تتجه المعارضة نحو خيار مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، فبعد قرار "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، و"حركة مجتمع السلم" بالمقاطعة، فإن الأنظار تتجه إلى تعزيز جبهة المقاطعين، خاصة بالتيار الإسلامي. يتوقع مراقبون أن توظف حركة مجتمع السلم ثقلها داخل كتلة الأحزاب الإسلامية بهدف ضم التحاق النهضة والإصلاح لصف المقاطعين، علما أن جاب الله كان قد لمّح إلى عدم جدوى المشاركة في ظل الظروف القائمة، وهو نفس الخيار الذي تراه جبهة التغيير التي دعت في أكثر من مناسبة إلى الالتفاف حول مرشح توافقي. والسؤال الذي يفرض نفسه في حال توسع جبهة المقاطعة، ما الفائدة من انتخابات لا تشارك فيها أسماء وأحزاب وازنة؟ كان التجمع أول تشكيلة سياسية تعلن مقاطعتها للرئاسيات القادمة، انطلاقا من مؤشرات تؤكد نية السلطة في تزوير نتائجها قبل إجرائها، قبل أن تلتحق حركة مجتمع السلم بقيادة عبد الرزاق مقري، بهذا الخيار على أساس انعدام ظروف تمنح الحرية للجزائريين في اختيار رئيسهم، وتجاهل مطالب الطبقة السياسية الداعية إلى إرساء شروط النزاهة والشفافية وفق المعايير المتعارف عليها دوليا، وهي نفس المعطيات التي جعلت زعيم جبهة العدالة والتنمية، الشيخ عبد الله جاب الله، يدعو الطبقة السياسية إلى الانسحاب من الترشح وترك مرشح السلطة وحده في السباق، وقد تلتحق بهذا المسعى مجموعة ال20، فيما أعلن جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد الانسحاب من سباق الرئاسيات المقبلة، في حال ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة. من خلال توسع رقعة المقاطعة، يظهر أن الانتخابات الرئاسية المقبلة تتجه شيئا فشيئا نحو إعادة سيناريو سباق رئاسيات 1999، التي عرفت انسحاب ستة مترشحين من السباق في آخر لحظة، وتركوا بوتفليقة وحيدا، وذلك عندما تأكدوا أنه مرشح النظام، ولكن هذه المرة يبدو أن المعارضة حفظت الدرس وتركت لمرشح السلطة المضمار فارغا حتى قبل إطلاق صافرة الانطلاق. ما يفسر هذا الكم الهائل لعدد الذين سحبوا استمارات الترشح، لكن هذا الأمر دفع البعض إلى اعتباره تكتيكا تعتمده السلطة باستعمال هؤلاء مجرد "أرانب" سباق تؤنس بوتفليقة أو مرشح السلطة في سباقه في حالة مقاطعة المرشحين الجادين الانتخابات، وذلك بهدف إعطاء مصداقية لهذه الاستحقاقات.