يعيش العالم العربي اليوم على إيقاع حركة سياسية شعبية في غاية العمق والشمول، حركة عارمة غير مسبوقة ترتفع فيها بإلحاح وإصرار وتصميم مطالب إصلاحات جذرية وشاملة في نمط تدبير الحكم، لما يعنيه ذلك من إصلاحات دستورية ومؤسساتية وتطور حكم في منظومة الحقوق والحريات وشكل توزيع وإعادة توزيع الثروات، وبما يجعل الشعوب العربية تنخرط حقا في منطق العصر وقيمه وتجد لها مداخل للحداثة السياسية، مداخل ظلت موصدة أو مضطربة لعقود. وتشير كل الدلائل والمؤشرات والمعطيات الى أن الأمر لا يتعلق بهزات أو انتفاضات ظرفية محدودة النفس والمدى ، بل يرتبط بحركة تاريخية لها أفق مستقبلي ينفتح على إمكانات التغيير الشامل في البنيات والذهنيات ، وفي العلائق السياسة السائدة ، وفي طرق التعاطي مع الشأن السياسي في العالم العربي . وقد يكون من باب الاختزال الإيديولوجي ، أو التعلق بالمسح الوقائعي العابر ربط ما يجري في الساحة العربية فقط بمترتبات الثورة التكنولوجية في مجال وسائط الاتصال (الفايسبوك والتويتر) ونفاذهما المعمم في أوساط الشباب) أو ربط هذا الذي يحدث أمام أعيننا بشرائح اجتماعية أو عمرية محدودة، ذلك أن مطلب الدسترة، وإقرار الأسس الأولية لدولة الحق والقانون بما تعنيه من إرساء قواعد جديدة للعلاقات بين المواطنين لملف مؤسسات السلطة، والتكريس العملي لحقوق المواطنة، وإعادة النظر في نمط التوزيع الاقتصادي السائد ومحاربة ظواهر الفساد وإقرار مبدأ الجاهزية للمحاسبة . إن كل هذه المطالب والمتطلبات صارت اليوم عناوين كبرى في أجندة النضال من أجل الإصلاح على امتداد الوطن العربي بالنسبة لكافة الميادين. ولعل ما يعطي اليوم لهذه الحركة فرادتها وبعدها التاريخي المميز، مقارنة مع مطالب الإصلاح السابقة في العالم العربي منذ ما يربو عن قرن من الزمن، أنها تضع الإشكالية السياسية، ونمط تدبير السلطة في قلب المعادلة الإصلاحية ومدخل كل تنوير ثقافي مقبل .وقد يكون ذلك إحدى نقط قوتها لأنها بذلك تربط بين السياسي والاقتصادي والثقافي بشكل أكثر قوة ونجاعة. - إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تميز عبر تاريخه النضالي وتراثه الفكري بقدرته على استشراف التطورات ومواكبة التحولات ، وطنيا وجهويا وقوميا، والذي سعى دائما إلى ربط الممارسة السياسية بعنصر المعرفة مدعو اليوم إلى المساهمة في قراءة واعية ،عميقة ومنتجة في هذا الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي الهائل الذي يخترق العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، وطرح الأسئلة الكبرى في ارتباط مع ذلك ، والتي من شأنها أن تغني وتطور أشكال تفاعله مع محيطه. وفي هذا الإطار، تنظم لجنة العلاقات الخارجية بالحزب، لقاء فكريا تستدعي له نخبة من الممارسين السياسيين والأكاديميين و الإعلاميين لمناقشة المحاور التالية: - الإصلاح في العالم العربي: رؤية تاريخية - مضامين الإصلاح والأفق الديمقراطي في العالم العربي - مطلب الإصلاح في العالم العربي بين المحلي والعالمي - العام والخاص في مطلب الإصلاحات في العالم العربي - حركية الإصلاح والنظام الإقليمي العربي - الروافد الاقتصادية والاجتماعية للإصلاح - الإصلاح في العالم العربي وحركية المجتمعات المدنية - الإصلاح :خلاصات أولية لمخاض مستمر وذلك يوم الخميس 17 مارس 2011 من الساعة الرابعة إلى السابعة والنصف مساء بالمقر المركزي للحزب شارع العرعار حي الرياض ، الرباط.