حضرت القدود الحلبية في الرباط حين احتضن المسرح الوطني محمد الخامس ليلة شامية باذخة في إطار الدورة التاسعة ل"موازين إيقاعات العالم"، صدح فيها صوت الفنان السوري نور مهنا على إيقاعات أنغام أصيلة رائعة. ليلة بديعة أمتع فيها نور مهنا جمهورا استثنائيا عاشقا وغيورا على هذا النوع من الفنون الموسيقية العربية الأصيلة، فكان من الطبيعي أن تحضر في الذاكرة أسماء عمالقة من طينة صباح فخري ووديع الصافي. واستحضر الجمهور، وهو يستمتع بصوت نور مهنا، أماكن وفضاءات لها في القلوب منازل كالأندلس وسوريا ولبنان، فتحولت الأمسية، بالفعل، إلى سهرة تراثية طربية أثثت قلب الرباط المفتوح، من 21 إلى 29 ماي الجاري، على ثقافات وموسيقى الكون. واستطاع هذا الفنان القادم من بلاد الشام، بذائقة فنية عالية، أن يخلق جوا موسيقيا عربيا بامتياز، وفسحة فنية مضيئة، أعاد فيها الترابط مع هذا النوع الموسيقي المتمنع، الذي لا يفسده الدهر بتقنياته المعولمة، والذي يتوهج أداء وعزفا واستماعا. وقدم المطرب السوري نور مهنا، ذو الصوت الشجي والملكات الفنية العالية، أغاني طربية، وعددا من الأغاني التراثية، كما حرص على تقديم أغان من ألبوماته السابقة بأداء ساحر ينم عن إحساس عربي وعذوبة وجمال. وبتقديمه لهذه الباقة من الأغاني، ومن خلال التفاعل منقطع النظير الذي عرفته الأمسية، برهن ابن حلب الشامخة على أن الفن الأصيل باق ويجب أن يستمر في ذاكرة الأجيال، لهذا شكل مهرجان موازين فرصة لإحياء هذا الإبداع الموسوم ببصمات عربية.