يوما عن يوم، يتأكد بالملموس أن النظام الجزائري عاش ويعيش مرحلة السفه، التي يفرض القانون على المصابين بها الحجر، حماية للأموال التي بين يديه، خاصة إذا كان هناك مستفيدين من هذه الأموال، والمهددين بفقدان حقوقهم المشروعة بعد حين. مناسبة هذا الكلام، وهو ماكشف عنه موقع جزائري من إنفاق سخي من أموال الشعب الجزائري، على البوليساريو وعدد من الدول المرتبطة بهذا المشروع الانفصالي، نكاية في الإضرار بمصالح المغرب، ولو على حساب المواطن الجزائري المقهور. ويبدو أن الرئيس الجزائري تبون، وهو يعلن في قمة أديس أبابا، استعداد بلاده الإنفاق بسخاء على عصابة البوليساريو، لم يكن يتحدث من فراغ، أو أن الجلالة بالإثم رفعت منسوب الفخر لديه، ودفعته لإطلاق تصريحات عنترية، بل عكس ذلك، هو مخطط للنظام الذي بعد أن شعر يأنه قد فرض سلطته على الحراك الشعبي، قرر معاودة سياسته العدائية ضد المغرب. موقع "الجزائر تايمز" قال بأن نظام بلاده ضخ 550 مليون دولار في خزانة عصابة البوليساريو لتمويل عملية الأشغال الكبرى بمنطقة تيفاريتي ومد المنطقة بالبنية التحتية اللازمة عبر الربط بقنوات الصرف الصحي و الماء الصالح للشرب و الكهرباء و طريق الربط البري، لإنشاء هياكل ستكون مقرات ادارية واخرى مساكن للصحراويين. وأضاف الموقع، بأن بلاده "الغنية جدا"، والتي تعاني حد التخمة من مواردها المالية، قررت أيضا ضخ 2 مليار دولار لجنوب افريقيا الحليف التقليدي للبوليساريو، و المؤيدة للجزائر في دعمها للبوليساريو، وذلك بالتزامن مع تسلمها لرئاسة الاتحاد الافريقي، حيث تم الإعلان عن عقد اجتماع قريب للآلية الرئاسية المعنية بنزاع الصحراء "الترويكا". يأتي هذا السخاء الحاتمي من قبل تبون ونظام الجزائر، في الوقت الذي أعن فيه رئيس حكومته قبل يومين فقط، أن بلاده على حافة الإفلاس، وأن وضعيتها المالية هشة، وأن مداخيلها واحتياطياتها من العملة الصعبة في تراجع. كما حذر خبراء دوليون من ارتفاع التضخم في الجزائر، التي أصبح وضعها شبيها بوضع فنزويلا، موضحين أن انهيار الاقتصاد الجزائري مع نهاية عام 2020 ، أصبح أمرا وشيكا إذا استمرت الحكومة في عدم البحث عن الحلول الناجعة والكفيلة للنهوض مما اعتبروه "المعضلة الحقيقية"، والتي ستؤدي بالجزائر في نهاية المطاف إلى وضع خطير. كما يأتي في ظل وضع اجتماعي خطير، يعيش على وقعه الشعب الجزائري، والذي أصبح يعاني حتى من أجل الحصول على كيس حليب، حيث أصبحت مشاهد الطوابير أمام المحلات التجارية، أمرا معتادا في مدن وقرى الجزائر. ونقل الموقع المذكور، أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن الجزائري، في تفاقم، حيث أن 40% من الطبقة الهشة في الجزائر والذين يقدرون ب14 مليونا يعانون من نقص كبير في المواد الغذائية والأدوية وسط تعتيم كبير من الحكومة. وعوض أن ينظر تبون والنظام الجزائري، إلى هذه الحقائق التي أصبحت من قبيل المسلمات، قرر أن يجيل بنظره بعيدا ويستمر في إنكار واقع الجزائر الخطير، واستمرار الإنفاق على عصابة البوليساريو، في مشهد يؤكد بالملموس، انفصال هذا النظام عن واقعه، متجاهلا شعبه الذي سيخرج اليوم، كما خرج منذ حوالي السنة، في احتجاجات شعبية غير مسبوقة، ويؤكد أيضا أنه يعاني حقيقة من السفه، ويحتاج للحجر عليه، قبل أن تستفحل الأمور إلى نقطة اللاعودة.