واصل المنعشون العقاريون قرع أجراس الإنذار بشأن مستقبل قطاع العقار، باعتباره محركا رئيسيا لنمو الاقتصاد المغربي، والتلويح بخطورة تدهور حجم الإنتاج السكني في حال عدم توقيع اتفاقيات جديدة في صنف السكن الاجتماعي، بشكل خاص، لكونه يمثل أكبر حصة من خصاص السكن في المغرب. مشاورات واجتماعات عقدت خلال الأسبوع الماضي في سبيل إقناع وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، بمقترحات قدمتها الفدرالية الوطنية للمنعشين بتشاور مع توفيق احجيرة، وزير الإسكان والتعمير، ومحاولات أخرى يبذلها لوبي العقار في مجلس المستشارين للدفع بملتمس العقاريين قبل موعد التصويت النهائي على ميزانية 2010. في المقابل، تشير مصادر مطلعة على بعض خبايا توجهات الحكومة إلى أنها قد تكون حسمت في شأن إجراءات جديدة لإنعاش قطاع السكن، بعيدا عن ميزانية الدولة للسنة المقبلة، وتبني إجراءات سيكون من شأنها تنشيط سوق العقار وضبط آليات اشتغاله في إطار خطة الإنقاذ الحكومية. وصرح أحد المنعشين العقاريين، في اتصال ل"أخبار اليوم" به، بأن خطة حكومية لإنقاذ قطاع العقار من وضع الركود جرى إعدادها ستعيد تشكيل الدعم الموجه لقطاع السكن الاجتماعي بصفة خاصة، من خلال استهداف الأسر التي تقتني السكن بشكل مباشر بدل الإعفاء الضريبي للمنعشين العقاريين. الخطة، حسب نفس المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، ستتضمن زيادة سعر السكن الاجتماعي من 20 مليون سنتيم إلى 30 مليون للشقة، وإعفاء المقتني من قسط الضريبة على القيمة المضافة بقيمة 50 ألف درهم، لكن هذا الإعفاء سيبقى موقوفا لدى الموثق لعملية الشراء على مدى أربع سنوات. الخطة الجديدة تستعين بالموثق الذي يصبح وسيطا لا غنى عنه للاستفادة من دعم الدولة، ضمانا لعدم التلاعب والمضاربة في السكن الاجتماعي. وسيستفيد المنعشون العقاريون، بموجب الإجراءات الجديدة، من تخفيض في عدد الوحدات في مشاريع السكن الاجتماعي، في إطار اتفاقيات مع الحكومة من 1500 وحدة إلى 500 وحدة، وهو مطلب يتضمنه ملتمس الفاعلين في العقار من أجل توسيع مجال بناء السكن الاجتماعي جغرافيا وزيادة إقبال المنعشين الصغار والمتوسطين على برامج. وفي هذا الصدد، أكد يوسف بنمنصور، رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، أن الحكومة تواصل مناقشة ملتمس من عدة نقط، قد يتم الحسم فيها بشكل نهائي خلال الأسبوع الجاري، بمناسبة تصويت مجلس المستشارين على ميزانية السنة المقبلة. بنمنصور حذر من مخاطر عدم التوقيع على اتفاقيات لبناء السكن الاجتماعي، في سياق تراجع حجم بناء السكن من سنة إلى أخرى، حيث توقع ألا يتجاوز إنتاج السكن الاجتماعي في نهاية العام الحالي 15 ألف وحدة في مقابل 22 ألف وحدة في العام الماضي. ويحظى السكن الاجتماعي بالأهمية القصوى لدى الفاعلين في قطاع البناء السكني بالنظر إلى حجم الخصاص الذي يقارب مليون وحدة. الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين قدمت ملتمسا أعدته بتنسيق مع الوزارة الوصية، يتضمن عدة مقترحات ترمي إلى تنشيط بناء السكن في السنة المقبلة، ضمنها رفع سعر السكن الاجتماعي من 200 ألف درهم إلى 350 ألف درهم (35 مليون سنتيم) مع استفادة المشتري للشقة من إعفاء ضريبي في حدود 60 ألف درهم، مما يقلص السعر النهائي للشقة إلى حدود 29 مليون سنتيم. ويقترح المنعشون العقاريون زيادة حجم الشقق من 53 مترا مربعا إلى مساحة تتراوح بين 60 و100 متر مربع، لكنهم يشترطون في المقابل ذلك الاستفادة من عقار الدولة بأسعار مناسبة لا تتعدى تكلفة تجهيز الأراضي. الحكومة تقف في صف واحد مع مختلف الفاعلين في قطاع العقار بمختلف أصنافه وفروعه عند ضرورة تشجيع قطاع العقار على النهوض مجددا كقاطرة للتنمية الاقتصادية، عبر إجراءات تحفيزية وأخرى ضريبية، لكن السبل قد تتفرق حين يتعلق الأمر بضرورة ترشيد المال العام الموجه إلى دعم السكن وتقنين سوق العقار عبر ضبط ومراقبة آليات اشتغاله، للحد من التجاوزات التي شابت السنوات الأخيرة بخصوص المضاربة وغلاء أثمنة العقارات، حتى لا تنجرف قاطرة الاقتصاد الوطني في ظرفية صعبة تتطلب الحفاظ على وتيرة النمو والتشغيل والحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة الراغبين في امتلاك السكن.