والتويتر وال فيسبوك ،إذن فليذهب إعلامكم إلى الجحيم ،لكن اعلموا أن تيار التغيير آت لا محالة .