كان البعض يعتقد أن «جبروت» الباعة الجائلين، سيحد من عزم السلطات بتطوان على الوقوف في وجه انتشارهم المهول والعشوائي بوسط المدينة وشوارعها، خاصة بعد اعتدائهم غير المسبوق على مسؤولين في السلطات المحلية، وتهديد آخرين بإحراق أنفسهم لتوريط هؤلاء. الوالي اليعقوبي الذي يقوم مقام عامل تطوان في الوقت ذاته، أعطى تعليمات صارمة لمسؤولي السلطات الترابية، للتعامل بحزم مع انتشار الباعة الجائلين، خاصة ببعض شوارع المدينة الرئيسية، التي تحولت لأسواق كبيرة ليل نهار، وتزداد حدة ذلك خلال شهر رمضان وفي المناسبات المختلفة، مما أصبح معه مستحيلا إفراغهم لتحرير تلك الشوارع. وتحشد السلطات بتطوان، قواتها وتستعد فعلا للقيام بعملية إخلاء كبيرة لشوارع وسط المدينة، التي لم تعد تتسع حتى لمرور الراجلين، ناهيك عن البشاعة الكبيرة التي أصبحت عليها تلك الشوارع بفعل خيام ومظلات وأكشاك هؤلاء الباعة، مما يحول المدينة السياحية لما يشبه سوق أسبوعيا بقرية من القرى النائية، وفق تعليقات بعض أبناء المدينة. ويعرف شارع محمد الخامس، وشارع الجزائر، وشارع محمد الطريس وساحة المشوار، وغيرها انتشارا غير مسبوق لمئات من الباعة الجائلين، الذين يقدمون ما لا يخطر على البال من المعروضات، منها الجديدة والقديمة، وتختلف بين الملابس، والتجهيزات المنزلية، ومأكولات وحتى قطع غيار السيارات المستعملة، بل هناك من يبيع الكلاب والقطط وبعض الحيوانات الأليفة الأخرى. وكانت سلطات تطوان قد شنت حملة يوم الأحد المنصرم، لم تكلل بالنجاح بسبب قلة عناصر التدخل التي رافقت المسؤولين الترابيين من جهة، وتجمع الباعة الجائلين في مواجهة عناصر السلطة، وتهديدهم بطرق مختلفة، بل منهم من زعم أنه مستعد لإحراق نفسه وتكرار سيناريو القنيطرة، وهو ما جعل مسؤولي السلطات في ورطة، خاصة بعد الاعتداء عليهم من طرف الباعة، واستمرار «جبروتهم» ضدا على القانون. وخلفت الحملة التي تقوم بها السلطات، صدى طيبا ومهما لدى عموم المواطنين، وهو ما ترجمته مجموعة تصريحات، وكذلك تعليقات في بعض المواقع الاجتماعية، رغم أن بعض المواقع تحاول التقليل من أهمية الحملة، وتدفع في اتجاه تأجيج الوضع بجعل السلطات مخطئة لفائدة الباعة الجائلين، الذين ترفضهم المدينة ككل، خاصة وأنهم لم يعودوا يحترمون لا الإنسان ولا الجماد، وفق بعض التعبيرات. وينتظر الرأي العام بتطوان، أن تتحمل السلطات مسؤولياتها الكاملة في حماية المدينة، من الانتشار الكبير للباعة الجائلين الذي يلوثونها، ويفقدونها جماليتها وخصوصيتها السياحية، سواء تعلق الأمر بوسطها بالحي الأوروبي أو بالمدينة العتيقة، التي تحولت لسوق كبير للعشوائيات بكل المقاييس. مصطفى العباسي