تفاقمت الخصومات بين أحزاب من التيار الإسلامي في الجزائر، وسط تبادل تهم في ما بينها حول "العمالة" سابقاً للسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، في سياق يكرس انشقاقاً واسعاً بين تشكيلات تابعة ل "تيار الإخوان المسلمين" في الجزائر. ودافعت "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، عن لقاءات سابقة أجرتها مع شقيق بوتفليقة، قائلةً إن "الحوار ليس تهمةً حتى لو كان مع الشيطان". كذلك حاول حزب "جبهة العدالة والتنمية" الإسلامي، الذي يقوده المعارض البارز عبد الله جاب الله، التخلص من تهمة "الاطلاع على الشيء"، بعدما كشف عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم"، أنه أطلع جاب الله على نيته الحوار مع السعيد بوتفليقة في خريف العام الماضي. ويُعرف أن "حركة مجتمع السلم" روّجت لمبادرة سياسية، منذ الصيف الماضي، على أساس "تأجيل الانتخابات الرئاسية"، ليتبيّن مع الأيام أن تلك المبادرة لم تكن إلا بالتشاور مع السعيد، بشكلٍ كان يُراد منه تأجيل الاستحقاق الرئاسي سنتين، أي تمديد ولاية بوتفليقة مقابل إصلاحات سياسية. وتحولت تلك المبادرة وخلفياتها، إلى تهمة تلاحق "حركة مجتمع السلم"، التي لطالما اعتمدت سياسة "مسك العصا من الوسط" على الرغم من خطابها الراديكالي المعارض. وشاركت تلك الحركة الإسلامية في تحالف رئاسي ما بين عامي 2004 و2011، ضمها إلى "جبهة التحرير الوطني" (حزب بوتفليقة) و"التجمع الوطني الديمقراطي"، ثم غادرته مع هبوب رياح "الربيع العربي" ما جعلها في مرمى السلطة مجدداً، بعدما اتُهمت بالتخطيط للاستفراد بالحكم في حال سقط النظام. في المقابل، أمطر القيادي في حركة "مجتمع السلم" عبد الناصر حمدادوش، نظرائه في "جبهة العدالة والتنمية" باتهامات، باطنها "العمالة والعلم بالشيء". وقال في مؤتمر صحافي إن "ما أُعيب علينا بخصوص هذه الاتصالات المعلنة والرسمية تقع فيه جبهة العدالة والتنمية نفسها وبعلم الشيخ جاب الله ذاته". وتابع حمدادوش "عندما تلتقي سراً، ومن دون علم المعارضة ولا مصارحة الرأي العام، مع هذه القوى غير الدستورية (شقيق الرئيس السابق)، ومع رأس الدولة العميقة (قائد الاستخبارات السابق الجنرال توفيق)، ومع رئيس الحكومة السابق (عبد المالك سلال)، بل وحتى مع ممثل عن (رئيس الحكومة نور الدين) بدوي، أثناء تشكيله الحكومة الأخيرة، المرفوضة شعبياً بعد الحراك الشعبي". وأضاف حمدادوش أن "موضوع الاتصالات التي أجراها مقري مع سعيد بوتفليقة، بصفته مستشاراً للرئيس حينها، هو مشروع التوافق الوطني، وليست مفاوضات حزبية لمصلحة الحركة مهما كان رأي جاب الله وبن خلاف في المشروع"، مؤكداً أن "جاب الله لم يعارض اللقاء من حيث المبدأ، ولم يتحدّث عن انتحال السعيد لشخصية أخيه، لكنه تحدّث عن عدم ثقته في وعود السلطة، وتجربته الطويلة معها".