لا داعي للحلم بسكن اجتماعي، فالحماس الذي أثاره هذا الصنف من السكن الموجه إلى الفئات ذات الدخل المحدود خفت درجته. وما عاد المنعشون العقاريون يقبلون هذا الصنف من السكن، مادام السعر المحدد سلفا من قبل الدولة لم يعد يحقق لهم هامش الأرباح التي اعتادوها. تلك إحدى الرسائل التي أرادت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين إيصالها من خلال الندوة الصحفية التي عقدتها، أول أمس الأربعاء بالدار البيضاء، حيث أوضح أولئك المنعشون أن الشركات التي مازالت منخرطة في توفير السكن الاجتماعي في المغرب هي تلك التي تتوفر على احتياطي عقاري حصلت عليه أوأراض اقتنتها في السابق، مشيرا إلى أنه لم يجر منذ 2006 توقيع أية اتفاقية بين المنعشين والدولة من أجل بناء هذا النوع من السكن. المنعشون يرون أن ارتفاع أسعار العقار ومواد البناء لا يسمح بتوفير سكن اجتماعي بالمواصفات التي حددت له قبل عشر سنوات تقريبا، إذ يجد المنعشون، الذين مازالوا يوفرون هذا النوع من السكن، أنفسهم مضطرين إلى تقليص مساحة السكن والتصرف في نوعية بعض الخدمات. وهم يلحون على مبدأ المناقصة من أجل توفير سكن اقتصادي، لكنهم يطمحون إلى الحصول على امتيازات من أجل إنجاز أصناف أخرى من السكن موجهة للطبقات الوسطى والميسورة. رغم الصعوبات التي يعرفها توفير السكن الاقتصادي، يجزم المنعشون بأن القطاع يوجد في صحة جيدة، لكنهم يطالبون ببعض التعديلات والتصحيحات التي يمكن أن تتيح توفير السكن للأسر التي لا تخولها وضعيتها المادية ذلك، والتي يتراوح عددها سنويا بين 6000 و8000 أسرة سنويا، مما يقتضي، في نظرهم، توفير العقار، على اعتبار أن تلبية الطلب الذي يصل سنويا إلى 90 ألف سكن وتجاوز العجز المسجل في الإنتاج يقتضيان تعبئة 4500 هكتار، إذ بدون توفير العقار ورفع العرض من السكن وتوجيه الجهود اتجاه الفئات الفقيرة والطبقات الوسطى، ستطال الأزمة قطاع السكن. هل يعني موت السكن الاجتماعي، أن المنعشين الخواص لن ينخرطوا في البرنامج الذي تروم عبره الدولة توفير سكن ب140 ألف درهم؟ هم يتخوفون من نتائج إسناد إنجاز هذا البرنامج لشركة العمران، غير أنهم يعتبرون أنه قبل انخراطهم فيه ينتظرون بعض الشروحات والتدقيقات من قبل الدولة كي يتبين لهم مدى إمكانية الإنجاز، خاصة في ما يتصل بالعقار وموقعه ومساحة السكن وظروف الإنجاز. ليس إنتاج السكن هوالهاجس الوحيد الذي يسكن المنعشين، بل إنهم يحاولون تلميع صورتهم، عبر سلوك سبيل الشفافية الذي يبدأ بالقطع مع بعض الممارسات التي تلصق به من قبيل العمل ب»النوار»، حيث بادرت الفيدرالية، للتعبير عن حسن نواياها، إلى فتح حوار مع الإدارة الضريبية، أفضى إلى الاتفاق على وضع لائحة بأسماء الشركات التي ترغب في تسوية وضعيتها الضريبية تجاه الإدارة، بحيث تتفادى تلك الشركات، عبر التقدم بتصريحات تعديلية، تعقبها من قبل الإدارة الضريبية نتيجة تملصها من أداء الضريبية من خلال «النوار»، في نفس الوقت تعد الفيدرالية دراسة تتيح التعرف على أسعار العقار حسب المدن والأحياء، ناهيك عن وضع ميثاق أخلاق يلتزم به المنعشون ويدمج في القانون الداخلي للفيدرالية. وقد أبدى المنعشون تحفظهم على بعض الإجراءات التي اقترحتها الدولة من أجل محاربة المضاربة في قطاع العقار، حيث رأوا أن الضريبة التي يراد فرضها على الأراضي التي لا يقام عليها بناء، سوف تعطي نتائج عكسية، حيث سيضطر بعض المنعشين المضاربين إلى نقلها إلى الأسعار النهائية، وهم يعتبرون أنه يمكن للدولة أن تستعيض عن الزجر بمنح تحفيزات للقطاع عبر تقليص الضريبة على الإنعاش العقاري. في ذات الوقت يتساءل المنعشون عن كيفية تحديد عدد الشقق الشاغرة في المغرب والتي قدرت ب800 ألف شقة، داعين في ذات الوقت إلى وضع الإطارات القانونية والمؤسساتية لتحفيز الكراء.